معركة أولي البأس

مقالات مختارة

سنصمد.. مهما كلّفنا ذلك
20/09/2022

سنصمد.. مهما كلّفنا ذلك

حبيب الشرتوني - جريدة "صباح الخير - البناء"
بمناسبة العودة إلى صحيفة البناء التي أغلقت ولعقود أبوابها أمام العديد من القوميين ومن الأقلام الحرة، لا يسعني الا القول في هذه المناسبة الأيلولية أو المصادفة في أيلول، غير أن هذا الشهر قد شكّل مفصلاً تاريخياً في بلادنا مهما تعددت الآراء ووجهات النظر.

فالثابت في الموضوع هو أنّ مساراً كان قد بدأ عشية الحرب الأهلية عقب هزيمة السابع والستين، وأدّى لاحتقان بين احزاب تُدعى يمينية، أو مسيحية، أو انعزالية ائتلفت في إطار جبهة الحرية والانسان التي غدت الجبهة اللبنانية؛ وبين منظمة التحرير الفلسطينية التي آزرتها ووقفت إلى جانبها أحزابٌ ائتلفت في إطار الحركة الوطنية، ومعها بعض التنظيمات ذات الطابَع الاسلامي.

وهذا ما أدّى في ظاهره إلى اندلاع الحرب الأهلية، فيما تبيّن لاحقاً أن انطلاقها كان بسبب مؤامرة دُبّرت في الخفاء، وجيء كثيراً على ذكرها دون معرفة خباياها.

وقد توالت فصول مسلسلها التي حوّلت الحرب من أهلية إلى إقليمية، ثم إلى دولية اشتركت فيها دولٌ عدة بأشكال عدّة. فاستُدرجت سوريا لدخول لبنان في اطار وحدات قوات الردع، بغطاءٍ عربي وغربي حتى يتمّ مباشرةً ودون أي تأخير الكشف عن العلاقة التي كانت مستورة بين الجبهة اللبنانية، باستثناء تنظيم المردة، وبين إسرائيل.
وهذا لتأمين غطاء شرعي لدخول إسرائيل في المعمعة، لأن لا غطاء شرعيّاً لإسرائيل في لبنان دون التحالف مع طرف لبناني أساسي.

وبالنتيجة وقع اجتياحان: الأول للجنوب عام 1978 ، حيث شُيّد شريط حدودي، وأًنشئ جيش جنوبي لحماية حدود اسرائيل الشمالية؛ والثاني في العام 1982 والذي تبيّن شاملاً، وقد هدف لإرساء جمهوريةً حليفة لإسرائيل حتى تفرِضَ هذه الأخيرة معاهدات استسلامية على لبنان والشام والفلسطينيين وفق شروطها.

فجاءت عملية إزاحة بشير الذي كان على رأس المشروع والمهيأ تنظيمياً  لتنفيذِه، بغيةَ إفشال المشروع الجهنمي ليس إلا، ما تركَ حتى يومنا هذا شرخاً بين اكثرية مؤيدة لمقاومة العدو واستعادة الحقوق، وبين أقلية لا تزال تجدُ المبررات الطائفية أو المشتبِهة التي دفعتها في ذاك الوقت للتعامل مع العدو، وتدفعُها اليوم لتعتمدَ صيغة معدّلة من المبررات والتهم، لتقفَ في منطقة معزولة أو معاكسة للمصلحة القومية.
أما مجزرة صبرا وشاتيلا التي شارك الطرف المعادي برمّته فيها بعد حصول إجتماع عام لقادتهم، وقد أوردتُ الخبر في إحدى مدوناتي التي لم تصدر بعد، فلقد استرسلوا في السنوات الماضية ومداورةً بإنكار علاقتهم بالأمر. فيما أفصح رئيس الوزراء الأسبق شفيق الوزان، ولمرةٍ واحدة في العام 1983، عن تعداد ضحاياها الثمانية آلاف.

ولقد جاءت في سياق المجازر التي وقعت على المخيمات الفلسطينية، وكأن هؤلاء المشردين هم المشكلة وليس المحتل الذي طردهم من بلادهم. وكأن استكمال الاجتياح بالتالي لكل لبنان ودخولنا في عصرٍ إسرائيلي قد لا ينتهي الا بإقامة دويلات تكفيرية وطائفية متناحرة وسابحة في فلك الأقوى بينها، لم يكن ليوقع المزيد من الضحايا والخسائر.

وقد أطلقت المقاومتان الوطنية والإسلامية عقب الاجتياح سلسلة عملياتٍ نوعية واستشهادية موفقة، سرّعت عملية انسحاب الجيوش المحتلة وأدت في النهاية إلى تحرير لبنان باستثناء قطعة من أرضه ومساحةً من مياهه البحرية جيء مؤخراً على ذكرها لاحتوائها على ثروةٍ طبيعية.

وطالما أننا لم نعد نحيا وسط حروبٍ دينية سادت منذ قرون في مواقع جغرافية متنوعة من عالمنا، انما نخوضُ صراعاً شرق أوسطيّ معروف الأسباب، ولو تخللته مظاهر دينية متطرفة وناجمة عن الجهل وعن التخلف الاجتماعي، كما نحيا صراعاً دولياً قائماً على مبدأ التنافس بدل التكامل، بحيث يعتمدُ سلوكيات وأدوات عدة، نجدُ أنفسنا اليوم أمام سيناريو شبيه بالمرحلة السابقة.

فإما أن نصمدَ أمام الحصار المفروض علينا، ونحصل على حقوقنا النفطية والغازية مهما كلفنا ذلك، لنتمكّن من إعادة بناء بيتنا الداخلي؛ وإما أن نتنازل عن حقّنا وعن سيادتنا تحت مختلف الحجج والعناوين.

النفطالغازحبيب الشرتونيمجلة صباح الخير

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة