خاص العهد
الأسيرة المحرّرة خالدة جرار تروي لـ"العهد" تجربة أشهر من العذاب في سجون الاحتلال
في قلب سجون الاحتلال "الإسرائيلي"، حيث لا صوت يعلو فوق صرخات المعاناة ولا ملامح تبقى دون أن تختفي تحت وطأة العزل الانفرادي، عاشَت الأسيرة الفلسطينية المحررة خالدة جرار تجربة قاسية تركت آثارًا لا تمحى على جسدها وروحها.
بعد ستة أشهر من العزل الانفرادي في سجن الرملة، خرجت جرار لتروي جانبًا من معاناتها، مُلقية الضوء على أبشع أساليب القمع التي يمارسها الاحتلال ضدّ الأسرى الفلسطينيين.
"لن تعرفي سبب ولا مدة العزل"، تلك كانت إجابة ضابطة مخابرات العدوّ الصهيوني عندما سألت جرار عن السبب وراء احتجازها في العزل. كلمات باردة تتنكّر لأي مبرر قانوني أو إنساني، لتدفعها لتعيش في عالمٍ معزولٍ من دون أي تفسير، سوى أن هذا هو واقع الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون في صمت.
عندما جرى الإفراج عن جرار ضمن المرحلة الأولى من "اتفاق" "طوفان الأقصى"، كان يمكن للزوار رؤية آثار التعب والضيق على وجهها، رغم مرور يوم كامل على خروجها من الزنزانة. وحين التقوا بها في قاعة الاستقبال بمدينة رام الله، وصفت تلك الأيام القاسية بقولها: "كنت معزولة في قبر".
تصف جرار، في حديث لموقع "العهد" الإخباري، هذه التجربة بأنها واحدة من أصعب فترات اعتقالها، فعلى الرغم من أن العزل استمر لستة أشهر فقط، إلا أن تلك الأشهر كانت كفيلة بأن تترك أثرًا عميقًا في نفسها وجسدها.
وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، نُقلت جرار إلى العزل الانفرادي، حين كانت درجات الحرارة في أعلى مستوياتها. كانت الزنزانة التي احتجزت فيها لا تتعدى مساحتها مترين طولًا و1.5 متر عرضًا، بلا أي نافذة أو منفذ للتهوئة. كانت الأبواب مغلقة تمامًا، حتّى نافذة الباب الصغيرة كانت مُغلقة تمامًا.
تستذكر جرار بمرارة كيف أن درجات الحرارة كانت تصل إلى 45 درجة مئوية، ومع انقطاع الماء في الزنزانة بشكل متكرّر، كانت تعيش ظروفًا أشبه بالعذاب اليومي.
تقول خالدة جرار في حديثها لموقعنا: "كنت في فرن، لا أستطيع أن أتنفس، ولا أنام بسبب الحرارة".
وفي الأيام الأولى من العزل، لم يُسمح لها بالخروج من الزنزانة سوى لساعات معدودة، مع تأخير دائم لوجبات الطعام، ليبقى الوقت طويلًا وسط عزل تام.
وبحسب حديثها، كانت معاملة السجانين أشد قسوة، بدافع من الحقد والتعمد في إلحاق الألم.
كما نقل محاموها عن جرار تفاصيل أكثر مأساوية حول العزل. فقد كان المرحاض في الزنزانة، وفوقه شباك صغير، تم إغلاقه لاحقًا بعد يوم واحد من نقلها.
وتضيف جرار: "كنت أعيش في زنزانة مغلقة بالكامل، ليس هناك أي متنفس للهواء. كانت تلك لحظات من الاختناق الدائم".
وبعد 16 يومًا من العزل، أشارت جرار إلى أن الوضع كان يزداد سوءًا بسبب درجات الحرارة المرتفعة، حيث كانت تشعر وكأنها محاصرة في فرن لا يطاق. ورغم محاولاتها المستمرة في طلب الماء، كان السجانون يتأخرون وفق روايتها في تلبية طلباتها لساعات طويلة، لتزيد بذلك معاناتها.
فلسطين المحتلةالأسرى والمعتقلون
إقرأ المزيد في: خاص العهد
22/01/2025