هاشتاغ
جبهة الإعلام ومواقع التواصل: طعنات في خاصرة العدو
ليلى عماشا
منذ الصلية الأولى التي انطلقت من غزة وابلًا من الزلازل على عنجهية الكيان الصهيوني حتى اللحظة، لم يهدأ نبض أهل الحقّ برهة، لم يسترح؛ فالمعركة التي يمكن تحديد الحيّز العسكري فيها بكامل التراب الفلسطيني، اتسعت جبهاتها أفلاكًا تدور حول غزّة النواة، واتخذت في كلّ فلك بعدًا جديدًا يشهد فيه الصهاينة هزيمتهم بكل أبعادها.
على الجبهة الإعلامية ولا سيّما بشقّها الإكتروني، تحوّلت كلّ الحسابات الشخصية والرسمية لكلّ من يمتّ إلى الحقّ بصلة إلى منصّة إعلامية تمدّ العالم بالأخبار العاجلة وبالصور وبالڤيديوهات وبالمواقف التي تنقل المعركة إلى كلّ عين وقلب.
وبشكل تلقائي، أمكن أن يُلاحظ التوازن الجميل والمتقن بين ضرورة عرض الجرح الفلسطيني بدون تباكٍ ولا توهين، وبين وجوب تسليط الضوء وبقوّة على كلّ ما يُظهر حقيقة الوهن الصهيوني.
ولم يغفل الناشطون طبعًا مشاركة أقوال وصور سادة الانتصارات على امتداد المحور.. فالسيّد حسن نصر الله الحاضر على أرض فلسطين وفي وجدان الفلسطينيين المقاتلين والصامدين في الأرض المحتلة، تحولت عبارته الشهيرة "إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت" إلى عنوان يرافق معظم الصور التي توثّق الهزيمة الصهيونية المتصاعدة وعلى كلّ المستويات: من الوجوم على وجوه الساسّة الصهاينة إلى صرخات الرّعب الصادرة عن المستوطنين المغتصبين للأرض وما عليها، وبينهما ارتباك جيش الاحتلال وصدمته المستمرّة والتي تنعكس هستيريا في قصف المدنيين وارتكاب المجازر في غزّة أو في تصعيد الارتكابات العدوانية في كلّ المدن الفلسطينية وتوزيع الأسلحة على "المستوطنين" وحمايتهم أثناء ممارستهم لأبشع الجرائم بحق الفلسطينيين.
كذلك لم يغب شهداء محور المقاومة عن ساحة المعركة ولا سيّما عن جبهتها الإفتراضية: فالقاسم سليماني اسماً وصورة رافق كلّ خبر يزفّ انجازًا جميلًا في المعركة، ومنها دخول صاروخ "قاسم" ليل أمس إلى أرض المعركة مطرًا من نار يقصف في تل أبيب وعسقلان وأسدود وغيرها.. كذلك ما غاب عن بال القلوب النابضة على ساحات التواصل لحظةً وجه عماد مغنية ولا سيّما في الأخبار والمشاهد التي نقلت وتنقل الحدث المقدسي.
وكما لم يوفّر قادة المعركة فرصة لشكر الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله وسائر دول محور الحقّ والحبّ على عظيم جهودهم المتكاملة التي دعمت وساندت المعركة ورجالها، كذلك لم يتأخّر أفراد الجبهة الإعلامية الافتراضية عن التذكير والتنويه بكلّ المتاح من الأخبار والمعلومات والتي تشير إلى حقيقة التكافل والتكامل الجوهري بين كلّ عناصر محور المقاومة والتي أثمرت ما نعيشه اليوم: نحن حرفيًا نقترب من المسافة صفر مع مشهد زوال "إسرائيل" من الوجود.
على الصعيد نفسه، يرصد الناشطون حركة الصهاينة افتراضيًا. ينقلون رعبهم الموثق بكاميراتهم وبمنشوراتهم على منصات التواصل. يحوّلونهم مرة إلى مادة للسخرية المبهجة، ولا سيّما تلك المنشورات التي تتضمّن صراخهم وذهولهم ورعبهم ما إن تدوي صفارات الإنذار لتخبرهم أن صاروخًا في طريقه إليهم، وتلك الصور التي تثبت اختباءهم في الملاجىء وهروبهم في الشوارع المصحوب بحالات إغماء وبحالة وفاة بجلطة قلبية أصابت مستوطنًا من شدة الخوف. ولا ينسى أحد منّا أن يخبر هؤلاء الهائمين على وجوههم المملوئين بالخوف بما عليهم فعله إذا أرادوا العيش سالمين: الرحيل عن فلسطين. وهو خيار صار مطروحًا وبشدّة بالنسبة لأعداد كبيرة من الصهاينة المغتصبين لأرضنا بعد أن أيقنوا أن لا أمان لهم هنا.
كذلك، وبموازاة نقل رعبهم المضحك، يلفت معظم الناشطين لضرورة فضح ممارسات هؤلاء المستوطنين الذين يُقدّمون أنفسهم للعالم على أنّهم مدنيون "أبرياء" تستهدفهم المقاومة بدون ذنب: فهؤلاء ليسوا سوى عصابات منظمة ومسلحة بمعظمها ومتوحشة بما يكفي لارتكاب أفظع الجرائم ضد العائلات الفلسطينية وبدم بارد وبدون أي عقاب يُذكر. لقد سعى الكيان الصهيوني وبمساعدة دول الغرب والدول العربية المطبّعة لتظهير نفسه كمجتمع "مدني" مسالم.. هذا المسعى الذي استمرّ لسنين طويلة وبتكاليف دعائية باهظة تحطّم ببساطة: المقاطع المصوّرة التي وثقت جرائم هذه العصابات تكفّلت بكشف الوجه الحقيقي لهذا المجتمع القاتل والمغتصِب والإرهابي.
قبل وبعد، كان الميدان ولم يزل أعلى جبهات الحرب، فيه تُحسم نتائج المعارك ومنه تنطلق كلّ فكرة مقاوِمة. الميدان في فلسطين يعلو يومًا بعد يوم، وأهله، أهل القتال يبدعون في إدارة الحرب النفسية تمامًا كإبداعهم في مسار العمل العسكري. فإطلالات القادة العسكريين من مختلف الفصائل المقاوِمة مدروسة بكلّ تفاصيلها شكلًا ومضمونًا وتوقيتًا وسيطرة مطلقة على نفوس الصهاينة الذين يتوخون اليوم الهرب، وينتظرون إطلالات القادة المقاومين كي يتحسّسوا ساعاتهم الآتية، أو ساعتهم الآتية.
وهذا يعكس اهتمام المقاومة الفلسطينية بالجانب النفسي في إدارة المعركة. فالقادة يحدّقون في عيون الصهاينة، يخاطبونهم، ينفثون النار في نظراتهم، وما إن ينتقلوا بحديثهم مخاطبين أهل غزّة وكل فلسطين، بل كلّ أهل المحور، يستحيل نار غضبهم الساطع من عيونهم حنانًا يسري من وجه ملثّم ويحط لمسة من سكينة في القلوب، ومن يقين في النفوس، ومن إيمان صافٍ بالنّصر مهما ارتفعت كلفته من الدم ومن الألم.
من لبنان ومن اليمن ومن سوريا ومن العراق، بل من كل بقعة في الأرض يسكن فيها العارفون بالحقّ الفلسطينيّ ولو من بعيد، يصطف جندٌ من كل الفئات العمرية ومن مختلف الخلفيات الثقافية والطبقات الإجتماعية، يعرفون أن نصرة الحق إذا عزّت المشاركة بالقتال لا تتطلّب أكثر من "كلمة حق". جند كلمة الحق هذه على منصات التواصل والتفاعل الافتراضي أثبتوا في هذه المعركة أنّ المرء لا يحتاج لأكثر من فطرة نقية وإرادة حرّة لينصر الصواب، ولينتصر لحرية الأرض والناس، وليمارس دوره الواجب في بذل كلّ ما يستطيعه من أجل القضية الفلسطينية التي هي اليوم أكثر من أيّ يوم مضى معيار إنسانية الفرد والمجتمع، وميزان الأخلاق الأكثر دقّة ووضوحًا. اليوم، كلّ فرد منّا يتحمّل مسؤولية "الكلمة"، أضعف الإيمان، فالكلمة هذه ستؤهله إلى عزّ الفرح والفخر يوم تحرير فلسطين، وبدونها سيتفرّج على هذا اليوم الحتميّ كغريب، وقد يقتله حينها الخزي. نصرة فلسطين اليوم هي زادنا الذي سيضمن مكانًا لنا بين المحتفلين بالتحرير، أمًا من تخلّف عنها فسيخسر وحده، ويُنسى في عتمة التاريخ وحده. نحن اليوم ننتصر لفلسطين لأجلنا لا لأجلها، فهي الحق، والحق يقينًا ينتصر، قلّ أو زاد عدد من نصروه.
مواقع التواصل الاجتماعيوسائل الإعلامانتفاضة القدس 2021
إقرأ المزيد في: هاشتاغ
18/09/2024
أكثر من أي يوم مضى.. #مع_المقاومة
26/08/2024