خاص العهد
الـ(NGOs) منظمات غير حكومية أم أدوات سياسية؟
تاريخيًا، نشأت المنظمات غير الحكومية (NGOs) في لبنان منذ عام 1920. في السنوات الأخيرة، شهدت هذه المنظمات زيادة ملحوظة في عددها ونشاطها، معتمدة على تمويل خارجي كبير. هذه الأنشطة برزت بشكل خاص بعد أحداث انفجار مرفأ بيروت وأزمة النزوح السوري، ما أثار تساؤلات حول مدى مشروعية انخراط هذه المنظمات في العمل السياسي وتأثير التمويل الخارجي على نشاطاتها.
المنظمات غير الحكومية وحراك 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019
أظهرت المنظمات غير الحكومية دورًا ملحوظًا خلال حراك 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث كانت هذه الفترة اختبارًا كبيرًا لقدرتها على التأثير والتغيير. وقد اختلفت أدوارها بين النجاح والإحباط، مما يعكس الصورة المتباينة لفعاليتها وتأثيرها في الواقع اللبناني من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
توقعات وتحديات
الكاتب الصحفي جمال غصن أكد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن "التوقعات الخارجية كانت عالية بشأن قدرة المنظمات غير الحكومية على إحداث تغييرات جوهرية في النظام السياسي اللبناني"، مستشهدًا بتجارب سابقة مثل "الثورات الملونة" في دول أخرى. ورغم التحضير المكثّف والتمويل الكبير، لم تحقق النتائج المرجوة بالكامل، لكن الأنشطة لم تتوقف بالكامل.
تأثير الصراعات الدولية على التمويل
تأثر نشاط المنظمات غير الحكومية بشكل كبير مع بداية الصراع في أوكرانيا، حيث خفضت المؤسسات الدولية الموازنات المخصصة للمنطقة. هذا التحول نحو دعم العمليات في أوكرانيا أثّر على التمويل المخصّص للمنظمات التي كانت تعمل في لبنان، ما قلّص قدرتها على تنفيذ مشاريعها.
الجهات السياسية والاستخبارية في الحملات الإعلامية
لاحظ غصن أن بعض الحملات التي ظهرت مؤخرًا قد تكون مرتبطة بجهات سياسية واستخبارية معينة أو بدول عربية أكثر من ارتباطها بالتمويل الغربي. هذا التعقيد يُبرز تداخل العوامل السياسية والتمويلية في تشكيل النشاطات والفعالية للمنظمات غير الحكومية.
دعوة لاستعادة دور الدولة وتعزيز السيادة
شدّد جمال غصن على أهمية استعادة الدولة اللبنانية لدورها وتعزيز سيادتها من خلال تنظيم العمل داخل المؤسسات الرسمية. يجب أن تتحمل الدولة والقوى السياسية المسؤولية دورها في تعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية بدلًا من الاعتماد الكبير على التمويل الخارجي، إذ إن تفعيل دور الدولة هو السبيل لضمان الاستقرار والتنمية في لبنان.
المنظمات غير الحكومية وتأثيرها على السياسة اللبنانية
الكاتب والباحث السياسي علي مراد رأى في حديثه لـ"العهد" أن المنظمات غير الحكومية برزت في السنوات الأخيرة كعامل مؤثر على الساحة السياسية اللبنانية. وقد تراجعت نشاطاتها بشكل كبير في عامي 2021 و2022 نتيجة لتقلص التمويل، ما أثار تساؤلات حول دور هذه المنظمات في الحملات الإعلامية ضد المقاومة.
التأثير السياسي للمنظمات غير الحكومية: خلفيات متنوعة
تشير الحملات الإعلامية ضد المقاومة بحسب مراد إلى تأثير المنظمات غير الحكومية الذي يتداخل مع مصالح سياسية واقتصادية متعددة. هذه الحملات تشمل الإعلام التقليدي ومنصات التواصل الاجتماعي، وتجمع بين قوى مختلفة مثل "القوات" اللبنانية و"الكتائب" والمنظمات غير الحكومية، ما يعكس تقاطع المصالح بين القوى المحسوبة على الولايات المتحدة ودول الخليج.
شرعية عمل المنظمات غير الحكومية في لبنان
الباحث السياسي علي مراد أثار تساؤلات حول شرعية عمل بعض المنظمات غير الحكومية في لبنان، خاصة التي لديها فروع في تل أبيب. هذا الوضع يطرح إشكاليات حول التزام هذه المنظمات بالقوانين اللبنانية ومدى خضوعها للمحاسبة.
دور المنظمات غير الحكومية في الأزمات الحالية
اختتم مراد حديثه بالتأكيد على أن المنظمات غير الحكومية في لبنان تلعب دورًا يتجاوز تقديم المساعدات الإنسانية، حيث تؤثر في المشهد السياسي وصياغة الرأي العام. في ظل الأزمات المستمرة، يجب أن يكون المجتمع اللبناني يقظًا لمراقبة نشاط هذه المنظمات التي قد تسعى لتحقيق أهداف خارجية، خاصة في ظل الوضع الحالي بعد العدوان على غزة وفتح جبهة الإسناد في جنوب لبنان منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
إقرأ المزيد في: خاص العهد
02/12/2024
القرض الحسن: صمود وعمل مستمر رغم العدوان
30/11/2024