خاص العهد
هل تتحوّل الضريبة على الاستيراد الى ضريبة على الاستهلاك؟
فاطمة سلامة
لعلّ أكثر ما يُميّز النقاش الدائر حالياً حول الموازنة "التقشفية" هو الكم الهائل من التسريبات الذي لم نشهده من قبل، وفق ما يقول مراقبون تابعوا انجاز موازنات سابقة. هذا الأمر قطع الطريق بشكل أو بآخر على تبني قرارات لاشعبوية، خصوصاً بعد انتفاضة العمال وموظفي القطاع العام. إلا أنّه ورغم ذلك لم يسلم الشعب من "تدفيعه" ثمن تخفيض العجز الذي بات بحدود 7,6 بالمئة بعد أن كان 11 بالمئة. الحكومة نجحت في تخفيض العجز بنسبة 3.4 بالمئة، وهي نسبة يصفها اقتصاديون بالإنجاز، لو أنها لم تأت على حساب بعض القرارات التي ستمس بالطبقات الفقيرة شئنا أم أبينا. فرض رسم على الاستيراد بقيمة 2 في المئة على رأس تلك القرارات. فماذا تعني هذه الخطوة؟.
قرم: "دعسة ناقصة"
وزير المال الأسبق جورج قرم يصف خطوة الحكومة المذكورة بـ"الدعسة الناقصة". كنا ننتظر هذه الخطوة ولكن ليس بالشكل الذي أقرت فيه. المفروض برأيه زيادة الرسوم الجمركية على السلع التي تنافس الانتاج المحلي، وعلى الكماليات، وليس على كل الوارادات. الشكل الذي جاءت فيه أقرب الى فرض ضريبة على الاستهلاك لأنها ستطال الطبقات الفقيرة حتماً. على كل حال، مصالح محدودي الدخل لم تكن يوماً مثار اهتمام الحكومات المتعاقبة، يختم قرم.
وزني: الرؤية الاقتصادية أولاً
وجهة نظر وزني تتفّق بمكان ما مع وُجهة نظر قرم لناحية ضرورة أن تُفرض هذه الضريبة على السلع الكمالية كي لا تكوي بنارها الطبقات الفقيرة. لكن المتحدّث الذي يُشدّد على ضرورة أن تأتي الخطوة ضمن رؤية اقتصادية، يتناولها من ناحية أخرى بإيجابية إذا ما سجّلنا الملاحظات التالية:
1- يعاني لبنان من عجز مرتفع في المالية العامة
2- يعاني لبنان من عجز "مخيف" في الميزان التجاري، الأمر الذي يؤدي الى خروج العملات الأجنبية من البلد ويُهدّد الاستقرار النقدي. لبنان يُصدّر بقيمة 3 مليار دولار سنوياً، ويستورد بقيمة 20 مليار دولار، ما يجعل العجز التجاري لدينا بقيمة 17 مليار دولار. هذا الرقم يعني ما يعنيه لناحية حاجة لبنان الى تأمين هذا المبلغ من العملات الأجنبية وإلا فإنّ مشكلة كبيرة بانتظارنا.
وهنا يُعقّب وزني بالاشارة الى أنّ خفض الاستيراد يعني تلقائياً خفض هذا العجز وخفض خروج العملات الأجنبية من السوق المحلية. ومن ناحية أخرى يساعد هذا الخفض على دعم القطاعات الانتاجية كالصناعة والزراعة، خصوصاً بعد أن أدّت كمية الاستيراد الكبيرة الى إغراق السوق بالبضائع.
وفيما يلفت وزني الى أنّ الخطوة الحكومية ستدر إيرادات على الخزينة بحدود 200 الى 250 مليون دولار سنوياً، يؤكّد أنّ فرض ضريبة 2 بالمئة على الاستيراد يجب أن تأتي ضمن خطة اقتصادية تُشجّع الانتاج المحلي وتدعمه، وتستبعد الطبقات الفقيرة من التداعيات عبر استبعاد السلع الأساسية، والتصويب على الكماليات، انطلاقاً من أنّ الرسوم الجمركية هي رسوم استهلاكية مضافاً اليها الـTVA.
يختم وزني حديثه بالاشارة الى أنّ الخطوة إيجابية من أجل خفض العجز وتحسين الاقتصاد، لكن يُفترض أن تُصيب الضريبة السلع الكمالية والبضائع التي تُنافس الانتاج المحلي.