معركة أولي البأس

فصل الخطاب

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله خلال مهرجان قادة الشهادة والبصيرة 16-2-2020
16/02/2020

كلمة سماحة السيد حسن نصر الله خلال مهرجان قادة الشهادة والبصيرة 16-2-2020

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال مهرجان قادة الشهادة والبصيرة الذي أقامه حزب الله لمناسبة الذكرى السنوية للقادة الشهداء: السيد عباس الموسوي، الشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية، وأربعينية شهداء قادة محور المقاومة، الحاج قاسم سليماني، الحاج ابو مهدي المهندس ورفاقهما، وذلك في بيروت والبقاع ومنطقتي الجنوب الأولى والثانية 16-2-2020.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبيّنا خاتم النبيين وسيد المرسلين، أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " صدق الله العلي العظيم.
في البداية أُرحب بكم جميعاً، إخواني وأخواتي، في هذا الحفل المبارك.
أُرحب بالحضور الكريم، في بلدة سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي والشهيدة المجاهدة والعزيزة السيدة أم ياسر وولديهما الشهيد حسين، بلدة النبي شيت.
وأُرحب بالحضور الكريم في بلدة شيخ شهداء المقاومة الإسلامية في لبنان الشيخ راغب حرب، بلدة جبشيت.
وأُرحب بالحضور في بلدة القائد الجهادي الكبير الشهيد الحاج عماد مغنية، في بلدة طيردبا.
وهنا، في مجمع سيد الشهداء( عليه السلام) في الضاحية الجنوبية.
كالعادة، نُحيي في هذا اليوم الذكرى السنوية لهؤلاء القادة الثلاثة الذين استشهدوا في مثل هذه الأيام، يُضاف إلى مناسبتنا اليوم، ذكرى أربعين يوماً على استشهاد القائدين الكبيرين والعزيزين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس يعني جمال جعفر، والإخوة الشهداء معهم، من المجاهدين الإيرانيين في حرس الثورة الإسلامية وقوة القدس، ومن المجاهدين العراقيين في الحشد الشعبي العراقي، الذين كان لهم شرف الاستشهاد في مطار بغداد مع هذين القائدين العظيمين.
في كلمتي اليوم، في خدمتكم، أولاً: أود أن أُشير إلى بعض المناسبات، مناسبات هذه الأيام بسرعة، في اختصار شديد، ثانياً: أتحدث في كلمة عن الشهداء، ثالثاً: كلمة عن المنطقة أمام التحولات الكبيرة والجديدة، ورابعاً: عن الوضع الداخلي والمحلي الذي طبعاً يَشغل بالنا جميعاً في هذه المرحلة.
في مناسبات هذه الأيام، أولاً أن نُبارك للجميع الذكرى العطرة لولادة سيدتنا ومولاتنا السيدة فاطمة الزهراء، البتول، بنت محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتي كان يقول فيها أبوها صلى الله عليه وآله وسلم، أنها:" بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي وسيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة".
ثانياً: كما نُبارك لسماحة الإمام السيد الخامنئي( دام ظله) ولجميع المسؤولين في الجمهورية الإسلامية في إيران والشعب الإيراني العزيز، ومعهم جميعاً نُبارك لروح إمامنا الخميني(قدس سره) صانع الإنتصار، وأرواح الشهداء العظام، في الذكرى الواحدة والأربعين لإنتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، هذه الثورة التي قاومت وصمدت منذ انتصارها بالرغم من كل الحروب العسكرية والأمنية، إغتيالات، والإقتصادية والعقوبات والحصار، والإعلامية والنفسية، بفضل الله تعالى، وحضور شعبها المؤمن والمُجاهد والمُضحي في كل الميادين وفي كل التحديات وفي جميع المراحل، والذي عبّر عن ذلك مُجدداً في مناسبتي التشييع التاريخي للشهيدين الحاج قاسم والحاج أبو مهدي والشهداء معهما، وفي أيضاً تظاهرات ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في 11 شباط.
هذا كله يُمثّل رسالة قوية جداً للعدو وللصديق، للعدو الذي كان يُراهن على انهيار نظام الجمهورية الاسلامية من الداخل، وسقوط الثورة، ويُمَنّي النفس للإحتفال في طهران في رأس السنة الميلادية، أُذكّر هنا بكلام جون بولتون، هذه الرسالة للعدو لِييأس، ورسالة للصديق كي يَعرف كل الأصدقاء من المظلومين والمستضعفين والمقاومين والمجاهدين في منطقتنا وفي كل العالم، أنهم يَستندون إلى قلعةٍ صلبةٍ وقويةٍ وشامخة، وكلما مضت الأيام وازدادت المخاطر والتحديات ازدادت هذه القلعة قوةً وصلابةً وشموخاً.
ثالثاً: كما نُبارك، وهذه كلها في شباط، للشعب البحريني العزيز والمظلوم الذكرى التاسعة لإنطلاقة إنتفاضته الشعبية المباركة، بقيادة علمائه الصادقين والمخلصين، وفي مقدمتهم سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم (حفظه الله)، هذا الشعب المظلوم في البحرين خرج لِيطالب بحقوقه الطبيعية، ولِيعبّر عن مطالبه بالأساليب السلمية، ودفع في سبيل ذلك تضحيات جِسام، من شهداء وجرحى، وآلاف السجناء والمعتقلين، من علمائه ورموزه وقادته وشبابه، وهو يُناضل اليوم، إضافةً إلى ذلك، إلى نيل الحقوق الطبيعية، إضافةً إلى ذلك، من أجل إعادة البحرين إلى موقعها الطبيعي في الأُمة، بعد أن حَولها حكامها المستبدون والفاسدون إلى قاعدةٍ للتطبيع مع العدو الصهيوني وللتآمر على القضية الفلسطينية ومقدسات الأمة، لهذا الشعب العزيز والصابر والمجاهد والمظلوم، والذي يُواصل طريقه بثباتٍ وعزيمة كل التحية والدعاء والمساندة والتأييد في ذكرى إنتفاضته.
 أيها الإخوة والأخوات، بالعودة إلى قادتنا الشهداء، دائماً كُنت أتحدث عن الصفات المشتركة بالقادة الثلاثة، اليوم مع إنضمام الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني والشهيد القائد الحاج أبو مهدي المهندس إلى قافلة القادة الشهداء، تَحضر من جديد هذه الصفات المشتركة، المشتركة بين الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد والحاج قاسم والحاج أبو مهدي جمال، الإيمان والإلتزام القوي بالقيم الإيمانية والأخلاقية والإنسانية، والإخلاص والصدق، ومحبة الناس واللهفة عليهم، والتواضع الشديد، والشجاعة الكبيرة حتى لا يَشعر الإنسان أنه ليس في قلوب هؤلاء مكانٌ للخوف، وحمل الهم، وتحمل المسؤولية، كثيرون يُمكن أن يذهب ليعيش حياته الشخصية مع أولاده ومع عائلته، يسهر ويشم الهواء و"يِكيّف" ويقضي سنوات العمر، همه حياته وعائلته وبيته، أما ما يُعانيه شعبه وبلده ووطنه وأمته والناس المظلومون من حوله هذا لا يَعنيه شيء، ميزة هؤلاء القادة الشهداء أنهم كانوا يَحملون هَمّ المسؤولية، منذ بداية شبابهم، وهم صغار السن، وتحمّل المسؤولية، والإستعداد الدائم للتضحية بلا حدود، والدخول في المخاطر، دائماً كالنت صدورهم مُشرّعة للسهام والرصاص والرماح، والثقة بالله والأمل بالمستقبل والجهاد المتواصل، والعمل بلا كللٍ ولا ملل، والإبداع وصُنع الإنجازات والإنتصارات وعشق الشهادة منذ نعومة الأظفار، والسعي إلى لقاء الله، ثم صفتهم المشتركة الأخيرة أنهم نالوا شرف الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى على أيدي قتلة الأنبياء وأعدى أعداء القيم الدينية وأديان السماء والقيم الإنسانية والبشرية في هذا الزمان، الأميركيون والصهاينة، ومن جملة صفاتهم المشتركة أن حياتهم كانت عظيمة وشهادتهم كانت عظيمة، وأثرهم في حياتهم كان كبيراً، وأثرهم في الحياة وفي الأمة بعد شهادتهم كان عظيماً.
هؤلاء الشهداء، الذين نُحيي ذُكراهم اليوم نَعرف فيهم هذه الصفات، ومن دون مجاملة، هذه الصفات أيضاً، وبما يتناسب مع طبيعة دورها، كانت تتميز بها أُختنا الكبيرة والعزيزة السيدة أم ياسر( رضوان الله تعالى عليها).
هؤلاء الشهداء ومن دون مجاملة، حياتهم المباركة وما جرى في حياتهم وما شهدناه وسمعناه ورأيناه من أفعال وأعمال وأقوال ووصايا وانجازات وانتصارات وسلوك كلها شهادة على هذه الصفات المشتركة التي يتحلون بها.
عندما نقرأ وصية الحاج قاسم سليماني، التي نُشرت قبل أيام، وأنا أُوصي من لم يقرأها بأن يقرأها، عندما نقرأ هذه الوصية، تقرأ هذه الوصية، تجد أَنك أمام رجلٍ عارف وعاشق، ويعيش كل لحظات حياته لله، ويَشتاق إلى لقاء الله، ويَرجو قُربه، ويعمل بِجدٍ وكدٍ لتلك اللحظة وذلك اليوم، وتجد نفسك أيضاً أمام قائدٍ مُجاهد، يَحمل هموم إسلامه وبلده وشعبه وأمته، ويُرشدهم إلى عناصر القوة ومخاطر الطريق بكل إخلاصٍ وتواضعٍ ووعيٍ.
كذلك، عندما نَستمع إلى ما نُشر من وصايا الحاج أبو مهدي المهندس، في الصورة والصوت، هكذا كان الحال أيضاً مع شهدائنا القادة، الشيخ راغب والسيد عباس والحاج عماد ( رضوان الله تعالى عليهم).
هذا النموذج من القادة الشهداء في مسيرة المقاومة يُقدم لنا، نحن الذين ما زُلنا على قيد الحياة، لجيلنا ولأجيالنا الحاضرة ولأجيالنا الآتية في المستقبل، ولجمهورنا، لشعوبنا، لأمتنا، يقدم لنا القدوة والأُسوة والرّمز، المقاومة ليست خطابات ولا شعارات ولا كلمات منفصلة عن الواقع، هؤلاء جسّدوا لنا وتجسّدت في حايتهم وفي شهادتهم كل القيم الإنسانية والدّينية والإيمانية والأخلاقية والجهادية، تجسّدت أمام أعيننا وأمام أعين النّاس وشكلوا لنا مدرسة حيّةً نابضةً حاضرةً يسهُل الإقتداء بها لأننا لا نتحدّث عن عالمٍ مثاليّ في السّماء، وعندما نتحدّث عن رجال الله الذين عايشناهم عن قرب وشهدنا جهادهم وصبرهم وتحمّلهم وصدقهم وإخلاصهم وشهادتهم، هذه الصّفات أيها الأخوة والأخوات هي التي تفسّر لنا حقيقةً سرّ العلاقة القلبية والعاطفية بين النّاس وبين هؤلاء القادة الشهداء، نحن شاركنا جميعاً بحسب المناطق في تشييع الشهيد الشيخ راغب، في تشييع الشهيد السيد عباس، في بعلبك والبقاع، النّاس شيّعت تحت المطر، تحت الثّلج، شَهِدنا تشييع الشهيد الحاج عماد، الناس كلها كانت حاملة مظلاّت تمشي تحت المطر، وبالأمس عندما شهدنا تشييع مئات الآلاف للشهداء في بغداد، والكاظمية وكربلاء والنجف ولاحقاً في البصرة، وأيضاً الملايين في إيران، هذا ليس تشييعاً سياسياً، لم تنزل النّاس لتُعبّر فقط عن موقف سياسي، أنا تحدّثت سابقاً وأعيد، عندما كانت تنزل النّاس الى الشارع بالملايين في الأهواز أو في مشهد أو في قم أو في طهران أو في كرمان هذا في تشييع الشهداء، بعد صلاة الفجر ليبقوا الى ما بعد مغيب الشّمس، أي من قبل طلوع الشّمس إلى ما بعد المغيب، وتجدهم جميعاً بالملايين لساعات طويلة في البرد القارس، تجدهم محزونين، ثكلى، يبكون، يغصّون بالكلمة، من أين كل هذا الحبّ، كل هذا الوُدّ، وهم لم يعرفوا الحاج قاسم سليماني لم يكن نائباً في مُدِنِهم ولا وزيراً يزور محافظاتهم، تعرّفوا عليه، بل ممكن بعضهم لم ير صورته إلا في السنوات الأخيرة، من أين كل هذا الحبّ وهذه العاطفة الجيّاشة، في إيران، العراق، سوريا، لبنان، اليمن، فلسطين، أفغانستان، باكستان، الهند، البحرين، في مختلف دول العالم التي عبّر النّاس فيها عن مشاعرهم، هؤلاء لأنّهم رجال الله، لأنّهم أولياء الله، لأنّهم خاصّة أولياء الله، لأنّهم باعوا أرواحهم وأنفسهم وحياتهم وشبابهم وعمرهم كلّه لله عزَّ وجلّ، الله جعلَ لهم في قلوب النّاس محبّةً ووُدّاً وهذا وعداً قرآنيّ، الله أعزّهُم في الدّنيا في جهادهم وفي شهادتهم، كما يُعزّهُم في الآخرة كما وعَدَ المجاهدين والشّهداء، هذا أيضاً ببركة هذه الصّفات، ومع كل شهادةٍ منهم كنّا ننتقل من مرحلةٍ إلى مرحلة، إلى مرحلة متقدّمة عن المرحلة السّابقة، أكبر وأوسع وأقوى وهذه من بركات  دمائهم الزّكيّة وإخلاصهم الكبير.
في بداية المقاومة، دماء الشيخ راغب حرب أدخلتنا إلى مرحلة جديدة مختلفة عمّا قبل شهادة الشيخ راغب، شهادة السّيد عبّاس أدخلتنا إلى مرحلة جديدة، أدخلتنا إلى مرحلة مختلفة عمّا قبل شهادته، وكان لاستشهاد السّيدة أم ياسر وطفلهما حسين معنىً خاصّاً أيضاً، العائلة الشَّهيدة المُضحّية، إستشهاد الحاج عماد أيضاً أدخلنا في مرحلة جديدة، أيضاً مختلفة عن المرحلة السّابقة، أنا شرحت هذا الأمر في خُطَبٍ سابقة لا أريد أن أعيد لأنه لا يزال لدينا كلامٌ نقوله، اليوم أيضاً شهادة القائدين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس أدخلَ المقاومة ليس فقط في لبنان وليس فقط في فلسطين، وإنّما في كل المنطقة، وأدخل محور المقاومة والجمهورية الإسلامية في إيران والمنطقة كلها في مرحلة جديدة وحسّاسة ومصيريّة جداً. المقاومون وجمهور المقاومة في كل المراحل السّابقة حملوا دماء ووصايا الشيخ راغب، ودماء ووصايا السّيد عباس، ودماء ووصايا الحاج عماد، وكانوا بمستوى كل تطوّر في كل مرحلة، التطوّر الكبير الكمّي والنّوعي، كانت المقاومة وأهل المقاومة لائقين بهذا التطوّر وقادرين على تحمّل المسؤوليّة ومواكبة هذا التطوّر. اليوم محور المقاومة وجماهير المقاومة أمام تحدّي جديد عند هذا التّطوّر الكبير الذي حصل في منطقتنا.
أنتقل إلى المقطع الثالث، هذا ينقلنا إلى الحديث عن المرحلة الجديدة على مستوى المنطقة، أيّها الأخوة والأخوات، إدارة ترامب خلال الأسابيع القليلة الماضية، إضافةً إلى جرائمها الكثيرة إرتكبت جريمتين عظيمتين لهما علاقة بمنطقتنا، الأولى عندما أقدمت قبل أسابيع على إغتيال الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس والأخوة معهما على طريق مطار بغداد في عملية إغتيال علنيّة ومكشوفة وواضحة وتمّ تبنّيها رسمياً، وإذا لاحظتم من يوم الإغتيال إلى اليوم في كل مرّة يخطب فيها ترامب يتعرّض إلى موضوع إغتيال الحاج قاسم سليماني، لماذا؟ هذا له تحليله ليس وقته الآن، الجريمة الثانية إعلان ترامب عن ما سمّيَ بـ "صفقة القرن"، والجريمة الأولى هي في خدمة الجريمة الثانية وكِلا الجريمتين في خدمة مشاريع الهيمنة والإستبداد والتّسلّط والنّهب الأمريكي والإسرائيلي لبلادنا وخيراتنا ومقدّساتنا.
أمّا الجريمة الأولى تحدّثنا عنها في الأسابيع الماضية نعود إليها في السّياق، أمّا الجريمة الثانية نتوقّف عندها قليلاً، ما سُمّيَ في صفقة القرن، في الشّكل هي ليست صفقة حتّى الإسم خطأ، لأنّها من طرف واحد، مع الطّرف الآخر المعني وهو بالحد الأدنى الفلسطينيون، لم يكن هناك لا تشاور ولا حوار ولا تفاوض ولا تراضي وإنّما إملاء، الفلسطينيون يقولون أنهم في الأصل ليس لديهم علم بالمكتوب قبل أن يقوم بتلاوته ترامب في مؤتمر صحافي في بيته الأسود، إذاً هي ليست صفقة، هي خطّة ترامب لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة، وإذا أردنا أن نَصَفَها بشكلٍ دقيق وصادق، هي خطّة إسرائيليّة لإنهاء القضيّة الفلسطينيّة تبنّاها ترامب، لأنّ هذا هو ما كان يطرحه الإسرائيليّون على طول مسار المفاوضات، في المضمون إذاً هي تصفية كاملة ومُذلّة أيضاً للقضيّة الفلسطينيّة ولحقوق الشّعب الفلسطيني وأيضاً للحقوق العربية في المنطقة لأنها أيضاً طالت الجولان وطالت أموراً ترتبط بلبنان أيضاً، ألقُدس، الدّولة الفلسطينيّة، الأراضي، المساحة، المناطق المُقطّعة، السّيادة، الحدود، البحر، السّماء، اللاجئون، سمعتم الكثير لا داعي لأن أشرح هذا الأمر، في نهاية المطاف هو يقدّم لهم دولة أقل ما يمكن أن تصفها أنها دولة مسخ غير قابلة للحياة، عندما تُعرض خارطة دولة فلسطين التي يقترحها ترامب، أنا رأيت في بعض وسائل الإعلام فعلوا شيئاُ جميلاً، أخذوها بمعزل عن بقيّة فلسطين قاموا بعمل خريطة لهذه الدّولة المفترضة، وجعلوا يجولون فيها في الشارع والجامعات وبين النّاس أن هذه الصّورة ماذا توحي لك، لم يُوحى لأحد بأنّها خريطة دولة، أي شعب أي جماعة في الكرة الأرضية يمكن أن يقبل بدولة بهذا الشكل.
 على كل حال، هذه الجريمة التي ارتُكبت في البيت الأبيض قبل أيّام، هل يُكتب لهذه الخطّة النّجاح؟ هذا مرهون بالمواقف التي تُتّخذ وبالثبات على المواقف، أميركا ليست قدراً محتوماً، لطالما عرضت الإدارات الأمريكية السّابقة خططاً ومشاريعاً وفشلت، متى فشلت؟ عندما قرّرت الشعوب المعنية أو الدول المعنية أن ترفضها وأن تقاومها وهي التي انتصرت وأسقطت هذه الخطط وهذه الصّفقات وهذه المشاريع.
حسناً اليوم في الموقف الحالي من خطّة ترامب، الأهم هو موقف الفلسطينيين أنفسهم، الشعب الفلسطيني بالإجماع، الفصائل والقوى الفلسطينية بالإجماع، السّلطة الفلسطينية، منظّمة التحرير الفلسطينية، والكل عبّر عن موقف حاسم وقاطع ورافض وهذا متوقّع وطبيعي، قد يختلفون في ما بينهم عمّا هو المقبول ما بين الملتزم بفلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وبين من يقبل بالـ67 وبين.... ولكن لن تجد فلسطينياً واحداً يقبل بخطّة تُعطي القدس والمقدّسات الإسلامية والمسيحيّة للصّهاينة، لا يمكن، لا يوجد في الشعب الفلسطيني جماعة أو قوّة او فصيل أو فئة من هذا النّوع، هذا هو الحجر الأساس في مواجهة خطة ترامب.
 طبعاً، تابعنا جميعاً المواقف التي صدرَت خلال الأيّام الماضية بعد إعلان ترامب عن خطّته، انا فقط أتكلّم عناوين، إجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، إجتماع رؤساء مجالس النواب العرب في الإتحاد البرلماني العربي في عمّان، إجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) في جدّة، إجتماع مؤتمر برلمانيون من أجل القدس في ماليزيا، الموقف الروسي، الموقف الصيني، موقف الإتحاد الأوروبي، موقف نفس الأمم المتحدة، موقف حتى في داخل الولايات المتحدة النواب الديموقراطيين في مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ، هذه المواقف كلها فضلاً عمّا أعلنت عنها العديد من الدول بشكل منفرد عن موقفها، هذه الدول جميعها لم نجد فيها دولة مؤيّدة لخطّة ترامب، إمّا رافضة بشدّة في البيانات وصياغات المواقف، أو تؤكّد على المبادئ والقرارات والقانون الدّولي والمشاريع السابقة، لكن حتى الآن غير واضح ان هناك دولة وازنة واضحة التأثير لها موقف حاسم إلى جانب خطّة ترمب كما عرضها هو، هناك ترمب ونتنياهو موافقين على هذه الخطة، حسناً هذا جيّد، هذا يمكن البناء عليه في مواجهة خطّة ترامب وأعود له بعد قليل.              
على الصعيد اللبناني يجب الإشادة بالإجماع اللبناني في رفض هذه الخطة، الإجماع اللبناني الرسمي، رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس الحكومة، مؤسساتنا، المؤسسات الرسمية في لبنان، القوى والأحزاب اللبنانية، الموقف الشعبي على رفض هذه الصفقة، الحمد لله يوجد شيء يجمع عليه في لبنان، وهذا بالتأكيد سببه إدراك اللبنانيين كإدراك الفلسطينيين حول مخاطر هذه الخطة على المنطقة وعلى لبنان، في المباشر هذه الخطة  تطال لبنان في عدة جوانب:
أ. هي حثّت وأعطت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر للكيان الغاصب، للعدو الإسرائيلي، لأنه عملياً هي إعتبرت أن كل الجولان أصبحت جزءاً من أرض دولة إسرائيل المغتصبة.
ب. خطر التوطين، لأنه عمليا لا يوجد شيء أسمه حق لاجيئين وعودة لاجئين، البديل عن عودة اللاجئين القوي والمطروح هو توطينهم في أماكن إقامتهم كما يقولون.
وثالثاً روح هذه الخطة التي تقدّم مصلحة إسرائيل بالمطلق ستكون حاكمة على أي مسعى أميركي في مسألة ترسيم الحدود البريّة والبحريّة مع فلسطين المحتلة وتأثير ذلك على موضوع إستخراج النفط والغاز في المياه الإقليمية. طبعاً في موضوع التوطين لأنه يوجد الكثير من الكلام في لبنان حول هذا الموضوع، ومخاوف وتطمينات، ما يطمئن هو مقدمة الدستور، الإجماع الوطني اللبناني على رفض التوطين ولدينا أيضاً الرفض الفلسطيني، الفصائل الفلسطينية والقوى الفلسطينية الموجودة في لبنان هي أيضا ترفض فكرة التوطين، لكن لنكون واقعيين إذا كان هناك في لبنان من يتحدث عن هواجس أو مخاوف أو خشية من التوطين يجب أن نحترم هذا الخوف وهذه الخشية، لماذا؟ لأنه اليوم هذه هي المواقف، لكن ما هي الضمانة أن تبقى هذه المواقف كما هي عليه في المستقبل، ممكن بعد سنة وسنتين و 5 و 10 الله أعلم خصوصاً إذا حصل تحولات ما في الموقف العربي أو الموقف الخليجي، ممكن أن يتكلم أحدهم ويقول يا أخي لدينا أوضاع مالية صعبة وأوضاع إقتصادية صعبة والبلد سينهار والبلد سيفرط وسيذهب كل شيء ويضيع كل شيء، فلنقبل هذه المساعدة المالية وننسى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونتسامح بترسيم الحدود البرية والبحرية ونقبل بتوطين مئات الاف الفلسطينيين خدمة لخطة ترامب، ممكن أن يحلف أحد يمين أنه في هكذا وقت وظروف أن لا يخرج أحد في لبنان ويقول يا إخوان الواقعية الخ، لا يستطيع أي أحد أن يحلف يمين، ولذلك لا بأس، لا نغضب من بعضنا أو من بعض اللبنانيين بالرغم من وجود رفض التوطين بمقدمة الدستور ويوجد إجماع وطني ويوجد ويوجد ويوجد، إذا كان هناك مكان للخشية أو القلق يجب أن نحترم ذلك سواء في موضوع التوطين أو في موضوع المزارع والتلال أو في موضوع ترسيم الحدود البريّة والبحريّة، كذلك عندما نأتي إلى الموقف العربي والموقف الدولي صحيح الذي عرضته أنا قبل قليل أن موقف بيان الوزراء الخارجية العرب ممتاز، البيان الصادر عن إتحاد البرلمانيين العرب ومنظمة التعاون الإسلامي إلخ، لكن الخشية أين؟ الخشية أن يأتي ترامب مثلما كانت تفعل الحكومات الأميركية السابقة هذا الرفض الإجماعي بالمجمل يأخذ الناس بالمفرق، والان مثلاً بعض الدول الخليجيّة بدأت، أنه لا يجرؤ أن يقول أن يؤيد ويدعم خطة ترامب ولكن يقول قابلة للدرس، فلنتأمل ولنرى، وأول الوهن يبدأ هكذا، هكذا يبدأ أول الوهن، وهكذا تبدأ الهزيمة، وهكذا يبدأ الإستسلام، وهذا هو المتاح، والسياسة هي فن الممكن. لو كنا نريد أن نقبل هذه السياسة لكان جيش الإحتلال الإسرائيلي لا يزال اليوم في الجنوب وفي البقاع الغربي وفي صيدا وفي بيروت وفي خط الساحل وفي ضواحي بيروت ونصف لبنان وأكمل على لبنان، لكن لأنه كان يوجد خيار آخر، اسمه خيار راغب حرب والسيد عباس الموسوي وعماد مغنيّة وبقيّة الشهداء من بقية حركات المقاومة والذي أسّس له في لبنان سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه بخير، كان البلد ذهب، لكن هذا الخيار الذي أخذناه اليوم على ما نحن فيه، في كل الأحوال ممكن أحد يقول هذا هو المتاح وهذا هو الممكن، أيها الفلسطينيون إقبلوا بما يعرض عليكم وبعد ذلك نرى ما يحصل، ألم يبدأ هذا الأمر في بعض الصحافة العربية والخليجية؟ ليس شرطاً أن يبدأ الخليجيون، هم يرسلون بعض الكتّاب وبعض المرتزقة وبعض الذين يدّعون أنهم مثقّفين ونخب ويبدأون بجس النبض ويحضّرون الأجواء، نعم هناك خشية من أن الموقف العربي خصوصاً الموقف الخليجي أن يذهب بالمفرق، كذلك في مواقف الدول ولذلك عندما يقف أحدنا ويقول ولدت صفقة القرن او خطة ترامب ميّتة، ممكن أن يعتبر البعض أنه خلص ولدت ميّتة يعني إنتهى الموضوع، كلا، قد يصح القول أنها ولدت ميتة ولكن قد يصح القول أيضاً أنه هناك خطة بحسب الظاهر يرفضها العالم ولكن صاحبها وهو صاحب مشروع هيمنة وسيطرة مصرّ على إحيائها وتنفيذها وتطبيقها وسيعمل بكل الوسائل لتطبيقها، بالتفريق والفتنة والخصومات وتدمير الجيوش وتدمير المجتمعات والعقوبات الإقتصادية والمالية والتهديد والتهويل الخ ... إذاً نحن أمام مشروع جدي وخطة جدية ويجب أن تواجه بهذا المستوى من الجدية، هذا يتطلب موقفاً واسعاً وكبيراً وتحركاً دائماً.
 إذا جمعنا جريمة خطة ترامب إلى جريمة الإغتيال للحاجين القائدين، قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وكل الجرائم السابقة، هذا يستدعي أن ندخل إلى المرحلة الجديدة، المرحلة الجديدة أيها الأخوة والأخوات تفرض على شعوبنا في المنطقة الذهاب إلى المواجهة الاساسيّة، هذا التطور الجديد، هذه الجريمة الأخيرة، عندما قلت كل شهادة تنقلنا إلى مرحلة جديدة، اليوم نحن أمام مواجهة جديدة لا مفر منها، الفرار منها يعني ان تختبىء لأن الطرف الأخر هاجم، ليس أنت المبادر، هو الذي يبادر، وهو الذي يقتل، وهو الذي يشنّ الحروب، وهو الذي يغتال والذي يصادر الحقوق ويلاحق ويعاقب ويحاصر، لكي لا يخرج أي أحد ويقول السيد اليوم وحزب الله إلى أين يأخذوننا على مواجهة مع أميركا، نحن لا نأخذ أحداً على مواجهة مع أميركا، أميركا هي عملت مواجهة مع كل شعوب وحكومات هذه المنطقة الذين ما زالوا يرفضون الإستسلام، هذا هو التوصيف الصحيح، هذه المواجهة تفرضها الإدراة الأميركية على الأمة، عندما تقتل القادة بهذا الشكل العلني والوحشي وعندما يقف ترامب ليصادر المقدسات الإسلامة والمسيحية ويعطي القدس للصهاينة ويلغي القضية الفلسطينية، وحقوق السوريين في الجولان، وحقوق اللبنانيين ويريد أن يملي شروطه على المنطقة، هو الذي يعلن الحرب، هو الذي يتجاوز الخطوط الحمراء، هو الذي يسفك الدماء في كل يوم وليس نحن، نحن ما زلنا في رد الفعل وفي رد الفعل البطيء وفي رد الفعل المتأخر أيضاً، شعوب منطقتنا مدعوة للذهاب إلى المواجهة الأساسيّة مع الأصل، مع الأساس، مع رأس الأفعى وأم الفساد ورمز الإستكبار والطغيان والإستبداد، المتمثل بالحكومات الاميركية المتعاقبة وحالياً بإدارة ترامب، وهذه الإدارة تعتبر بحق أعلى مصداق حتى نسبة للحكومات التي سبقت للشيطنة وللإرهاب وللتوحش وللعدوانية والاستكبار والاستعلاء والعتو والإفساد في الأرض، أنظروا كيف يخاطب كل العالم، هذا مؤتمر ميونخ أمس وأول أمس،  فلتستمع إلى بومبيو كيف يتكلم مع الاوروبيين، فلتستمع لوزير الدفاع الأميركي كيف يتكلم مع الصين، الصين ليست دولة صغيرة، الصين دولة عظمى، الإستعلاء الذي يخاطب فيه الصين ويضع عليها شروطه ويضع لها خارطة طريق، لم يمر في تاريخ الكرة الأرضية، لعله، إدارة أكثرعلواً وإستعلاء وعتواً وإرهاباً وتوحشاً من هذه الإدارة، كيف يخاطب حلفائه، كيف يخاطب الناس الذين يعطوه مليارات، بل مئات مليارات  الدولارات، كيف يهينهم في كل يوم وفي كل خطاب، لا يوجد لا ضوابط ولا قيم، لا قانون دولي ولا مجتمع دولي ولا قيم سماوية ولا شيء أبداً، يوجد المصلحة والمال والفلوس، لا يوجد أي شريعة أخرى، وبكل صراحة ووضوح وشفافية كما يقال، ترامب يمارس هذا النوع من القيادة اليوم في العالم، حتى كيف يخاطب اليوم في داخل الولايات المتحدة الأميركية، نحن نقرأ، لم يسبق في الحياة السياسية الأميركية نموذج كهذا النموذج، الذي يوجد فيه شتائم وإستعلاء وإستخفاف في كل شيء، إذاً نحن أمام هذا التحدي، هذا العدوان الأميركي المتنوع والمتعدد بالحروب وبالإغتيالات وبإملاء والصفقات والخطط لتصفية القضية المركزية، هو الذي يفرض على شعوب منطقتنا إن كانت تريد أن تدافع عن كرامتها وعزتها وحضورها ومقدساتها ونفطها وغازها وخيراتها وحريتها ومستقبلها، إذا كانت تريد أن تمنع مصادرة كل هذا الحاضر والمستقبل لمصلحة أميركا وإسرائيل ليس أمامها سوى خيار المقاومة الكاملة، المقاومة الشعبية، لا أتحدث فقط عن المقاومة المسلّحة، المقاومة المسلّحة هي أحد أشكال المقاومة، المقاومة في كل أبعادها، الثقافية والإعلامية والسياسية والإقتصادية والقضائية وكل أشكال المقاومة التي يمكن أن يلجأ إليها الإنسان.
 في هذه المعركة أيها الأخوة والأخوات، نحتاج أولاً إلى الوعي، أنه نقبل، نحن لا نفرض خيارات على شعوبنا، نحن مسؤوليتنا أن نعي وأن نلفت وأن نعرف وأن ندعو إلى الحقيقة، الحقيقة الواضحة، ولكن الناس يهربون منها، وهم بذلك يهربون من مصائرهم، الوعي، نحن نريد إقناع الناس بالحقائق، الحقائق الموجودة والبيّنة والواضحة، نحن بحاجة إلى عدم الخوف من أميركا، نحن بحاجة إلى الثقة بالله عز وجل، والثقة بقدرتنا وقدرة أمتنا، هذا ما كان يريد أن يعلمنا إياه القادة الشهداء، نحن نحتاج إلى الأمل بالمستقبل، وأن نعرف بأن أميركا وإسرائيل كل منهما ليست قدراً محتوماً، عندما نأتي إلى الوعي، اليوم إذا أخذنا أميركا في مصداق سريع، فقط في المئة سنة الأخيرة، اليوم موجودة في دراسات وموجودة على مواقع التواصل الإجتماعي والإنترنت، الحروب المباشرة وغير المباشرة للولايات المتحدة الأميركية في العالم، عشرات الحروب وكتبوا أسماءها ومدتها وخسائرها البشرية، أنا لا أريد أن أتكلم عنها، أريد أن أتكلم عن منطقتنا وعن عدة نماذج كلنا شهدناها، والسؤال لكل لبناني ولكل عربي ومسلم ومسيحي ولكل إنسان حر في منطقتنا، هل الحكومات الأميركية مسؤولة عن هذه الحروب أو ليست مسؤولة؟ نقيم نقاشاً عن هذا الموضوع، نحن لا نريد أن نملي قناعاتنا على أحد، أربعة نماذج سريعة.
1. وجود إسرائيل، تثبيت إسرائيل، دعمها وحمايتها في كل شيء. منذ يومين احدى منظمات حقوق الإنسان الدولية، ليست تابعة لا لدولة عربية ولا لدولة إسلامية، أن تقوم بإحصاء بالشركات التي تعمل في الضفة الغربية في المستوطنات الإسرائيلية وتعتبر هذا العمل غير شرعي وغير قانوني، أمس بومبيو يبهدلهم قياماً وقعوداً، أنت منظمة دولية ويتكلمون بناء على القوانين الدوليّة والقرارت الشرعيّة الدوليّة، قرارت هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يهجم عليهم ويهددهم. إذا السلطة الفلسطينية تريد أن تحوّل مجرم حرب إسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدوليّة، الولايات المتحدة تهدد السلطة الفلسطينية، وكل يوم تهددها. حسناً، في الحروب، كل حروب إسرائيل في المنطقة، كل جرائم إسرائيل في المنطقة ومجازرها من يتحمل مسؤوليتها، بالدرجة الأولى أميركا، الداعم والحامي والمموّل والمسلّح، كل الحروب وصولاً إلى الحروب مع لبنان، عندما نتكلم مع اللبنانيين حتى لا ينسوا، في 1948 و1978 و1982 و1993 و1996 ومجزة قانا، وبالـ2006، والتهديد الدائم للبنان، من قتل ناسنا ومن إرتكب المجازر المهولة في لبنان؟ إسرائيل، أميركا تتحمل كامل المسؤولية، حسنا، اليوم حتى ما يجري على الفلسطينيين في قطاع غزة من حصار وجوع وتضييق، القتل اليومي في الضفة الغربية، تشريد ملايين الفلسطينيين في الخارج، إذاً كل حروب إسرائيل وممارسات إسرائيل حتى من الناحية الحقوقيّة والقانونيّة، أميركا مسؤولة.
2. الحرب التي فرضت على الجمهوريّة الإسلامية في إيران في الثمانينات، 8 سنوات تم تدمير بلدين، مئات الاف الضحايا في الجانب الإيراني والجانب العراقي، مئات الاف الجرحى، مدن بكاملها دمّرت، إقتصاد بلدين دمّر، هذه الحرب بقرار من من؟ بحماية من؟  بدعم من من؟ من الإدارة الاميركية، وهي التي أعطت سلاح وهي التي حثّت العالم كله أن يعطي سلاحاً لصدام حسين، وهي من سمحت للسعودية ودول الخليج  أن يعطوا مئات مليارات الدولارات من دون مبالغة، السعودية لوحدها 200 ملياردولار، أعطت لصدام في ثماني سنوات، وفي ذلك الوقت لم يكن النفط كما في السنوات الماضية، أميركا عندما حصلت هذه الحرب ولما إستمرت هذه الحرب، رامسفيلد شخصياً "وزير الدفاع الأميركي السابق" هو الذي أتى وأعطى السلاح الكيميائي لصدام حسين حتى يقتل الأكراد في الشمال ويقتل الإيرانيين.
3. الحرب الدائرة اليوم على اليمن، والتي تكاد تنهي عامها الخامس، من يصدّق أنه في هذه الحرب بهذه السعة والخطورة أن هذه الحرب ليست بموافقة أميركيّة وحماية أميركيّة ودعم أميركي ودعم لوجيستي، أصلاً ماذا تفرق معه ترامب، أحد أهم الأسواق لبيع الطائرات والصواريخ والقذائف والسلاح والدبابات والملالات هي حرب اليمن، وهو عن ماذا يبحث؟ عن الأخلاق والقيم أم يبحث عن الفلوس والدولارات وعلى أسواق للسلاح .
4. وأخيراً، أريد أن أكتفي بداعش، لا أريد أن أتحدث عن كل الجماعات الإرهابية، ولا أريد أن أفتح الملفات من أفغانستان حتى الآن، فقط داعش، داعش التي ارتكبت المجازر المهولة في العراق وهددت مصير العراق، وليس هناك من داعٍ أن نعيد، كل شيء تعلمونه، وفعلت الأفاعيل في سوريا، لا تنسوا أن داعش وحدها استطاعت أن تسيطر على أكثر من 50% من مساحة سوريا، أكثر من 50% من مساحة سوريا سيطرت عليها داعش، محافظات بأكملها في سوريا والعراق سيطرت عليها داعش، ارتكبت المجازر والفظائع واغتصبت النساء وفعلت وسَبَت وإلى آخره، هل هناك من داعٍ للتحدث عن فظائع داعش. في لبنان هناك من أوقفهم على الحدود الحمد لله. من المسؤول عن فظائع داعش وجرائم داعش؟ الأميركيون، ترامب نفسه يعترف بذلك، قادة كبار عسكريون وأمنيون ودبلوماسيون أميركيون يعترفون بذلك، والقرائن تؤيد ذلك، من أين جاءت داعش بالأفراد؟ عشرات آلاف المقاتلين من كل أنحاء العالم، "فِيَز" ومطارات وتسهيلات، من أين جاءت بالسلاح؟ من أين جاءت بالمال؟ من كان يشتري منها النفط؟ من كان يشتري منها التحف؟ دول إقليمية. من روّج لها في وسائل الإعلام في الأشهر الأولى على أنها الثورة العارمة التي ستغير الأنظمة في المنطقة؟ كل الدول الإقليمية التابعة للولايات المتحدة الأميركية.
حسناً، هذا جزء من الوعي نحن نحتاج إليه.
أيها الناس في لبنان، أيها الناس في كل المنطقة، اليوم، لو جمعنا فقط هذه الحروب وأحصينا كم قتل فيها من رجال ونساء وأطفال؟ كم جرح فيها؟ كم هدم فيها من بيوت ودمر فيها من أرزاق؟ كم مزّق فيها من أوطان؟ المسؤول الأول والأول والأول هي الحكومات الأميركية المتعاقبة وإدارة ترامب الحالية، ألا يستحق هذا أن يقف الإنسان ليواجه هذا القاتل وهذا الوحش وهذا الإرهابي، الذي يواصل إرهابه وقتله وحروبه أم علينا أن ندفن رؤوسنا في التراب وننتظر أجلنا بذل!
إذاً هذا هو الوعي الذي نحتاجه، هذه نماذج وإلا ما شاء الله.
حسناً، أميركا من أجل فرض مشاريعها وخططها وهيمنتها تلجأ إلى كل الوسائل المتاحة لديها، حيث يحتاج الأمر حرباً عسكرية تباشر بنفسها حرباً عسكرية، حيث يحتاج الأمر حرباً بالوكالة عندها وكلاء وأدوات تشغلهم، حيث يحتاج الأمر إلى اغتيال، تلجأ إلى الاغتيال - مباشر أو غير مباشر - حيث يحتاج الأمر إلى عقوبات وضغوط اقتصادية وحصار تفرض عقوبات، حيث يحتاج الأمر إلى فتح ملفات قضائية تفتح ملفات قضائية وتسخّر كل وسائل الإعلام في الكرة الأرضية في حربها النفسية والناعمة على الشعوب وعلى القيادات وعلى الحكومات. في المقابل نحن يجب أن نواجه بنفس الوسائل وبكل هذه المساحات وليس فقط عندما نتحدث عن مقاومة - أعود وأقول لا نقصد فقط المقاومة المسلحة، هذه أحد الأشكال - نحن بحاجة إلى المقاومة الشاملة وعلى امتداد منطقتنا، على امتداد عالمنا العربي والإسلامي في مواجهة هذا الوحش الإرهابي المُتَغَوِّل المستكبر والمستبد والطاغي ورمز وأساس كل استبداد في منطقتنا وفي عالمنا، يمكن أن نلجأ إلى الوسائل، أنا أدعو هنا في هذا المقطع كل العلماء والنخب والأحزاب والقوى والمؤسسات والحكومات والشعوب، كل من يعنيه هذا الأمر، يُفكر ونضع خططاً ونضع برامجاً، واقعاً ندخل في مرحلة جديدة اسمها جبهة المقاومة الشاملة والكبرى والمتنوعة والمتعددة في مواجهة الشيطان الأكبر والاستكبار الأمريكي الطاغي والمستبد.
أضرب مثلين، مثلاً، في المسائل القضائية والحقوقية، بمعزل أن المحاكم الدولية تستجيب أو لا تستجيب، تجد أن الأميركيين بسرعة يفتحون ملفاً ويحوّلوه إلى الجهات القضائية وتبدأ العالم بالخوف والركض، ويستغلون اليوم حادثة 11 أيلول ووضعوا لها جهة قضائية ومتابعة قضائية ويريدون تحميل السعودية مسؤولية حادثة 11 أيلول والله أعلم كم 100 مليار دولار يريدون نهبها. في كل شيء يفتحون ملفات قضائية. لماذا نحن في عالمنا العربي والإسلامي، لبنانيين وسوريين وعراقيين وإيرانيين وأفغان ويمنيين وبحارنة وبكستانيينن وفي شمال أفريقيا وإلى آخره، يقوم محاميون ويبادرون وينشؤون ملفات عن مسؤولية أميركا عن الجرائم المرتكبة في منطقتنا، حتى في موضوع داعش يأتون بتصريحات ترامب، تصريحات القادة العسكريين والأمنيين والدبلوماسيين، كلها موجودة على مواقع الإنترنت ويضموها للملفات ويرفعوها أمام القضاء المحلي في أوطانهم والقضاء الدولي، يوصل إلى نتيجة أو لا يوصل إلى نتيجة ولكن هذا شكل من أشكال المواجهة، ليس كله أنه يجب أن نحمل البندقية، يجب أن نحمل البندقية هذا ليس فيه نقاش، وكل شعوب المنطقة - أنا أقول لكم - ستحمل البندقية في مواجهة هذا الطغيان والاستكبار، هذا الطاغوت لم يترك فرصة ومجالاً لأحد إلا ليحمل البندقية. لكن الوسائل الأخرى أيضاً مطلوبة، فليصبح ترامب ملاحقاً، رامسفيلد ملاحقاً، بومبيو ملاحقاً، اسبر ملاحقاً، كلهم يصبحون ملاحقين، ويواجهوا من شعوب العالم.
شكل من أشكال المقاطعة، اليوم، نحن حتى في الولايات المتحدة الأميركية نجد على الأفلام، من مدة كوندوليزا رايس كانت تحاضر في الجامعة وقف الطلاب الأميركيون أنفسهم ووصفوها مجرمة الحرب، أأنت تريدين أن تحاضري في القانون الدولي!؟ هذا شكل من أشكال المقاومة المطلوبة، كله مطلوب.
حسناً، بالموضوع الاقتصادي، مباشرة يلجأ للعقوبات، قبل قليل الإخوان أعطوني خبراً، لم أستطع أن أدقق فيه جيداً، أن هناك مسؤول أميركي يقول أن الحكومة اللبنانية إذا لم تطلق صراح العميل القاتل المجرم عامر الفاخوري فنحن سنفرض عقوبات على كل المسؤولين عن هذا الملف، يعني هو يهدد الحكومة اللبنانية، المسؤولين اللبنانيين والقضاء اللبناني، كل واحد له علاقة بهذا الملف ويستطيع أن يأخذ قرار إطلاق صراح الفاخوري ولا يأخذه أميركا تهدده بالعقوبات، وهي تحمل سلاح العقوبات لإخضاع العالم كله، يعني يجب أن تسامح بجراحك ودمائك وشهدائك ومياهك ونفطك وغازك ومستقبلك وكرامتك ولا تعارض الأميركي لأنك إذا عارضته تخضع مباشرة للعقوبات، وهناك أناس فقط عندما يسمعون كلمة عقوبات يرجفون، ما هي هذه الدنيا؟ ما هي هذه الحياة؟ ما هو هذا الذل الذي يريد الأميركي أن يعيشه كل الناس وكل العالم ؟!
حسناً، في المقابل، نحن لا يوجد عندنا قدرة اقتصادية مثل أميركا، لكن ألا يمكننا أن نذهب إلى العقوبات؟ منذ زمن طُرحت فكرة مقاطعة البضائع الأميركية، هذا يوجع الأميركي، لماذا لا نلجأ إليه؟ هذا لا يسبب مشكلة مع أحد، لا أحد يريد أن يقتل أحداً، نحن أحرار، هناك بضاعة أميركية وهناك بضاعة أخرى - لا أريد أن أسمي البضاعة الأخرى - نذهب إلى البضاعة الأخرى، لماذا يجب أن أذهب إلى البضاعة الأميركية، الآن عندها تقنية أحسن عندها مميزات، من دون التقنية ومن دون المميزات، بعض الناس يقولون يا مولانا مراجعنا لم يفتوا بهذا الأمر، هناك مراجع أفتت بذلك في السابق، لكن هذا الموضوع لا يحتاج إلى فتوى، هذا جزء من المعركة. اسمعوا خطاب ترامب - مثل ما أقول أنا دائماً - لا يتكلم لا عن ديمقراطية ولا عن حقوق إنسان ولا عن حريات ولا شيء، لا يتكلم إلا عن المليارات وإلا عن الدولارات وماذا أمّن فرص عمل وماذا نهب من أموال وماذا أحضر من أموال للأمريكيين، صحيح أو  لا؟ إذاً نقطة قوته التي هي من ناحية أخرى يمكن أن تكون نقطة ضعف هو الموضوع المالي والموضوع الاقتصادي. في تجربة المقاومة في لبنان، المقاومة اكتشفت نقطة ضعف عند الإسرائيلي، نقطة الضعف عند الإسرائيلي هو العنصر البشري، "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَيَاة" هؤلاء يخافون من الموت، عندما تقتل جنودهم وأفرادهم يهز مجتمعهم، دمّر دبابات بعدد ما تريد يأتون بدبابات، دمر أبنية يأتون أبنية - ومن أموال العرب لا تخافوا - لكن النقطة المركزية التي تهز الكيان الصهيوني، المشروع الصهيوني هو الإنسان المحتل.
الأميركي ما هي نقطة ضعفه؟ عنده نقطتين، عنده الأمن وعنده الاقتصاد، الأموال، الفلوس، الدولار، نفس الدولار، قيمة الدولار. حسناً، نحن لا نستطيع أن نذهب؟ على امتداد العالم العرب والاسلامي، يمكن أن يقول أحد يا سيد إذا بدأنا لوحدنا نحن قلة، نحن في المقاومة، نحن وبعض إخواننا في حركات المقاومة في لبنان وفلسطين كنا قلة وبدأنا وحدنا وأصبحنا كثرة، أصبحنا محور المقاومة، هذا أمر سهل، العلماء والأحزاب والقوى والقيادات إذا ذهبنا إلى عمل جاد في مقاطعة البضائع الأميركية، حتى يا أخي لا نريد أن نقاطع كل البضائع اختاروا شركات، أنا رأيت بعد استشهاد الحاج قاسم عندما تكلمنا عن الأميركيين ومواجهة الإدارة الأميركية هناك أميركيون في الولايات المتحدة كتبوا أنه يا أخي لا حاجة لكم بجنودنا وجيشنا، هناك شركات ترامب نعطيكم عناوينها اذهبوا وقاطعوها في العالم تهزوا كيانه، لأنه هو حياته وإلهه هو المال، إذاً هذا أيضاً شكل من أشكال المواجهة.
بكل الأحوال يجب أن نفكر بكل هذه الوسائل، هذا جزء من برنامج، مثل بسيط من برنامج، بالتأكيد إذا جلسنا وفكّرنا وخططنا في المجال السياسي، الثقافي، الإعلامي، الاقتصادي، القانوني، الحقوقي، إضافةً وفضلاً عن الجانب العسكري والأمني، نحن أمة حيّة، قوية، نابضة، لديها إرادة.
أمس شاهدتم في بعض القرى في شرق الفرات، بعض البلدات السورية، كيف نزل الناس وهم عُزّل في مواجهة الآليات العسكرية الأميركية، والأميركيون لأنهم جبناء وضعفاء احتاجوا أن يستقدموا طائرات حربية إسرائيلية ليأمنوا انسحاب آلياتهم التي ووجهت بالحجارة وبالغضب من قبل جزء من الشعب السوري هناك. هذه أمتنا على امتداد عالمنا العربي والإسلامي، ولكن نحن نحتاج إلى القرار، نحتاج إلى الإرادة، نحتاج إلى الوعي، نحتاج إلى التصميم لنمضي في هذا الطريق.
في ختام مقطع المنطقة فقط أريد أن أقول كلمتين وفاءً للحاج أبو مهدي المهندس، خطاباً لإخواني الأعزاء العراقيين وللشعب العراقي العزيز، أخاطب هذا الشعب الشّجاع والوفي والمجاهد والمظلوم في آن، أقول لهم أيها الأحبة في العراق أنتم تعرفون الحاج أبو مهدي، تعرفونه حتى في زمن المعارضة، لكن لنتحدث عن السنوات الأخيرة، هذا الرجل قضى بقية عمره في الجبهات، منذ أن انطلقت داعش في العراق، ترك بيته وعائلته وبناته وحياته وكل شيء شخصي وعاش في غرف العمليات وفي الخطوط الأمامية وفي السواتر وقاتل في كل المحافظات وجال على كل المحافظات وحمل طوال السنين دمه على كفه وكفنه على كتفه ولم يكن يريد شيئاً، بكل صدق وبكل إخلاص وبكل عشق للقاء الله سبحانه وتعالى، الشهيد القائد الحاج أبو مهدي المهندس، على كل حال هي المرجعية الدينية في النجف الأشرف المرجعية الشريفة والرشيدة سمّت الحاج أبو مهدي والحاج قاسم بقادة الانتصار، هو من قادة الانتصار بلا شك، طبعاً لا نغفل فضل بقية القادة والمجاهدين والشهداء، ولكن هناك شخصيات مركزية، من هذه الشخصيات المركزية الحاج أبو مهدي المهندس، اليوم الوفاء للحاج أبو مهدي، هذا الرجل الذي عاش وعرفناه جميعاً بجديته وشجاعته وإخلاصه وصدقه وسهره وتعبه وحضوره الدائم وصنعه ومشاركته في صنع النصر التاريخي على داعش وكذلك الوفاء للحاج قاسم سليماني الذي كان أول الواصلين والمبادرين للدفاع عن الشعب العراقي في مواجهة داعش وقضى بقية السنوات كان الدفاع والقتال في العراق أولويته المطلقة - نحن نعرف ذلك - هذان القائدان الكبيران قتلتهما أميركا علناً عند مطار بغداد، المسؤولية الأولى في الرد على هذا العدوان وهذه الجريمة تبقى على عاتقكم، الوفاء والمسؤولية اليوم أيها الأخوة والأخوات الأحبة في العراق الدفاع عن هذين القائدين والشهداء معهما وكل الشهداء في معركة داعش.
واحد، الحفاظ على الحشد الشعبي - نحن كإخوة نوصي بعضنا، لا أحد يملي على أحد شيء - الحفاظ على الحشد الشعبي، كلنا يعرف أن أميركا تريد إلغاء هذا الحشد لأنه من ضمانات وعوامل القوة في العراق، الوفاء للحاج قاسم وأبو مهدي هو في التمسك بهذا الحشد والحفاظ عليه وتقويته وخصوصاً الحفاظ على روحيته الإيمانية والجهادية، ليس المهم أن يبقى كمؤسسة، المهم الروح ومضمونه، لأنه هو كان عامل أساسي وحاسم إلى جانب بقية القوات الأمنية في العراق لحسم هذه المعركة. أميركا لا تريد الحشد، بعض الدول الإقليمية ترى في الحشد قوة في العراق ولذلك المسؤولية هي في الحفاظ على الحشد.
ثانياً، إخراج القوات الأميركية من العراق، هذا قراركم أنتم، علماؤكم، قادتكم، فصائلكم، أحزابكم، رئيس الحكومة، مجلس النواب أخذ هذا القرار، الشعب العراقي الذي تظاهر بمليونيته في بغداد، في مظاهرة حاشدة وتاريخية وعظيمة وكان شعاره واضحاً، ضد الوجود الأميركي في العراق. مواصلة العمل لإخراج القوات الأميركية بالوسائل التي تختارونها أنتم التي ترونها أنتم مجدية وتحقق هذا الهدف، هذا الهدف لا يجوز أن ينسى أو يُضيّع، الأميركيون يريدون أن يلعبوا على الوقت حتى تهدأ النفوس وتضيع الدماء وتتيه الأهواء وينشغل الناس في هموم أخرى، هذا الهم، هذا الثأر للدم الحسيني المسفوك ظلماً عند مطار بغداد هو مسؤوليتكم أنتم يا محبي الحسين والمدافعين عن الحسين وعن حرمات الحسين عليه السلام.
وأخيراً، السعي من أجل عراقٍ، هذا ما كان يعيش من أجله أبو مهدي وأنا أعرف كان يعيش من أجله حتى الحاج قاسم - الحاج قاسم سليماني الإيراني كان همه في هذه الدنيا أن يرى العراق قوياً، مقتدراً، عزيزاً، سيداً، حراً، حاضراً، بقوة في قضايا المنطقة وليس معزولاً عن هموم الأمة ومصائر هذه المنطقة. هذه مسؤوليتكم.
النقطة الأخيرة في الوضع الداخلي والمحلي أيها الإخوة والأخوات.
في الوضع الداخلي الاستحقاق الذي يهيمن على عقول الجميع في لبنان بالدرجة الأولى ويشغل بال الناس جميعا هو الوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي.
أينما ذهبنا الآن، أينما جلس اللبنانيون، بالدرجة الأولى يتحدثون بهذا الموضوع، تأتي صفقة القرن تأخذ بعض الوقت، حادث اغتيال الحاج قاسم وأبو مهدي يأخذ بعض الوقت، بعض التطورات بعض المشاكل في لبنان، لكن عموما حديث المجالس والهموم الكبيرة هي هذه.
فيها عناوين، مثلاً دائماً السؤال عن مصير الودائع، الناس التي وضعت جنى عمرها كله،  وضعته في البنوك، ما مصير هذه الودائع؟ ليست ودائع، هذا جنى العمر بالنسبة للناس.
غلاء الأسعار التي ترتفع أحيانا بدون حدود وبدون ضوابط. مشكلة توفر بعض السلع وفقدان بعض السلع.موضوع سعر الليرة والدولار، واللعب بهذا الموضوع والمخاطر التي تواجهها العملة الوطنية، ازدياد نسبة البطالة، فقدان فرص العمل، ليس فقط ارتفعت البطالة، هناك شركات تنهار، وهناك محال تغلق، جمود الحركة التجارية والاقتصادية عموما، الصناعيون لديهم مشكلة تصريف انتاجهم، المزارعون لديهم مشكلة تصريف انتاجهم، مدارس، أولاد من عائلات ميسورة وطبقة وسطى يضعون أبناءهم في هذه المدارس التي الأقساط فيها مرتفعة قليلاً باتوا عاجزين عن دفع الأقساط لهذه المدارس، هذه مظاهر اليوم موجودة في مجتمعنا.
أيضا هناك قلق كبير جدا عند الناس من انعكاس هذه الأوضاع المالية والاجتماعية على الوضع الأمني، السرقات، الجرائم، الانهيارات النفسية والآن بدأنا نسمع هذا عنده وضع نفسي ارتكب مجزرة، وذاك لديه وضع نفسي دخل إلى المكان الفلاني وقتل، هذا ربما يزداد.
هناك قلق حول وضع خدمات الدولة للناس. بالنهاية عندما تذهب للتقشف والوضع المالي الصعب، الخدمات الصحية والاجتماعية والانمائية كلها ستتأثر سلباً، أيضا هذا من مواضع القلق عند الناس.
بعد قليل حتى مجالس البلديات في أغلبها يمكن أن لا يبقى أي فلس ولا قرش بصناديقها، يصبح وجودها ليس له أي معنى. في كل الأحوال، هموم الدين العام، كل الوضع الاقتصادي، لكن هذه عناوين سريعة تلامس مشاعر الناس مباشرة.
هذا الوضع يحتاج إلى معالجة، بلا شك كلنا مسؤولين ومعنيين أن نعالج هذا الوضع. من بداية الأحداث الأخيرة في 17 تشرين الأول نحن كان لدينا رأينا، لن أعيد الحديث من أول وجديد، لكن أود أن أذكّر كان لدينا رأينا ومواقفنا، ومن اليوم الأول نحن قلنا أنه يجب أن نعالج الأمور بطريقة مختلفة وليس بالأسقف العالية التي طرحها البعض في لبنان.
بموضوع العهد وبموضوع الحكومة وبموضوع المجلس وكان يمكن نتيجة ضغط الشارع أن الدولة حتى بتركيبتها التي كانت قائمة ومازال جزءاً كبيراً منها موجوداً كان يمكن أن تقوم بأمور كبيرة ونتفادى الكثير من السلبيات التي حصلت.
الآن حصل ما حصل، من اليوم الأول وأنا أود التأكيد على هذه الجملة، لأنه هناك أناس اقتطعوا، لأنه في لبنان يقطع الكلام ويأخذون جزءاً، انت تقول لا إله إلا الله، يأخذوا لا إله وتصبح ملحداً.
أنا من اليوم الأول، لأن هذا الكلام أنا قلته، قلت نحن لسنا قلقين على المقاومة وعلى ميزانية المقاومة وعلى معاشات شباب المقاومة، نحن قلقين على النّاس، قلقين على البلد، نخاف على البلد، طبعاً هم قالوا الجزء الأول وقصوا الجزء الثاني.
نحن كل مواقفنا التي اتخذناها منذ 17 تشرين لليوم منطلقها الخوف على البلد والخوف على الوضع الاقتصادي والمالي والحذر مما وصلنا إليه بنسبة كبيرة.
ولذلك نحن لن نهرب من المسؤولية وقبلنا ان نحمل أنفسنا جزءاً من المسؤولية عما مضى ولم نتخلى عن المسؤولية في الحاضر ولن نهرب من المسؤولية في المستقبل.
والنقطة الأساسية التي أود قولها للناس، نحن كحزب الله على الإطلاق لا نفكر بطريقة حزبية ولم نكن نفكر بهذا في  يوم من الأيام.نحن لا نفكر بأنفسنا، ليس أنه "والله نحن معاشاتنا وميزانيتنا وفلوسنا مؤمنة الآن بشكل أو بآخر وخلص ما في مشكلة بشيء، أبدا أبدا أبدا مش هيك". نحن نحمل همّ النّاس لأن النّاس كلهم أناسنا في كل المناطق اللبنانية، في كل المحافظات، بكل الطوائف.
دائما كنا نقول، لا يوجد اقتصاد اسمه اقتصاد منطقة واقتصاد طائفة واقتصاد مدينة، نحن بلد واحد في كل شيء، مصيرنا واحد، ولذلك أنا أريد أن أؤكد اليوم، نحن نتحمل ومستعدون أن نتحمل كامل المسؤولية وجزء كبير من المسؤولية وأن نتشارك في المسؤولية لمعالجة الأوضاع القائمة ولسنا هاربين من شيء على الاطلاق "ما هربانين من شي".
بالمواقف التي اتخذناها منذ 17 تشرين، نعم دفعنا ثمناً من كرامتنا، من ماء وجهنا، هناك أناس قالوا لما اتخذتم هذه المواقف، لأنه صار أناس يسبوكم ما كانوا يسبوكم، هذا ليس مهماً، ليس مهماً أنت سبيت أم لم تسب، المهم أنت تقوم بوظيفتك، بمسؤولياتك تجاه بلدك، وطنك، شعبك وناسك بمعزل عن الانفعالات والحماس، وأيضا بعض الرؤى المتطرفة أو لا هذا بالنسبة لنا.
نحن تعلمنا من الإمام الخميني قدس سره الشريف، هذه مدرسة الإمام الخميني أن نؤدي واجبنا والهاجس الذي يحكم عقولنا هو ماذا نجيب الله يوم القيامة، وليس ما يقول عنا الناس وماذا يكتب عنا التاريخ، ما هي قيمة التاريخ يوم القيامة. المهم أنا يوم القيامة عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى كيف أجيبه، أنا وحزب الله وكل واحد فينا أنه من أجل أن لا أسب ومن أجل أن لا نخسر شعبياً، ومن أجل ومن أجل ومن أجل، يجب أن نجامل وأن نداري وحتى يجب أن نساير ولو ذهب البلد إلى الانهيار وإلى الفوضى وإلى الفلتان وإلى الحرب الأهلية.
نحن لم نكن كذلك ولن نكون كذلك في يوم من الأيام.
في هذا البلد نحن سوف نبقى نتحمل كل المسؤوليات التي نقدّر أنها مصلحة وطننا وشعبنا أياً تكن التضحيات، دماء او ماء وجه مهما كان نوع التضحيات، لأن كل معركة لها نوع تضحيات مختلف.
اليوم نحن كنا نتمنى أن لا تستقيل الحكومة السابقة مع أن هذا كان مطلب بعض المعترضين، وموقفنا كان واضحاً وكنا نتمنى أن تشكل حكومة جامعة، هذا كله لم يحصل، شكلت الحكومة الحالية.
الحكومة الحالية يجب أن نقدّر لرئيسها، لوزرائها شجاعة تحمل المسؤولية، لأنهم جاؤوا بظرف صعب وحسّاس، وتنتظرهم مهام شبه مستحيلة، عندما يأتي رئيس وزراء مثل الدكتور حسّان دياب ويأتوا الوزراء الموجودين في الحكومة الحالية ويقبلوا بتحمل هذه المسؤولية، هذا يجب أن يكون موضع تقدير واحترام اللبنانيين من يؤيد الحكومة ومن يعترض عليها، لأن هناك فرق بين تحمل المسؤولية والهروب من المسؤولية، هناك فارق كبير بينهم ولا يتسويان، أبدا لا يتساويان.
هذه الحكومة بالنسبة لنا بكل وضوح وصراحة نحن نأمل وندعو ونرجوا ونعمل ان تنجح، أعطيناها الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها. لأن البعض حاول أن يروّج هذا الموقف، "حزب الله خلص بعّد" وأخذ مسافة وتخلى وترك الأمور على عاتق هؤلاء. نحن سنقف إلى جانبهم ونساعدهم وندعمهم بكل ما نطيق، بكل ما نقدر، بكل ما نستطيع لأن المسألة ترتبط بمصير بلد. الآن قصة حكومة حزب الله "مش" حكومة حزب الله سأعود لها في النهاية.
أنا اليوم ما أريد أن أقوله للبنانيين جميعا، نحن أمام وضع، هناك اجماع أنه يوجد وضع اقتصادي صعب جدا جدا جدا. هذا ليس فيه  نقاش، ما يدور حوله النقاش هو نحن فلّسنا أو سنفلّس، البلد منهار أو سينهار، كم بعيدين عن الإفلاس، كم بعيدين عن الانهيار، هذا الذي يدور حوله نقاش. لكن لا يوجد نقاش بأن الوضع صعب جدا جدا جدا على المستوى الاقتصادي والمالي والنقدي وهناك استحقاقات قريبة.
ادعو أولا إلى فصل معالجة الملف الاقتصادي والمالي عن الصراع السياسي بين الأحزاب والتيارات والكتل النيابية والزعماء. هذا ملف دعونا نقاربه بطريقة مختلفة. إذا نود أن نعالج وضعنا الاقتصادي بعد أن نتفق في الأمور السياسية، لن يعالج الوضع الاقتصادي والمالي، نحن مختلفين بكل شيء، بموضوع إسرائيل وخطة ترامب حتى لو في الظاهر جميعاً رفضناها، وبالوضع الإقليمي وبالموقف من السعودية والموقف من إيران ومن سورية ومن التوطين، بكل شيء، بكل شيء بمسائل عديدة نحن مختلفين حولها دعوا هذا الموضوع جانبا. دعوا تصفية الحسابات السياسية جانبا. الآن لا يوجد انتخابات نيابية لنفتعل مزايدات، دعوا المزايدات جانبا.
إذا أولا فصل الموضوع الاقتصادي عن الصراع السياسي بالبلد.
 ثانيا الآن نتوقف قليلا عن توجيه الاتهامات حتى في الأزمة الاقتصادية لن يقدم ولن يؤخر، كل واحد لديه مطالعة ويستطيع أن يخطب ساعة، ساعتين، وثلاثة ويحمّل الطرف الآخر مسؤولية ما وصل إليه الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان وربما يكون في كلامه بعض الحقيقة والكثير من الخطأ، لن نصل لمكان. إذا دعوا التراشق بالاتهامات جانبا.
ثالثا، لنأتي إلى الحكومة الحالية التي قبلت ان تحمل المسؤولية ونعطيها فرصة، لكن فرصة معقولة، فرصة ممكنة في الزمن، "مش" واحد يأتي ويقول أعطيها فرصة مئة يوم، نحن جاهزون أن نعيّنك ملكاً على لبنان ونغيّر النظام إذا جنابك تستطيع بشهر ان تنهي الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان.هذا كلام فارغ، مهلة زمنية معقولة، منطقية، تعطى لهذه الحكومة لتذهب لمعالجة تساهم في منع الانهيار، لا أقول تعالج الوضع المالي والاقتصادي، تمنع الانهيار، تمنع السقوط، تمنع الإفلاس.
رابعا تقديم المساعدة. أي حزب أي جهة أي كتلة أي شخص موالي أو معارض عنده فكرة يستطيع تأمين مساعدة، يستطيع تأمين دعم، هذا واجبه الوطني، هذه ليست مسألة حزبية. إذا فشلت هذه الحكومة ليس معلوما أن يبقى بلد ليأتي أحد ما على حصان أبيض ويشكّل حكومة جديدة، بأي بلد نريد أن نؤلف حكومة جديدة؟!
 اليوم، الفشل نتائجه على مستوى الوطن وليس على القوى السياسية الداعمة لهذه الحكومة بلبنان. نتيجة الوضع المناطقي والوضع الطائفي وتركيبة القوى السياسية، تبقى القوى السياسية بنسبة كبيرة محصنة. أين تكون النتائج حتى لو نتائج فاشلة،من يدفع، الناس غالبا، هم عموم الناس، حتى لا نسمح لكل الوطن أن يدفع الثمن، مسؤولية الجميع أن يساعدوا هذه الحكومة، في الحد الأدنى أن يسمحوا لها أن تعمل، إذا أرادوا عدم مساعدتها لا يحاربوها ويقطعوا الطريق عليها، لا يحرّضوا عليها في الدول العربية ودول العالم.لا يحرّضوا عليها لأن هذا نتائجه كارثية على المستوى الوطني.
دعم الخطوات الصحيحة. أود أن أقول هنا للبنانيين يوجد أمل، واحدة من مسائل التحدي اليوم أن هناك من يريد أن يقول للبنانيين ايأسوا، لا توجد حلول ولا توجد امكانية علاج، علينا ان نستسلم وأن نستسلم للخارج وأن نسلّم رقابنا وبلدنا للخارج، وأن نبيع دولتنا وأملاكنا للخارج أو لغير الخارج. أنا أقول من يبعث ويدعو إلى اليأس هو يرتكب خيانة وطنية.
اللبنانيون قادرون على معالجة الأزمة الصعبة التي يمرون بها اليوم، ولكن المسألة تحتاج إلى الوعي وإلى الشجاعة وإلى التعاون وإلى التضحية وإلى التخلي عن الحسابات الخاطئة والكل لديهم أفكاراً يأتوا ويتناقشوا ويتعاونوا.
أنا ادعو الحكومة إما أن تبادر إلى القوى السياسية والكتل النيابية مبادرات جانبية أحادية أو ثنائية أو تشكل لجنة وليس طاولة حوار، لجنة نقاش جدي من الموالاة والمعارضة ومن الكل لأن الوضوع الاقتصادي والمالي والنقدي هو في حالة خطيرة. "مش وقتها الآن". إن كان أحد عزيز على قلوبنا أنا وإياكم وقع  على الأرض ووضعه صعب وحملناه إلى المستشفى عندما ندخل إلى المستشفى ونتحدث مع الطبيب، الأولوية أن نقول له وضعه وكيف نعالجه وكيف نركّب له مصلاً وكيف ندخله لغرفة العمليات وكيف يقوم بانعاشه، ليس أن نتناقش أنت ماذا تلبس وأنا ماذا ألبس وانت ماذا قلت وأنا ما قلت، وانت ما قصدك وأنا ما قصدي، الأولوية اليوم، هي العمل لانقاذ وانعاش هذا الوضع الذي يتهدد الجميع، لا يتهدد منطقة أو جهة أو طائفة أو حزب.
في سياق موضوع التحريض، لأني قلت سأعود إلى قصة حكومة حزب الله، أنا أتمنى على بعض اللبنانيين المصرين أن يقولوا وهم يكتبون ويحرضون بالخارج، لأن هذا اسمه تحريض، تسمية هذه الحكومة بحكومة حزب الله، طبعا أنا أقول لكم صراحة لا يؤذينا، "صيت غنى حكومة حزب الله ويسيطرون على البلد"، كلام فارغ، لكن هذا يؤذي لبنان، هذا يؤذي إمكانيات المعالجة، هذا يؤذي علاقات لبنان العربية والدولية، هذا يؤذي أيضاً، البعض يقول أنني عندما اتخذ موقفاً إلى جانب الشعب اليمني المظلوم المقتول، أمس فقط نساء وأطفال ومدنيين جاؤوا ليتفرجوا على الطائرة الحربية العسكرية التابعة لقوى تحالف العدوان جاؤوا لينظروا كيف دُمرت، جاء الطيران قصفهم وسقط 40 شهيداً، إذا أنا بموقف انساني ادين القصف السعودي للأطفال والنساء اليمنيين العزل الذين يقفون بالشارع هذا يسيء إلى علاقات لبنان العربية والدولية وأنا أقوم بعمل أخلاقي انساني طبيعي جدا وقانوني جدا، اعمل معروف أنت لا تقوم بعملية تحريض كاذبة تسيء لعلاقات لبنان العربية والدولية عندما تصف هذه الحكومة بأنها حكومة حزب الله وأنت تعرف أنها ليست حكومة حزب الله. نعم، حزب الله لا يتبرأ منها، حزب الله يدعمها، حزب الله يؤيدها، حزب الله يريد لها ان تنجح أكيد. كل لبنان يعرف طبيعة هذه الحكومة وشخصية رئيس الحكومة وشخصية الوزراء، القوى الداعمة لهذه الحكومة، ومن الكذب توصيفها بأنها حكومة حزب الله، قلت هذا لا يؤذينا نحن ولن يؤثر لا على موازنتنا طالما أنتم مهتمون بهذا الموضوع، ولا على أموالنا ولا على رواتبنا، لكن هذا يؤذي البلد، اوقفوا التحريض على الحكومة، هذا جزء من إعطائها فرصة.
عندما تقف بعض القوى السياسية في لبنان وتقول نريد أن نعطي الحكومة فرصة، جزء من اعطاء الفرصة هو وقف التحريض عليها في الإعلام، في الشارع، في السفارات، في العلاقات الدولية، بالحد الأدنى، سكوت، تسديد، تقديم نصح. اتركوا هذه الحكومة تعمل. ما نتطلع إليه هو أكثر من أن تتركوها تعمل، تعالوا وساعدوها، لأن هذه الحكومة إذا تمكنت من وقف الانهيار، من وقف الانحدار، من تهدئة الأوضاع المالية والاقتصادية، من تهدئة النفوس، من معالجة بعض مسائل الديون أو الودائع او غلاء الأسعار أو ما شاكل، هي تقدم خدمة كبيرة وجليلة لكل اللبنانيين ولكل المقيمين على الأراضي اللبنانية.هذا ما أردت أن أقوله أيضا في الشأن الداخلي.
أنا أعتذر، كالعادة أطلت عليكم، لكن طبيعة الملفات والأحداث والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقكم وعاتقنا تفرض علينا كل هذا الكلام وكل هذه المواقف.
في يوم شهدائنا القادة، نجدد لهم عهدنا وبيعتنا كما كنا طوال السنين، اليوم ينضم إلى قافلة البيعة والعهد والتجديد، ينضم الحاج قاسم والحاج ابو مهدي، هذا الطريق سنواصله. وصية السيد عباس، موقف الشيخ راغب الذي تحتاجه الأمة اليوم، من لا يستطيع قتال الأمريكان لا يصافحهم، لا يعترف بهم ولا يعترف بمصالحهم، لا يخضع لهم. "الموقف سلاح والمصافحة اعتراف". نحن بحاجة إلى جهاد الحاج عماد، نحن بحاجة إلى كل انتصارات ونجاحات الحاج قاسم والحاج أبو مهدي وكل الشهداء لندفع عن بلداننا وعن مقدساتنا وعن شعوبنا كل الأخطار.
مأجورون ان شاء الله، مشكورون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد في: فصل الخطاب

خبر عاجل