منوعات ومجتمع
لا تجعل الاكتئاب يفقدك حياتك!
إسراء هادي
تشكّل أمراض القلب والأوعية الدمويّة السبب الأوّل للوفيات في العالم عامة بسبب انتشار عوامل الخطر. ومن المعروف طبيًا أنّ الاكتئاب يؤثّر سلبيًا على أمراض تضيق شرايين القلب. كما أنّ العلاقة بين الاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية هي علاقة معقّدة ومتعدّدة الاتجاهات إذ يعتبر الاكتئاب أحد أخطر عوامل الإصابة بجلطات القلب.
أمراض قلبية بسبب الاكتئاب:
يعاني المصابون باكتئاب مرضًا أو أكثر من أمراض القلب، ومنها مرض تضيّق الشرايين، وتصلب الشريان التاجي، بالإضافة إلى جلطات القلب، وأيضًا أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، كما أنّ نوبات الغضب الشديد الناجمة عن حالات الاكتئاب تتسبب في تجلّط الدم الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات.
ويشرح الدّكتور سركيس أبي طنّوس، الاختصاصي في التّأهيل الفكري والنفسي والعلاج الانشغالي، أبرز العوامل التي تزيد نسبة الاصابة بالاكتئاب عند مرضى القلب وكيفية الوقاية منها:
إن للاكتئاب أو ما يعرف بالحالات النفسية المضطربة خطورة كبيرة على القلب، مسببًا ما يعرف بالأمراض القلبية الوعائية.
يختلف الاكتئاب عن التقلبات المزاجية العادية والانفعالات العاطفية التي لا تدوم طويلاً، كاستجابة لتحديات الحياة اليومية. وقد يصبح الاكتئاب حالة صحية خطيرة، لا سيما عندما يكون طويل الأمد وبكثافة معتدلة أو شديدة. ويمكن للاكتئاب أن يسبب معاناة كبيرة للشخص المصاب به، وتردي أدائه في العمل أو في المدرسة أو في الأسرة، ويمكنه أن يؤدي في أسوأ حالاته إلى الانتحار.
الناحية النفسية:
مرحلة ما بعد التشخيص كفيلة بجعل الشخص يشعر بالكآبة والحزن والبدأ باستجواب نفسه بأسئلة وجودية. بهذه الحالة الدعم النفسي الاجتماعي من محيط العائلة والمجتمع له دور فعّال في تخفيف التوتر والقلق عن المريض.
ينجم الاكتئاب عن نوع من التفاعل المعقّد بين العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية وبالتالي علاقة الشخص بنفسه. ومن تعرّض لأحداث حياتية صعبة مثل (الطلاق، خسارة وظيفة، البطالة، الكوارث الطبيعية، فقدان الاشخاص، الصدمات النفسية) أكثر تعرضًا للاكتئاب خاصةً إذا استمرّ الشخص بالقلق والضغط النفسي لمدّة طويلة. ويمكن أن يؤدي الاكتئاب بدوره إلى مزيد من التوتر وعدم القدرة على أداء الوظائف وتردي حياة الشخص المصاب والاكتئاب ذاته وبالتالي يخفف من صحة عضلات القلب وتدفق الدم.
العوامل السلوكية الناتجة عن الاكتئاب
إن تأثيرات الاكتئاب هي مجموعة من الاضطرابات التي تصيب القلب والأوعية الدموية، وبالتالي فالاكتئاب في ذلك مثل العوامل الأخرى التي تهدد القلب كزيادة الوزن وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وعدم القدرة على ممارسة الرياضة، وشرب الكحول، واتباع نظام غذائي غير صحي وفقدان الشهية التي لها دور أساسي وكبير في الإصابة بأمراض قلبية. أمّا ارتفاع ضغط الدم والتدخين فيعتبران من أكبر المخاطر أيضًا.
وقد أشارت دراسات عديدة عالمية إلى وجود رابط بين الاكتئاب والأمراض القلبية الوعائية، لذلك فإن معالجة الاكتئاب ضرورية للوقاية من خطر الإصابة بنوبة قلبية Myocardial infarction، بل يمكن أن يكون عاملًا لإنقاذ الحياة أيضًا. كما ينصح دائمًا بأن يتم إخضاع مرضى القلب ذوي الحالات الخطيرة إلى المعالجة النفسية في صورة الإصابة بالاكتئاب. إذ يجب على الأطباء المتخصصين أن يكونوا على دراية بأنّ الحالة النفسية المكتئبة تشكل جزءًا من تأزّم الأمراض القلبية.
إنّ ردة فعل القلب على هرمونات التوتر تكون قوية خاصة على التنفس، وهذا ما يعرف بمتلازمة القلب المنكسرHeart failure، إذ يتشنج القلب ما يؤدي لآلام في منطقة الصدر، ولا سيما عند فقدان أحد الأحبة أو الفراق أو مشاكل الثقل النفسي. وسبب ذلك ليس انسدادًا في العروق بقدر ما هو ضرر في عضلة القلب بسبب حالة التوتر النفسية.
ويشير أخصائي أمراض القلب والشرايين interventional cardiologist الدكتور هيثم سرحان الى سبل الوقاية والإحاطة بعوارض هذا المرض، وتعتبر الوقاية ما قبل العلاج أمرًا مهمًا في حالات الاكتئاب الذي يبدأ من عمر الطفولة. ويمكن اتباع خطوات وقائية مفيدة لصحة القلب وتقي بشكل كبير من ازدياد تدهور الحالات النفسية وتساعد ولو نسبيًا في التخفيف من عوارض الاكتئاب:
أولًا: إن الانظمة المجتمعية الفعّالة للوقاية من الاكتئاب تكون من البرامج المدرسية لتعزيز نمط التفكير الإيجابي لدى الأطفال والمراهقين. كما أن عناية الآباء والأمهات بالاطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية قد يحد من أعراض الاكتئاب. كذلك لدى الوالدين خاصة الذين يعانون من مشاكل زوجية قد تنعكس سلبًا على مستقبل أولادهم لذلك لا يجب أن يكون الاطفال او المراهقون وحتى الكبار من الاولاد حاضرين اثناء التشنجات والمشاكل بين الأبوين.
ثانيًا: إن ممارسة الرياضة مناسبة لجميع الأعمار لتحفيز هورمون السيروتونين وهي مادة كيميائيّة مسؤولة عن الشّعور بالسعادة، وعن النّوم المريح، والشهيّة الصحيّة للطعام. ويعمل السيروتونين Serotonin مع هورمون الإندورفين endorphin على جعل ممارسة الرّياضة نشاطاً ممتعًا. إضافة الى ذلك، فإنّ المزيد من السيروتونين Serotonin يمنح كمّية أكبر من الطاقة ويصفي الذّهن، وبالتالي يحسّن المزاج والدورة الدموية. ويبعد الاكتئاب كذلك بطريقة أو بأخرى بعض أنواع أمراض القلب المستحدثة لا الوراثية.
ثالثًا: بات من المسلمات أن الوقاية من أمراض القلب الوعائية يكون باتباع سلوك صحّي، وذلك من خلال الإقلاع عن التدخين، وعدم تعاطي الكحول. كما أن السّمنة يمكن أن تؤدي إلى نوع من قلّة الثّقة بالنفس وبالتالي إلى الاكتئاب وأمراض القلب. لذلك بات من الضروري اتّباع نظام غذائي غني بالفيتامينات والمعادن مثل (الأوميجا3 ـ المكسرات ـ بذور الكتان ـ الحبوب ـ الخضراوات الورقية) ما يساهم بشكل كبير في تجنّب الاكتئاب. كما أنّ ممارسة الرياضة بانتظام يزيد من إطلاق هرمون الدوبامين Dopamine المسؤول عن السعادة والنشاط ويمنع حدوث الاكتئاب. كما يجب تجنب الكمّيات الكبيرة من الملح، وتجنب السكريات والحلويات لعدم ارتفاع السكري في الدم وارتفاع ضغط الدم وزيادة الدهون في الدم.
رابعًا: الإحاطة بالمقرّبين، وُلِدنا لنكون اجتماعيين، وتؤدي الألفة بين البشر الى الشعور بالأمان ما يؤدي الى تخفيف الأذى النّفسي، حيث إن التواجد ببيئة صحية وأشخاص داعمين يمنحون الانسان طاقة إيجابية ويمدونه بالثّقة والحب ما يجنّب التعرّض لنوبات اكتئاب، وفي حالة التعرّض لها سوف يجد المساعدة التي تنقذه منها سريعًا.
خامسًا: النوم الكافي، إذ يعتبر الحصول على قسط كافٍ من النوم لمدّة 8 ساعات ليلًا يساعد على استقرار المزاج وزيادة الهرمونات العصبية في الدّماغ. في حين يجب تجنب تناول أدوية مساعدة على النوم باستمرار ودون إشراف طبّي لما لهذه الأدوية من آثارها الجانبية وتؤدّي للإصابة بالاكتئاب فيجب عدم الخروج عن الإشراف الطبي.
سادسًا: الابتعاد عن الأخبار السيئة، المحفّزة للاكتئاب، فاليوم أصبح تناقل الأخبار المسببة للاكتئاب أمرا معتادا ومتداولا بكثرة عبر السوشال ميديا ونشرات الاخبار وجلسات الأصدقاء، لذا كلّما قلّل الانسان الذي يتأثر بشكل ملحوظ من تعرضه لتلك المصادر في الحياة اليومية كلّما تجنّب الاكتئاب وحمى نفسه من الوقوع فيه.
سابعًا: الطبابة الاستباقية، لا مانع أنه كلما حصل الانسان على المساعدة الطبّية مبكرًا في بداية التّعرض للاكتئاب كلما استطاع التخلص منه بشكل أسرع وأكثر سهولة وبالتالي يُنقص من تأثيره السلبي على حالته النفسية وحياته العامّة، ويحمي نفسه من خطر الاكتئاب.
إقرأ المزيد في: منوعات ومجتمع
16/09/2024
مسيّرة كرويّة لدراسة الظواهر الجوية
16/09/2024
كيفية الوقاية من الجلطة الدماغية
16/09/2024
مع بداية الخريف.. أمراض الجهاز الهضمي تتفاقم
16/09/2024
أضرار المشروبات الغازية على صحة الأطفال
05/09/2024