معركة أولي البأس

خاص العهد

حرائق على مدّ النظر و
05/08/2019

حرائق على مدّ النظر و"مأمورو الأحراج" ممنوعون من الخدمة

فاطمة سلامة

لم يستطع جهاد طباجة إخفاء مشاعر الغضب التي انتباته أثناء مروره من "وادي الحجير". آثار الحريق في تلك "المحمية" أثارت "حميّته"، فبأي قانون ودستور نمنع الحماية عن ثرواتنا ونتركها بلا حارس ولا رقيب؟ لا يتحدّث طباجة بصفته مواطناً عادياً وهو الناجح في مجلس الخدمة المدنية مع وقف "التوظيف" لوظيفة "مأموري الأحراج". تداعيات الحريق لم تمر مرور الكرام أمام ناظريه. كانت محفّزاً له لاسترجاع المحطات التي مرّت بها قضية "مأموري الأحراج" الذين فازوا بكفاءتهم، لكنّهم حُرموا من حقّهم تحت حجج "طائفية" واهية، كما يقول. فهو لا يتفهّم مُطلقاً المغزى من أن تحرم السلطة السياسية ثرواتنا الطبيعية من مقومات الحياة، طالما أن "الدواء" موجود. 

لا يزال طباجة يتذكّر اللحظة التي أُعلنت فيها نتائج المباراة في الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2016. "حينها لم تكن الفرحة تسعني، شعوري فوق الوصف"، يقول المتحدّث. إنه بمثابة "حلم" لم تكتمل الفرحة بتحقيقه. ولا يُخفي طباجة أنّه كأي لبناني لطالما انتابه احساس بالخيبة جراء نهج "المحسوبيات" المستخدم بقوة في لبنان. إلا أنّ امتحانات مجلس الخدمة المدنية أعادت اليه الأمل قليلاً بالوطن، فهذه المؤسسة لا غبار عليها وتكاد تكون الأنزه. خضت التجربة، ونجحت، لا بل تفوقت مع فارق 7 علامات بيني وبين الأول، إلا أنّ سلاح الطائفية حرمني حقي في التوظيف، يتابع طباجة الذي يتحدّث مستغرباً ما قيل ويقال في هذا الصدد. وبالعربي "المشبرح" يقول " تقدّم الى الاختبار 1700 شخص، من بينهم 1530 مسلماً، و170 مسيحيا، فاز 89 مسلماً، و17 مسيحياً، ما يعني أن نسبّة الناجحين المسيحيين 10 بالمئة والمسلمين 5.81 بالمئة". هذه الحسابات ـ برأي طباجة ـ تُبيّن بما لا يقبل الشك أنّ القضية أبعد ما تكون عن الطائفية. 

ويأسف طباجة لمسلسل المماطلة والتسويف الذي يسود هذا الملف. ففي كل مرّة يُدرج فيها على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، أو يجري الحديث عن "تحريكه" تبرز "حجة" جديدة. وفي هذا الإطار، يُذكّر طباجة بأحد المراسيم التي وُقّعت لإحداث تعيينات في وزارة الخارجية والمغتربين والتي تبيّن فيها أن هناك 17 من لون طائفي معيّن وثمانية من لون آخر. فيسأل طباجة: أين التوازن الطائفي في هذا المرسوم الذي وُضع على نار حامية حتى وُقّع؟ ولماذا ازدواجية المعايير؟  وأكثر ما "يعز" على المتحدّث أنّ عدد "مأموري الأحراج" في لبنان محدود جداً، حتى أن سن بعض الموجودين لم تعد تسمح لهم بمتابعة عملهم كما يجب وفي الظروف التي تفرضها الأحداث. 

يختم جهاد حديثه بالتأكيد "أننا لن نتراجع عن المطالية بحقنا، رغم أنّنا نشعر بين الحين والآخر ببعض الإحباط واليأس، وهو شعور لن يفهمه سوى من يعيشه".  
 
موسى.. "كفى ظلماً"
 
ما يشعر به طباجة، لا يختلف عن شعور ابن بلدة "دير القمر" نزار مخايل موسى الذي يؤمن بأن القضية أبعد ما تكون عن الطائفية. الأخيرة "شماعة" فقط لتمرير غايات وحسابات سياسية. يصف موسى حالة "القهر" التي يعيشها يومياً والتي دفعته الى العمل "مزارعاً" للوفاء بمسؤولياته حيال عائلته. "كفى ظلماً ومراوغة ومناكفات سياسية"، يقولها بغصّة وهو الذي يؤكّد أنه لا ينتمي لأي جهة سياسية. يؤمن موسى أن لا دولة في لبنان، ولا جهة تسأل عن مواطنيها، ففي كل مرة تُطلق فيها الوعود تذهب هباء منثورا. إلا أنّ المتحدّث يعود عن نظرته التشاؤمية ليقول "عزاؤنا في بعض الكتل السياسية التي تطالب دوماً بحقنا، فنحن أصحاب حق، وكما يقول الإمام علي (ع) "ما ضاع حق وراءه مطالب"، سنظل نُطالب حتى النهاية".  

الزين: لا امكانيات مادية ولوجستية

والجدير ذكره أنّ عشرات الحرائق اندلعت في السابع عشر من تموز/يوليو الفائت في لبنان، سيما في  الجنوب، بموازاة "النقص" الكبير في "مأموري الأحراج" الأشخاص المولوجين مهمة حماية الثروة الحرجية. وفي هذا الصدد يقول رئيس اتحاد بلديات جبل عامل الحاج علي الزين لموقعنا إنّ عدد المأمورين محدود جداً. فمثلاً "مأمور الأحراج" المتواجد في مرجعيون يبعد عشرات الكيلومترات عن المناطق التي حدث فيها الحريق مؤخراً. حتى هؤلاء المأمورين الموجودين حالياً يعانون من عدم وجود إمكانيات مادية ولوجستية للتحرك، ما يعني أن وجودهم وعدمهم واحد، الأمر الذي يجعلنا نقول أإننا نعاني من غياب كامل لمأموري الأحراج في بنت جبيل وصور ومرجعيون، مع ما يحمله هذا الغياب من تداعيات شهدناها الشهر الماضي. 

نحلة: مهام متعدّدة وعدد محدود 

المراقب المركزي للأحراج في لبنان ورئيس جمعية "أخضر بلا حدود" زهير نحلة يتحدّث لموقع "العهد الإخباري" عن النقص الكبير الذي نشهده في عدد "مأموري الأحراج" الذين لا يتجاوز عددهم حالياً الـ120 على صعيد لبنان، والـ40 جنوباً، رغم أننا نمتلك ثروة حرجية كبيرة جداً، ونحتاج أضعاف العدد المطلوب لحمايتها. ويوضح نحلة أنّ أمام "مأموري الأحراج" مهام متعدّدة جداً تبدأ من حماية الثروة الحرجية من التعديات، إضافة الى حماية الثروة السمكية، مروراً بالاشراف على "تشحيل" الأحراج وتنظيفها و"تعليم" المواطنين الطرق السليمة، وليس انتهاء بالقيام بدوريات من الصباح حتى المساء على مختلف المناطق الحرجية والمزروعة لمنع الاعتداءات، و"تسطير" محاضر ضبط  بحق المخالفين للقوانين.

إقرأ المزيد في: خاص العهد