خاص العهد
عراقتشي في دمشق حاملًا رسالة دعم مفتوح للقيادة السورية
على وقع الهجوم الكبير الذي تشنه المجاميع الإرهابية المسلحة، في الشمال السوري، ومساعيها لتغيير الواقع الميداني هناك التزامًا بالإشارة التي أطلقها رئيس وزراء العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو إزاء سورية، والرئيس بشار الأسد، تحديدًا حطت طائرة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي في دمشق حاملًا معه رسالة دعم مفتوح للشعب والقيادة السورية جريًا على عادة إيران في الملّمات التي يخوضها حلفاؤها في جبهة المقاومة.
وصول وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق كان قد سبقه العديد من التصريحات الإيرانية من أعلى المستويات القيادية، في الجمهورية الإسلامية، والجازمة في مسألة تقديم الدعم لسورية وعدم السماح للأعداء باستثمار ما يجري فيها. وهذه التصريحات أتت على لسان الرئيس الإيراني والوزير عراقتشي وقادة كبار في الحرس الثوري؛ شددوا على متانة العلاقة وأهميتها في صون منجزات الصراع ضد الكيان الصهيوني.
تنشيط لحركة مكافحة الإرهاب
أكد المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة أن العلاقات ما بين سورية وإيران عميقة إلى المرحلة التي يمكن الحديث فيها عن وحدة المصير، وهي أكبر من التعاون الإستراتيجي على مستوى محاربة الإرهاب. وفي حديث خاص لموقع العهد الإخباري؛ أشار دنورة إلى أن الدور الإيراني في محاربة الإرهاب في سورية هو دور أساسي ومشهود له. والشهيد قاسم سليماني كان في الخطوط الأولى في محاربة الإرهاب، وهناك فيديوهات توثق وجوده على بعد أمتار قليلة من خنادق الإرهابيين في خطوط التماس في ظل إطلاق النار الكثيف؛ فضلًا عن ارتقاء العديد من الشهداء الإيرانيين على الأرض السورية في أثناء مشاركتهم في معارك مكافحة الإرهاب ووجود جهد عسكري مبارك في هذا السياق، وكذلك كان هناك جهد مادي ولوجستي وعسكري إيراني في تقديم الدعم للجيش السوري.
يضيف دنورة أن أهمية الدور الإيراني في دعم سورية تتجدد، اليوم، من خلال تنسيق البلدين في تنشيط جهود مكافحة الإرهاب بعد الهجوم الإرهابي الموسع في الشمال السوري، والقضاء على هذه الظاهرة بشكل كامل؛ مشيرًا إلى أن هذا الإرهاب أضرّ كذلك بالأمن الإيراني حين قام تنظيم داعش، والذي يعدّ صنوًا لتنظيم جبهة النصرة الإرهابية، بعمليات إجرامية في الداخل الإيراني، واضطرّت آنذاك الدولة الإيرانية للرد بصواريخ باليستية أطلقتها على مواقع التنظيم التكفيري من الأراضي الإيرانية باتّجاه مواقع الإرهابيين في سورية.
كما لفت دنورة إلى أن الدعم الإيراني الذي حمله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي إلى دمشق يأتي كذلك في سياق دعم الأمن الاستباقي الإيراني ومكافحة الإرهاب، والتي ما كان أحد ليتوقع الانتصار فيها لولا مساندة الجيش الإيراني؛ حيث الجهد الإيراني ضروري ومحوري في هذه العملية. والدعم القوي الذي أتى على المستوى السياسي من الجانب الإيراني والوقوف الواضح والحاسم والجلي من الأوساط السياسية والعسكرية والحرس الثوري الإيراني بقي له أبلغ الأثر في كبح التمدد الإرهابي.
هذا؛ وشدّد دنورة على أهمية الدعم السياسي الذي تقدمه إيران لسورية كونها أحد الأطراف الضامنة لمسار أستانا وأحد المعنيين الأساسيين بالتسويات الميدانية والسياسية في سورية. لذلك هذه الجولة للوزير عراقتشي من شأنها أن تضع النقاط على الحروف لجهة الضغط على الأطراف الإقليمية التي لم تلتزم بتعهداتها السابقة في ما يتعلق بمسار أستانا ومناطق خفض التصعيد. ولفت المحلل السياسي إلى أن هذا الجهد والمسار العسكري الدائم سوف يسير بالتوازي مع جهد دبلوماسي وسياسي وازن. وهو أمر ضروري لأخذ زمام المبادرة مجددًا بعدما استطاع الجيش السوري الثبات واستعادة بعض المناطق التي خسرها تمهيدًا للهجوم المضاد الكبير ضدّ المجموعات الإرهابية، وتحويل هذا التقدم إلى معطى سياسي يسهم في تكريس التفاهمات الإقليمية والتأسيس لمرحلة جديدة خالية من الإرهاب على الجغرافيا السورية وفي عموم المنطقة.
يختم دنورة حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن زيارة عراقتشي إلى سورية والتصريحات المهمة التي سبقتها على لسان كبار القادة الإيرانيين عضدت من الموقف السوري دبلوماسيًا وعلى مستوى أداء الجيش السوري الميداني، سيما وأن العديد من دول المنطقة بدأت تعي أهمية الدور الإيراني في مكافحة الإرهاب ومحاصرته عسكريًا وسياسيًا.
غطاء عربي غير مسبوق
من جانبه رأى المحلل السياسي محمد خالد قداح أن الظروف الحالية التي يحارب فيها الجيش السوري الإرهاب تختلف كلّيًّا عما كانت عليه الأمور في بداية الأزمة السورية في العام ٢٠١١. وفي حديث خاص بموقعنا لفت قداح إلى أن العرب كانوا جزءًا من عملية دعم الإرهاب الممنهج في سورية أبان نشوب الأزمة قبل ثلاثة عشر عامًا؛ لكنّ معظمهم، اليوم، قد بادروا إلى الحديث عن وحدة الأراضي السورية وسلامتها وحق دمشق في الدفاع عن أرضها. وتجلى ذلك في الاتّصالات التي أجراها وتلقاها الرئيس بشار الأسد ووزير خارجيته مع القادة ووزراء الخارجية في الإمارات والسعودية ومصر وعمان والعراق وغيرهم؛ فضلًا عن بيان جامعة الدول العربية الذي كان لافتًا في هذا السياق.
كما أضاف قداح خاتمًا أن دمشق لا تطمع من العرب حاليًّا بأكثر من هذا الموقف الذي لا يغطي الإرهاب، ويفهم خطورة التمدد التركي داخل الجغرافيا العربية وانعكاسه المباشر على أمن دولهم، في حين أن تعويل سوريا على رسالة الدعم المفتوح التي حملها عراقتشي معه إلى سورية يبقى هو الأساس؛ لأن التجربة مع إيران تؤكد أنها لا تتخلى عن حلفائها، ولا تبيع وتشتري في بازار السياسية الدولية، كما يفعل غيرها.
سورياالجمهورية الاسلامية في إيران
إقرأ المزيد في: خاص العهد
02/12/2024
القرض الحسن: صمود وعمل مستمر رغم العدوان
30/11/2024