معركة أولي البأس

فلسطين

في يوم الأسير الفلسطيني.. أرقامٌ تُبيّن حجم المأساة
16/04/2020

في يوم الأسير الفلسطيني.. أرقامٌ تُبيّن حجم المأساة

يحيـي الفلسطينيون يوم الأسير في 17 نيسان/أبريل لهذا العام في ظلّ خطر كبير يُهدّد الأسرى بسبب تفشي فيروس كورونا وعدم اتخاذ الاحتلال الإجراءات الوقائية اللازمة لحمايتهم من الفايروس.

وستقتصر فعاليات يوم الأسير الفلسطيني هذا العام الكترونيا وغياب مظاهرات الفعاليات والمسيرات التضامنية بسبب حالة الطوارئ في فلسطين التي اعلنت عنها الحكومة الفلسطينية جراء جائحة كورونا.

وقال عبد الناصر فروانة، المتخصّص في شؤون الأسرى والمحررين، إن المجلس الوطني الفلسطيني أقر عام ١٩٧٤، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم 17 نيسان/ابريل، يوما لنصرة الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، ووفاء لتضحياتهم.

وتابع: "منذ أن تم اقراره قبل 46 عاما، والشعب الفلسطيني يحييه في فلسطين والشتات وبمشاركة جامعة الدول العربية وأحرار العالم في كثير من الدول والمدن العربية والعالمية، بوسائل وأشكال متعددة بما يساهم في تسليط الضوء على معاناتهم وابراز أشكال صمودهم وتحديهم للسجان، وما يعزز من مكانتهم القانونية ومشروعية نضالاتهم ضد الاحتلال باعتبارهم محاربون من أجل الحرية، مما جعل من هذا اليوم يوما وطنيا وعربيا وعالميا لنصرة الأسير الفلسطيني"، وأضاف: "لقد قدم الشعب الفلسطيني على مدار سني الاحتلال الطويلة أرقاماً كبيرة من الأسرى والاسيرات الذين زج بهم  داخل السجون الإسرائيلية، ونالوا أشد العذاب والحرمان، فما من بيت فلسطيني إلا وذاق مرارة الاعتقال، حيث يقدر عدد من اعتقلتهم قوات الاحتلال من الفلسطينيين بنحو 1.000.000 فلسطيني، 17.000 منهم من النساء، واكثر من 50.000 من الأطفال، مما منح قضية الأسرى والمعتقلين قيمة معنوية ونضالية وسياسية".

وأشار فروانة، وهو أسير سابق لأربع مرات ولسنوات عدة، الى أن الأسرى جميعا، ذكورا واناثا، صغارا وكبارا، عانوا أشكالا متعددة من الإذلال والإهانة، وحرموا من ابسط الحقوق الانسانية والاساسية التي نصت عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية، وتعرضوا لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، حيث يمكن القول: أن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وبنسبة (100%)، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي، وظلت السجون الإسرائيلية دوماً -ومنذ لحظة إنشائها- وسائل عقابية للأسرى وساحات للقمع وإلحاق الأذى المتعمد بهم، ومكاناً للقتل والتصفية الجسدية التدريجية والبطيئة، مما جعل من السجن الإسرائيلي نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ.

وأكد فروانة أن الاعتقالات الاسرائيلية اليومية  لم توقف مسبرة شعب يكافح من أجل انتزاع حقوقه والعيش بحرية وكرامه فوق ارضه وفي ظل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وأن تلك الاعتقالات المستمرة وما تمارسه سلطات الاحتلال بحق المعتقلين من انتهاكات جسيمة وجرائم عديدة لم تغير من نظرة الشعب الفلسطيني واحرار العالم تجاه الاسرى والمعتقلين، وانما عزز من مكانة قضيتهم وجعل منها  قضية اجماع وطني وجزء من القضايا العربية والدولية، باعتبارها جزءاً أساسياً من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وهذا ما منح يوم الاسير الفلسطيني كثير من المعاني والدلالات والقيم، ليس لدى الفلسطينيين فقط وانما لدى العرب وكل الاحرار في العالم.

احصاءات

وكشف عبد الناصر فروانة، المختص بشؤون الاسرى، أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي ما زالت تحتجز في سجونها نحو 5000 اسير موزعين على قرابة 23 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، وان من بينهم 180 طفلا، و41 فتاة وسيدة، و6 نواب بينهم: القادة مروان البرغوثي وأحمد سعدات وحسن يوسف، و13 صحافيا، و430 معتقلا اداريا، دون تهمة أو محاكمة، وعشرات كبار السن واكبرهم الاسير "فؤاد الشوبكي" الذي يبلغ من العمر 81 عاما.

المرضى

وأشار فروانة إلى وجود نحو 700 اسير يعانون من امراض مختلفة ومن بينهم قرابة 300 أسير يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والضغط والسكري والشلل.

المؤبدات

وأوضح فروانة أن 541 أسيرا يقضون احكاما بالسجن المؤبد (مدى الحياة) لمرة واحدة او لعدة مرات، وأعلاها حكم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبدا.

الأسرى القدامى

وبيّن فروانة وجود 51 أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة،  ومن بينهم 26 أسيرا معتقلين منذ ما قبل اتفاقية "اوسلو" وقيام السلطة الفلسطينية وان 14 أسيرا منهم قد مضى على اعتقالهم اكثر من 30 سنة على التوالي، فيما يُعتبر الاسير كريم يونس" المعتقل منذ 38 سنة هو اقدمهم وعميد الاسرى. هذا بالإضافة إلى وجود عشرات من الأسرى ممن تحرروا في صفقة وفاء الأحرار "شاليط" واعيد اعتقالهم وابرزهم الاسبر نائل البرغوثي الذي أمضى ما مجموعه عن 40 سنة في السجن على فترتين.

التوزيع الجغرافي للأسرى والمعتقلين

وبحسب فروانة، الغالبية العظمى من الأسرى والمعتقلين القابعين حاليا في سجون الاحتلال وما نسبته 84% هم من محافظات الضفة الغربية، وأن قرابة %10 هم من القدس ومناطق 48، فيما الباقي ويشكلون قرابة 6% هم من قطاع غزة، مؤكدا على أن الأرقام غير ثابتة وهي في حراك مستمر وتغير دائم في مساحات محدودة، في ظل استمرار الاعتقالات اليومية حتى في زمن "كورونا"، وأنه وبرغم أهمية الاحصاء، إلا أن ما يجب معرفته وادراكه أن خلف كل رقم كثير من الحكايات والقصص.

شهداء الحركة الوطنية الأسيرة

وحول شهداء الحركة الاسيرة ذكر فروانة في تقريره أن 222 أسيرا سقطوا شهداء في سجون الاحتلال منذ العام 1967، وأن 73 استشهدوا منهم نتيجة التعذيب، و67 بسبب الاهمال الطبي و75 نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال، و7 آخرين بعد اصابتهم برصاصات قاتلة وهم داخل السجن. أمثال: قاسم أبو عكر وعبد القادر أبو الفحم واسحق مراغة وعمر القاسم وابراهيم الراعي ومصطفى العكاوي وخالد الشيخ علي وعطية الزعانين وعبد الصمد حريزات ومحمد أبو هدوان ويوسف العرعير وفضل شاهين وسامي أبو دياك والقافلة تطول.

هذا بالإضافة الى المئات من الاسرى الذين توفوا بعد تحررهم من السجن بفترات قصيرة متأثرين بأمراض ورثوها عن  السجون جراء  التعذيب والاهمال الطبي.

ذوو الاعاقات

 وفي السياق ذاته ذكر فروانة أن مئات آخرين -لم يتم احصاءهم- تسبب لهم السجن بإعاقات ومنهم من لا زال يعاني آثارها على جسده ويعاني منها نفسيا. فيما يوجد في السجون العشرات من الأسرى الذين يعانون من اعاقات جسدية ونفسية أو حسية (سمعية وبصرية).

السجن ساحة للاشتباك

وأكد فروانة أنه على الرغم من كل ذلك فلقد حافظ الأسرى الفلسطينيون على انتماءهم الوطني  وسطروا صفحات مضيئة من الصمود والانتصار ونجحوا في انتزاع بعض من الحقوق بفعل النضالات والتضحيات ودماء الشهداء، وقدموا نماذج عديدة في المواجهة خلف القضبان ومقاومة السجان. ولعل ابرز ادوات المواجهة التي خاضها الاسرى في سجون الاحتلال هي الاضراب عن الطعام، حينما جعلوا من الجوع ثائرا في وجه السجان. وهكذا غدا السجن ساحة أخرى من ساحات الاشتباك والمواجهة مع المحتل. وهكذا تحول السجن الإسرائيلي- على أيدي هؤلاء الأبطال - من مؤسسة هيمنة، إلى مؤسسة وطنية مقاومة، تحافظ على إنسانية الإنسان، وتعزز من انتمائه الوطني والقومي، وترتقي بمستواه وقدراته التعليمية والأكاديمية  ومعارفه الثقافية. وما كان لذلك أن يتأتى دون خوض هذه المسيرة الطويلة من التضحيات والمواجهات المختلفة وتقديم الشهداء خلف قضبان السجون.

الأسرى يتحدون السجان

وقال فروانة "تحل مناسبة "يوم الاسير الفلسطيني" هذا العام والاسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي يعانون قسوة السجان ويتحدون جبروته من جانب، ويخشون خطر الاصابة بفيروس "كورونا" القاتل، الذي يتسع انتشاره ويتفشى في المنطقة وقد اصاب عدد من السجانين والسجانات والمحققين العاملين في السجون دون ان تتخذ سلطات الاحتلال اية اجراءات لحماية الأسرى وضمان سلامتهم، ولم تقدم لهم أدوات الوقاية والتعقيم والتنظيف، مما يفاقم من معاناتهم ويرفع درجة الخشية والقلق عليهم ومع استمرار توقف زيارات الأهل والمحامين، وفي ظل استمرار الاستهتار الاسرائيلي بحياتهم وأوضاعهم الصحية.

وطالب فروانة كافة الفعاليات الى توحيد خطابها وشعارها في ذكرى "يوم الأسير" على ان يستند الى المطالبة بحماية  الاسرى من خطر كورونا وتوفير سبل الحماية والوقاية لهم مع تسليط الضوء على سوء الاوضاع الصحية في سجون الاحتلال واشكال الاستهتار الاسرائيلي وعدم الاكتراث بحياتهم وكذلك الافراج عن الاسرى المرضى وكبار السن والاطفال والسيدات، باعتبارهم الفئات الاكثر عرضة للإصابة بخطر "كورونا"

 ودعا فروانة المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة الى ضرورة تفعيل أدوات المسائلة والمحاسبة تجاه مقترفي الانتهاكات وفاءً لالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتحرك الجاد والفوري لتوفير الحماية للأسرى من خطر "كورونا" والعمل على ضمان الإفراج عن المرضى وكبار السن والأطفال والسيدات باعتبارهم الفئات الأكثر عرضة للاصابة بوباء "كورونا" القاتل.

الأسرى

إقرأ المزيد في: فلسطين