خاص العهد
أزمة النفايات.. عود على بدء و"المحارق" خيار الضرورة
فاطمة سلامة
يروي لنا أحد اللبنانيين المُقيمين في إيطاليا حادثة حصلت معه شخصياً، حيث اضطر الى دفع مبلغ 500 يورو كعقاب له على مخالفة. ما هي؟. إقدامه على "خلط" "زجاجة" مياه داخل المستوعب المُخصّص لرمي "بقايا" الطعام. ففي "إيطاليا" تعمد البلديات الى توزيع 4 مستوعبات على كل منزل: الأول للأشياء الزجاجية، الثاني لكل ما يتعلّق بالورق والكرتون والبلاستيك، الثالث للمعادن، أما الرابع فلبقايا الأطعمة. تلقّى "المُخالف" محضر الغرامة من شرطي البلدية، وفي "دردشة" سريعة قال له إنّ السلطات لا تهدف من وراء هذه "الغرامة" الى جمع الأموال، إنّما الهدف الأساسي هو ردع المواطنين عن مخالفة قد تُحدث أزمة بيئية كبرى لإيطاليا. بالنسبة لشرطي البلدية فإنّ مساهمة المواطنين في عملية فرز النفايات تُساعد في بقاء مشكلة النفايات تحت السيطرة.
ما سبق ذكره يُشكّل نموذجاً مصغّراً لكيفية تعاطي الكثير من الدول في العالم مع ملف النفايات. أما في لبنان، فتُشكّل هذه القضية أزمة الأزمات منذ سنوات طويلة. في إحدى المرات وصل صيت لبنان الى العالمية عبر صورة وثّقتها عدسة شبكة "سي إن إن". والجدير ذكره أنه وفي كل مرّة تُطل برأسها هذه الأزمة يُصار الى طرح حلول مؤقتة سُرعان ما تفقد صلاحيتها، لتعلو الأصوات من جديد. تماماً كما يحصل اليوم، بسبب عدم قدرة مطمر "الكوستابرافا" على استيعاب نفايات بلديات عديدة، وهو الأمر الذي حذّر منه اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت سابقاً، إلا أنّه وكالعادة لا تتحرّك الحكومات إلا عندما تقع "الواقعة".
والمفارقة تكمن في أنّ مشكلة النفايات لا تزال مستمرّة رغم طرح الكثير من الخطط والمقترحات العلمية والعملية على مدى سنوات، فما الذي حال دون تطبيق هذه الخطط؟.
عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن يُشدّد في حديث لموقع "العهد الإخباري" على أنّ الحكومة اللبنانية اتخذت عام 2010 قراراً بإقامة "محارق" للنفايات و"استرداد الطاقة" عبر التقنيات الحديثة. المقترح هذا لم يسلك طريقه نحو التطبيق لأسباب عدة منها سياسة "المحاصصات" والمناكفات السياسية، أو "العجز" وعدم القدرة على تطبيق المقررات.
ويُشدّد الحاج حسن على أننا في بلد كلبنان، وفيما تواجه "المطامر" رفضاً قاطعاً من قبل مختلف المناطق، لا حل أمامنا سوى مخرج "استرداد" الطاقة (المحارق) أو ما يُسمى بـ"معامل التفكك الحراري" وهو النموذج المستخدم في الكثير من دول العالم، كالنمسا، فرنسا، وغيرهما من البلدان التي تولي أهمية قصوى للمواصفات العلمية والصحية. ويلفت الحاج حسن الى أنّ لبنان تلقى الكثير من العروضات لحل هذه الأزمة، إلا أنّ "العقلية" التي جرت بها مقاربة هذا الملف حالت دون إرساء الحلول الجذرية.
وزير البيئة: الوقت للعمل
يرفض وزير البيئة الحديث عن كل ما يُغلّف أزمة النفايات اليوم، وفي هذا الصدد تقول مصادره لموقع العهد الإخباري إنّه وفي ظل تجدد الأزمة و"حراجة" المرحلة فإنّ الأفضل أن يكون الوقت للعمل لا للتصاريح، موضحةً أنّ وزارة البيئة تعمل حوالى 14 ساعة في اليوم لإنجاز خطة وطنية تُخلّص لبنان من هذه الأزمة.