خاص العهد
الردّ الإيراني دفعة أولى على الحساب
زكريا حجازي
هي مجرد دفعة أولى على الحساب ستتبعها دفعات أخرى ردًا على جريمة اغتيال القائد في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني السيد رضي الموسوي، في سوريا والتفجير الإرهابي الذي استهدف زوار ضريح قائد قوة القدس الفريق الشهيد قاسم سليماني في مدينة كرمان، والذي أدى إلى وقوع نحو 100 شهيد وعشرات الجرحى من الزوار الإيرانيين.
ممّا لا شك فيه أنّ الردّ الإيراني كان الليلة الماضية، كبيرًا وثقيلًا وجريئًا ودقيقًا، وإن جاء متأخرًا فهو ترجمة لسياسة "الصبر الاستراتيجي" التي تتبعها إيران في الردّ على الاعتداءات التي تتعرض لها. ليكون الردّ في الوقت المناسب والزمان المناسب والحجم المناسب، وهو رد أوّلي ستتبعه ردود أخرى وهي حتمًا آتية ولو تأخرت.
الحرس الثوري الإسلامي في إيران أصدر، فجر اليوم الثلاثاء 16/01/2024، ثلاثة بيانات عسكرية متلاحقة أعلن فيها أنه استهدف بالصواريخ الباليستية أماكن تجمّع القادة والعناصر الرئيسة المرتبطة بالجرائم الإرهابية الأخيرة، في مدينتي كرمان وراسك (جنوب شرق إيران)، في سوريا ومقر تجسس للكيان الصهيوني في إقليم كردستان العراق.
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة والخبير الاستراتيجي العميد الركن هشام جابر، أوضح في حديث لموقع "العهد" الإخباري، أن الضربات الإيرانية هذه هي مجرد "رد أوّلي مبدئي وجزء من الحساب، لكنه ليس الرد النهائي"، متوقعًا مزيدًا من الضربات الإيرانية على أهداف للعدو الصهيوني.
ولفت إلى أن إيران لديها "صبر استراتيجي"، لذلك قد يتأخر ردّها على الاعتداءات أحيانًا، لكنه ممّا لا شكّ فيه أنّه قادم، وفي الوقت المناسب حتى ولو تأخر، مؤكدًا أن ما حصل الليلة الماضية هو "رد مهم، ودفعة أولى على الحساب المتراكم".
ورأى العميد جابر أن الردّ الإيراني بالصواريخ يحمل "رسائل بالنار" موجّهة إلى الأميركي والإسرائيلي، وله دلالات في التوقيت والزمان والأهداف. وأضاف: "التوقيت مهم؛ وهو مرتبط بالتطورات في المنطقة وبالعدوان الأميركي – البريطاني على اليمن وبالرد اليمني على هذا العدوان، والذي استُتبع اليوم باستهداف بارجة حربية أميركية بعد السفينة التجارية الأميركية، أمس الاثنين".
وإذ رأى أن محور المقاومة كله مستهدف، أكد العميد جابر أن الأمور ليست متجهة نحو حرب إقليمية واسعة، وقال: "أنا أستبعد أن تتوسع الحرب الحالية إلى حرب إقليمية؛ لأنها يمكن أن تتدحرج إلى حرب عالمية، فالحرب الواسعة لن تكون في مصلحة أحد. والأميركيون، وكل من بيدهم القرار، يعرفون جيدًا أن هكذا حرب ليست من مصلحتهم. أميركا الآن داخلة في عدة جبهات وقادمة على تحديات متعددة داخلية تتعلق بالانتخابات، وخارجية تتعلق بالصين وتايوان والحرب الأوكرانية".
وعن الردّ اليمني على العدوان الأميركي - البريطاني، رأى العميد جابر أن: "أميركا لا تستطيع أن تسكت -على الهجمات اليمنية-لأن سكوتها سيُتعدّ هزيمة، لكنها أيضًا لا تستطيع أن تشنّ حربًا على حركة أنصار الله لأنّ مثل هذه الحرب ستتدحرج وتتوسع لتشمل الخليج كلّه"، مشيرًا إلى أن ذلك سيؤدي حتمًا إلى إغلاق الممرات المائية في مضيق هرمز وباب المندب، ويعطّل الملاحة في الخليج والبحرين الأحمر والعربي، لافتًا إلى أن هناك ــ في الوقت الحالي ــ أعدادًا كبيرة من ناقلات النفط والغاز والسفن التجارية غيّرت مسارها لتسلك رأس الرجاء الصالح بدلًا من باب المندب، ما يزيد من الأعباء وتكلفة النقل والمدة الزمانية له.
ولفت العميد جابر إلى أن تعطّل الملاحة، في البحرين الأحمر والعربي والخليج، سيؤدي إلى كارثة على أوروبا والولايات المتحدة وحلفائهم، وقال: "مجرد تعطيل الملاحة أو تحويل منطقة البحر الأحمر إلى منطقة عمليات عسكرية أو حربية يعني إغلاق العبور فيها، وهذا سيؤدي إلى كارثة وموت أوروبا".
وأضاف: "أعتقد أن أميركا ليست بهذا الغباء، فهي تضرب اليمنيين وتعرف أنهم سيردّون، لكن لن تكون هناك هجمات قوية إلى حد إعلان حرب.. قد تكون هناك ضربات أخرى لكن لن تكون بالشكل الذي يُشعل حربًا جديدة، فهذه اليمن "يا عزيزي".. عشرُ سنوات من الحرب؛ واليمنيون صامدون، ولم تستطع أميركا وحلفاؤها من تحقيق أية نتيجة فيها.. وهم لا يستطيعون لا كسر اليمن ولا شنّ هجوم واسع عليها".
وأعرب العميد جابر عن اعتقاده بأنّ الردّ الأميركي على عمليات القوات المسلحة اليمنية، في البحر الأحمر، "سيكون له ردود يمنية، ولكن لن تصل إلى مستوى الحرب، حتى ولو كان هناك ردّ على الردّ وردّ على ردّ الردّ".
وأشار إلى أنّ احتمال أن تتدحرج الأمور في المنطقة إلى أكثر ممّا هي عليه الآن، أي إلى حرب واسعة، هو احتمال موجود لكنه احتمال ضئيل نسبيًا، فبرأيه أنّ توسع الحرب سيدفع إيران للدخول على الخط، وعندها ستكون هناك حرب إقليمية وكذلك الأمر إذا تعرضت إيران لاعتداء.