إعلاميون عرب وأجانب جالوا جنوبًا: رأينا النصر في وجوه أهل المقاومة

تصوير: موسى الحسيني

هو الجنوب، تلك الأرض المقدسة التي ما إنّ وصلتها شممت في ترابها عطر الثائرين والثابتين وصنّاع النصر وحفظة الكرامة، هذا التراب المجبول بالدم الذي سال على حجارها وفي بيادرها وحقولها لكي تبقى الراية خفّاقة، ولكي لا تسقط لنا راية.

وفي إطار التحضيرات الرسمية التي تجريها اللجنة العليا لمراسم تشييع الأمين العام لحزب الله الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله (رض) والأمين العام السيد الهاشمي هاشم صفي الدين (رض)، أقيم أمس الخميس 20 شباط/فبراير 2025 جولة خاص للإعلاميين اللبنانيين والعرب والأجانب في جنوب لبنان، جولة بدأت مسيرها صباحًا، والوجهة الأولى كانت بلدة دير قانون النهر في قضاء صور، البلدة التي ستحتضن في ثراها جثمان السيد الهاشمي الاثنين المقبل، حيث يُشيّع بين أهله ومحبيه محمولًا في النعش على الأكتاف، بعد أن حمل على كتفه طيلة الأعوام الماضية منذ انطلاقة المقاومة، أحمالًا ثقيلة لأجل صون هذا النهج وحفظ هذه المسيرة.

دير قانون
وخلال الجولة في مكان المرقد الذي سيوارى فيه جثمان الشهيد السيد صفي الدين كانت كلمة لمسؤول الإعلام في منطقة جبل عامل الأولى سلمان حرب، أعلن فيها عن آخر التحضيرات والتجهيزات استعدادًا ليوم التشييع، مشيرًا إلى أنّه "شاء الله عز وجل أن يكون موقع مكان دفن السيد هاشم صفي الدين، بمنزلة وصل الأرض بالأرض ووصل الدم بالدم، من البقاع الشمالي حيث الأمين العام الشهيد السيد عباس الموسوي، إلى الضاحية الأبيّة وقلب بيروت، إلى الجنوب الأبي والمقاوم، لتكون كل الجهات وكل الجبهات وكل الاتجاهات مقاومة وعزة لهذا الوطن". 

بدوره ذكّر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين بفاتح عهد الاستشهاديين أحمد قصير "الذي وجّه أول وأعظم وأهم ضربة في تاريخ الصراع مع هذا العدو"، وقال: "من هذه الأرض التي دنّسها العدو بإجرامه وعدوانه الدائم والمستمر نؤكد أن العدو لن يهدأ له بال، ولن يعرف الاستقرار والثبات على الإطلاق"، وأضاف: "هذا الاحتلال طالما بقي وأصرّ على البقاء فهو محتل، ومن حق كل إنسان على هذه الأرض، حق طبيعي وإنساني وإلهي ومشروع في مواثيق كل الأمم المتحدة وغيرها، الدفاع عن نفسه وأرضه، وهذا الحق لا يستطيع أن يسلبه أحد"، لافتًا إلى أنّنا "سنشهد الأحد يومًا وطنيًا بامتياز تجتمع فيه الأمة حول قائدها لتلقي نظرة الوداع على القائد التاريخي الاستثنائي".

حولا
وبعد إقامة صلاة الظهر تابع الوفد الإعلامي مسيره باتجاه بلدة حولا، مرورًا بوادي الحجير ومفترق قبريخا ومجدل سلم، الطريق التي لا تزال آثار العدوان "الإسرائيلي" ظاهرة وجلية عليه، في الأراضي الزراعية والأبنية، والطرقات المخربة، وكلها دلائل واضحة شاهدة على سياسة التدمير التخريبي المقصود من قبل الاحتلال، في محاولةٍ منه لزرع الإحباط في نفوس الجنوبيين، ولإشعارهم باليأس، لكن خابت وفشلت كل رهاناته، فهو لا يعرف صمود وإرادة اللبنانيين الجنوبيين.

ومع وصول الوفد إلى وجهته الأخيرة في حولا، عاين الإعلاميون أحياءها وشوارعها المدمّرة، وشاهدوا عن قرب حجم الدمار الكارثي الحاصل فيها، حالها كحال غالبية قرى الشريط الحدودي، ومع اقترابنا من ساحة البلدة التقى الوفد بالأهالي المتجمعين في ساحتها، فرحبوا بهم وأخذوا يحدثونهم ويعرفونهم على البلدة وعما جرى عليها وفيها، ويؤكّدون مرارًا وتكرارًا أن كل هذا الدمار والخراب والقتل لن يدفعهم لخذلان المقاومة، بل زاد من تمسكهم بهذا المسار حتى لو لم يبق حجرٌ على حجر، أو حتى لو لم يبق أحدٌ ليروي ما جرى. 

نائب رئيس بلدية حولا
وقال نائب رئيس البلدية عدي مصطفى لـ "العهد" إنّ "العدو خلّف دمارًا كبيرًا في البلدة، وردنا هو الماثل أمامك"، وأضاف: "هذا الكيان لنا معه جولات سابقة، وقد دُمرت حولا في العام 1942 وحرقت البيوت وسرقت كما حدث الآن"، لافتًا إلى أنّ حولا "نهضت وقامت شامخة بشبابها، وبمقاوميها، وبنسائها، وبرجالها وعادت".

وأردف: "الآن الرسالة هي ذاتها، حولا قوية ومقاومة، كانت وستبقى على هذا الخط، ستنهض من تحت الركام ومن تحت الرماد، بفضل الشهداء ودماء الشهداء، وآلام الأسرى والجرحى، وصمود أهالي البلدة الشرفاء الذين قدموا التضحيات الكبرى"، مؤكّدًا أنّ أهالي البلدة لن يستكينوا ولن يتخلوا عن هذا الخط، وتابع: "وستعود حولا بإذن الله أجمل مما كانت وسنبقى شوكة في عين العدو، وسنبقى على الحدود، وإن شاء الله سنعبر إلى فلسطين".

أحد أبناء حولا
من جانبه حسين عوض عوض، وهو أحد أبناء البلدة الذين قدموا عددًا كبيرًا من أفراد العائلة شهداء (قرابة الـ 16 شهيدًا) قال: " لو دمر العدو كل ما بوسعه تدميره، وفعل كل ما باستطاعته القيام به، لن نتخلى عن أرضنا، وكل ما قام به في البلدة هو دليل على فشله،  فهو استقوى علينا بطائراته ودعم الأميركي له، بينما نحن صمدنا وقاتلنا باللحم الحي"، وتابع: "سنبقى في المقاومة، ثابتين في أرضنا، وفداءً للسيد حسن نصر الله أولادي، وأولاد أخي، وأولاد أهلي، وكل ما نملك".

ولفت عوض إلى أنّه سيشارك في تشييع الشهيد الأسمى ولو كان ارتفاع الثلوج مترًا، مضيفًا: "سنشيعه ونعاهده بالثبات على نهجه، ونحن معك يا سيد، حتى لو كان لحمك ودمك في الثرى، نحن معك لآخر لحظة كأصحاب الحسين "ع"، سنبقى مع المقاومة لآخر دقيقة من دقائق العمر". 

رئيس اتحاد بلديات جبل عامل
بدوره رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي طاهر ياسين قال: إنّ "إصرار العدو على بقائه في أراضي لبنانية جديدة محتلة يُجابه بإصرار الناس على العودة إلى كامل قراها ونحن إلى جانبهم وسنسير معهم". 

وأضاف: "الدمار الواضح الهمجي يدل أنّه ليس دمار حربٍ بل دمار إبادة". 

وأردف ياسين: "نحن قدمنا طلبًا رسميًّا كاتحاد بلديات جبل عامل إلى الحكومة لإعلان هذه المنطقة منطقة منكوبة، لأن في كل دول العالم، إذا طال الدمار والضرر البشر والحجر والشجر بنسبة الـ 20 لغاية الـ 22 بالمئة من مساحة المكان يُعلن المكان منطقة منكوبة، أما لدينا في الجنوب فهناك أكثر من 80% من معالم الحياة والبنيان والبنى التحتية جميعها مهدمة، هذا إلى جانب عدد كبير من الشهداء، ولذلك يفترض إعلان هذه المنطقة منطقة منكوبة من أجل التسريع بإعادة الإعمار".

كاتب يمني
من جانبه قال الكاتب السياسي اليمني علي المحطوري إنّ الزيارة تأتي "تبريكًا وتعظيمًا للشهداء وتضحيات المقاومة الإسلامية وعلى رأسها سماحة السيد حسن نصر الله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين"، مشيرًا إلى أنّ ما فعله العدوّ "الإسرائيلي" من دمار ومن اغتيالات لن يضعف المقاومة ولن يكسر إرادتها".

وأردف: "ما وجدته لدى جمهور المقاومة هو المزيد من العزيمة والتمسك بخط المقاومة، وما زادتهم شهادة السيد نصر الله إلا إيمانًا ويقينًا وثباتًا على هذا الطريق، طريق الجهاد والمقاومة حتى النصر بإذن الله"، لافتًا إلى أنّ "العدوّ "الإسرائيلي" يتوهم بأنّه كسر إرادة المقاومين بهذا الدمار، هذا الدمار سوف يُعاد بناؤه، ودماء القادة الشهداء ستوقد نصرًا مؤزرًا بإذن الله".

مديرية إعلام الحشد الشعبي
بدوره، قال أحمد كريم من مديرية إعلام الحشد الشعبي العراقي: إنّ "بعض الواهمين يظنون أن الناس ستترك المقاومة وتهجر طريقها بعد رؤية ما صنعته آلة الحرب "الإسرائيلية" من تدمير وتخريب وقتل وتهجير لمناطق جنوب لبنان، لكن العكس تمامًا، الناس متمسكة رغم الدمار والخراب بهذا الطريق والمنهاج، وهذا التمسك تمسك غريب وراءه أسرار وأبعاد كثيرة".

وحول الدور الذي لعبته المقاومة العراقية في إسناد المقاومة في لبنان وغزة شدّد كريم على أنّ "طريق المقاومة ليس خيارًا سياسيًا أبدًا، بل هو خيار وجودي"، لافتًا إلى أنّه "إذا لم تقاوم فإنك تقتل".

وأردف: "منهاج المقاومة مستمر وواضح وعلى درب واحد، فطريق المقاومة هو واحد، إنْ كان في لبنان أو في العراق أو في غزة أو في أي مكان يقاوم المحتل".

واختتمت الجولة في آخر نقطة يمكن الوصول إليها في بلدة حولا من جهة مركبا، حيث ما زال العدو يحتل جزءًا منها، باستحداثه موقعًا عسكريًا رفع أمامه السواتر الترابية ونشر على جوانبه دبابات "الميركافا"، فكانت محطة استغلها المشاركون لتوثيق الخرق الفاضح لاتفاق وقف إطلاق النار وتوجيه رسائلهم المسجلة والمباشرة.

 

المقاومة الإسلاميةالجنوبإنا على العهد

إقرأ المزيد في: خاص العهد