مقالات مختارة
مملكة الرمال البيضاء
محمد باقر ياسين-موقع "المنار"
المملكة التي احتلت عناوين الصحف العالمية بأنها أضحت "عاصمة للمخدرات في الشرق الأوسط "، باتت ترمي تهم تهريب المخدرات جزافًا على غيرها لتلميع صورتها والتغطية على فضائحها، فلا تجد حرجًا بتلفيق الأخبار ونسبها لمصادر لا أساس لها من الصحة، وهذا ما تجلى بالإعلام السعودي مؤخراً.
وفي هذا الصدد، سنفتح بالمصادر الموثوقة سجل المخدرات في السعودية، وعلاقة الأمراء والضباط بالتجارة المسمومة والمحرمة، فوفق الإحصاءات العالمية لعام 2019 احتلت المملكة المرتبة الثالثة ضمن قائمة الدول الأكثر استهلاكًا للمخدرات في العالم، وأكثر الدول العربية طلبًا للمواد المخدّرة.
ففي تقريرٍ حديث للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات صدر في آذار الماضي من العام 2021، إشارة إلى أن المملكة السعودية استأثرت خلال الفترة 2015-2019 بأكبر الكميات المضبوطة من الأمفيتامين (الكبتاغون) على مستوى العالم (45% من إجمالي المضبوطات في العالم)، وبمعنى آخر أنّ المملكة تستهلك نصف ما يستهلكه العالم أجمع، وهذا ما تؤكده إحصاءات وزارة الداخلية السعودية نفسها التي تظهر تضاعف أعداد الموقوفين السعوديين بتهمة تهريب المخدرات ثلاث مرات ما بين عامي 2016 (1776 موقوفاً) و2018 (4841 موقوفاً)، ورغم صرامة القانون وحكمه بالإعدام، إلا أن ذلك لم يردع المهربين الذين تزداد أعدادهم باضطراد.
ولا تقتصر تجارة المخدرات في السعودية على المواطنين العاديين، بل يمتهنها أمراء في العائلة الحاكمة جرى ضبط مخدرات في حوزة عدد منهم وآخرون يتعاطونها، وهو ما أكده الداعية السعودي علي المالكي في لقاء تلفزيوني حينما قال: " لدينا رموز في السعودية هم من يحيون السهرات في المزارع، وهم من يبيعون المخدرات، وهم من يدخلونها إلى السعودية".
كما كشف موقع bbc بالعربية أن سبب اغتيال الأمير فيصل بن مساعد لعمه الملك فيصل بن عبد العزيز، هو تعاطيه المخدرات بحسب شهادتين لمقربين من بن مساعد، هما البروفيسور إدوارد روزيك الأستاذ في جامعة كولورادو وصديقته الأميركية سورما، اللذان أكدا أنّ "المخدرات كانت وراء تنفيذه لعملية الاغتيال"، وهذا ما تؤكده أيضاً تقارير متعددة تحدثت عن أمراء يتعاطون المخدرات، ومنهم:
- الأمير ماجد عبد العزيز آل سعود، الذي اتهم بتعاطي المخدرات (الكوكايين)، وهو ما ذكره موقع los angeles time.
- الأمير يوسف بن سعود بن عبد العزيز، الذي ضبطت بحوزته كمية صغيرة من المخدرات (أي للتعاطي)، وفق مصادر أمنية وقضائية لبنانية تحدثت لجريدة "الأخبار" .
- الأمير عبد المحسن آل سعود، الذي اعترف خلال محاكمته في لبنان بتعاطيه حبوب الاكستازي (هو أحد المخدرات الحديثة التي بدأت تظهر حول العالم)، وهذا ما كشفته أيضاً وثائق موقع "ويكيليكس" في إحدى البرقيات الدبلوماسية الأميركية المسربة التي تحدثت عن منازل لأمراء سعوديين في مدينة جدة تقام فيها حفلات لتعاطي المخدرات.
ومن المهم الإشارة إلى الأمراء الذين تم إلقاء القبض عليهم متلبسين بتجارة المخدرات خارج المملكة، وهم على النحو التالي:
- الأمير نايف بن فواز الشعلان (صهر العائلة الحاكمة)، الذي أدانته محكمة فرنسية بتهمة تهريب مخدرات واستغلال حصانته الدبلوماسية من أجل إدخالها إلى الأراضي الفرنسية على متن طائرة خاصة.
- الأمير السعودي يوسف بن سعود بن عبد العزيز آل سعود، ضبطت كمية من المخدرات في حوزته في مطار بيروت.
- الأمير السعودي عبد المحسن آل سعود (أمير الكبتاغون)، أوقف في لبنان على إثر محاولته مغادرة مطار رفيق الحريري الدولي على متن طائرة خاصة، محاولًا تهريب 1900 كلغ كبتاغون في حقائبه.
وفي مجمل هذه القضايا ثبت استغلال الأمراء المهربين لمواقعهم ونفوذهم في العائلة الحاكمة وكذلك الحصانات والامتيازات الممنوحة لهم، سواء أكانوا في السلك الدبلوماسي أو من الأمراء الذين يحملون صفة "صاحب السمو الملكي".
واللافت حمايتهم بعد عودتهم إلى المملكة دون اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم، بعكس المواطنين العاديين الذين لو ضبط في حوزتهم ولو كميات قليلة من المخدرات لكان حكمهم الإعدام.
ولا يقتصر الأمر على الأمراء بل تعداه إلى تورط بعض الضباط السعوديين بتجارة المخدرات، وأشهرهم "عادل الشمري" الذي ضبط وهو يحاول تهريب 18 كيلو من حبوب (الكبتاغون) إلى دولة الكويت، تمهيدًا لنقلها نحو وجهتها النهائية أي السعودية بتسهيلات ربما من معارفه.
وليس من المصادفة أن يكون الموقوف عادل الشمري ويحيى الشمري (مرافق الأمير عبد المحسن آل سعود الذي أوقف بمطار بيروت بتهمة حيازته 1900 كلغ كبتاغون) ينتميان إلى عائلة واحدة وإلى الأجهزة الأمنية السعودية، علمًا أن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تحدثت عن ضباط بجهاز مكافحة المخدرات متهمين بقبض رشاوى للتغاضي عن تهريب المخدرات ما يعني أن الأجهزة الأمنية مخترقة من عصابات المخدرات التي ما زالت تمارس نشاطها بتغطية سياسية وأمنية من كبار الأمراء والضباط السعوديين، ما حوّل السعودية من مملكة عائمة على النفط إلى مملكة من الرمال البيضاء.
إقرأ المزيد في: مقالات مختارة
20/11/2024
في بيتنا من يتبنّى فهم العدو للقرار 1701!
19/11/2024
محمد عفيف القامة الشامخة في الساحة الإعلامية
19/11/2024
شهادة رجل شجاع
13/11/2024