معادلة الردع
المقاومة والأحرار
خالد رزق (*)
ليس غريباً أن القطاع الأعرض من القوميين المصريين والعرب متطابق في مواقفه المبدئية وخياراته المصرية والوطنية مع المقاومة الإسلامية اللبنانية حزب الله .. وليس غريباً أن الأكثرية من هؤلاء يحتفظون لإيران بقدر ومكانة أولاً لموقفها الداعم لخيار المقاومة العربي الفاعل الوحيد على الأرض الذي يجسده حزب الله، وطبيعي جداً أن تجد كل هؤلاء مع الدولة السورية جيشاً ونظاماً باعتبارهما الحارس الأمين على أرض الوطن وعلى أمنه وسلامته ـ عند العقلاء المخلصين ـ وفي هذا المصلحة الأولى الأعظم والأهم للشعب السوري، وللأمة كلها إذا ما أضفنا لمقومات الاعتبار أن هذا النظام هو الأخير في دول الطوق العربي كلها الذي لم يسقط في فخ السلام أو ينحدر لقاع الاستسلام.. وهكذا فإن بقاء النظام كله وبأيديولوجيته الحاكمة، ولا حديث هنا عن الرأس الذي هو شأن سوري خالص، يمثل الحصن المتقدم الأخير لمحور المقاومة ولا يمكن التضحية به.
وثانياً مكانة إيران، وهي عندي كمصري عربي في مقام سورية وحزب الله، وهي التي تمد يدها بالعون دماً وعتاداً في الحرب وعلماً ومالاً للنماء، وإلى ذلك فمقامها الرفيع لذاتها عندي هو مقام التقدير لرفيق نضال في مواجهة احتلال وعدوان مستمرين، تمنيت أن تشاركه فيه عني وعن الملايين أنظمة وحكومات عربية بالأقل في دول المواجهة كلها، ومقامها عندي كإنسان مؤمن بالحرية مقام الأمم السيدة الحرة العصية على الانكسار في زمن شاع فيه التجبر وعم فيه الخنوع.
أكتب هذا الكلام وأنا أعرف أن كثيراً من المصريين سيستغربونه وربما ينتقده البعض ذلك أن إعلام العرب كله يمارس ومنذ عقود عملية معقدة فيها غسيل للعقول بقلب وتزييف الحقائق وتغييب الضمائر نجحت وإلى حد كبير في التشويش على المبادئ الحضارية والوطنية الأصلية، التي لا تعرف عدواً غير العدو الصهيوني ومن وراءه، ولا تعترف لهذا العدو بحق في الأرض وبالوجود، وهي مبادئ لا تعطي منفذاً لخلاف طائفي وعقائدي لأن يتسلل فيصنع فواصل بين أبناء أمة إسلامية قلبها عربي وهدفها واحد.
عندما قامت الثورة الإيرانية ودان الحكم لأهلها، كان طبيعياً بالنظر إلى توجهها المعروف الذي هو نتاج مزيج وجدان الأمة الفارسية المسلمة أن تعلن إرادة الحرية للوطن الإيراني واستقلال قرار شعبها وأن تسعى بعدها للجهاد في سبيل القضية الإسلامية الأم والتي قدر أن تكون عربية المركز في فلسطين، ومدت إيران الحرة يدها فلم تجد من الأنظمة الرسمية العربية غير الدولة السورية لتمسك بيدها في وحدة الهدف ولم تجد غير حزب الله اللبناني العربي في الفعل المقاوم النشط الحاسم الوجودي على الأرض، وهذا بالضبط ما لا يجده سوى فيهما أكثر القوميين العرب. وعموماً وعلى اختلاف موقع الأوطان من خريطتنا العربية فإن مخالفة مواقفها الرسمية للمبادئ الأصلية للشعوب، تحتم أن يأتي المستقبل بجديد فالحق في أمتنا يتوارى لكنه لا يموت وفي لحظات التاريخ الفارقة تكون له كلمة الفصل.
"إجر ونص"
الكيان خائف. اهتز بكلمة من سيد المقاومة. ليس في العبارة مبالغة. في اليوم التالي لخطاب سماحة السيد حسن نصر الله اشتعلت النيران في شبعا عند الحدود. سبب النيران قنابل مضيئة أطلق جيش الاحتلال وابلاً منها في سماء المنطقة، راجياً أن لا تكون الساعة قد حلت ويجد عساكره أنفسهم في مواجهة مجهول يأتيهم من حيث علموا ولم يروا.
ألم يقل لهم السيد قف على الحائط على رجل ونصف؟ ها هم مع أول نسمة ريح تهز فروع الشجر يفزعون إلى قنابل الإضاءة فلا يسيطرون عليها .. ضباط وعساكر الصهاينة ستتعبهم أرجلهم وسيسمعون هدير الأرض تحت أقدام الرجال.
(*) نائب رئيس تحرير الأخبار المصرية
إقرأ المزيد في: معادلة الردع
03/09/2019