مقالات مختارة
حماس في قلب محور المقاومة
صحيفة الأخبار - إبراهيم الأمين
الضغوط التي تتعرض لها حركة حماس من جهات فلسطينية أو عربية أو دولية تكاد تكون الأولى من نوعها في تاريخ الحركة. ورغم أن التنظيم الإسلامي الفلسطيني لم يكن بعيداً عن التأثيرات السلبية لانهيار تجربة الإخوان المسلمين في الحكم في عدد من الدول العربية، إلا أن تثبيت حماس قاعدة تفكيرها ونشاطها وبرنامجها على أساس أولوية المقاومة ضد الاحتلال، ساعدها على البقاء في قلب المشهد، وفتح لها الأبواب لترميم شبكة واسعة من العلاقات العربية والإسلامية وحتى الدولية من باب المقاومة.
في السنوات العشر الماضية، غرقت الحركة في موجة من المواقف السياسية التي أدت الى تضرّر صورتها كحركة مقاومة. ومثلما تعرّض حزب الله في لبنان لحملة بسبب وقوفه الى جانب الدولة السورية في مواجهة الحرب عليها، تعرضت حماس لحملة من التيار المقابل، واتُّهمت بمجاراة برنامج الإخوان المسلمين الهادف الى الاستيلاء على الحكم في عدد من الدول العربية، حتى إن قواعد من الحركة دعمت الحروب الأهلية التي وقعت في أكثر من بلد عربي؛ منها سوريا.
لكنّ تبدلاً جدياً طرأ منذ ما بعد حرب عام 2014، وتطور الأمر بعد انتخاب قيادة جديدة للحركة عام 2017. وبعد استرداد كتائب القسام المبادرة وجعل الأولوية المطلقة للمقاومة، بدا أن الحركة تتقدم خطوات سريعة باتجاه الخروج نهائياً من دائرة التجاذبات حيال ما يجري داخل كل دولة عربية، وهو ما سهّل لها استئناف التواصل مع مصر ومع حكومات عربية أخرى في بلاد الشام أو الخليج أو المغرب العربي. ورغم أن تركيا سهّلت للحركة إقامة مريحة لقيادتها السياسية، إلا أن حماس بدت أكثر تصميماً على الانخراط في الجبهة التي تعدّ المقاومة خياراً وحيداً وإلزامياً ومجدياً لتحقيق التحرير.
سيكون محور المقاومة أمام وقائع جديدة بعد التفاهمات التي توصّل إليها هنيّة ونصر الله
خلال العامين الماضيين، تقدمت حماس خطوات كبيرة الى الأمام في سياق التموضع ضمن محور المقاومة. وجاءت معركة سيف القدس لتختبر التفاعل العملاني مع القوى الأساسية في المحور. وأظهرت تطورات الأشهر القليلة الماضية أن السعي الأميركي - الإسرائيلي - السعودي - الإماراتي لبناء جبهة سياسية واقتصادية وأمنية وإعلامية تعمل على مواجهة محور المقاومة، أن على حماس تعزيز خيارها وموقعها داخل محور المقاومة. وهي اتخذت قرارات كبيرة، لا تدخلها في صدام مع أحد، وخصوصاً مع تركيا وقطر، ولكن لا تمنعها من تعزيز علاقتها مع قوى المقاومة بدءاً بإيران، وصولاً الى حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، وحتى إطلاق اتصالات أولية مع فصائل المقاومة في العراق. ولكن الخطوة الأهم تمثلت في قرار المكتب السياسي استئناف العلاقة مع سوريا، وإفساح المجال أمام الوسطاء الذين ينشطون بين القيادة السورية وقيادة حماس للتقدم أكثر صوب تحقيق المصالحة التي تقول قيادة الحركة إنها تحتاج إليها من أجل تعزيز المقاومة.