نصر من الله

الرد القاسم

مرحلة جديدة افتتحت: تحولات كبرى في المنطقة
13/01/2020

مرحلة جديدة افتتحت: تحولات كبرى في المنطقة

محمد علي جعفر

على وقع التحولات في المنطقة يجري الحديث عن الصراع الإقليمي والدولي، في ظل صعوبة تقدير المسار الذي ستؤول اليه الأمور وهو ما يُعتبر الحالة الأصعب أمام راسمي السيناريوهات المستقبلية للصراع. لكن جملة من الحقائق كافية لتأكيد أن قواعد الاشتباك المستقبلية في المنطقة والعالم لن تكون كما سبق. ومن هنا سنبدأ.

شكَّل اغتيال الفريق قاسم سليماني نقطة تحوُّل في رسم المسارات المستقبلية. وهو ما استدعى إعادة الأطراف الإقلمية والدولية للنظر في تموضعاتها. وبمجرد لحاظ الأثر، يمكن بسهولة لحاظ حجم الفريق الشهيد قاسم سليماني وأهمية دوره. وبالتالي، فإن عملية الاغتيال بما شكلته من حدث مفصلي، تعني بدلالاتها أنها ستُشكل منعطفاً في سلوك الأطراف الإقليمية والدولية المرتبطة. فمن سيكون عرَّاب هذا التحوُّل؟

بالنظر الى مظهر الحدث فهو جاء جزءًا من تصفية حساباتٍ بين أمريكا وإيران. لكنه في محتواه ينطوي على ما هو أعمق. ما يتطلَّب ضرورة لحاظ الصراع بين أمريكا بما تعنيه من قوة وحلفاء، وطهران بما تعنيه من قوة وحلفاء. لنقلْ إن المعنيين في المرحلة المقبلة للتعاطي مع نتائج الاغتيال لا ينتمون الى جغرافيا معينة، بقدر ما ينتمون الى جغرافيا سياسية وعسكرية واقتصادية منتشرة على نطاق المنطقة والعالم.

وهنا، فإن الحدث الأهم بعد الاغتيال هو الرد الإيراني. ليس لأنه جاء رداً على الاغتيال، بل لكونه حدَّد بداية المسار الإستراتيجي الذي يجب أن تسلكه الأحداث. لذلك فإن الحدث لا يُقرأ بعدد القتلى. ومن قال إن معيار نجاح الرد قائمٌ على عدد القتلى، في حين أعلنت طهران وحلفاؤها أن الرد سيكون عبر اخراج أمريكا من غرب آسيا؟

لذلك ومن خلال وقائع الأيام الماضية، نجد أن طهران أصرَّت على الرد، رغم وساطات أطراف إقليمية ودولية. هذا أولاً. ومن ثم بدأت بالرد من خلال استهدافها لأبعد قاعدة عسكرية أمريكية عنها في العراق وبشكل دقيق. وهنا تعني الأولى أنه لا تراجع عن الرد الكامل، فيما تعني الثانية أن طهران قادرة على استهداف ما تشاء من الوجود الأمريكي وفي الزمان والمكان والكيفية التي تريد. فما الجديد فيما حصل؟

 نتائج الصفعة الإيرانية تقدّم السلوك والخطاب الإيراني محلياً وإقليمياً ودولياً مقابل تراجع السلوك والخطاب الأمريكي في الداخل الأمريكي وعلى الصعيد الدولي. وهو ما يُعتبر تحولاً نوعياً في الصراع. لماذا؟

اكتفت طهران بإطلاق عدة صواريخ نوعية وأصابت أهدافًا دقيقة. الجديد في ذلك هو أن إيران أطلقت الصواريخ من أراضيها على قاعدة أمريكية. وهو ما أدخل الإقليم والعالم في حسابات تبدأ من حيث انتهى الإيرانيون. حتى أن الداخل الأمريكي لم يرحم الإدارة الأمريكية في سلوكها منذ أن اتخذت قراراً بالاغتيال، وصولاً الى ردة فعلها التي افتقدت وللمرة الأولى لعوامل القوة والجبروت الأمريكي. وهو ما نتج عن دعوة واشنطن الجانب الإيراني للمفاوضات، وعدم تطبيق الجيش الأمريكي لتهديدات الرئيس ترامب. ما أفقد الإدارة الأمريكية هيبتها، خصوصاً أن قرار الاغتيال جمع موافقات كل من الإدارة السياسية والإدارة الأمنية والإدارة العسكرية. وهو ما يجعلهم شركاء في الاغتيال وفي تحمُّل نتائجه أيضاً.

بناءً على ما تقدّم، ما الذي سيحصل مستقبلاً حين تبدأ ترجمة بقايا الرد من قِبَل طهران وحلفائها والذين يضمون الى جانب محور المقاومة دولا كالصين وروسيا كأطراف تتلاقى فيما بينها على إخراج الأمريكي من المنطقة؟

لا شك أن المنطقة والعالم دخلا مرحلة جديدة افتتحتها طهران ببِدئها الرد. ولا شك أن العالم سيشهد تحولات كبرى انطلقت من ساحة العراق لكنها ستتخطاها الى ساحات أخرى. وهو ما يعني أن الرد بدأ وسيأخذ مساراً طويلاً. فهل سيكون الجميع شركاء في الرد؟

إقرأ المزيد في: الرد القاسم