نصر من الله

مقالات مختارة

أحمد (القصاص) العربي
18/08/2023

أحمد (القصاص) العربي

نجيب نصر الله ـ صحيفة الأخبار

أنا هو أحمد العربي.

وأنا ابن هذه الأرض التي أنجبت ثواراً ومقاتلين و... شعراء وأدباء وفنانين...
أنا أحمد العربي.
أنا شقيق لولا عبود ومصطفى بدر الدين وعماد مغنية وغسان كنفاني وناجي العلي وباسل الأعرج...
أنا أحمد العربي.
أنا ابن جمال عبد الناصر وعباس الموسوي وعبد الكريم الخطابي وهواري بومدين ويوسف العظمة وشكيب أرسلان وسلطان الأطرش...


أنا أحمد العربي.
أنا ابن عمّ الياس حرب وسناء محيدلي وميشال صليبا وسهى بشارة وقاسم بدران وجورج نصرالله وإبراهيم النابلسي...
أنا أحمد العربي.
أنا ابن خالة وديع حداد وجورج حبش وهادي نصرالله وأبي علي مصطفى وفتحي الشقاقي ويحيى عياش وأحمد نصر الجرار وأحمد ياسين وعمر المختار...
أنا أحمد العربي.
أنا ابن شقيقة جوزف سماحة وسمير أمين وسعدي يوسف وزياد الرحباني وأحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عيسى وياسين الحافظ وسليم الحص وبيرم التونسي وصلاح جاهين...
أنا أحمد العربي.
أنا رفيق تشي غيفارا وسلفادور ألليندي وباتريس لومومبا وكارلوس ماريغيلا وتوماس سانكارا وأولريكه ماينهوف وسيمون بوليفار... وغيرهم وغيرهم من الذين ألهبوا الأرض دفاعاً عن فقرائها وتجاوزوا السماء طلباً لعدالة لا غنى عنها ولا بديل...
أنا أحمد العربي.
أنا صديق فرانز فانون، وإيلاريون كبوجي، ونيلسون مانديلا، وناصر السعيد، وجان جينيه، وناظم حكمت، والمهدي بن بركة، وموريس أودان، وكاميليو توريز، وإيميليانو زاباتا، والعربي المهيدي...

أنا أحمد العربي.
في بيت لحم وُلدت، وبين أزقّتها لهوت، ومن هوائها تنفّست، ومن مياهها شربت، وعلى أغصان أشجارها تسلّقت، وعلى جدرانها رسمت، وعلى صخورها نقشت، وأسماء حواريها غيّبت...
أنا أحمد العربي.
في القدس عشت. وفي دمشق كبرت.
أقمت في بيروت، ودرست في الإسكندرية، وتعلّمت في بغداد، واشتدّ عودي في الجزائر، وتفتّح وعيي في القاهرة وتجذّرت قناعاتي في اليمن.

أنا أحمد العربي.
درست الابتدائية في القدس، والثانوية في دمشق، والجامعية في القاهرة، والعلوم العليا في الجزائر.
أنا أحمد العربي.
عشقت في دمشق، وتزوّجت في عدن، وأنجبت أبنائي وبناتي الذين وُلد بعضهم فيما بعضهم الآخر ينتظر، في القاهرة وبيروت وتونس والجزائر وبغداد.
شهدت على الهزائم كما شهدت على الانتصارات. شهدت سلخ اللواء، وتقطيع أوصال الأمة، وتقسيم فلسطين، وسقوط القدس، وخطف القاهرة وتكبيلها، واغتيال «الجمهورية العربية المتحدة»، ومجازر أيلول الأسود، والنكسة التي سبقت المجازر ومهّدت لها. وكما شهدت غزو بيروت وحرق العراق ومحاولة الإمساك بسوريا والإصرار على تحطيمها بعدما تعذّر خطفها... كما شهدت على تحرير لبنان شبراً شبراً، وانتصار تموز وما تلاه من انتصارات في غزة أو ما سيتلوها في قادم الأيام من انتصارات حاسمة لم تعد ببعيدة...
هذا هو أنا: أحمد العربي المعروف بأحمد علي قصاص وبأسماء كثيرة غيرها...
هذا هو أنا: أحمد العربي. أقدّم نفسي بما أمكن من الإيجاز. فعائلتي كبيرة وممتدّة ولها في مدن العالم ودساكره أولاد وأحفاد وأبناء عمومة وأولاد خؤولة وأصهار وبنات وصبيان ينتظرون أن يولدوا. ولا أملك إلا أن أعتذر إن تسبّب إيجازي بتفويتي لتفاصيل كثيرة لا يتّسع لها المجال، لكنّ الأهم هو أنه يمكن استدراكها وهو ما سأحرص عليه حين تؤاتيني الفرصة.

أنا هو أحمد العربي ابن هذه الأرض. ها هنا وُلدت وها هنا أستشهد.
أنا ابن هذه الأرض وباقٍ فيها ما بقي الليل والنهار والجبال والوديان.
أنا هو أحمد العربي الذي لم ولن أسأل عن مكان أو زمان الاستشهاد ولا حتى عن كيفيته، إذ يكفيني وضوح هدفه ونبل مقاصده وجلال غاياته. لكنني وددت، لو أتيح لي الخيار، أن أستشهد مع العائدين في مسقط رأسي في القدس ولأُوارى حيث يجب أن أُوارى، في بيت لحم نفسها، أو قريباً منها حيث ملاعب الطفولة في دمشق أو المراهقة في بيروت أو الشباب في القاهرة أو الوعي في بغداد أو العزّة في صنعاء أو الفخر في الجزائر...
أنا هو أحمد العربي الذي لن يغمض لي جفن، شأني في ذلك، شأن أفراد ومجاميع عائلتي الكبيرة الممتدّة بين مشرق الأرض ومغربها، والذي أوردت آنفاً أسماء بعضهم، قبل الوصول إلى تحقيق كامل تطلّعات إنساننا ونيل حقوقه المهدورة على أيدي البربرية الغربية المتدثّرة بلبوس التقدّم الكاذب، فضلاً عن أسباب الفرقة والتشرذم...
أنا هو أحمد علي القصاص العربي اللبناني المقاوم.
والسلام.

القدس المحتلة

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

خبر عاجل