هاشتاغ
كوخافي.. سخرية السهرة
ليلى عماشا
أمضى أهل المقاومة بالأمس سهرتهم تهكّمًا على "كوخافي". والحقّ يقال، استحقت تصريحاته هذا الكم من الاهتمام والمتابعة والسخرية فقد جاءت في وقتها تمامًا. وهل هناك أكثر جذبًا للأنظار من كائن يقف "على اجر ونص"، يتحسّس زوال كينونته بيد وبالأخرى يلوّح مهدّدًا ومتوعّدًا ومتوقعًّا أن يجدَ في بلادنا طفلًا يخشى تهديداته؟
أخطأ هذا أيضًا بالحسابات، ويبدو أنّ أحدًا ما حمّسه فتحمّس. ولا بدّ أنّه حين وضع "الميكرو" قبل بدء الكلام وأثناءه كان يشعر بأنّه يقود هجومًا في إطار الحرب النفسية، وأنّ حالات نزوح ستشهدها المناطق التي يستهدفها الصهاينة عادة، وأن العائلات ستجتمع في ساحات القرى كي تتبادل كلمات الوداع، وأن منصات التواصل ستعجّ بالخائفين المرتجفين. ولا بدّ أيضًا أنّه قد وصلته الأخبار المتحدثة عن رد الفعل على هجومه النفسي، ليجد أنّه وضع نفسه وكيانه في موقف لا يتمناه المرء إلّا لعدو! لقد تحوّل الكوخافي وكيانه إلى "مسخرة"، وبعض السخرية بل كلّها مباحة حين يتعلّق الأمر بالصهيوني.
في الواقع، يبدو أن شيئًا ما قد حدث لذاكرة كوخافي، كما للملوّحين بسيف تهديداته والمتوكلين على شرّ كيانه. تحدّث كما لو أنّه قد نسي فعلًا في أيّ زمن نحن، وفي أي زمن هم. أو ربما تناسى كي يستطيع النطق ببعض الكلمات التي توحي للداخل الصهيوني أن "دولته" ما زالت قويّة وتمتلك ما يخوّلها التهديد. لكن التناسي انقلب على المتناسي، فساهم في إحياء ذاكرة الانتصارات لدى أهلها، وأيقظ في أهل الهزيمة مواجعهم.
من جهة، استعاد أهل المقاومة، في إطار الردّ على التهديد، مشاهد العزّ المرصّعة بنواح الجنود الصهاينة في تموز ٢٠٠٦، ولحظات الفرح الغامر على اثر فرار الاحتلال وعملائه في ٢٠٠٠، كما استعادوا كلمات وخطابات سيّد النّصر الإلهي عند كلّ محطّة وفي كلّ مناسبة وجّه فيها للصهاينة ما يبشرهم بهزيمتهم الحتمية. ومن جهة أخرى، تذكّر كثيرون الفوارق التي لا تُحصى ما بين زمن الهزائم وزمن النصر، فعبرهم مجدّدًا الشعور بفائض العزّة التي حوّلت "الجيش الذي لا يُقهر" إلى جيش يترنح تحت ثقل عتاده المتطوّر والذي لم ينفعه بشيء.
من جهة أخرى، برز الجيل الذي ولد في زمن الإنتصارات ولم تشهد عيناه أيّ هزيمة أصلًا، فصار النصر جزءًا أصيلًا منه، وحالة لم يعرف سواها أصلًا فلا إمكانية لديه للتخلي عنها والعودة إلى ما قبلها، ما قبلها أي ما حدّثه عنه أهله وما رآه في كلّ أرشيف يوثّق حال ما قبل النصر وزمانه.
ما شهدناه بالأمس من ردود فعل على ما قال كوخافي، وإن تنوّع بين ما يبدو حماسة للحرب (والتي يحاول البعض تصويرها وكأنها سعي لا واعٍ لجو من الـaction، وهي في الحقيقة انعكاس لوعي الناس لكون الحرب أحيانًا خيار الضرورة في إطار العداء الوجودي والذي لا بدّ أن ينتهي بزوال العدو وليس بأي شكل آخر)، وبين ترجمة لمقولة "الكلب الذي يعوي لا يعضّ"، والتي تعكس بدورها انكشاف الجبن الإسرائيلي المشهود وتراجعه في أي مواجهة على الأرض، وبين أخذ للتهديدات الواردة بشكل جدّي والتعامل معها على أنّها احتمال قائم في كلّ لحظة وبالتالي إظهار كلّ استعداد نفسيّ لها. وفي كلّ الحالات، القاسم المشترك هو ببساطة ثقة الناس غير المشروطة بالمقاومة وبقدرتها ليس فقط على الردع والصدّ، وإنّما أيضًا على النصر الذي عاجلًا أو آجلًا سيتحقّق.
ولذلك، كانت ليلة كوخافي عصيبة، تمامًا كما ليلة الذين يرون فيه وفي كيانه أملًا أخيرًا وعونًا قويًّا ضدّ المقاومة في لبنان وسائر بلاد المحور. ولذلك، لا بدّ أن كيان العدو وكلّ أذرعه في لبنان والمنطقة معنيون في الفترة اللاحقة بمحاولة تغطية العجز الظاهر في كلّ ما فيهم، فلا عجب إن قاموا ببعض الحركات الاستعراضية ومنها دفع مرتزقتهم إلى المنابر لتكرار ما قال كوخافيهم بمفردات سياسية.
إقرأ المزيد في: هاشتاغ
18/09/2024
أكثر من أي يوم مضى.. #مع_المقاومة
26/08/2024