معركة أولي البأس

الرد القاسم

إنها حقًا تمثيلية جيدة
10/01/2020

إنها حقًا تمثيلية جيدة

أحمد فؤاد

 

ابتلع الأميركي رد الجمهورية الإسلامية، حتى اللحظة على الأقل. قبلَ بقواعد جديدة في الإقليم، وباتت قواعده العسكرية تحت مرمى من يريد، في ليلة واحدة، وبهجومين صاروخيين أسقط الحرس الثوري ما يزيد عن نصف قرن من السيطرة الأميركية غير المحدودة ولا المشروطة.

 

صفعة، وما أقساها، كما وصفها آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي، على وجه القوة الإمبريالية الأكثر شرًا وتجبرًا عبر التاريخ. وفي خطابه الشامل يوم الأربعاء، جدد الامام الخامنئي، بأبلغ العبارات وأوضحها، تأكيده على فاتحة جديدة في المنطقة، شرق أوسط بلا راع للبقر، إقليم وليس ملعبًا لترمب، دول وليست ضروعًا ليحلبها الأميركي.

"إنهاء الوجود الأميركي في المنطقة" كان العنوان العريض للمرحلة القادمة، كما وضعه سماحة الإمام القائد.

لكن المرجفين العرب، وما أكثرهم، من المستلبين المأسورين بالوهم الأميركي، كعادة كل الخونة والأنذال، عبر التاريخ البشري، استمرأوا الدفاع عن الإمبراطورية الآفلة، رغم أن واشنطن ذاتها لم تخرج بتبرير متماسك حتى اللحظة، فإلى قبل دقائق من الضربة الإيرانية، كان الشعار "طهران لن ترد"، وحين حدثت الضربة، خرجوا تحت لافتة "تمثيلية"، تماهيًا مع تغريدة "ترامب"، التي ادعى فيها أن كل شيء على ما يرام!

حسنًا، لتكن تمثيلية، كما تصور العملية البطولية غير المسبوقة - منذ بيرل هاربر - أذهان العبيد، ولنلق نظرة على نتائج بورصات الخليج، التي دخلت تحت بند الوعيد في بيان الحرس الثوري، والأرقام بطبيعتها ليست حمالة أوجه، والمستثمرون حول العالم ليسوا أغبياء جدًا، كما يفترض المرضى والمرجفون العرب.

لون الدم الأحمر اكتسح شاشات بورصات الخليج السبع - لدى الإمارات بورصتان للأوراق المالية - سجلت دبي أكبر انخفاض، بنسبة  1.2 بالمئة لتصل إلى 2713 نقطة، في ختام التعاملات، تلتها البورصة السعودية، وهبط المؤشر 0.9 بالمئة ليصل إلى 8124 نقطة، ثم أبوظبي، حيث تراجع المؤشر 0.7 بالمئة إلى 5019 نقطة.

وفي قطر تراجع المؤشر 0.4 بالمئة إلى 10337 نقطة، والنسبة ذاتها خسرها مؤشر البحرين ليصل إلى إلى 1585 نقطة، وفي كل من سلطنة عمان والكويت تراجع المؤشر 0.1 بالمئة.

صاحب رأس المال، وهو جبان كما نقرأ في مبادئ الاقتصاد والإدارة، لجأ للأصول الآمنة، عوضًا عن أوراق مالية قد تصبح ورقًا لا يساوي الحبر الموضوع عليه، فاستكمل الذهب طريق الصعود إلى نحو 1600 دولار للأوقية، ويستمر الذهب وجهة جذابة للاستثمارات منذ الحرب التجارية - المجنونة - التي حاول "ترامب" خلالها تطويع التنين الصيني، ليفشل كالعادة، ويدفع الدولار الأميركي الثمن بفقدان ثقة المزيد من المتعاملين حول العالم.

شركة "أرامكو"، عملاق النفط العالمي، لاقت نصيبها من الخسائر، غير منقوص، فتراجعت أسهمها أيضًا

وبدأت العملات الرئيسة في اختبار التغيرات الحادة، وإن كانت طفيفة حتى اللحظة، فارتفع الين الياباني والفرنك السويسري، وهبط الدولار والجنيه الإسترليني.

شركة "أرامكو"، عملاق النفط العالمي، لاقت نصيبها من الخسائر، غير منقوص، فتراجعت أسهمها أيضًا، لتستكمل مسلسل الهبوط المستمر، وتفقد نحو 12 بالمئة، من أعلى سعر مسجل في 12 ديسمبر الماضي، وتصل قيمتها السوقية لما دون 1.7 ترليون دولار، تراجعًا من التقديرات الرسمية السعودية التي قدرتها بـ 2.2 ترليون دولار.

الغريب أن الانخفاض الشامل يتزامن مع ارتفاع كبير في أسعار النفط، وكما هو معروف، ثم منطقي، فإن البورصات الخليجية حساسة للغاية تجاه سعر برميل الخام، فلو كانت الظروف طبيعية كنا لنشهد ارتفاعات توازي اقتراب برميل النفط من مستوى 70 دولارًا، التي كسرها الخام بالفعل خلال تعاملات منتصف اليوم، ثم ارتد قليلًا إلى مستوى 69 دولارًا، كأعلى سعر في 3 أشهر، محققًا نسب ارتفاع بين 3.9 و4.4 بالمئة.

وترشح الأنباء أسعار الذهب الأسود للمزيد والمزيد من الارتفاع خلال الأيام والأسابيع المقبلة، خاصة مع نشر صحيفة وول ستريت جورنال، قرارًا يقطر منه الذعر، أصدرته الأربعاء الشركة الوطنية للنقل البحري "البحري"، والتي تعد الناقل الرئيس للنفط الخام السعودي إلى الخارج، وأكبر شركة مالكة ومشغلة لناقلات النفط العملاقة، بإعلان تعليق كل رحلاتها عبر مضيق هرمز، إلى أجل غير مسمى.

وتمتلك الحكومة السعودية 43% من أسهم عملاق النقل، لتحصد العائلة السعودية المهترئة، المرّ والخسارة والذلّ، حتى دون أن تكون طرفًا في المعركة.

ويبلغ معدل التدفق اليومي للنفط في المضيق الأهم عالميًا، نحو 21 مليون برميل، خلال عام 2018، ما يعادل 21% من استهلاك السوائل البترولية على مستوى العالم، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

ببساطة مطلقة، ودون رصاصة واحدة، فقد أغلق القائد الشهيد قاسم سليماني مضيق هرمز، وفي يوم مواراة جسده في الثرى، الى جوار إخوانه الشهداء، ممن أراد الله أن يجمعهم بفضله وتكريمه بعظيم المنزلة.

إقرأ المزيد في: الرد القاسم