معركة أولي البأس

فلسطين

يوميات الغزيين: أزمات انسانية متفاقمة جراء العدوان
18/05/2021

يوميات الغزيين: أزمات انسانية متفاقمة جراء العدوان

ملامح غزة لم تعد كما هي، طائرات الاحتلال الحربية والاستطلاعية التي يُسمّيها الغزيون الزنَّانة تحلِّق بشكلٍ كثيفٍ في سماء القطاع.

وبين الفينة والأخرى يُسمَع دويُّ انفجارٍ كبيرٍ ويليه تصاعدٌ لأعمدة الدخان، ما يعني شنَّ الاحتلال غارةً على أحد الأماكن، فتصيب إما سيارةً مدنيةً أو منزلًا أو مجموعةً من المواطنين أو مسجدًا أو مقبرةً أو أحد الشوارع حيث بدأ سياسةً جديدةً وهي تقطيع أوصال مدينة غزة.

غزة تحوَّلت إلى مدينة أشباحٍ اختفت من شوارعها السيارات والمارة، فيما أغلقت أغلب المحال التجارية أبوابها، وفضَّل السكان التزام منازلهم التي غابت عن معظمها الكهرباء جراء أضرارٍ أصابت خطوط نقلها بفعل الغارات الجوية.

أما في المساء، فيحلُّ الخوف. الأطفال والنساء والشيوخ "الآمنون" في منازلهم يلتفون حول بعضهم بعضًا خوفًا من سماع أصوات الانفجارات الناتجة عن الغارات المتتالية على القطاع والتي تترك خلفها آثارًا نفسيةً صعبةً على صحة المواطنين.

عيد الفطر غاب تقريبًا عن أبناء غزة. بفعل العدوان، غابت تكبيراته وخيَّم الصمت على مساجد القطاع منذ عشية ليلة العيد، واستبدل الغزيون التهاني بتمنيات السلامة لبعضهم بعضًا والنصر للمقاومة، في ظل "حرب مجنونة" تشنها "إسرائيل" على القطاع.

آلاف العائلات نزحت من بيوتها إلى مدارس "الأونروا" علّها بهذه الطريقة تجد الأمان المفقود في أرجاء القطاع المحاصر منذ 15 عامًا. السيدة الفلسطينية سميرة من سكان بلدة بيت لاهيا تقول في هذا السياق "اضطررنا للخروج من بيوتنا لشدة القصف الجنوني. عشرات الصواريخ سقطت بين منازل السكان. لا ندري ما الذي يجري"، وتضيف "ألواح الزجاج تناثرت على الأطفال. شاهدنا البيوت تسقط على رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار. لا مكان آمن في غزة. الموت في كل مكان".

بدوره، يقول المواطن محمد إنه "عندما اشتدَّ القصف في ساعات الليل اضطررنا للزحف من بيوتنا الى مدارس الاونروا ليس خوفا على حياتنا بل لحماية أطفالنا"، ويشير إلى أنَّ ثمانين شخصًا من أطفالٍ ونساء وشيوخ ومن ذوي الاحتياجات الخاصة جميعهم زحفوا لمدارس الاونروا.

يرفض محمد أن يترك أرضه للاحتلال، ولذلك يذهب في كل صباح إليها لتفقدها، وفي ساعات المساء يعود للمبيت في مدارس الوكالة مع عائلته.

انقطاع التيار الكهربائي 

بالموازاة، تسبّب العدوان "الاسرائيلي" المتواصل على القطاع بأضرارٍ كبيرة في شبكات الكهرباء ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن منازل المواطنين لساعات طويلة.

شركة الكهرباء في غزة أوضحت أنها أصبحت غير قادرة على مجاراة الطلب المتزايد والاستنزاف المستمر لمواد الصيانة التي تُستبدل، مشدّدة على أنَّها تبذل جهودًا إقليميةً ودوليةً من أجل محاولة حل أزمة الكهرباء وإسعاف القطاعات الحيوية بكميات كهرباء إضافية والضغط على الاحتلال لفتح معبر كرم أبو سالم والسماح بإدخال الشحنات اللازمة من الوقود لتشغيل محطة التوليد بكامل قدرتها.

وإذ بيّنت أن هناك خمسة خطوطٍ رئيسية ناقلة وشرايين حيوية مفصولة ومعطلة منذ بداية العدوان، تحدّثت عن وجود اتصالات بخصوص إعادة الخطوط المفصولة منذ بداية العدوان والتي يتغذى منها القطاع.

وأطلقت الشركة نداء استغاثةٍ لجميع الأطراف من أجل ضرورة التدخُّل العاجل والسريع لإنقاذ القطاع بكميات كهرباء تمكِّن كل القطاعات والمواطنين من مزاولة حياتهم الاعتيادية في ظل هذا العدوان.

أزمة إنسانية جديدة

قطاع التعليم في شبكة المنظمات الأهلية والائتلاف التربوي الفلسطيني في قطاع غزة لفت الى أن العدوان أدّى إلى ظهور بوادر أزمة نزوح إنسانية جديدة نتيجة القصف المركز لبعض المناطق في غزة، حيث نزح جراء هذا القصف قسريًا عددٌ كبيرٌ من الأسر جلهم من الأطفال والنساء خوفًا من الضربات.

وتشير تقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أنَّ أكثر من 38 ألف نازحٍ سعوا للحصول على مأوى طارئٍ في 48 مدرسة من مدارسهام في مدينة غزة، حيث تُستخدم المدارس حاليًا لأغراض الحماية فقط، ولم يجرِ تمكينها بعد لتقديم باقي الخدمات الإنسانية الأخرى. 

الشبكة بيّنت عدد المرافق التعليمية التي تتضرر بازدياد مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فبحسب آخر التقارير الواردة من مجموعة التعليم في الأراضي الفلسطينية (oPt Education Cluster) فإن حوالي 41 مرفقًا تعليميًا، بما في ذلك المدارس ومركز التدريب المهني ومرافق التعليم العالي قد تأثرت منذ بدء التصعيد الحالي. 

ويحمّل قطاع التعليم في شبكة المنظمات الأهلية والائتلاف التربوي الفلسطيني الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الحقوقية والقانونية الكاملة عن هذه الانتهاكات والجرائم، وما يسببه من خسائر وتداعيات محتملة على الأطفال والحياة التعليمية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.

وتطالب الشبكة المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة واليونيسكو، بالخروج عن صمتهم وإدانة الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال بشكل مستمر وممنهج وواسع النطاق ضد حقوق الشعب الفلسطيني، وضد المؤسسات التعليمية والأطفال، والتحقيق فيها، ووضع سلطات الاحتلال الإسرائيلي محل المساءلة والمحاسبة، وإنهاء حقبة الإفلات من العقاب على هذه الجرائم، بما فيها ضرورة إدراج هذا الاحتلال وأركانه المختلفة، وجيشه والمستوطنين الإرهابيين على قائمة الأمم المتحدة للجهات التي تنتهك حقوق الأطفال أثناء النزاعات المسلحة.

وتؤكد شبكة المنظمات الاهلية على ضرورة توفير برامج دعم نفسي للأطفال للتخفيف من حدة الصدمات النفسية التي يتعرضون لها وتداعياتها وتقديم الإرشادات المناسبة لهم ولعائلاتهم.

ويدعو قطاع التعليم في شبكة المنظمات الأهلية و الائتلاف التربوي الفلسطيني إلى ضرورة التعاون ما بين كافة مكونات منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية من أجل القيام بأكبر حملة رصد وتوثيق لكافة جرائم سلطات الاحتلال بحق الأطفال والطلبة والمعلمين والمؤسسات التعليمية، وتشكيل خلية عمل من أجل إعداد سلسلة تقارير حقوقية لاستخدامها في تفعيل كافة الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان بما فيها محكمة الجنايات الدولية، والمقرر الأممي الخاص بالتعليم.
 

انتفاضة القدس 2021

إقرأ المزيد في: فلسطين