«الغارديان» تبقّ البحصة: لإسرائيل «نمط» في القتل والإنكار

رضا صوايا - صحيفة الأخبار

أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً. مقولة تصلح لتوصيف حال الإعلام الغربي مع «إسرائيل»، والاستفاقة المفاجئة لبعض الإعلام وتجرّئه على قول الحقيقة لا أكثر، والحديث عن «نمط» إسرائيل طويل الأمد في إنكار جرائمها بحق المدنيين.

في مقال لافت في صحيفة «الغارديان» البريطانية، هاجم بيتر بومونت (مراسل دولي حاصل على عدد من الجوائز، منها «جائزة أورويل» عن عمله في العراق) إسرائيل على إثر جريمة قتل 15 مسعفاً فلسطينياً في غزة بشكل مباشر، وقد وثقتها كاميرا أحد المسعفين قبل استشهاده. وهو ما أسهم في فضح كذب الرواية الإسرائيلي الأولية.

في المقال المعنون «وفاة المسعفين في غزة هي الأحدث في سلسلة طويلة من التغييرات في رواية إسرائيل بشأن قتل المدنيين»، استعرض بومونت بعضاً من حجج إسرائيل التقليدية للتستّر على جرائمها، إذ «ينفي الجيش الإسرئيلي في الكثير من الأحيان في البداية تورّطه. أحياناً - في سياق غزة - يُشير إلى أن أحد صواريخ «حماس» لم يصل إلى هدفه، ما تسبّب في وقوع الضحايا. وإلا، فقد يزعم أن القتلى كانوا إما مقاتلين، أو ضحايا أضرار جانبية ناجمة عن استهداف مقاتلين».

شيرين أبو عاقلة إلى الواجهة
يعيد بومونت التذكير بقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة عام 2022 في الضفة الغربية. «في البداية، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، نفتالي بينيت، إلى أن عاقلة «على الأرجح» قُتلت بنيران فلسطينية. وفي اليوم التالي، أصدرت الحكومة بياناً استنكرت فيه الاتهامات «المتسرعة» لأحد جنودها بالوقوف وراء القتل، ووصفتها بأنّها «مضللة وغير مسؤولة».

ثم، وتحت ضغط شهادات الشهود، أقرّ جيش الدفاع الإسرائيلي بإطلاق النار عليها من قِبل جندي إسرائيلي، قائلاً حينها إنها لم تكن الهدف، بل أُصيبت عن طريق الخطأ».

حجة الخطأ دائماً جاهزة وخاصة حين تظهر أدلة غير قابلة للنقض. حينها «يُظهر التاريخ أنّ جيش الدفاع الإسرائيلي يُغيّر روايته ليُشير إلى أن الظروف ليست نتيجة أوامر عسكرية أو مشكلات نظامية، بل خطأ أو - نادراً - مسؤولية فردية، وليست مسؤولية تنظيمية».

قتل المسعفين
وبالعودة إلى جريمة قتل المسعفين، يذكّر بومونت بالرواية الإسرائيلية التي ادّعت أن سيارات الإسعاف «كانت تتقدم بشكل مثير للريبة نحو قوات الجيش الإسرائيلي من دون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ»، ما أثبت الفيديو زيفها.

وهنا يتطرق بومونت أيضاً إلى «أحد أكثر ادعاءات الجيش الإسرائيلي شيوعاً على مرّ السنين: التأكيد على أن الجنود شعروا بأنهم تحت تهديد، وأن «حماس» استخدمت سيارات الإسعاف لنقل الرجال والأسلحة».

التضليل والكذب في الرواية يسيران جنباً إلى جنب مع مسار قانوني وقضائي مبرمج للتستر على الجرائم والمجرمين ووأد الملفات في مهدها تجنباً لأي إدانة.

ويلفت بومونت إلى أنّه «عندما يُجري جيش الدفاع الإسرائيلي تحقيقاً، برعاية مكتب المدعي العام العسكري، غالباً ما تكون النتائج غامضة ونادراً ما تُفضي إلى توجيه أخطر التهم. ووفقاً لتحليل أجرته منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية «يش دين»، ونُشر العام الماضي، فإن الآلية التي أنشأتها هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة مُصمّمة للتهرب من المسؤولية مع إعطاء انطباع بوجود عملية جارية.

وتظهر الدراسة أنه من بين جميع الشكاوى المُحالة إلى الجيش خلال الحملات العسكرية الإسرائيلية الكبرى على مدى العقد الماضي، أحيل ما لا يقل عن 664 شكوى... للمراجعة.

من بين هذه الحوادث، تقول المنظمة إن 542 حادثة (81.6%) أُغلقت من دون تحقيق جنائي، بينما أدت 41 حادثة فقط (6%) إلى تحقيق جنائي.

وهذا دفع منظمة «يش دين» إلى استنتاج أنّ نتائج عمل آلية إنفاذ القانون الإسرائيلية على مدى العقد الماضي تُظهر أنها نادراً ما تفتح تحقيقات ضد جنود من رتب صغيرة، وتمتنع تماماً عن التحقيق مع صنّاع القرار في أعلى مستويات القيادة».

الكيان الصهيونيصحيفة الاخبارشيرين أبو عاقلة

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة