خاص العهد
العدوّ يصادر الأراضي تحسبًا من "طوفان الضفّة"
في خطوة قد تكون الأخطر على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ تأسيس كيان الاحتلال عام 1948 صادقت حكومة العدوّ الصهيوني على مصادرة 12.7 كيلومترًا مربعًا من أراضي الضفّة الغربية المحتلة، في أكبر عملية مصادرة للأراضي منذ توقيع اتفاقية "أوسلو" عام 1993، إذ تُعد هذه المساحة هي الأضخم منذ ذلك الحين.
وتقع المساحات الأخيرة المصادرة بالقرب من مستوطنة يافيت في غور الأردن، حيث تم إعلانها كأراضي "دولة"، ما يعني أن حكومة العدوّ قد عرضت استثمارها على مستوطنين "إسرائيليين" وحظرت على الفلسطينيين امتلاكها. وبذلك، تكون مساحة الأراضي التي أعلنت عنها حكومة الكيان كأراضي "دولة" منذ بداية العام الحالي قد ارتفعت إلى 23.7 كيلومترًا مربعًا.
لهذه المصادقة دلالات وخلفيات وروابط مع مجريات الحرب المندلعة في غزّة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عرضها الخبير بالشؤون الاستيطانية سهيل خليلية الذي أكد في حديث لموقع العهد الإخباري أن: "هناك أكثر من دلالة على هذه المصادقة حيث بدأ الاحتلال بتغيير تصنيفات الأراضي المحتلة في الضفّة، وإعادة تصنيف الأراضي المعلن عنها على أنها أراضٍ عسكرية مغلقة أو أراضي إطلاق نار يستعملها جيش الاحتلال تحت مسميات أخرى، منها أملاك "دولة"، أو محميات طبيعية ومناطق خضراء".
وقال خليلية: "تزايدت في الفترة الأخيرة عمليات تحويل تصنيفات الأراضي من مناطق عسكرية مغلقة إلى مسميات أخرى في إشارة إلى أن الاحتلال ومجلس المستوطنات يسعيان إلى إحداث تغيير في الحالة السياسية والجغرافية في الفترة القادمة على غرار ما يحصل في قطاع غزّة كخطوة احترازية واستباقية، حتّى لا تكون هذه الأراضي تحت تصنيف عسكري وإنما تحت إدارة تابعة لمجلس المستوطنات في أوقات لاحقة من أجل تصنيفها أراضيَ مدنية لا يمكن التفاوض عليها".
وأضاف: "من الواضح أن الاحتلال بدأ بخطوات لتفكيك الإدارة المدنية الغربية، وتسليم صلاحياتها إلى جهات أخرى حتّى يتسنى لهم تغيير المفهوم بأن هذه الأراضي غير مستعملة من قبل كيان الاحتلال الذي يصنّفه مجلس الأمن وجهات دولية على أنه احتلال، إنما هي مناطق تقع تحت إدارة مدنية، مثل مجلس المستوطنات، وبالتالي نقل هذا الصراع من صراع عسكري إلى صراع مدني بين المستوطنين الصهاينة والفلسطينيين".
وأردف خليلية بالقول "أقدم العدوّ على هذه المصادقة بسبب الخلل الذي يواجهه في غزّة وحاجته إلى العساكر هناك، فقاموا بإعطاء العديد من الصلاحيات المدنية التي تتبع إلى جيش الاحتلال إلى وزارات غير عسكرية منها وزارة التخطيط التي تعمل على تمرير القرارات المتعلّقة بالتوسع الاستيطاني والبناء، فضلًا عن وزارة المالية التي حظيت بصلاحية تخصيص ميزانيات خاصة لشرعنة بؤر استيطانية وتوسيع الطرق فيها".
واعتبر أن "العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة على مسؤولين في "إسرائيل" بسبب الاستيطان هي شكلية وهمية، وهذا الأمر أصبح معروفًا عالميًّا، وهذه العقوبات تقتصر على التنديد والإدانة والاستنكار دون إجراءات عملية".
وبيّن الخبير بشؤون الاستيطان في حديثه لـ "العهد" أن "نسبة الاستيطان في الضفّة الغربية تضاعفت أكثر من ثلاث مرات منذ توقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993، كما تمت السيطرة على 61% من الضفّة الغربية، فيما يسيطر الفلسطينيون على مساحة منطقة ألف ومنطقة باء بالإضافة إلى محمية طبيعية، في وسط الضفّة الغربية وشرقها والتي تمثل مساحة 39% فقط".
وشدد خليلية في ختام حديثه لموقعنا على أن "قيام العدوّ الصهيوني بمثل هذه المصادقات هو نتيجة الخوف من حدث مماثل لـ "طوفان الأقصى" وما شكله من إخفاق على مختلف المستويات في كيان الاحتلال"، وأضاف "يعمل الكيان على مثل هذه الإجراءات في محاولة لسلب الفلسطينيين في الضفّة الغربية المقومات الجغرافية والطبيعية التي تساعدهم على القيام بأي عملية عسكرية ضدّ العدوّ الصهيوني".