مقالات مختارة
تسجيلات تكشف ضابطاً عراقياً كبيراً عميلاً لواشنطن: سَرَّب إحداثيات لضرب «الحشد»!
صحيفة "الأخبار"
بعد أيام قليلة على صدور مرسوم عادل عبد المهدي المتعلق بالحشد الشعبي، نشر أحد أبرز فصائل المقاومة تسريباً بحجم فضيحة، يظهر «تآمر» أحد كبار القادة العسكريين على «الحشد الشعبي». تسريب يبدو أقرب إلى تحذير من المضيّ بعيداً في ممالأة الأميركيين، في ظلّ واقع مخترَق، أسهم الحشد ومعه الفصائل في تحصينه.
يُنظر، لدى كثيرين، إلى المؤسسة العسكرية ــــ الأمنية العراقية، التي بناها الاحتلال الأميركي عقب إسقاطه النظام السابق في نيسان/ أبريل 2003، على أنها «حبيسة» توجهات واشنطن. نظرة تَثبت صحّتها لدى النظر إلى الأحداث التي عصفت بالبلاد في السنوات الأخيرة، وأبرزها سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم «داعش» في حزيران/ يونيو 2014. سقوط يرى حلفاء طهران أنه أسهم، وما تبعه من تطورات حتى إعلان «النصر» في كانون الأول/ ديسمبر 2017، في التعرّف الى مكامن الخرق، وخاصة في ظلّ التقارب الذي أفرزته الحرب بين قيادة «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة وبين ضباط تلك المؤسسة، عبر ما يُعرف بـ«قيادة العمليات المشتركة».
هذه الحقيقة بدا أن «كتائب حزب الله» تعمّدت، في بيانها الذي أصدرته تعليقاً على المرسوم الأخير لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الإشارة إليها، بحديثها عن مدى الخرق الأميركي للنظام ومؤسساته، وتحميلها الدولة مسؤولية الانهيار الأمني إبّان دخول «داعش»، والإشادة بدور الفصائل التي حافظت على الدولة من الانهيار والتفكك، مطالبةً بمحاسبة بعض الضباط الكبار، وإدارة الملف الأمني باستقلالية بعيداً عن «التدخلات والإملاءات... وإخراج القوات الأميركية والشركات التابعة لها». مواقف سرعان ما أتبعتها «الكتائب»، أمس، بتسجيلات صوتية (موجودة على الموقع الإلكتروني لـ«الأخبار») لمكالمات عبر الهاتف ومراسلات عبر تطبيق «واتسآب»، بين قائد «عمليات الأنبار» في الجيش العراقي اللواء محمود الفلاحي، وبين عنصر من المخابرات المركزية الأميركية يحمل الجنسية العراقية، تُثبت «تآمره على أمن وسلامة مقاتلي الجيش العراقي، والقوى الأمنية والحشد الشعبي وفصائل المقاومة»، فضلاً عن «تعريض الأمن الوطني للخطر، من خلال التخابر مع جهاز المخابرات المركزية الأميركية، والموساد الإسرائيلي». إذ يطلب عميل الـ«CIA» من الفلاحي تزويده بإحداثيات مواقع عسكرية في المنطقة الحدودية مع سوريا، وذلك «لتنفيذ هجمات من قِبَل سلاح الجو الأميركي والإسرائيلي ضد تلك المواقع»، طالباً منه «اللقاء بقياداتٍ من الجيش الأميركي والمخابرات الأميركية، إما في عاصمة إقليم كردستان أربيل، أو في معسكر للقوات الأميركية في الحبانية». وتبيّن المحادثات تقديم الفلاحي إحداثيات مفصلة عن القوات العسكرية المنتشرة في الأنبار، غير أن اللافت فيها «استعجاله قصف تلك المواقع، والتعهد بضمان ولاء بعض قادة الفرق للأميركيين».
هذا التسريب أحدث ضجة واسعة في العراق، مع انتشاره الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بوزير الدفاع، نجاح الشمري، أمس، إلى تشكيل «لجنة تحقيق لمعرفة الحقائق بعد ظهور التسجيل الصوتي»، فيما أكدت لـ«الأخبار» مصادر في «الكتائب» أن الأخيرة «مستمرة في نشر بعض ما لديها» في الأيام المقبلة. في المقابل، وعلى رغم أن قيادة «الحشد»، وتحديداً «مديرية الاستخبارات»، تمتلك كماً كبيراً من المعلومات المماثلة، بما يتضمن إدانة مباشرة لقيادات عسكرية إبان الحرب على «داعش»، سهّلت على الأميركيين تحديد نقاط انتشار قوات «الحشد»، ومقارّ قيادية شهدت اجتماعات استثنائية (نموذج من ذلك، أنه مع اقتراب قوات «الحشد» من حصار مدينة تلعفر في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، استهدفت طائرة مسيّرة اجتماعاً لقادته، وكان أبرز من جُرح جراء القصف الأمين العام لـ«كتائب الإمام علي» شبل الزيدي، المدرج على لائحة العقوبات الأميركية)، إلا أن مصادر «الحشد» تعرب، في حديثها إلى «الأخبار»، عن رفضها نشر ما في حوزتها، على قاعدة «الحفاظ على العلاقة الطيبة مع المؤسسة العسكرية»، مشددة على أن «محاسبة أمثال الفلاحي تتمّ بالأطر والطرق القانونية».
لكن، هل للتسريب صلة بمرسوم عبد المهدي الأخير، وخصوصاً أن بيان «الكتائب» حذر من أن «محاولة تجريم المجاهدين يمكن أن تُسبب حالة من الانكفاء للملاكات الأساسية الداعمة للجهد الأمني»؟ ترفض مصادر «الكتائب» توضيح هذا الالتباس، إلا أنها تقرن تضامنها مع المرسوم المذكور بقدرة الحكومة على تطبيقه، كاشفة في حديث إلى «الأخبار» أن حراكاً إعلامياً ستقوده في الأيام المقبلة لتبيان وجهة نظرها، بكشف بعض الوثائق التي في حوزتها، والتي تثبت تعامل ضبّاط ومسؤولين مع الأجهزة الاستخبارية الأميركية.