#عصحة_السلامة
كوادر الهيئة الصحية الإسلامية في البقاع.. حاضرون في كلّ ساح
ياسمين مصطفى
قبل الإعلان عن أول إصابة بكورونا في لبنان، كانت الهيئة الصحية الإسلامية بكوادرها الطبية العاملة والمتطوعة في طليعة المُتابعين لانتشار الفيروس حول العالم. ولما أصبح خارج حدود الصين وغزا دول الجوار، دقت إدارة الهيئة ناقوس الخطر، أعلنت الاستنفار، مشكّلة خلايا للتعامل مع الأزمة، فالكارثة الصحية ينذر استفحالها بمصير مشؤوم.
انطلاقًا من المسؤولية الشرعية والدينية والأخلاقية، وعلى قاعدة من أحيا نفسًا كأنما أحيا الناس جميعًا، كانت خطة الهيئة الصحية الإسلامية مُحكمة ومُمنهجة ومُتشعّبة المحاور للسيطرة على الفيروس، وتخطي مراحل انتشاره بكثير من التوعية والتثقيف والإجراءات الصارمة، علّنا نطوي صفحة هذه "الجائحة" بأقلّ الأضرار الممكنة.
بكثير من الحماس، تستفيض رئيسة دائرة البرامج والإرشاد الصحي في مديرية البقاع في الهيئة الصحية الإسلامية د.جاهدة عبيد في الحديث لموقع "العهد الإخباري" عن الخطة، التي تنقسم إلى محورين، الأول تثقيفي توعوي هدفه الوقاية، تم تطبيقه حين كنا في مرحلة الأمان قبل وصول الفيروس، أما الثاني فلا يزال قيد التطبيق، مع انتشار الفيروس في لبنان وارتفاع عداده إلى أكثر من 400 إصابة.
في المحور الأول، تمّ إخضاع ما يتجاوزالـ 70 ممرضا ومسعفا من الهيئة الصحية والدفاع المدني من المتطوعين في قرى البقاع لمجموعة من الورش التدريبية العلمية بهدف التثقيف ونشر الوعي حول مخاطر فيروس كورونا، بإشراف أطباء اختصاصيين بالأمراض الجرثومية، إضافة إلى التدريب على طرق التعقيم الصحيحة لمنع انتشار الوباء، كما تم تخصيص حيز من الخطة لدعم الجانب النفسي لدى المواطنين في ظل الهلع والخوف من الإصابة بعدوى الوباء، على ما تؤكد عبيد.
ورش تثقيفية لـ5000 كادر تعليمي على مستوى البقاع
لمحاربة الفيروس، استحدثت الهيئة فريقًا للترصد الوبائي، كان شريكًا أساسيًا في التعقيم، والتدريب على التعقيم في المؤسسات الخاصة والعامة والمدارس الخاصة وبعض الرسمية، آزره في عمله فريق سلامة الغذاء، الذي تم تدريبه لتوعية أصحاب المؤسسات الغذائية للتعقيم بالشكل الصحيح، كما استحدثت الهيئة مراقبين لسلامة الغذاء من أعضاء بلديات المنطقة، وقد خضع هؤلاء لدورات مكثّفة لتسيير عمل المؤسسات الغذائية وفق المعايير الصحية لمكافحة العدوى.
الهيئة كانت سبّاقة في التوجه للمدارس قبل قرار إغلاقها. هنا توضح عبيد "أننا في وقت قصير استطعنا تثقيف ما بين 5000 و6000 طالب وكادر تعليمي، وأخضعنا الكوادر التعليمية لورش حول كيفية التعقيم ومراقبة الطلاب لكشف عوارض الإصابة بكورونا، هذا النشاط غطّى مدارس البقاع كلها من أقصى الهرمل وصولا إلى زحلة".
وقبل سريان قرار منع التجمعات، أجرت الهيئة ندوات تثقيفية لـ 80 كادرا، بإشراف معالجين نفسيين وأطباء أمراض جرثومية، مخاطبة الكوادر الطبية والتمريضية والإسعافية للعمل بالوقاية منعا للإصابة بالوباء خاصة لجهة احتكاكهم المباشر مع الناس، بحسب عبيد.
ولأن لغة الخطاب تختلف لدى التوجه للمجتمع المحلي عن تلك المخصصة للكوادر الطبية، أقامت الهيئة
ندوة علمية تثقيفية تشمل المجتمع المحلي أي رؤساء البلديات، اللجان الصحية فيها، أصحاب المؤسسات العامة والخاصة وأصحاب المنشآت الغذائية، وبإشراف منها، تمّ تطوير آليات العمل الصحية لدى البلديات، لمحاربة الفيروس في أي مكان يشكل حاضنة له، كما تبيّن عبيد.
تفعيل مشروع الترصّد الوبائي
توضح عبيد أن "مشروع الترصد الوبائي" كان ملحوظا في الخطة حتى قبل انتشار الفيروس في لبنان، وتقول: "كان من الضروري ترصُّد المواطنين ولأجل ذلك تم تفعيل المشروع ومهام البلديات لجهة إنشاء خلايا أزمة في كل بلدية، وتشير إلى أن العمل جاٍر لشمل كل بلديات منطقة البقاع بخطة إنشاء خلايا أزمة تتعامل مع انتشار الفيروس.
ولأجل ترصّد الحالات المشتبه بها، تم استحداث call center لكل بلدية من بلديات قرى البقاع، يتألّف من مجموعة متطوعين ومتطوعات من أصحاب الاختصاص في المجال الطبي والتمريضي، تتم عبره متابعة كل الاتصالات والتحقق منها والتعامل مع أية حالة مشتبه بها وفق المعطيات الموجودة.
مشروع سلامة الغذاء في الهرمل
وعن مشروع سلامة الغذاء، تقول عبيد: "لدينا فريق متخصص في مراقبة سلامة الغذاء في ظل انتشار فيروس كورونا، دخلنا القرى وتوجهنا إلى مؤسساتها، المنشآت الغذائية والصيدليات وكل ما هو مسموح استمرار عمله خلال الأزمة، وغطّينا حوالي 3000 منشأة بمراقبة العمل فيها لجهة اعتماد سبل الوقاية والتعقيم".
وفي هذا السياق، كان لافتًا نجاح بلدية الهرمل بتجربة مراقبة سلامة الغذاء، وإقناع أصحاب المنشآت الغذائية ومحال الخضار والفواكه بمنع دخول الزبائن بالمطلق إلى محالهم حفاظًا على سلامة الجميع، وبالفعل التزم الجميع ووضعوا حواجز لعدم دخول المتبضّعين إلى داخل المحال.
منتجع الإمداد والمدينة الكشفية مركزا عزل للمصابين
ومع ظهور الكثير من حالات الإصابة بكورونا دون عوارض، ودون مضاعفات تشكل خطرا على الحياة، استحدثت الهيئة فريقًا للتنشيط النفسي الاجتماعي الصحي، وخصصت مراكز عزل غير تلك التي في المستشفيات، على غرار منتجع الإمداد
في بعلبك للنساء، والمدينة الكشفية للرجال، وقد تم تدريب فريق للعمل مع هؤلاء المصابين للحرص على سلامتهم النفسية أثناء فترة وجودهم في غرف العزل، وفق عبيد.
الكشف الميداني
منذ إعلان قرار إغلاق المدارس والجامعات، كرّست غدير شرف -وهي أستاذة جامعية في مجال التمريض- كل وقتها للتطوع مع الهيئة الصحية الإسلامية، موظِّفة كل خبراتها العملية للتخفيف من حدة أزمة انتشار فيروس كورونا.
في حديث غدير تلمس غيرة على أهلها في البقاع. وحرصا على سلامتهم، تقصد يوميا منازلهم في غير قرية بهدف الكشف الميداني عن أية حالات محتملة للإصابة بالفيروس، من العائدين من السفر أو المخالطين لهم. تتحصّن بـ"عدة" الوقاية من اللباس والكمامة حفاظًا على سلامتها وسلامة مضيفيها، قد لا تدخل المنزل في حال وجود "شُرفة" وتجلس بعيدة عن أصحاب المنزل أمتارا عدة. تصبّ اهتمامها على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. تستطلع أوضاعهم الصحية والنفسية على حد سواء لخطورة تداعيات الإصابة على حياة هؤلاء، وتستفيض مع زملائها من المتطوعين في شرح أساليب التعقيم والوقاية منعا لانتشار الوباء. بعد ذلك يتم التواصل مع المستطلَعين المعنيين بشكل دائم، كما تعمِّم عليهم خطوطا ساخنة للتواصل، بهدف تخفيف الضغط على الخط الساخن لوزارة الصحة.
تؤكد غدير في حديثها لـ"العهد" أن الكشف الميداني يتطلب مراحل عديدة، بدءا بإجراء مسح لأعداد الممرضين والممرضات الحاضرين للتطوع والمشاركة، ثم إخضاعهم لورش تدريبية مكثفة، وتأمين مواد التعقيم، وتوزيعها عليهم ثم يأتي دور العاملين على الأرض في تعبئة الاستمارات للمواطنين، وفي حال الاشتباه بأية حالة يتم التواصل مع وزارة الصحة لإحالتها إلى الوجهة الصحيحة.
وفيما يتعلق بذوي الإصابة بأمراض مزمنة، تقول غدير إن "الهدف من الترصد الوصول إلى هؤلاء ووضع خطة لتثقيفهم وتوعيتهم، فضلا عن محاولة تقريبية لتحديد عدد أجهزة التنفس المطلوبة على صعيد البقاع نظرا لعدد أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، حتى لا نكرر سيناريو إيطاليا والصين والولايات المتحدة، التي تفشى فيها الوباء وباتت حظوظ كبير في السن في العلاج ضئيلة لصالح الشباب".
الدواء لهؤلاء مؤمن بالتعاون مع البلديات، مثل مرضى الضغط والسكري ممن يصعب عليه تأمين دوائه المزمن، نتيجة لفرض حظر التجوال ونتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية.ليس هذا فحسب، فقد أقامت الهيئة تواصلا بين المرضى وأطبائهم الخاصين عبر وصلات فيديو يشرحون لهم كيفية الاهتمام بصحتهم والحفاظ عليه نظرا لحساسية أوضاعهم. هو أسلوب أثبت نجاعته في كثير من القرى البقاعية.
بكثير من الحس الإنساني والتضحية، تؤكد غدير أنها وغيرها من فريق المتطوعين سيكونون في المقدمة لمحاربة الفيروس ومنع تفشيه بين أهلنا. تشير إلى أن "مهنة التمريض في الأساس هي مهنة إنسانية، فكيف إذا كانت هناك كارثة صحية على غرار فيروس كورونا في لبنان، نحن سنكون في طليعة العاملين المتفرغين لهذا العمل السامي".
مكافحة العدوى
مسؤولة ملف الجودة ومكافحة العدوى في مديرية البقاع في الهيئة الصحية الإسلامية فاطمة بزال تتحدث بدورها لموقعنا عن أهمية مكافحة العدوى وتقول: "منذ إعلان أول حالة فيروس كورونا في لبنان دأبنا على مكافحة العدوى ومنع انتشار الفيروس سواء في المجتمع المحيط بنا من مؤسسات عامة وخاصة بالإضافة إلى مراكزنا، دربنا كوادر من الدفاع المدني، لأنهم موكلون بنقل الحالات المصابة وتعقيم القرى، كما دربنا العاملات في المدارس على طرق التعقيم الصحيح للمرافق والحمامات والصفوف، إضافة إلى تدريب الطلاب على طرائق منع انتشار الفيروس، أما في مراكزنا فاتخذنا إجراءات وقائية صارمة لحماية الكادر العامل ومنع انتشار العدوى بين المرضى لذلك أمّنا وسائل الحماية الشخصية الكاملة للكادر العامل، واستحدثنا غرفة لفرز المرضى على مداخل كل مراكز البقاع وعددها 13. دور الغرفة والعاملين فيها أخذ حرارة الزوار، ورصد الحالات المشتبه بها لجهة العوارض، وإذا ما تم اكتشاف حالة مشتبه بها، نتواصل مع الـcall center أو الخط الساخن الذي وضعته وزارة الصحة ليتم البت بشأنها.
تؤكد بزال أن التنسيق بين الهيئة الصحية الإسلامية ومستشفى بعلبك الحكومي قائم على أعلى المستويات، مشيرة إلى حضور وجهوزية الفريق الطبي في الهيئة لتقديم ورش تدريبية للكواد الطبية في مستشفى بعلبك الحكومي.
ماذا عن الصحة النفسية؟
ولأن السلامة النفسية مهمة بقدر السلامة الجسدية وربما تفوقها أهمية، خصصت الهيئة الصحية الإسلامية في سياق الترصد الوبائي للحالات استمارة توزع خلال الكشف الميداني على المنازل في احياء القرى البقاعين، تشتمل على المحورين الصحي والنفسي.
في هذا السياق تقول مسؤولة قسم الصحة النفسية في الهيئة الصحية زينب قاسم "جرت تعبئة 2000 استمارة لأهالي قرية بيت شاما البقاعية وحدها على سبيل المثال، تتضمن أسئلة عن حالتهم الصحية والنفسية وتحركاتهم مؤخرا، يتم عبرها رصد حالات القادمين من السفر ومتابعتهم، وقد تم تزويد الهيئة الصحية عبر المطار والمصنع بأسماء المسافرين العائدين مؤخرا، وقد تم التواصل معهم ومراقبة مدى التزامهم بسبل الوقاية والحجر المنزلي ومراقبة تطور الأعراض لديهم من عدمه. تتضمن الاستمارة الموزعة على المستطلعين أسئلة حول صحتهم النفسية لجهة وجود قلق أو خوف أو التوتر جراء انتشار الفيروس، كما تقوم الهيئة بتدريب فريق من المُرشدين النفسيين الاجتماعيين من طلاب الجامعات في اختصاصات علم النفس التربوية والإشراف الصحي الاجتماعي إضافة إلى الفريق المتخصص في مراكزها للعمل مباشرة مع الناس في القرى حرصا على صحتهم وسلامتهم.خo
قاسم توضح أن ردة فعل الناس على الترصد الوبائي والمتابعة المستمرة لأوضاعهم أدخلت السرور على قلوب الكثير منهم، وتضيف: "لمسنا لدى المسافرين العائدين من إيران اطمئنانًا لجهة وجود فرق تتابع أوضاعهم الصحية والنفسية، وبالإضافة لتعبئة الاستمارة يتم إعطاء إرشادات صحية ونفسية لجهة الوقاية من الفيروس وسبل استغلال الوقت في المنزل والتصرف مع الصغار والكبار أثناء فترة الحجر الصحي. وهناك سعي لتدريب الفريق في خيم الإسعاف الميداني لإخضاعهم لدورة إسعاف نفسي ميداني أولي توازيًا مع الإسعاف الصحي لتطبيقه مع الناس في الخيم الميدانية".
إقرأ المزيد في: #عصحة_السلامة
02/03/2022
هل يعيد بوتين أوكرانيا إلى حدودها التاريخية؟
09/01/2021
مستشفيات صيدا: لا قدرة استيعابية بعد الآن
09/01/2021
أسرّة كورونا بـ"السراج والفتيلة"
04/05/2020
كيف نتفادى الشعور بالعطش خلال الصيام؟
04/05/2020