فصل الخطاب
السيد نصرالله: نحن أمام ساعات حاسمة.. وحدودنا البحرية تمتد إلى غزّة
نوّه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، بالاحتفالات المليونية الضخمة التي نظمها الشعب اليمني، إحياءً لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، مؤكدًا أنه يجب على المسلمين في العالم العربي والإسلامي أن يحتفلوا ويعتزوا ويفرحوا بولادة نبيهم (ص).
وفي كلمة له خلال المهرجان الذي أقامه حزب الله مساء اليوم الثلاثاء، في باحة عاشوراء بالضاحية الجنوبية لبيروت، لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، وذكرى ولادة حفيده الإمام جعفر الصادق (ع)، ومناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية، توجه السيد نصر الله بالتحية والتقدير والإجلال والتعظيم للشعب اليمني المؤمن والمحب على " الإحياء الذي شهدناه قبل أيام في مختلف المحافظات اليمنية الحرّة التي هي خارج دائرة سيطرة قوى تحالف العدوان، وفي عشرات الساحات"، وعلى "الملايين الذين حضروا وجلسوا لساعات على الأرض وعبّروا بكل الوسائل عن حبهم للرسول(ص)".
وأضاف: "الشعب اليمني المحاصر الذي يعاني من كثير من الأزمات المعيشية والحياتية والصحية والأمنية يحتشد بملايينه في مشهد لا مثيل له على امتداد العالم.. هذا الشعب جدير أن ننحني أمامه بكل تقدير".
وتابع السيد نصر الله: "العالم العربي والإسلامي، والمسلمون يجب أن يحتفلوا ويعتزوا ويفرحوا بولادة نبيهم (ص)..".
وأوضح السيد نصر الله، أن الإمام الخميني (قدس) حوّل نقطة الخلاف بين المسلمين حول يوم ولادة الرسول (ص) إلى نقطة اجتماع، وأقام جسرًا بين 12 و 17 ربيع أول، بات اسمه "أسبوع الوحدة الإسلامية".
وقال سماحته: "يجب أن نركز على نقاط الاتفاق والتفاهم.. عندما تكون هناك إرادة إيجابية ومخلصة وجادة في الجمع ولمّ الصفوف وتوحيد الكلمة والتضامن، هذه الروحية تجعلك تركز على نقاط الاتفاق، وعند الذهاب إلى نقاط الاختلاف يمكنك التعاطي بطريقة إيجابية (إقامة الجسور إذا أمكن، نتفهم بعضنا، نعذر بعضنا)".
واعتبر السيد نصر الله، أن التعاطي مع نقاط الاختلاف بروحية التلاقي والتوحّد، ودون تعظيمها وتضخيمها، يفسح في المجال أمام اجتراح الحلول لها.
ولفت إلى أن في حياة كل إنسان هناك أحداث ومناسبات مهمة، يوم يولد، وهو حدث مهم جدًا للإنسان، ويوم يموت، البداية والنهاية، هما حدثان مهمان جدًا للإنسان، وقال: "بالنسبة لنا ولنبينا ولادة النبي (ص) هي بداية كل خير وكل رحمة ونعمة وتحوّل في هذا الوجود بعد يوم الولادة".
وأكد أن ولادة النبي محمد هي ولادة الإنسان الذي كان بوجوده المبارك سببًا لتحولات كبرى في تاريخ البشرية، وسببًا للخير والرحمة والبركات اللامتناهية في الدنيا والآخرة.
وشدّد على أنه بعد وفاة النبي محمد (ص) ورحيله بقي ذكره، وسيبقى إلى قيام الساعة حاضرًا قويًا ببركة إنجازاته الكبيرة. ومع الحفظ الإلهي للقرآن الكريم الذي فيه ذكر محمد (ص)، ومع كل أذان وإقامة وصلاة وتشهُّد لأكثر من مليار و500 مسلم حول العالم يبقى ذكر محمد(ص).
كما قال سماحته: "سنشهد الحضور الحقيقي والأقوى لهذه الشخصية والاسم يوم القيامة، يوم يبعث الناس، ويحشر الناس كلهم في صحراء واحدة. هذا الدين الذي جاء به (محمد) هو دين كل الأنبياء (ع) الذين مضوا قبله. أما الشريعة، نعم هي شريعة محمد(ص). هذه الرسالة الخاتمة الكاملة الشاملة عنوانها الحقيقي وماهيتها الحقيقية هي الرحمة".
وأضاف السيد نصر الله: "من أهم القواعد في شريعة محمد (ص) نفي الحرج ونفي العسر. الأصل في هذه الشريعة أن لا يُكلَّف الإنسان بما لا يطيق وأن لا يُطالَب بما لا يستطيع... عندما أخرج الناس من عبادة الأوثان والأصنام إلى عبادة الله الواحد الأحد الخالق الجبار كان رسول الله رحمة لهم في الدنيا والآخرة.. كان رحمة في إحياء القيم الإنسانية والأخلاقية".
وأشار السيد نصر الله، إلى انتشار الجريمة في المجتمع الجاهلي قبل الإسلام، حيث كان الناس يقتتلون لأسباب تافهة جدًا، فجاء رسول الله (ص) وحكم بحرمة الدماء والأموال والأعراض وكان رحمة. مؤكدًا أن الاصرار على مؤسسة الزواج وتسهيل بناء العائلة والحفاظ على بناء العائلة وتماسكها كان من أهم مظاهر الرحمة التي جاء بها نبينا (ص).
وأوضح السيد نصر الله، أن العقوبات الإسلامية ظاهرها القسوة، لكن باطنها الرحمة، لأنها تمنع الاعتداء على كرامات الناس، معتبرًا أن الرحمة الأعظم هي في الآخرة، لأنها هي الحياة الأبدية الخالدة. في تلك الدار يوم يأتي الناس ليحاسبوا على إيمانهم وأعمالهم وذنوبهم، في ذلك الموقف الصعب، يوم الجوع والخوف الأكبر، يفتح الله بابًا لرحمته الواسعة للأغلبية الساحقة من الناس... والشافع المشفع الأعظم والأوسع والأكبر يوم القيامة سيكون سيد الرسل النبي محمد (ص)، وهو بعطفه ومحبته سيشفع ويشفع ويُشَفَّع. هنا محمد(ص) رحمة للعالمين.
واعتبر سماحته أن مسؤولية المسلمين جميعًا، وبالخصوص العلماء والمثقفون والنخب أن يدافعوا عن هذا النبي(ص)، نبي الرحمة، وعن دين الرحمة، وعن سيرته وتاريخه وأهدافه، لنزيل من الأذهان كل ما ارتُكب من قبل الجماعات الإرهابية.
السيد نصر الله تطرّق في كلمته إلى موضوع الاستحقاق الرئاسي، فأكد أنه ليس لديه جديد في هذا الموضوع، داعيًا المعنيين لتشكيل الحكومة، ومعتبرًا في الوقت نفسه أن هذا الملف (الحكومة) فيه هبة باردة وهبة ساخنة، "ويجب أن لا نيأس".
وحول موضوع تعيين الحدود البحرية، قال السيد نصر الله: "اليوم أقول، نحن أمام ساعات حاسمة. والجهة المعنية بالتعبير عن الموقف اللبناني الرسمي هو فخامة الرئيس ميشال عون، بالتشاور مع دولة الرئيس بري، ودولة الرئيس ميقاتي. ونحن كلبنانيين ننتظر إعلان الموقف الرسمي من فخامة الرئيس، وننتظر الموقف الرسمي من قبل حكومة العدو. بالنسبة لنا نحن سننتظر المواقف الرسمية، وأكثر من ذلك أقول لكم، في اللحظة التي تذهب فيها الوفود إلى الناقورة للتوقيع وفق الآلية المتفق عليها، بعد أن يحصل هذا التوقيع نستطيع القول أن هناك "تفاهمًا" حصل.. نحن كمقاومة سننتظر".
ولفت السيد نصر الله، إلى أن هناك انقسامًا حادًّا في الكيان الصهيوني "ونحن لا نعلم ما يجري غدًا أو بعد غد... وإلى أن يرى اللبنانيون أن الوفود ذهبت إلى الناقورة يجب أن نبقى محتاطين.. يجب أن نحتاط".
أضاف: الإعلام "الإسرائيلي"، ومعه بعض الإعلام العربي يروجان لفكرة، مفادها، أن حزب الله يريد تخريب الاتفاق. من المستغرب أن يتحدث البعض بهذه اللغة، رغم كل ما أبداه حزب الله من سلوك إيجابي منذ انطلاقة ملف الترسيم.
وتابع يقول: بالنسبة لنا كمقاومة، ما يعنينا هو الوقوف إلى جانب وخلف الدولة اللبنانية في موضوع المطالب اللبنانية. ما يهمنا بالدرجة الأولى هو إقرار المسؤولين اللبنانيين بجدوى هذا الاتفاق، وبمدى استجابته لمطالب وشروط الدولة اللبنانية. "..ما يهمنا استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية".
كما أضاف: "عندما يعلن فخامة الرئيس الموقف الرسمي اللبناني الموافق والمؤيد لهذا "الاتفاق والتفاهم" تكون الأمور قد أنجزت بالنسبة للمقاومة. وإلى ذلك الحين يجب أن نبقى يقظين.."
بعد نشر النص النهائي، لا بد "أن تكون مقاربة هذا التفاهم بروح المسؤولية الوطنية المطلوبة"، حتى يتسنَّى لنا الحكم عليه، إيجابًا وسلبًا. ولكي يكون الحكم سليمًا و موضوعيًّا لا بد "أن ينطلق من روح وطنية، وليس من تصفية حسابات".
وانتقد سماحته أولئك الذين يحملون حزب الله مسؤولية رسم الخطوط البحرية، وقال في هذا السياق: "نحن لا علاقة لنا بخطوط، وإذا بتسألني "بحرنا وين؟"، بقلك: "بحرنا يمتد إلى غزة، ونحن والشعب الفلسطيني مش قاسمين ويوم تتحرر فلسطين لن نختلف على الحدود البحرية".
وشدد السيد نصر الله، على أن لا أحدَ لوحده هو علّة تامّة للإنجاز إن تحقق، موضحًا أننا "أمام تجربة ممتازة جدًا في لبنان يتعاون فيها الرؤساء، رغم كَثرة اختلافاتهم. نحن أمام تجربة تعاون فيها المسؤولون في الدولة على اختلاف مواقعهم، وكان هناك احتضان كبير جدًّا من البيئة الحاضنة للمقاومة بالدرجة الأولى. والبيئة الحاضنة للمقاومة دعمت هذا الخيار، ودافعت عنه رغم أنها هي من ستتحمل نتائج الحرب، فيما لو حصلت".
ورأى سماحته، أنه بالتضامن الرسمي والوطني، وتكاتف الدولة والمقاومة والشعب والجيش ــ في ظل ظروف إقليمية ودولية لا أحد في الكرة الأرضية يكترث بلبنان ــ سيتمكن لبنان من تحقيق هذا الإنجاز الكبير.
وإذ اعتبر السيد نصر الله، أن لبنان سيشهد غدًا عرسًا وطنيًّا، تمنَّى على رواد مواقع التواصل الاجتماعي ــ خصوصًا ــ عدم تخريب هذا العرس الوطني.
وقال: "يجب أن أذكر مجاهدي المقاومة.. خلال هذه المرحلة كلها، بعد موضوع المسيّرات، لم نكن بحاجة لا لإرسال مسيّرات، ولا قطع بحريّة، لأن الهدف منذ البداية كان إفهام العدو أن المقاومة جادة في ما قالت".
وختم سماحته: "أنا أريد أن استعجل شكر هؤلاء الأخوة المقاومين، وأقول لهم ستبقون على جهوزيتكم ويقظتكم وتدابيركم إلى أن نرى بأم العين أن التفاهم قد وُقِّع. وبعد التفاهم يوم آخر.. يجب أن نتصرف بروح المسؤولية الوطنية. وهذا الموضوع يجب أن يقارب باعتباره ثروة وطنية لا تملكها طائفة ولا جهة ولا منطقة معينة. وكل غاز يخرج من أي بقعة هو ملك لكل لبنان".
لمشاهدة الكلمة الكاملة لسماحة الامين العام لحزب الله في ذكرى المولد النبوي الشريف إضغط هنا
لقراءة الكلمة الكاملة لسماحة الامين العام لحزب الله في ذكرى المولد النبوي الشريف إضغط هنا
المولد النبوي الشريفالنبي محمد
إقرأ المزيد في: فصل الخطاب
25/08/2024