مقالات مختارة
آية الله الشيخ عيسى قاسم لـ"الوفاق": صدّ موجة التطبيع من المواجهات المصيرية الحاسمة
موقع "الوفاق" - أمل محمد شبيب
مهما إبتعد عنها، يعود كموج البحر الى البحرين، هناك ملتقى الجزر ونهاية المحيطات.
ومهما أبعدته سلطات القهر فإنه باقٍ في الدراز والسنابس وسترة والمنامة، فحيث وليّت وجهك تسمع صوت خطبته تصدح كأنه لم يغادر، بل كأنه يعود مع أشرعة السفن المتعبة الى دوار اللؤلؤة.
لا يمكن فصله عن تاريخ البحرين مهما فعل المستبدّون والسجّانون والنصّابون والقتلة، فهو كاتب الدستور والوفاق، صاحب المنبر والعمل والحق والإخاء والأحرار والأشتر والمختار.
هو أب ووالد الشهداء من تاريخ 14 فبراير الى كل سنوات الثورة قبل الربيع وما بعد الربيع.
هو صاحب الإصلاح قولاً وفعلاً، يملك من الحكمة بقدر ما تملك عائلة السلطة من ديكتاتورية وبطش وعنجهية وظلام.
هو يريد البحرين للجميع، وهم يريدونه وطناً للأميركيين وجسراً للتطبيع مع الكيان العدو.
هو يريد وطناً لأبنائه وهم يريدون رهن البلاد للسعوديين. وهو يريد الحرية وهم جعلوه سجناً.
حاصروه في بيته، أبعدوه الى أقصى البحر، نزعوا عنه جنسيته، لكن… كان الله والشعب كله معه.
مهما تحدثنا عن صاحب العمامة وحامل راية الحرية في البحرين فكأننا نغرف من محيط حدّه "مرج البحرين يلتقيان".
سنحاول في لقائنا الخاص أن نفتح كتاب التاريخ ونغوص في البحرين مع القائد والمجاهد والعلاّمة والمرجع الذي نفته سلطات القهر ظنّاً منها أنها تقتله حين تخرجه من بحره، لكن نسيت أن صوته هو صوت أحرار العالم أينما حلّ ويحلّ، ولن يتمكنوا مهما فعلوا أطفاء منارته أو تحطيم اشرعته مهما نفخوا في عواصفهم ومهما قرصنوا وطبّعوا وأفسدوا.
جريدة "الوفاق" في لقاء خاص مع آية الله الشيخ عيسى قاسم، وعلى أبواب الذكرى الثانية عشرة لثورة الـ 14 من فبراير/ شباط/ فتحت ملفات مختلفة، من البحرين وقضاياها الى ملفات الإقليم وغيرها.
ملف البحرين
من البحرين بدأنا الحوار، البلد الذي يعيش فيه شعبه محروماً من أبسط حقوقه وأدناها، وأهمها الحق في الحياة، فالشعب في هذا البلد ممنوع من المشاركة السياسية في السلطات الثلاث وتوزيع الثروة والقرار والتشريع والتنفيذ والقضاء، كما أن الحقوق السياسية محجوبة عنه، إضافة إلى حرية الرأي والتعبير، والحرية الدينية وغيرها الكثير من الحريات الممنوعة والمغيّبة عن الشعب، ولا يمكن أن نخفي، بأن البحرين وفقاً للمؤشرات الدولية تعتبر دولة موغلة في الفساد العام والفساد السياسي والمالي والتشريعي والقضائي، كما صنفتها جهات دولية في تقاريرها كواحدة من بين عدة أنظمة وحشية وقمعية، والبلد التسلطي الاستبدادي ضمن قائمة الدول “غير الحرة” ومن بين الدول الأكثر قمعاً في منطقة العالم العربي (غرب آسيا).
موقف النظام الحاكم في البحرين موقف معاد للإصلاح
إفتتحنا اللقاء بالحديث عن نظام آل خليفة والاصلاحات الوهمية، فالمشكلة الأساسية في البحرين والتي باتت واضحة ولم تخف عن العالم، وكل ما عاناه الشعب منذ أكثر من قرنين وما زال يعانيه الشعب البحريني تتجسد بوجود آل خليفة في الحكم واستمراره في الإنتهاكات، وما إذا كان يوجد إمكانية لإصلاح النظام السياسي في ظل ما يتعرض له المواطن البحريني، أكّد آية الله الشيخ عيسى قاسم بأن موقف النظام الحاكم في البحرين موقف معاد للإصلاح، وعقليته غير قابلة لتقبّل الفكرة لأنّ وراءها نفسيّة مضادة لها، كما أن المسار السياسي الرسمي في البحرين وللأسف “من من سيّىء إلى أسوأ”، لذا لم يحقق النظام شيئاً من الإصلاحات.
المطلوب حسب الديمقراطية دستور ونظام حكم من إرادة الشعب المسلم.
وحول الحد الأدنى من الإصلاحات الذين يقبلون به داخل البحرين، قال سماحة الشيخ قاسم بأن الإصلاح حقٌ للشعب والإصلاح كمال، وما كان كذلك فلا توقف عن المطالبة به قبل تمامه، والتمهّل العمدي في تحقيق شيء منه على خلاف مقتضى العقل والشرع، وتدرّج غير مقبول مع انتفاء الضرورة، كما أضاف آية الله قاسم حول سؤال ما إذا كانوا يتأملون بأن هذا النظام سيعمل إصلاحات بالأساس ويلتزم بها، قائلاً: ” لا أمل في الأفق في ذلك إلاّ أن يجدّ واقعٌ يقود إليه حتماً، الشيء الذي لا ينفصل حسب طبيعة الأمور ومقتضى السنن عن جهود الشعب والمعارضة”.
وفي سؤال حول ما إذا كان آية الله قاسم يفضل تغيير النظام أو إصلاحات داخل النظام، قال سماحته أن المطلوب حسب الديمقراطية التي تدّعيه الحكومة السعي إليها دستور ونظام حكم من إرادة الشعب المسلم، لذا فإن الحل يكمن في مواصلة النضال الوطني والإستمرار فيه من أجل إنتزاع الاستحقاقات الوطنية لأن طبيعة الأمور تقضي بذلك.
إجراءات النظام الخليفي تصب في صالح تجفيف منابع التحريك لإرادة التغيير عند الشعب
ولأن الإجراءات التي يقوم بها النظام اليوم فيما يخص سحب الجنسية من المواطنين وأسقاط الجنسية، تدفع بالكثير من شباب البحرين اللجوء الى بلدان أخرى، قال الشيخ قاسم؛ بأن “هذه الخطوات تصب في صالح التغيير الديموغرافي وتجفيف منابع التحريك لإرادة التغيير عند الشعب وزرع روح اليأس الموجب للاستسلام والخنوع، والشعب مدرك لذلك وعنيد في هذا الأمر”. وحول ما إذا كانت السلطة البحرينية تريد أن تتعايش مع الطائفة الشيعية أم أنها لا تريد أصلاً الإعتراف بها، قال آية الله قاسم؛ بأن “اتجاه السياسة في هذا المجال للاجتثاث المعنوي والمادي ، وهمُّ الشيعة في البحرين همٌ يشمل مصلحة الوطن كلّه، ولا يعيشون إطاراً ضيّقاً من التفكير الطائفي الانعزالي”.
الحكم الظالم حوّل نهار البحرين إلى ليل كالح
ولأن للمعارضة السياسية الحق في تمثيل الشعب البحريني، تطرقنا في سؤال مع آية الله الشيخ عيسى قاسم ما إذا كانوا يرون في المعارضة السياسية هي التي تدير البحرين كما يتمنى أهلها، رأى سماحة الشيخ بأن إدارة المعارضة للحراك الشعبي لها ايجابياتها التي يشاركها فيها الشعب، والحاجة إلى التطوير من الجميع لا توقف لها، أمّا من ناحية مساوئ الحكم الظالم التي حولت نهار البحرين إلى ليل كالح فهي من مسؤولية الحكم الانفرادي، ثم أضاف اية الله قاسم بأن وجود برلمان منصف وعادل يمارس دوره الحقيقي في التشريع والرقابة ويستطيع أن يكون ممثلاً حقيقياً لإرادة الشعب هو مطلبٌ من سلّة المطالب السياسية وغيرها والتي لا يتخلّى عنها الشعب والمعارضة.
الحراك الشعبي في البحرين
الى ملف الحراك الشعبي في البحرين إنتقلنا خلال الحوار، ذلك الحراك الذي دخل التاريخ يوم الرابع عشر من شباط/ فبراير 2011 يوم شهدت البحرين احتجاجات مطلبية وحقوقية واسعة كان مركزها ما كان يعرف بدوار اللؤلؤة، ونزل الآلاف من الشعب البحريني في احتجاجات سلمية قمعتها السلطات البحرينية مستخدمة الذخيرة الحية، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، وهُدم معلم اللؤلؤة بعد أن أصبح رمزاً، ودخلت قوات تحت مسمى “درع الجزيرة” إلى البحرين لقمع “ثورة 14 فبراير” ، تلك الثورة التي استشهد فيها عشرات الشهداء، وجُرح المئات، وأُعتقل المئات وأُسقطت الجنسية عن كثيرين، لكن الحراك لا زال مستمراً، والشعب يطالب بحقوقه المهدورة.
الظروف المعاندة لن تكسر إرادة الحراك الشعبي
تغيرت الحياة المعيشية في البحرين، وأصبحت الظروف الإقتصادية ضاغطة على المواطن البحريني ما قد يؤثر على الحراك فيصبح اليوم ضمن وتيرة مختلفة عن السابق في ظلّ تفشي البطالة وارتفاع الأسعار، لذا تحدّث الشيخ قاسم عن مستقبل الحراك في البحرين قائلاً ومشيراً الى أن الظروف المعاندة لن تكسر إرادة الحراك، وسيبقى على استمراره متربصاً كلّ الفرص للتطوير وزيادة الفاعلية والتأثير الإيجابي، وقد بدأت المعارضة تمتلك إحساساً جديّاً بضرورة تكثيف الجهود وتنسيقها وتطويرها ومحاولة الابتكار الذي يضيف إليها الجديد النافع، رغم الدور البريطاني والأميركي في هذا الحراك الذي يقوم عملياً على إفشال وتعطيل الحراك ودعم السياسة الحكومية المضطهدة للشعب الممكّنة لهما وللكيان الإسرائيلي.
المعارضة على طريق التخلّص من مشكلة الخلافات المُعطّلة والمعارضة لا تواجه مشكلة في أن تعلن مشروعها السياسي
وحول ما إذا كان للمعارضة مشروعها الخاص في البحرين أكّد آية الله قاسم بأن المعارضة لا تواجه مشكلة في أن تعلن المشروع السياسي الذي ترى فيه انقاذ الأوضاع في البلاد وعدالتها واستقامتها في الوقت المناسب، وكلّ التحدي في فتح الطريق للأخذ العملي بهذا المشروع، وشق الطريق لرضوخ السياسة له.
وفي سؤال عن خلافات بين معارضي النظام الخليفي، وما إذا كانت هذه الخلافات موجودة ام لا، والأهم وكيف يمكن للمعارضة أن تتجاوز هذا الخلاف؟ قال الشيخ قاسم؛ بأن “المعارضة على طريق التخلّص من مشكلة الخلافات المعطّلة والتي تعين الحكومة على الاستمرار في تهميش الشعب واضطهاده واستعباده، والمرجوّ ألاّ يحدث شيء مما يخيّب هذا التقدير، وأن تقدم المصلحة العامة على ما يتوهم من مصالح شخصية أو حزبية لا تتم إلا على حساب مصلحة المجموع وسلامة المجتمع، قد يكون هناك مصالح شخصية أو حزبية متوهمة، ويضاف إلى هذا التوهم أنها لا تتم إلاّ على حساب المصلحة العامة للمجتمع، فلو وجد شيء من هذا التوهم كلّه فلابد من التخلص منه للوصول إلى النصر”.
الشعب البحريني يؤدي واجبه أمام دينه ووطنه وأمّته
ولأن المسيرات لا تزال حتى اليوم تجوب مختلف المناطق في البحرين التي ترفض التطبيع وتطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، لشعب البحرين الواعي المدرك لحقيقة ما يجري الرافض للإستسلام رغم المضايقات، وفي كلمة للشعب البحريني، قال الشيخ قاسم: “أن الشعب في ذلك يؤدي ما يستطيع من واجبه أمام دينه ووطنه وأمّته ، ويدافع عن حاضره ومستقبله ومستقبل أجياله”.
تطبيع البحرين مع الكيان الإسرائيلي
في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2020 دخلت البحرين في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وأصبحت البحرين في ذلك التاريخ رابع دولة عربية مطبعة مع الكيان الإسرائيلي، رغم الرفض الشعبي البحريني لهذه الإتفاقية وردود الأفعال الشعبية والوطنية واستنكار بعض الدول لهذا التطبيع، من ايران واليمن الى حركات المقاومة في فلسطين ولبنان وكل الدول والحركات المناهضة للكيان الإسرائيلي الغاصب، وعلى الرغم من الرفض الشعبي تسعى الحكومة البحرينية الى تعزيز علاقاتها على جميع الأصعدة كما تسعى الى تهويد بعضاً من المناطق داخل البحرين.
المواجهة في قضية التطبيع من المواجهات الحاسمة ضد الطاغوتية والفرعنة في الأرض
الى ملف تطبيع البحرين مع الكيان الإسرائيلي إنتقلنا في الحديث، واستمعنا الى موقف آية الله عيسى قاسم مما جرى وما يجري اليوم في البحرين، حيث قال بأن موقفه موقف كلّ ذي دين وغيرة وبصيرة وحسّ إنساني ووطني ألاّ يألو جهداً مستطاعاً في هذه المحنة الكبرى العامّة لإنقاذ كل المقدسات والأمّة والإنسانيّة والأوطان والأمن والثروة من تهديد جدّي وشرٍّ مستطير يحمله التطبيع المشؤوم. والمعركة في هذا الموضوع مصيرية ومن المعارك الفاصلة بين الخير والشر، والهدى والضلال، والعدل والظلم، والمواجهة في هذه القضية من المواجهات الحاسمة ضد الطاغوتية والفرعنة في الأرض.
الشعب البحريني يأبى ألاّ أن يدافع عن دينه ووطنه وأمّته والحكومة فاقدة لحالة الإنسجام مع شعبها
ولأن التطبيع بين الكيان والبحرين لم يعد مجرّد تطبيع، بل تخطى ذلك الى تحالفات أمنية وعسكرية وغيرها، تطرقنا الى تعميق البحرين في علاقاته مع الكيان الإسرائيلي وأسباب هذا الإنغماس في التطبيع، وفي هذه النقطة أكّد سماحة الشيخ في أنه لو استمر الوضع في سيره الارتمائي في أحضان الكيان الإسرائيلي لإنسلخت البحرين من هويتها الإسلامية والعربية، وصارت من البلدان المعادية صريحاً للإسلام المحاربة لأمّته، لكن شعب البحرين يأبى أن يخرج من عزّ الإسلام وكرامته إلى ذل الكفر وخزيه، ويأبى إلا أن يدافع عن دينه ووطنه وأمّته وإنْ أجهدت السياسة المنحرفة نفسها في محاولة تغريبه وتذويبه، والعاقبة للمتقين. أما لماذا تسعى الحكومة هذا السعي؟ ذلك لأنّها فاقدة لحالة الإنسجام مع شعبها، ولا ثقة لها فيه لشدة استهدافها له ومناقضتها لقناعاته المبدئية ومصالحها وابتعادها عن خط الأمّة وهويتها. إنّها حكومة تبحث عن استقرار كرسيها من خارج المحيط الطبيعي لها، وتبذل كل شيء في سبيل الحفاظ عليه.
مجازفة الحكومة في التطبيع وارتكاب الخيانة
وفي موضوع الكلام أن البحرين أصبحت اليوم قاعدة للإسرائيليين في منطقة الخليج الفارسي أضاف الشيخ قاسم: “لئن صدق ذلك بنسبة ما إلا أنّ أرضية استقراره لا تجد ولن تجد أسبابها في ظل المقاومة الجادّة المبدئيّة الواجبة في نظر الشعب الذي يستقيه من دينه،ويتلاقى مع اعتزازه بانتمائه لأمّته”.
وعلى الرغم أن النظام الحاكم طبّع مع الكيان الإسرائيلي مع وجود رموز المعارضة البحرينية داخل السجون، أشار الشيخ قاسم إلى أن التطبيع في النظر الحاكم الخاطئ الواهم أصبح ضرورة من ضرورات البقاء بعد التخلي عن الشعب والأمّة، ولذلك يكون طلبه والمقاومة من أجله أمراً ملحّاً. ومن وجهة أخرى فإنّ غنى الساحة بكثرة الطاقات المتميزة الحرّة ممن في السجن والمهجر إلى جنب الطاقات الكفوءة المخلصة المتواجدة فيها فعلاً ليصعب الطريق على الحكومة للدخول في مجازفة التطبيع وارتكاب هذه الخيانة.
التهويد للبحرين محل سعي وإصرار من السياسة المحليّة
وفي ظلّ المساعي التي تشهدها البحريني لتهويدها، وما إذا كانت ستنجح هذه المساعي أم لا، أشار آية الله قاسم بأن التهويد للبحرين محل سعي وإصرار من السياسة المحليّة، ولكن المقاومة الشعبية لن تزداد مع الزمن إلاّ تصاعداً وتفاقماً وجديّةً والتفافاً، والجرأة في هذا المجال في حيوية وتقدّم وانتشار. والمسألة بالنسبة إلينا مسألة وجود ودين يُحّرم كلّ الحرمة التفريط فيها والتعامل معها بشيء من الفتور والتراخي والتسويف.
المقاومة الشعبية والعامة في البحرين ستُعيدان الأمور الى نصابها الصحيح
وحول ما إذا كانت العلاقات البحرينية الإسرائيلية من الممكن أن تتطور أكثر، قال الشيخ قاسم؛ بأن هذا أمر يعتمد على مستوى المقاومة للتطبيع من داخل البحرين وعلى مستوى المنطقة والأمّة. ثم أضاف قائلاً، في سؤال هل سيأتي اليوم الذي تتحرر فيه البحرين مجدداً من الإحتلال الإسرائيلي: “طريق المقاومة الشعبية في البحرين، والمقاومة العامّة في الأمّة إذا احتشد بالغيارى الشجعان المخلصين وجدّ جدّه واستمر في تصاعده وسعى أهله إلى توفير أسباب النصر على تنوعها لا يمتنع عليه أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ويسترد كرامة الأمّة، ولايترك لأقدام اليهود المعتدين والصهاينة أن تستقر على أرض هذا الوطن.
التطبيع القائم عامل سلبي يواجه هدف النصر للقضية الفلسطينية
ولأن فلسطين ستبقى القضية الهدف والبوصلة للعرب والمسلمين الشرفاء، تطرقنا في الحديث الى مصير القضية الفلسطينية امام تطبيع بعض الدول العربية، حيث سماحته ان “التطبيع القائم عامل سلبي يواجه هدف النصر للقضية الفلسطينية، ولكن إلتفاف جماهير الأمّة حول المقاومة ودعمها، وتكثُّر المقاومين والأخذ بأسباب النجاح من قادة المقاومة، وصدق العزم وإخلاص النية والتوكل على الله، وتأجج روح الفداء في سبيل الله بكسر الهمّة الشريرة للمطبّعين ويحبط مكرهم السيىء، ويحول بينهم وبين ما يريدون مما يريد لهم ضميرهم الأسود والشيطان الرجيم”.
الاعتقالات التعسفية وتعذيب المعتقلين والرموز البحرينية
المتابع للأزمة الحقوقية في البحرين يدرك تماماً بأن هذا النظام القمعي لم ولن يقرر يوماً الإستماع الى مطالب الشعب، فما يحصل في تلك الدولة الصغيرة ظلم أمام مرآى العالم، فالسلطة لا تأبه ولا تهتم لمصير معتقل او شهادة آخر، كيف تهتم وهي من زجّت داخل سجن جو سيئ السمعة بالعشرات من الرموز البحرينية، ولا زالت حتى هذه اللحظات تقوم بالإعتقالات التعسفية. فالبحرين مع هذه الإعتقالات أصبحت ضمن قائمة دول الإستبداد.
السياسة الاستكبارية المعادية للشعوب الحرّة تدعم الإنتهاكات المتخلفة
في الإعتقالات التعسفية والتعذيب للمعتقلين، بدأ آية الله قاسم حديثه، بأن في ذلك انتهاك لحرمة المؤمن بما هو مؤمن، والإنسان بما هو إنسان، وتعدٍّ على حق المواطن واستهتار بقيمة الحريّة وخروجٌ على الدستور والعهود الدوليّة.
وفي دعم الدول الصديقة لحكومة البحرين وحتى سكوتها على هذا الوضع غير الإنساني مشاركة في الجريمة، وفي حكم ذلك التأييد العملي مكشوفاً كان أو تحت الستار، وإن صحبه الخداع بالإنكار اللفظي. ومن السياسة الاستكبارية المعادية للشعوب الحرّة والمقاومة للاستعباد هذا الدعم لهذه الانتهاكات المتعددة الألوان.
استهداف رموز المقاومة في البحرين محاولة لردع الشعب عن الاستمرار في الحراك
ومن الإنتهاكات التعسفية ذهبنا مع آية الله قاسم الى داخل سجون البحرين حيث تحتضن زنازينها العشرات من رموز المعارضة البحرينية الأبطال، الذين دخلوا التاريخ بمواقفهم ومبادئهم وصدق أهدافهم وإخلاصهم لوطنهم، ونذكر منهم الأستاذ حسن مشيمع، الدكتور السنكيس وغيرهم، هؤلاء الرموز الذين تطالب بالإفراج عنهم مؤسسات دولية، ولا زالت السلطات البحرينية تستهدفهم حتى داخل زنازينها، معتمدة سياسة كمّ الأفواه وفي ظنها أنها تستطيع اسكات صوت المعارضة البحرينية، فعلى ماذا يراهن من خلال استمرار سجن هذه الرموز؟ وفي هذا رأى الشيخ قاسم بأن التعدي على المطالبين بالحقوق أيّاً كانوا جريمة منكرة وظلم على ظلم، أما الاستهداف لرموز المقاومة خاصة فهو لظنّ أنّه أكثر إرعاباً لنفوس من دونهم، وردعاً للشعب عن الاستمرار في الحراك والمطالبة بالحقوق، ولكن ومن خلال التجربة فقد أبطل شعب البحرين هذا الظن الذي يطمع النظام الأمني في المزيد من وحشية التعامل مع عموم السجناء ومنهم الرموز. احتجاجات الشارع البحريني المؤمن بحقوق الإنسان وحريته لا تتوقف ردّاً على انتهاكات النظام الأمني الجائر والمستخف بكرامة الإنسان، وإنّ الموقف الصلب الشجاع أمام استهداف الرموز، وما يُغنّون به من الروح المتعلقة بالحرية الكريمة، والقدرة على مواجهة الظلم بكل شجاعة ليمثّل مثاراً للإعجاب للأحرار وسبب هزيمة لنفوس المستكبرين الجفاة الغلاظ.
الجهاد يقدّم المشقة في سبيل الله على الراحة والمتعة في الحياة
“السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه” ، هذه الكلمات للمعتقل الأستاذ حسن مشيمع التي دلّت على عزيمة وإيمان هذا الرجل، والذي كان كلامه دفعاً معنوياً لكل بحريني سواء داخل البحرين أو داخل زنازينها أو حتى المنفيين من بلدهم ووطنهم، ومثل هؤلاء يقفون كالجبال أمام تعسّف الحكومة البحرينية ولا يخافون لومة لائم. في هذا الموضوع قال آية الله الشيخ عيسى قاسم بأن “كلمة من مثل كلمة الأستاذ حسن (السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه) هذا الكلام في مضمونه تطبيق مختار للمورد الخاص للآية الكريمة. وهذا التطبيق من الأستاذ حسن يشحن نفوس السجناء المعذبين من المجاهدين بالعزة والثقة وتزيد من عنفوان الروح الجهادية ويكسر غرور المستكبرين والجلادين ويدخل اليأس في نفوسهم، والآية ثم تطبيقها كلمة جهادية رائعة تقدّم المشقة في سبيل الله على الراحة والمتعة وكل خير دنيوي يعقبه الخسران في الآخرة.
الشعب قالها في بداية حراكه وعلى الطريق الطويل: هيهات منّا الذلّة
أما لماذا يلجأ نظام آل خليفة الى تعذيب المواطن البحريني داخل السجون؟ قال الشيخ قاسم: كل هذا “للإضرار البدني وتحطيم نفسية السجين ونشر الرعب في نفوس كلّ من في السجن والخارج ليتبدّل شعور العزّة عند الشعب إلى ركوع وذلة، ولكن الشعب قالها في بداية حراكه وعلى الطريق الطويل وسيبقى يقولها ويعيشها في نفسه وواقعه العملي، وأعني بها “هيهات منّا الذلّة”.
الشيخ علي سلمان رجل صنعته الثقافة القرآنية
وخلال الحوار لا بدّ ان يكون للشيخ علي سلمان مساحة في هذا اللقاء، فبعد مرور ثماني سنوات على اعتقاله وفي رسالته الأخيرة للشعب البحريني قال الشيخ علي سلمان كلمته بعزيمة وإرادة صلبة، فهو كما غيره من معتقلي الرأي كما عهدناهم عصيين على الإنكسار، وعنه (عن الشيخ علي سلمان) قال آية الله قاسم؛ بأن هذه العزيمة والإرادة طبيعية جدّاً في حقّ رجال صنعتهم الثقافة القرآنية ومدرسة الرسول الأعظم وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة السلام، واستلهموا الصمود من عطاءات هذه المدرسة وجهادها المثال، وإبائها العظيم، وإيمانها الضارب في أعماق الذات.
لن يبقى سجين مطالِب بالحق في ضيق السجن والعذاب
حول مصير المعتقلين السياسيين في السجون البحرينية أكّد آية الله قاسم بأن المعتقلين السياسيين في عزم الحكومة مصيرهم إما جنازة تنقل من السجن إلى القبر، وإما مبتلى بمرض قاتل يضيق بالحياة بسببه، وإن قدر له الخروج من السجن حيّاً، وإما عبد ذليل خادم للسياسة الظالمة، وفي عزم السجناء الشرفاء أنفسهم ألا يعيشوا دنيا الرخاء والرفاه ليموتوا في النهاية على غضب من جبار السماوات والأرض جاحدين حقّ الله على من خلق وأحيا ورزق. هذا هو عزمهم وإن اشتدت عليهم الصعاب، والشعب الحرّ على اصراره الشديد بألاّ يبقى سجين مطالِب بالحق في ضيق السجن والعذاب.
والرهان في الفرج على رحمة الله أولاً، وكفاح المستضعفين، ودفقة حياة في ضمير هذا العالم الذي يعاني من تجمّد الضمير، ويرتفع صوت المطالبة من كل المنظمات الحقوقية في العالم بإنهاء هذه المظلمة السوداء الوحشية التي يمارسها ما يسمى بالنظام الأمني زوراً في البحرين.
السكوت على إهانة إنسانيّة الإنسان يعني السماح لأن تتعاظم هذه الإهانة
اما ما هو المطلوب اليوم للإفراج عن جميع المعتقلين، من الشعب والمؤسسات الدولية لحقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية التي تناصر القضية البحرينية، أضاف الشيخ قاسم؛ بأنه “على الشعب ألا يعطل صوت مطالبته بإرجاع حرية السجناء المظلومين مطلقاً بسبب فارق ديني ولا مذهبي ولا قومي ولا طبقي، وعلى المؤسسات الدوليّة لحقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية أن تدرك بأنّ ترك الظلم يتوسع في بلد ما معناه فتح الطريق إليه لينتشر في كل العالم، وأن السكوت على إهانة إنسانيّة الإنسان في قطرٍ واحد من أقطار الدنيا يعني السماح لأن تتعاظم هذه الإهانة وتعم جميع أقطارها. أما المساندون لقضية الشعب البحريني فينبغي لغيرتهم الدينية والإنسانية أن تتفجر بصورة أكبر على طريق إنقاذ هؤلاء المظلومين وتخليصهم من التعذيب الجسدي والنفسي وانتهاك الحرية الدينية والثقافة القويمة الذي يمارسه في حقهم الجلاوزة الجلادون”.
الدور السعودي والبريطاني في المنطقة:
بعد ثورة شباب الرابع عشر من فبراير وما تركته من آثارها على الحكومة الخليفية، سعى ملك البحرين وبكل قواه العسكرية والأمنية إلى إسترجاع هيبته وهيبة الحكم الذي تزلزل بعد ثورة شباب 14 فبراير 2011م ، وما نتج عنها من الإستخدام المفرط للقوة وإرتفاع سقف وسطح المطالب الشعبية من الإصلاحات السياسية والدستورية إلى إسقاط النظام، ووضعت السعودية وبريطانيا يديهما في البحرين من أجل دعم الإستبداد وقمع الشعب.
مواجهة مستمرة وجدية للحركة الشعبية الإصلاحية في البحرين
وفي الملف الإقليمي وتحديداً الى دور كل من السعودية وبريطانيا في المنطقة لا سيما في البحرين بعد دخولها (أي البحرين) في أزمة سياسية خانقة لم تخرج منها حتى اللحظة تمثلت في النظام الشمولي المستبد وغياب الشرعية، وهي من إحدى أهم المعضلات الأساسية في البحرين، أشار اية الله قاسم إلى أن ” الدول الثلاث هيمنتها على الحكم في البحرين واضحة كل الوضوح ولا تحتاج إلى بحث، وتأثيرها على سياسته هائل كما هو دعمها لهذه السياسة الاستبدادية وفقد الشرعية وحمايتها لهذا الوضع لا تقبل الجدل.”
وأضاف: “بقدر هذا الدعم والحماية توجد مواجهة مستمرة وجدية للحركة الشعبية الإصلاحية إلى حد المشاركة المسلحة في قمع الشعب كما يشهد بذلك دور درع الجزيرة في هذا المجال، والذي لا يزال شرطياً في البحرين لحماية الاستبداد الرسمي والحكم الانفرادي المطلق. ولذا تكون كلمة هذه الأطراف نافذة على النظام من جهة، ومدانة في ميزان الحق، وحكم الدين والضمير. و”المتمنى من الجارة العربية الكبرى المحترمة أن يكون دورها مغايراً لهذا الدور”، كما أن واحداً من أدوار السعودية في المنطقة يأتي في إطار الهيمنة على المنطقة.”
التنازل من الحكومات عن إستقلالها يفقد الحكم معناه
وعن من يعتبر أن السعودية هي أداة بيد كل من أميركا وبريطانيا ويتم تحريكها من هذه الدول في المنطقة، أضاف سماحة الشيخ؛ بأن “ما تذهب إليه السياسة الأمريكية والبريطانية هو أن تجعل كل الدول أدوات طيّعة بيدها، والدول في هذه القضية أمام امتحان جدي لا ينجح فيه إلاّ النادر، بل النادر جدّاً. والتنازل من الحكومات عن إستقلالها يفقد الحكم معناه”.
القضايا الإقليمية
قضايا إقليمية مختلفة هي محط آية الله الشيخ عيسى قاسم، من الجمهورية الإسلامية الإيرانية “ذلك أن الثورة الإسلامية الايرانية في رأي الشيخ قاسم هويتها قرآنية، وهدفها إلهي، ومنهجها رباني، وقيادتها إسلامية، وخطّها التوحيد، وهدم كل أنواع الظلم”، الى اليمن والحرب العبثية التي استنهضت الضمائر الحية عند بعض الشعوب، الى وجود المرجعية الرشيدة والحشد الشعبي في العراق.
الجمهورية الإسلامية الإيرانية
الاستكبار لا يرى له عدواً أكبر من الإسلام ورجال الصدق
وفي ملف القضايا الإقليمية بدأنا الحديث من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والإساءة الشنيعة التي تعرّض لها قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي(دام ظلّه) في الأيام الأخيرة من مجلة شارلي ايبدو العنصرية، قال آية الله قاسم؛ بأن هذه الإساءة القبيحة ومثيلاتها تمثّل محاولة من محاولات الاستكبار الغربي لمناطحة البناءات الإسلامية الأعظم شموخاً وأرسخها، وأقدس المقدسات من عقيدة وشريعة ثم قادة ورموز من أجل أن يُصغُر الإسلام العظيم في نفوس الأمّة وتنفر منه، لأنّ الاستكبار لا يرى له عدواً أكبر من الإسلام ورجال الصدق. ولعدم قدرته على المنازلة العلمية الدقيقة للإسلام لابد من أن يلجأ إلى مثل هذه التفاهات والسخف والهراء ليغرر بأصحاب العقليّة السطحيّة والنفوس القابلة للوقوع في التمويه والتأثر بالتفاهات.
ولا نشك أبداً أن محاولة الطاغوتية الاستكبارية المناطحة لعظمة الإسلام وقادته من معصومين عليهم السلام، وفقهاء ورجال مقاومة؛ يائسة ولابد أن تفشل، وإن بذلت في سبيل باطلها ما تبذل لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه. وفي أبعاد التعرّض للرموز الدينية تحت ما يسمى “حرية التعبير”، أضاف آية الله قاسم؛ بأن حقيقة “هذا العنوان هو أنّه حريّة التهريج”، ولا تنادي بهذه الحرية إلا حضارة قائمة أساساً على التهريج الذي لم تقم على أساسه أرض ولا سماء، ولا شيء من حق. ووراء التهريج الذي يستهدف النيل من المقدسات والرموز الإسلامية من ذوي القامات الرفيعة يأسٌ من الحصول على مستمسك صحيح يمس من مكانة هذه المقدّسات والرموز.
الهدف من اعمال الشغب الأخيرة في إيران هو محو آثار الثورة الإسلامية المباركة
وفي ملف أعمال الشغب الأخيرة التي شهدتها الجمهورية الإسلامية وما إذا كانت هذه الأحداث عفوية أو مدبّرة، إعتبر آية الله قاسم؛ بأن أعمال العنف المذكورة القول عنها بأنها من تدبير أمريكا والدول الأوربية كبريطانيا وفرنسا ليس من الحدس، لأنّ الدور المشترك لهؤلاء في إشعال فتيل هذه الأحداث وتأجيج نارها دور بارز صارخ مجاهر بلا غطاء ولا تستر، ودعمهم المالي وشراؤهم لمحركي الفتنة في الداخل، وإعلامهم المسخر ليالي وأياماً لتضخيم الأحداث والتشجيع عليها شاهد حيّ على ذلك.
وما كانوا يخفون أمنيتهم في إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية من خلال هذا التدبير الشيطاني الذي أتلف ما أتلف من النفوس وهدر ما هدر من الثروة واستهدف ما استهدف من المقدسات في محاولة لإسقاط قيمة الدين الحق وهيبة الحكم، ومحو آثار الثورة الإسلامية المباركة والعودة بإيران ومحور المقاومة إلى مرحلة الوهن وما قبل الصحوة.
اليمن
بعض دول المنطقة هي جسر للقوى الاستكبارية الكبرى في اليمن
الى الملف الملف اليمني ودور السعودية تحديداً إنتقلنا في الحديث، فالشعب اليمني يعاني منذ 8 سنوات من حرب عبثية، والأيادي التي تعبث في المنطقة هي واحدة، سواء السعودية أو بريطانيا أو أميركا او غيرها، وفي هذا رأى آية الله قاسم؛ بان ما يجري في اليمن من الحرب العبثيّة القائمة استهدافاً لإنسانها في روحه وماله وعزته وكرامته ودينه، في حاضره ومستقبله، لا يمكن إلاّ أن توصف بأنها إجرامية واستهتارية ومعادية للدين والإنسانية، وأنها “حرب متعطشة للدماء والغزو الجاهلي،” ومن منشأ الخوف من طلوع شمس الحرية الحقيقية الإنسانية المشرقة، وانطلاقة الحق الذي لا يصمد أمامها زيف الجاهلية وغرورها.
ومن المؤلم جدّاً في هذه الحرب أن تكون بعض دول المنطقة جسراً للقوى الاستكبارية الكبرى بل أن تكون حربة في يد هذه القوى الشيطانية العدوّة للفتك بالمسلمين وحرق بلادهم وإذلالهم وفرض الهيمنة الظالمة عليهم، وأن تكون القوّتان يداً واحدة على نفوس المسلمين ودينهم ومقاومتهم.
العراق
في العراق صمام أمان يتمثّل في المرجعية الدينية الرشيدة وقوى الحشد الشعبي
وفي الملف العراقي وموقف آية الله قاسم من التطورات السياسية في العراق، يرى سماحة الشيخ قاسم؛ بأن المؤمّل مع صعوبة الأوضاع في العراق العزيز أن يبدأ استقرار مشرق فيه، وأن ينتهي الأمر إلى تحرر كامل من التواجد الأمريكي التخريبي، وتخلّص كامل من كل قوى الشر والتدمير والعمالة لأعداء الأمّة، وحركات جاهلية تعمل بقناع إسلامي من دواعش وغيرهم.
وفي العراق صمام أمان يتمثّل في المرجعية الدينية الرشيدة وقوى الحشد الشعبي والوجود العلمائي النابه الغيور، وجمهور عريض مؤمن غيور على دينه وشرفه وعزّة وطنه وأمّته وكرامتها.
ولا يأتي في الظن أن يتخلى العراق المبدئي -بما له من ولاء للإسلام والقادة الإسلاميين المعصومين عليهم السلام، وبما يغنى به من علماء وفقهاء عظام – عن عزّته بالله وكبريائه المستمدة من انتمائه للإيمان به أمام قوة طاغوتية جبّارة. والغلبة للحق وجنوده.
جهاد التبيين والوحدة الإسلامية والمقاومة
ليعمل الفقهاء، والعارفون والعلماء على بيان الدين ومحاسنه
وفي سؤال حول جهاد التبيين ونظرة اية الله الشيخ عيسى قاسم الى هذا الجهاد لكل من الرجل والمرأة، قال سماحته؛ بأن “الحق بلا تبيين له ولعطاءاته والنتائج الكبرى للتمسك به لا تكون له محركيّة عامة عند الناس، وإذا تبيّن وظهر على جماله، وأدرك الناس مدى الفاعلية العظيمة الإيجابية للتمسك به في حاضرهم ومستقبلهم فدوه بأنفسهم وتمسكوا به حتى النفس الأخير وناصروا من ناصره وعادوا من عاداه.
فليعمل الفقهاء، والعارفون والعلماء على بيان الدين ومحاسنه، وكل الدين محاسن، ليأخذ منزلته الكريمة العزيزة في نفوس الناس.
يجب شدّ المسلمين شدّاً عظيماً إلى محور الوحدة الإسلامية
“الأمانة العظمى والمسؤولية الكبرى خاصة بالنسبة للمرجعيات الإسلامية هي في شد المسلمين شدّاً عظيماً إلى محور الوحدة على طريق الله سبحانه ونصرة الإسلام وحمايته، والمقاومة الدؤوبة من أجله”، بهذه الكلمات تحدث سماحة الشيخ قاسم حول دور المرجعات في التأكيد على الوحدة الإسلامية في ظل ما نشهده اليوم من محاولات أميركية وغربية لتفرقة المسلمين.
لا وألف لا للتطبيع المُذل
وختمنا الحديث مع آية الله الشيخ عيسى قاسم حول دعائم المقاومة وكيفية الحفاظ على المقاومة ودعائمها لا سيما في دول المحور من خلال جميل المواقف التي تفضل بها:
” بإسم التسامح الديني وإتخاذه عنواناً مخادعاً يُمسخ الدين ويُباع الإنسان والأرض على يد السياسة القائمة، ويُصاغ جيل متغرّب متنكر ومعاد للإسلام ضمن خطة ثابتة وإرادة الشعب ارسخ قدماً والحل في المقاومة”، قال أية الله قاسم؛ بأن “التسامح الذي يريد المطبعون وأتباعهم أن يُفهموا الناس بأنه يشمل التنازل عن شيء من الإسلام، وإذابة الفارق بين الحق والباطل، والعدل والظلم، والسقوط في أحضان المجرمين، والانفصال عن جبهة المقاومة، والدخول في جبهة مشتركة مع أعداء الأمّة؛ ليس في شيء من التسامح الأخلاقي الذي يرضاه الإسلام وينسجم مع احترامه للإنسان، وعرفه تاريخ المسلمين ممن فقهوا الإسلام والتزموا به، وإنما هو جريمة في حق الدين والإنسانية وأمن البشرية ورأفة السماء.
لا تسامح في الإسلام من هذا النوع، ولا تطبيع تحت شعار هذه الشعارات الزائفة المكذوبة، ولا وألف لا للتطبيع المذل مما أول ثمنه التنازل عن الحق والمقدسات وسلامة الدين ومصالح الأمّة.
أول الأمر في الحفاظ على المقاومة ومتانتها والدفع بها إلى الأمام أن تعرف الأمّة قيمة هويتها وانتمائها الديني لأعظم دين، وما اختاره الله لها من أن تكون رائدة العلم والهدى والنور في هذا العالم، وأن تبلغ أوج القوة على مستوى المعنى والمادة، وأن تتخرج على يد دينها القويم “خير أمّة أخرجت للناس”.
ويأتي الاحساس العميق بقيمة الجديّة والاجتهاد وإعداد القوة دفاعاً عن الدين وإحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل ونشراً للعدل وقضاءً على الظلم. وأن يكون التوحد على طريق الحق سبيلاً لنا لا نتخلى عنه ولا نخل به للوصول إلى النجاحات الكبرى والنصر المبين، وتحقيق الاستقلالية والعزة والكرامة.
ونحتاج أن تكون مقاومتنا شاملة لكل الميادين، ولا تهمل أي مستوى من مستويات العمر.
وختم آية الله الشيخ عيسى قاسم حديثه:
وأخيراً أقول أن كل ما كان من جواب في هذه الأوراق من أجل التصحيح فهو لكل شعوب الأمّة من شعوبها الكبيرة والصغيرة وبما هي أمّة واحدة تعيش أخوّة الإيمان، وعليها أن تخضع لمقتضياتها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
07/11/2024