مقالات مختارة
محمد فنيش محاربًا على الجبهة السياسية: لم يريدوا إلا استسلام المقـاومة
صحيفة "الأخبار"- فؤاد بزي
من دون مرافقة، أو سيارات رباعية ذات زجاج داكن، وصل الوزير السابق محمد فنيش راجلاً من منزله غير البعيد عن مكتب كتلة الوفاء للمقاومة، حيث موعدنا، حاملاً معه كرّاسين من الأوراق. سأل "شباب الاستعلامات" عن قاعةٍ جاهزةٍ يمكنه استقبالنا فيها. أرشدوه إلى واحدة في الطابق الأول. ترافقنا، وعندما وصلنا، أخرج الملفات وبدأ بتقليب أوراقها، سائلاً إيانا من أين نريد أن نبدأ. دفعنا الفضول للسؤال: ما هذه؟ فردّ أنّه استغلّ خروجه الأخير من حكومة الرئيس سعد الحريري بعد 17 تشرين 2019، التي تزامنت في ما بعد مع فترة الحجر والإقفالات العامة نتيجة لجائحة كورونا، للكتابة.
-هل هي مذكّراتك؟
- لا، لا. هذه مدوّناتي لما جرى في جلسات مجلس الوزراء خلال حرب تموز 2006، ولطاولة الحوار الوطني
-متى النشر؟
لا جواب، ولكن المدرك لآليات عمل حزب الله يعرف تماماً أنّ الأمر قد يطول.
خلال المقابلة، كانت ترتسم على وجه فنيش، كلّما ذكر مجريات التفاوض داخل مجلس الوزراء، علامات الحدّة والحزم. كأنّ تلك الأيام لا تفارقه، فيذكرها بحرقة ويقول: "كان الناس يموتون على الطرقات وفي بيوتهم وهم غير معنيين سوى باستسلام المقاومة لذبحها". تستشفّ من كلامه كم كان وحيداً وغريباً في مجلس الوزراء، ربما لذلك بقي في الضاحية طيلة أيام الحرب، كي لا ينسى صوت القذائف خلال المفاوضات. ما زال حتى اليوم مستغرباً كيف لدولة أن تكون في حالة حرب ولا تريد أن تتصرف على هذا الأساس. كيف يمكن للسلطة التنفيذية في هذه الدولة أن تعتبر نفسها غير معنيّة بما يجري إلّا من زاوية سحب السّلاح؟
نحو الجلسة الأولى
في مثل هذا اليوم، قبل 16 عاماً، كان وزير الطاقة محمد فنيش في طريقه إلى منطقة كسروان لرعاية إطلاق مشروع لمجلس الإنماء والإعمار. تلقّى اتصالاً من إذاعة مونت كارلو للتعليق على عملية أسر نفّذتها "المقاومة الإسلامية" في الجنوب. عرف لحظتها أنّ المقاومة نفّذت وعدها الذي أطلقته لتحرير الأسير اللبناني سمير القنطار من المعتقل الإسرائيلي. "لم يكن عندي علم بتفاصيل العملية أو توقيتها، لكني أجبت الإذاعة بالكلام السّياسي المعروف: نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون، والعدو أخطأ بترك الشهيد سمير القنطار (الأسير يومها) في سجونه، بالإضافة إلى جثامين شهداء من جنسيات مختلفة". انتهى الاحتفال، وتوجه إلى مجلس الوزراء لحضور الجلسة الطارئة وبدأت يومها مرحلة "البيانات". فوراً وقع السّجال الأول بين المقاومة والبكّائين المستقوين بأكثريتهم داخل مجلس الوزراء حول البيان الأول: "الحكومة لم تكن تعلم ولم تكن لتوافق على ما جرى ويجري". حسناً، يمكن تمرير عدم العلم أو الموافقة على ما جرى، ولكن كيف يمكن تمرير "عدم الموافقة على ما يجري". إنّهم يطلبون من المقاومة عدم الردّ على الاعتداء. طال النقاش ولم يتم التوصل إلى نتيجة أو بيان.
في ذلك اليوم خرج محمد فنيش من الجلسة ووقف أمام وسائل الإعلام بصورة الغاضب المتكتّم. لا يريد التصريح بشعوره: "كنت أمام مجموعة من الضباع تنتظر من العدو تسليمها جثة المقاومة لنهش لحمها". فقال: "لا علاج بالتفرّد والغلبة".
عُقدت جلسة ثانية، هذه المرّة برئاسة رئيس الجمهورية إميل لحود "وعاد رئيس الحكومة بنبرة التباكي والأسى والحزن، يريد تحميلنا المسؤولية. كان يتّبع سياسة توزيع الأدوار، يهاجمنا صقوره ثمّ يتدخل لتدوير الزوايا. في المقابل كانت المقاومة أحرص منهم على الحكومة ولا تريد فرطها. هي مدركة أنّنا مقبلون على حرب، لا عملية عسكرية محدودة. في هذه الجلسة، بادر الوزير خالد قباني إلى اقتراح عبارة "الحكومة لم تكن تعرف ولم تكن لتتبنى". سجّلنا تحفظنا لاستكمال النقاش والوصول إلى تصوّر لإدارة الصراع. ولكن حتى "التحفظ" لم يقبلوا به، أرادوا منّا التسليم بالـ1559 والانصياع التام وفرض عدم النقاش في المقرّرات على الإعلام. عندها قلت لهم: "في حال رفضتم تحفّظنا، نحن نرفض ونعترض على البيان. تراجعوا ومرّ الاتفاق".
مرحلة الاستثمار
يتابع فنيش: "بعد قصف المطار والجسور وقلب الضاحية الجنوبية، جرت محاولة لدفع مجلس الوزراء نحو تبني المواجهة ورفع السقف. في المقابل، كان رئيس الحكومة يناور في السّياسة ويحاول نقلنا من مرحلة "لا تُعلم ولا توافق" إلى مرحلة "حصرية السّلاح". هنا عاد النقاش ليحتدم داخل مجلس الوزراء بعد تأكيدنا أن هذه النقطة (حصرية السّلاح) تُحسم على طاولة الحوار الوطني مع الاستراتيجية الدفاعية. وفي جلسة 16 تموز 2006 وصلت شروط العدو: تسليم الأسيرَين وانسحاب المقاومة إلى شمال الليطاني.
خلال النقاشات، طغت اللغة الهادئة مع محاولات جديدة هذه المرة لتمرير شرط "تفويض رئيس الحكومة بالتفاوض". رفضنا الأمر وسألنا عن دور مجلس الوزراء حيث يجب أن توضع الطروحات لمناقشتها. في المقابل، لم تكن التطورات على الأرض تنتظر أحداً، ولم تعطِ أي فرصة لأعداء المقاومة للانقضاض عليها. العدو لا يستطيع التقدّم أبعد من خلّة وردة في عيتا الشعب. "هدأ الشباب" ولا سيّما بعد العرض المستمر في مستهلّ كلّ جلسة لتقارير قيادة الجيش والمخابرات.
خالف السنيورة كلّ البروتوكولات واستقبل رايس عند باب سيارتها
حاولنا في هذه الجلسات توضيح وجهة نظرنا التي ترى الحرب أنّها مشروع كلّي للمنطقة، لا يتعلق بلبنان فقط. كنا نؤكد للجميع أنّ العدو نسي الأسيرين تماماً، والبيانات الصادرة عن الحكومة اللبنانية مهما كان سقفها عالياً لا تستطيع أن توقف الحرب. نحن أمام شرق أوسط جديد، وإعادة تقسيم للمنطقة من البوابة اللبنانية بعدما انتهت عراقياً بالغزو سنة 2003. استفيدوا من قوة المقاومة، استثمروا في نجاحاتها على الأرض بمنع تقدم العدو. المقاومة لا تزال تقاتل في مارون الراس وعيتا الشعب، أي في قرى المواجهة الأولى. العدو لا يستطيع التقدّم. فلتكن نبرتكم عالية ضد الأميركي والعدو وكلّ من يتقدّم لمفاوضتنا... من دون جدوى.
لم يستمر الهدوء أبعد من جلسة 22 تموز. عاد غلاة 14 آذار إلى سيرتهم الأولى في محاولات الاستثمار للقضاء على أسباب القوة، منهم من عبّر عن "خطف البلد من قبل المقاومة". "لا نعرف ما الذي يجري على الأرض" يقولون. بينما الخاطف هو العدو ومن ورائه الأميركي الذي يطيل بأمد الحرب ويفتح مخازن صواريخه لارتكاب أبشع المجازر. مشكلة 14 آذار في مكان آخر، أزمتهم ماذا تفعل المقاومة ولِم لا تستسلم وتنهي المسألة؟
نقاط الاستسلام
مع مرور الوقت، كان المزاج الدولي قد بدأ بالتغيّر. كان الأمر واضحاً، إنّهم يبحثون عن سلّم لإنزال العدو عن الشجرة. وصلت وزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندوليزا رايس إلى بيروت، وكان لافتاً مشهد استقبالها من قبل رئيس الحكومة، إذ انتظرها أمام سيارتها في خرق فاضح للبروتوكولات. هو رئيس حكومة وهي وزيرة في حكومة! لا مشكلة لقد فعلوا أسوأ من ذلك. بعد هذه المهزلة استدعاني السنيورة وكتب على ورقة بخط يده، ما زلت محتفظاً بها، 8 نقاط أملتها رايس: وحدانية السّلاح، عدم تكرار ما حصل، لا وقف لإطلاق النار قبل انسحاب المقاومة إلى شمال الليطاني، أن يبادر لبنان بطلب قوات متعدّدة الجنسيات، لا عودة للنازحين إلا بعد ثلاثة أشهر من تشكيل القوة المتعدّدة الجنسيات مع توسيع مهامها لتشمل كل الحدود اللبنانية، شبعا جزء لا يتجزّأ من الحل، ملف الأسرى يُنظر فيه لاحقاً، النظر في تعديل اتفاقية الهدنة بين لبنان والعدو القائمة منذ عام 1948.
وقال السنيورة بكلّ هدوء إنّه يريد أن يسمع رأينا ولا يختلف معنا، طلبت مراجعة الإخوة في قيادة الحزب الذين كنت ألتقيهم بشكل عادي. آليات التواصل بيننا لم تتغيّر، الاجتماعات دورية مع نائب الأمين العام، أما الأمين العام فلم ألتقه خلال الحرب بل كنا نتكلم عبر الهاتف العسكري الخاص بالمقاومة.
مؤتمر روما
لم ينتظر الرئيس السنيورة جوابنا على نقاط رايس، بل ذهب إلى روما وطرح ما عُرف وقتها بالنقاط السّبع. ما قاله يومها في روما هو نقاط رايس ولكن بشكل ملطف: إطلاق سراح الأسرى بواسطة الصليب الأحمر الدولي، انسحاب العدو إلى خلف الخط الأزرق وعودة النازحين، وضع شبعا تحت الوصاية الدولية وخلالها يصل مالكو العقارات إلى أملاكهم، بسط قوة الدولة من خلال قواها الشرعية وعدم وجود أي قوة غيرها بحسب اتفاق الطائف، تعزيز اليونيفل وتقويتها بالعدد والعديد والعتاد وتوسيع نطاق عملها، قيام الأمم المتحدة بتفعيل اتفاقية الهدنة وتعهّد المجتمع الدولي بدعم لبنان.
ما لم يحصل عليه العدوّ بعد 33 يوماً من الحرب أراد السنيورة أن يأخذه بالسّياسة
وفي جلسة مجلس الوزراء في 27 تموز 2006، كان صقور 14 آذار مزهوّين بخطاب روما. وطلب السنيورة من الحكومة تبني النقاط السبع كما هي. أجبت مباشرة: "أخذنا علماً". وهل هذه موافقة؟ سأل السنيورة. لا، ليست موافقة بل أخذ علم بما قلت في روما. الخطاب يجب أن يناقش بنداً بنداً سيّما في ما يتعلق بالقوة الدولية وشكلها وعودة النازحين. وبعد نقاش عاصف بدأت الكفة تميل في مجلس الوزراء نحو التصويت، رفضنا الأمر وأكّدنا أنّ مصير البلاد والعباد لا يؤخذ بالأكثريات.
وبعد أخذ ورد امتدّ لساعات، وتهديد السنيورة لأكثر من مرّة بالخروج من الجلسة في حال عدم تبني خطابه، طرح خالد قباني فكرة "الموافقة على الخطاب وأخذ العلم". من جهة هذا لا يعني إقرار البنود، ومن جهة ثانية يعيدنا إلى مجلس الوزراء لمناقشة كلّ بند على حدة. وافقنا ومنعنا البحث بفكرة ربط تشكيل قوة يونيفل جديدة وعودة النازحين. وأكّدنا بأننا لا يمكن أن نقبل بأكثر من قوات يونيفل".
يتوقف فنيش قليلاً عن السرد، ليشير إلى مشهد في مجلس الوزراء يعتبره شاهداً على "توجه فكري وعملي خطير في حال أتيحت له السيطرة على البلاد". فقد سأل الوزير سامي حداد، خلال مناقشة النقاط السبع، عن سبب عدم الموافقة على قوة متعددة الجنسيات. تجاهله فنيش في البداية، فعاد حدّاد إلى طرح السؤال متوجهاً به إلى فنيش مباشرة. أجابه الأخير: فلتكن القوة على الجهة المقابلة من الحدود، في فلسطين، إذا كانت هي لحماية العدو من هجماتنا. انطلاقاً من أراضينا لا نريد تقديم أي نوع من الحماية للعدو.
تنفيذ الـ 1701
بعد مجزرة قانا، واستمرار المواجهات على الأرض من دون أن ينجح العدو في التقدّم برّاً، كان القرار 1701 "الظالم" بحسب فنيش. "نصّ المقدمة يحمّل المقاومة مسؤولية الحرب، وبالتالي لا يمكن الموافقة عليه بل التحفظ. هذه الكلمات عصفت بمجلس الوزراء مباشرة الذي أراد أن يتخذ القرار بالموافقة عليه حتى قبل عرضه على حكومة العدو ومعرفة قرارها. تأجّل البحث من السّبت 12 آب 2006 إلى ما بعد انتهاء الحرب على وقع مطالبات داخل مجلس الوزراء بسحب السّلاح من جنوب الليطاني وتسليمه للجيش. ما لم يحصل عليه العدو بعد 33 يوماً من الحرب أراد السنيورة أن يأخذه بالسّياسة. ناور في تلك الجلسة على كلّ شيء. في المقابل كانت المقاومة تقدّم أجمل المناورات على الأرض في وادي الحجير وتتصيّد الدبابات منهيةً حلم الوصول إلى الليطاني. ثمّ أخذ النقاش مداراً آخر حول عدم إمكانية انتشار الجيش أو عودة النازحين بوجود السّلاح الثقيل الخاص بالمقاومة. حتى المنازل كانت هناك نية لتفتيشها. لا يمكنك أن تتخيّل الأمر كيف سيكون لو تحوّل إلى واقع: عيتا التي قاتلت لـ33 يوماً ولم تسلّم سلاحها للعدو، ستسلّم بالسّياسة رغم التهديد الرابض أمامها! ثمّ تحوّل النقاش من تسليم كلّ السّلاح الثقيل إلى تصوير تسليم بعض المخازن للوصول إلى رضا المجتمع الدولي. لم نقبل بالطرح وطلبنا تأجيل الجلسة.
صبيحة 14 آب 2006 أجهز شعب المقاومة من دون أن يعلم على كلّ المخططات
صبيحة 14 آب 2006، أجهز شعب المقاومة من دون أن يعلم على كلّ المخططات. توقفت "الأعمال العدائية" وزحف الناس إلى قراهم وداسوا نقاط رايس الثماني ولم ينتظروا أمراً أو إيعازاً أو انتشاراً لأيّ قوة دولية أو محليّة. على الألغام وبين حفر الصواريخ المنفجرة وغير المنفجرة عبروا الطرق المدمّرة بقليل من الزاد. وصلوا إلى مقاصدهم، منهم من افترش سطح منزله المدمّر، وآخر نصب خيمة. وكتبوا على حيطان بيوتهم المدمّرة "إسرائيل سقطت". ثمّ شيّعوا شهداءهم الذين أسقطوا العالم على دسكرة في الجنوب.
وزير متعاطف ووزير معادٍ
يلفت الوزير السابق محمد فنيش إلى طبيعة العلاقة مع الوزراء خلال الحرب. "منهم من تعاطف معنا وهو على الضفة المقابلة سياسياً، كانوا يسألون عن عوائلنا وأوضاعها. أين نقضي هذه الأيام؟ البعض كان يصرّ على استضافتنا أو أقله العائلة في منزله".
تركت هذه الدعوات أثراً طيباً في نفس فنيش. في المقابل "كان هناك وزراء لا يعنيهم أبداً حتى السؤال "كيف حالك". كان همّهم الأساسي زيادة الضغط علينا بشتى السّبل، لم يلتفتوا إلى أيّ تفصيل إنساني. لم يلتفتوا حتى إلى حاجات النازحين الإنسانية على الأرض، وكانوا يحرّضون عليهم القوى الأمنية للدخول إلى مراكز الإيواء لتفتيش حاجاتهم بحثاً عن أسلحة!".
لم أترك الضاحية
يقول الوزير السابق محمد فنيش إنّ الأمر الوحيد الذي تغيّر في روتين عمله خلال حرب تموز كان جلسات مجلس الوزراء المفتوحة. عدا ذلك "كنت أنام في الضاحية. عائلتي تركت المنزل في اليوم الثالث من الحرب، كنا نتواصل هاتفياً فقط".
تنقّل بين منازل متفرقة "بحسب ترتيبات الإخوة في الأمن. لكن لم أترك الضاحية وعدت إلى منزلي كلّ مرة اضطررت فيها لإحضار حاجات كالملابس وغيرها. أما بالنسبة إلى عملي في وزارة الطاقة، فطوال الـ33 يوماً لم أنقطع عن الدوام. يومي كان يُختصر بالذهاب إلى الوزارة، وحضور جلسات مجلس الوزراء، والتنقّل لإجراء اجتماعات بين المقارّ الرسمية، والوصول إلى نقاط فيها هاتف عسكري للتواصل مع قيادة المقاومة".
السيّد ينفعل عبر الهاتف
في آخر أيام الحرب، وعند احتدام التفاوض حول إقرار الـ1701، طلب قائد الجيش وقتها ميشال سليمان، إيضاحات حول كيفية تصرف الجيش مع السّلاح المقاوم، وسأل هل سيداهم الجيش المنازل والمستودعات...؟ وكأنّ الأسئلة محضّرة مسبقاً. أراد الرئيس فؤاد السّنيورة إصدار قرار بسحب كلّ سلاح من منطقة انتشار الجيش، وعبّر "حتى العويسية" يجب أن تُسحب. امتد النقاش حتى منتصف الليلة، واتُّفق على التأجيل.
في تلك الليلة، تواصل فنيش مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر الخط العسكري. "هذا الرجل الذي اختزن كلّ حالة الصبر والغضب خلال فترة الحرب لم يحتمل ما أخبرته به فأطلق عنان غضبه". طلب منّي الذهاب إلى مجلس الوزراء والضرب على الطاولة أمام الجميع والقول: "ما تطلبونه دونه بذل المهج وخوض اللجج". وأضاف، قل لهم: "أنتم جماعة صبرنا عليكم طويلاً، ولن نحتمل الجلوس معكم لمدة أطول واخرج من الجلسة". وفي نهاية الاتصال صار السّيد يريد الاعتذار مني لنبرته العالية. أجبته "يا سيّد غضبي منهم كبير، اطلب أكثر، وسأنفذ".