خاص العهد
وادي مريمين.. هكذا أسقطت المقاومة الـ"يسعور"
سامر حاج علي
بضع سنوات مرت على انتهاء حرب لبنان الثانية، لنعود مع مهدي الضابط الميداني في المقاومة الإسلامية والذي كان شاهدًا على الملحمة البطولية التي نفذها ورفاقه في منطقة وادي مريمين في ياطر، عندما حاول جنود العدو الإسرائيلي التقدم للسيطرة على البلدة والتلال المحيطة بها، لما لها من أهمية استراتيجية تمكنه من السيطرة ناريًا على جزء كبير من الساحل الجنوبي.
في الأيام الأخيرة من العدوان، أطلقت قيادة العدو عملية برية كانت بمثابة الأمل الأخير لها للوصول إلى نهر الليطاني بعد سلسلة إخفاقات ميدانية واسعة لم تمكّنها من تحقيق أي من الأهداف التي أطلقت الحرب على أساسها، فدفعت بالمزيد من القوات إلى المعركة.
أحد محاور التقدم الذي خطط العدو للتوغل من خلاله كان باتجاه بلدتي كفرا وياطر اللتان كان قد فشل في الوصول إليهما بعد الضربات التي تلقاها في منطقة وادي العيون حين حاول إختراق خطوط المقاومين ليصل عبر صربين وبيت ليف، فقرر أن يصلهما جوًا عبر انزالات بمروحيات نقل كبيرة ظنًا منه بأن طريق الجو سيكون آمنًا.
يذكر الحاج مهدي هدير الطائرات مساء السبت الأخير من أيام العدوان "كنا ننفذ انتشاراً في المنطقة لعلمنا بأن العدو قد يلجأ إلى خيار جديد في المواجهة خاصة بعد فشله في اختراق الحافة الأمامية للحدود في المرات السابقة، وبعد الهزائم الني مُني بها في سهل الخيام ووادي الحجير".
قصف العدو بلدة ياطر بشكل عنيف يوم السبت في الثاني عشر من آب/ أغسطس، واستهدف عدداً من التلال التي تشرف على بقعة جغرافية أدركت المقاومة أنها منطقة محتملة لإنزال قوات عبر الجو، وفعلاً بدأت الطائرات المروحية بإنزال جنود في المكان، وكانت طائرة "شينوك" أو ما يسميها العدو "يسعور" تشارك في العملية فوق تلة مريمين فاستهدفها مجاهد من الدفاع الجوي في المقاومة الإسلامية بصاروخ جديد أطلقت عليه المقاومة إسم "وعد" فأصابها بشكل مباشر ما أدى إلى إشتعالها وتناثرها في الجو ثم سقوطها إلى الأرض بمن فيها.
بعد سقوط الطائرة دب الرعب في صفوف جنود العدو الذين أوقفت قيادتهم عمليتهم التي كانت قد دخلت فعلاً حيز التنفيذ بشكل مباشر لعلمها بأن ما كانت تخطط له قد كان مكشوفاً للمقاومة التي أسقطت الطائرة، يضيف مهدي: "تموضعنا في مكان سقوط الطائرة وأمطرت مجموعات المقاومة المنطقة بوابل من القذائف الصاروخية والمدفعية ودارت إشتباكات عنيفة مع من كان على الأرض من جنود صهاينة حاولوا بعد أربع ساعات من العملية سحب جثث وأشلاء من كان على متن اليسعور دون أن يتمكنوا من ذلك".
أصبح هم العدو سحب الأشلاء وإخلاء المنطقة التي رأى فيها شيئاً من جحيم المقاومين، فأوقف الهجوم باتجاه ياطر ومحيطها. ومع انتهاء الحرب في الرابع عشر من آب/ أغسطس أعطت المقاومة مهلة 48 ساعة للعدو لسحب جثث قتلاه وأشلائهم من المكان كما من بقية النقاط التي كانت لا زالت جثث جنوده فيها، ومع انتهاء المهلة توجه المقاومون مجدداً إلى مكان سقوط الطائرة والكلام للحاج مهدي "أحصيت مكان 15 جثة إسرائيلية في محيط حطام الطائرة وكانت أشلاء أحد الجنود لا زالت على احد المقاعد، كما وظهر واضحاً من خلال حركة بعض الحشرات أن ثمة أشلاء قد تعمّد العدو دفنها في التراب فقمنا باستخراجها وجمعنا الأعتدة التي تركها خلفه، ومن بين ما وجدناه بطاقة عسكرية لجندية صهيونية تدعى روز ابراهام ماشيح". ولكن في بحث سريع بأسماء القتلى الذين اعترف بهم العدو حينها لا نجد لروزا أي إسم، لنسأل "هل أن الإسم الموجود في البطاقة هو اسم وهمي ويأتي في سياق اجراء احترازي يعتمده العدو حتى لا يكشف الهوية الحقيقية لجنوده حال وقعوا في الأسر أو قتلوا" أم أن العدو أخفى حجم خسائره في تلك العملية ولم يعطي حصيلة حقيقية لقتلى من بينهم روزا ماشيح.. أو أن جثة روزا تناثرت على وقع نيران المقاومين ولم يصل العدو لحقيقة مصيرها إلى اليوم فلم يعلن مقتلها لكونه لم يصل لجثتها!".
عاد مهدي بالبطاقة التي لا زال يحتفظ بها إلى نفس المكان الذي وجدها فيه قبل 13 عاماً: "في المرة السابقة جمعنا أشلاءهم بأكياس الخيش وأرسلناها لهم ولكن في المرة القادمة إذا فكر العدو بالحرب فإن الأكياس لن تكفي..".
وفي ابتسامه سريعة يتابع "لم يكن لدى العدو أي تفوق في عدوان تموز 2006 إنما تميّز بالفشل والخيبة وليته أكمل الحرب ولم يوقفها عندما سقطت طائرة مريمين..".
#صيف_الانتصارات
الانتصار الإلهيحرب تموز 2006وادي مريمينيسعورسامر حاج علي#صيف_الانتصارات