معركة أولي البأس

خاص العهد

القرى الجنوبية.. تاريخ من الإهمال الرسمي
22/11/2023

القرى الجنوبية.. تاريخ من الإهمال الرسمي

إيمان مصطفى

مع كل اشتباك على الجبهة الجنوبية، وتَوغل الاستهدافات الإسرائيلية في العمق اللبناني، تعود القناعات أن الحدود المترامية جنوبًا من شبعا حتى الناقورة لصور والنبطية والإقليم ستبقى منسية من قبل الدولة. سكان القرى الحدودية الصامدون بوجه العدو، متروكون لمصيرهم، لا ملاجئ، ولا خطط، ولا تجهيزات، إلا ما ندر من بعض المبادرات والتقديمات.

"الدولة لم تعطِ الجنوب الاهتمام الذي يستحق كمنطقة حدودية تتعرض للمخاطر والتهديدات"، يؤكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض لموقع "العهد" الإخباري، مشيرًا إلى أن "الدولة أهملت جوانبَ كثيرة لناحية تأمين سكان هذه المنطقة".

وإذ لفت إلى أن وضع الجنوب تحسن كثيرًا على مستوى البنية التحتية وعلى مستوى الخدمات التي أنجزت، خلال العشرين عامًا الماضية، شدد بالمقابل على أن هذا التحسن غير كافٍ لمنطقة تعتبر على تماس مع التهديد الصهيوني باستمرار.  

يقول فياض لـ "العهد" "إن الدولة اليوم عاجزة عن تقديم الخدمات اللازمة ذات القيمة للنازحين والصامدين في أرضهم، وسط التدهور الاقتصادي والمالي، في حين تقوم القوى المحلية وتحديدًا حزب الله بالاستنفار والعمل ضمن الإمكانيات المتوفرة لخدمتهم وتأمين حاجاتهم الأساسية".

ولمناسبة عيد الاستقلال، يعتبر فياض أن السيادة كانت دائمًا مهددة مما يخفض من قيمة الاستقلال، لافتًا بهذا الصدد إلى أن هناك جزءًا من الأراضي اللبنانية لا زال محتلًا، بالتزامن مع الخروقات الصهيونية المتكررة جوًّا وبحرًا وبرًّا، إلى جانب التهديدات التي تبرز بين الحين والآخر، وهذا ترجمة لوجود هذا الكيان إلى جانب لبنان.

كما يقلّل من السيادة اللبنانية التدخلاتُ الأجنبية خاصة الأميركية بالشأن اللبناني الداخلي، بحسب فياض، وهذا ما نشهده في المفاصل المهمة كالأزمات والاستحقاقات الدستورية والانتخابات، قائلًا: "في الكثير من الأحيان تتجاوز التدخلات الشأن السياسي وتلعب دورًا يكسر كل الحدود والقواعد المتعارف عليها دوليًا"، ويأسف لأن قسمًا لبنانيًا يسمح بهذه التجاوزات، واصفًا إياهم بـ "الفالق الزلزالي" الذي تتفرق منه المداخلات الخارجية.  

ودعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة لتبقى الخلافات ضمن الإطار الدستوري المؤسساتي، مطالبًا اللبنانيين بالوعي، والتمسك بالمسلمات الكبرى التي تتصل بسيادة البلد وحمايته، وتوفير المقومات الأساسية للاستقلال الحقيقي الناجز. 

ياسين 

كلام فياض يتوافق مع ما يؤكده رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي ياسين لموقع "العهد"، إذ يعتبر أن التنمية غير متوازنة في لبنان، ويشير إلى أن الدولة غائبة كليًا عن المنطقة، لجهة الإنماء، وأيضًا لجهة الدفاع عن الحدود، خصوصًا قبل العام 2000. 

ويتابع: "بعد التحرير عام 2000 وظهور دور المقاومة، وبروز القوى السياسية في الجنوب، تم وضع بعض الأطر الأساسية لتنمية المنطقة، وبدأ الجنوبيون يشعرون أن تضحياتهم أثمرت"، مردفًا: "وهنا برز دور المؤسسات التابعة للمقاومة مثل "جهاد البناء"، وبدأ النمط الجدي بإقامة المشاريع، والعمل على البنى التحتية، وصولًا للانتصار الاستراتيجي الكبير عام 2006".

ياسين يعتبر أنّ الوزارات المعنية لم تكن على قدر تطلعات المرحلة في الجنوب، وأتى الحصار الاقتصادي والأزمة المالية عام 2019 مع ما رافقهما من انهيار للعملة اللبنانية، ما انعكس سلبًا على الأوضاع، موضحًا أن البلديات حاولت بالتعاون مع المؤسسات حث أبناء المنطقة للعودة للإنتاج وخصوصًا الزراعي لتحسين المستوى المعيشي.

ويشير بهذا السياق إلى مبدأ التكافل الاجتماعي الذي ساد في الجنوب، وإلى مساعدات حزب الله خصوصًا لجهة المازوت وتشغيل محطات المياه، والتي لولاها لكان الوضع أكثر سوءًا.

بحسب ياسين، الدولة اليوم عاجزة عن التصدي لملف الصامدين بأرضهم والنازحين، وأُلقي الثقل الكبير على البلديات، مشددًا على بذل الجهود بما تيسر.

إقرأ المزيد في: خاص العهد