خاص العهد
تقارب بين المختارة وطهران..وجنبلاط للعهد: اللقاء مع السفير الإيراني صريح ووديّ للغاية
فاطمة سلامة
لا يُمكن لمن يرى السفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا في ضيافة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن يمر على الصورة مرور الكرام. من حيث الشكل قد تبدو زيارة طبيعية من سفير جديد لمسؤول لبناني في إطار ما يُسمى بزيارات التعارف. أما من حيث المضمون، فتحمل الصورة ما تحمله من معان تتخطى المعنى الضيق للسياسة، التي غالباً ما تُبهرنا بتقلبات يصدق معها كلام البعض بأنّ هذه المسماة سياسة لا ثابت فيها. فحتى الأمس القريب لم تكن العلاقة بين المختارة وطهران على ما يُرام. الأخيرة نالت بعض الرشقات الجنبلاطية، وكان لها نصيبٌ من تغريدات كليمنصو اتهمتها بعرقلة تشكيل الحكومة. في الساعات الماضية، برز لقاء بين جنبلاط وممثّل إيران في لبنان. لقاء عبّر عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديث لموقع العهد الإخباري بأربع كلمات "جيد، إيجابي، ودي للغاية، وصريح".
اللقاء الذي استمرّ قرابة الساعة، بحث فيه المجتمعون -وفق ما يقول جنبلاط- ملفات عديدة تنوّعت بين لبنان والمنطقة وكانت وجهات النظر متطابقة في بعض القضايا ومتفاوتة في البعض الآخر. وهنا تردّد أوساط مطّلعة على الاجتماع ما قاله جنبلاط لناحية الإيجابية الواسعة التي تمتّع بها اللقاء، لافتةً الى أنه شكّل فرصة لاستعراض العلاقات اللبنانية-الإيرانية وقضايا المنطقة من سوريا الى اليمن، ففلسطين القضية الأساس، حيث اتسمت النقاشات بالصراحة والإيجابية في مقاربة القضايا. ورغم أهمية اللقاء، إلا أنّ المصادر لا تضعه إلا في السياق الطبيعي من قبل أي سفير، مشيرةً الى أنّ هذا النوع من التواصل لم ينقطع مع السفراء السابقين رغم الاختلاف في وجهات النظر.
والجدير ذكره أنّ من يعرف "العقلية" الإيرانية في مقاربة الأمور والملفات، يدرك جيداً أنها تعمل على قاعدة "امتصاص" الرأي الآخر بطريقة عقلانية، وبما يتناسب مع مصالح المنطقة، وعليه يمكن تسجيل عدة ملاحظات على هامش اللقاء وخلفياته:
1- يأتي اللقاء ترجمة للحرص الإيراني على الحفاظ على العلاقة مع جنبلاط كونه واحدًا من القيادات البارزة والتي يرغب الايرانيون بالحفاظ على علاقة ود وصداقة معها رغم التباينات والقراءات المختلفة إزاء تطورات المنطقة، بالمقابل هناك حرص متبادل من قبل جنبلاط لأنه يدرك جيداً حجم الدور الذي تلعبه إيران في المنطقة في مواجهة المخططات الرامية الى تفتيت المنطقة وسلب خيراتها، ما حدا بكليمنصو الى إبقاء خطوط التواصل مفتوحة مع طهران
2-اللقاء بحد ذاته ليس الأول ولن يكون الأخير بطبيعة الحال -وفق ما تؤكّد مصادر متابعة- فالعلاقة وإن مرّت بحالات من المد والجزر بين الجانبين إلا أنها قائمة وتزداد متانة
3- يتفهم الايرانيون جيداً الخصوصية التي يتمتع بها جنبلاط داخل الواقع اللبناني الرحب والفسيفساء اللبنانية المتنوعة، وهم وعلى الرغم من علاقاتهم وبراعتهم في إدارة سياساتهم الخارجية منفتحون وحريصون على سماع النقد البناء الذي يصب في خدمة الصالح العام والأهداف المشتركة، وذلك ضمن آليات التنسيق المشتركة، أي بطريقة لا تشكّل استفزازاً لطرف في العلاقة على غرار التغريدات الاتهامية التي غرّد بها جنبلاط
4-يحرص الايرانيون على تذليل الهواجس التي تعتري جنبلاط إزاء التطورات في المنطقة،
ويعمدون الى وضع القيادات اللبنانية في صورة مواقف وتوجهات الجمهورية الاسلامية ووجهة نظرها حيال مستجدات المنطقة
ولا يخفى على أحد أن الايرانيين وخلال كل لقاء مع أي مسؤول لبناني يواظبون على التأكيد على جملة من الثوابت الايرانية من خلال تجنب الغوص في التفاصيل اللبنانية وتأكيد دعم ايران لاستقرار الاوضاع السياسية والأمنية في لبنان ومباركة التوافقات الجارية بين الأفرقاء اللبنانيين، وهذه القاعدة الثابتة شكّلت الاساس في اللقاء مع جنبلاط. تماماً كما تعرب إيران على الدوام عن استعدادها لمساعدة لبنان في شتى المجالات والسعي لتعزيز ورفع مستوى التعاون بين البلدين.