خاص العهد
ماذا وراء موجة الإقالات المتتالية في تونس؟
تشهد تونس في الفترة الأخيرة موجة إقالات متتالية لكبار المسؤولين طالت وزراء في الحكومة وولاة ومديرين عامين لكبرى المؤسسات والمنشآت العمومية، في خطوة تهدف إلى المحاسبة وتطهير الإدارة من الفساد مثلما يؤكد الرئيس التونسي في العديد من المناسبات.
وبدأت الإقالات في 7 كانون الثاني / يناير 2023، حيث تمت اقالة وزيرة التجارة فضيلة الرابحي، ووزير التربية فتحي السلاوتي، ووزير الزراعة محمد إلياس حمزة، ووزير الخارجية عثمان الجرندي. إضافة إلى وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي ووزير الداخلية توفيق شرف الدين ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد.
آخر هذه الاقالات طالت كلا من وزيرة الثقافة حياة قطاط ووزير النقل ربيع المجيدي، وواليي المنستير والمهدية. وترافقت مع زيارات غير معلنة يقوم بها رئيس الجمهورية قيس سعيد بين حين لآخر آخرها منطقة النويل من بلدية دوز بولاية قبلَي، حيث التقى مجموعة من المواطنين واستمع إلى مشاغلهم ومقترحاتهم وإلى المصاعب التي يواجهونها خاصة بالنسبة إلى بعث المشاريع وإلى عدم استجابة الجهات المعنية إلى مطالبهم.
مكافحة المضاربة
وتم الإعلان عن اقالة والي المنستير خلال لقاء جمع سعيد بوزير الداخلية كمال الفقي، وشدّد خلاله الأوّل على ضرورة مكافحة المضاربة والترفيع في الأسعار وتشديد الرقابة على ما يسمّى بمسالك التوزيع. ودعا سعيد المواطنين إلى مقاطعة السلع التي يتحكم بأسعارها المحتكرون كامل أيام السنة وخاصة خلال أيام شهر رمضان المبارك. كما اكد على تحمل كلّ المسؤولين مسؤولياتهم واسداء واجباتهم المنوطة بهم تجاه المواطنين.
وترى الصحفية والمحللة وفاء العرفاوي في حديث لموقع "العهد" الإخباري أن هذه الاقالات تهدف إلى مسار واضح للرئيس يهدف إلى محاسبة كلّ من يتقاعس عن مهامه، وقد سبق له أن أقال رئيسة الحكومة نجلاء بودن في محاولة لضخ دماء جديدة بالحكومة"، مضيفةً إن "هذه الاقالات تسبق الانتخابات الرئاسية المقررة في خريف هذا العام ويبدو أنها تهدف لتوفير مناخ أفضل يحفّز الناخب على التصويت لصالح من يحارب الفساد".
أزمة مستفحلة
في المقابل، يرى البعض أن تونس تعيش وضعًا اقتصاديًا صعبًا بعد رفض صندوق النقد الدولي إعطاء القرض الذي طلبته البلاد لانعاش الاقتصاد. ويعتبر مناصرو رئيس الجمهورية أن هذه الخطوة تهدف لتشديد الحصار على سعيد بعد مواقفه المناوئة للغرب وللولايات المتحدة بكلّ وضوح وفي أكثر من مناسبة. فيما يدعو البعض إلى أن تسير هذه الاقالات في إطار من الشفافية وأن لا تكون تعلة لتحميل المسؤوليات فقط دون إصلاح جذري تحتاجه الإدارة التونسية في كلّ مفاصلها بعد أن نخر الفساد عديد القطاعات.
كما أن هذه التغيرات تطرح معضلة أخرى تتعلق بالفراغ الذي بات يسود العديد من المناصب الحساسة والهامة في البلاد مما يؤثر سلبًا على سير الأوضاع.
يشار إلى أن تونس ومنذ الإعلان عن التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، تعيش في أزمة سياسية واقتصادية ومالية واجتماعية خانقة.
ورغم تغيير قيس سعيد دستور البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي، مع صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية إلا أن ذلك لم يسهم في انفراج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى حد الآن. فالبلاد تعيش نقصًا في العديد من المواد الأساسية الطبية والغذائية ويبدو مشهد طوابير المواطنين وهم ينتظرون السكر أو الطحين أمرًا مألوفًا في كلّ الولايات التونسية.