خاص العهد
تلامذة المناطق الحدودية.. خيارات عدّة لعودة التعليم
فاطمة سلامة
لا تزال المؤسسات التعليمية بكافة أنواعها مُقفلة في المناطق الحدودية الجنوبية. تلامذة تلك المؤسسات بلا تعليم منذ أكثر من شهر. الواقع الذي فرض على وزارة التربية والتعليم العالي إنجاز خطة طوارئ يبدأ العمل بها خلال الأيام المقبلة وتلحظ مختلف الحالات الطلابية. كتلة الوفاء للمقاومة بشخص ممثلها في لجنة التربية النيابية النائب الدكتور إيهاب حمادة سعت جهدها كالعادة لضمان عدم بقاء تلميذ خارج الهيكل التعليمي. وعليه، فالخيارات ــ بحسب الخطة ــ متنوّعة أمام التلامذة سواء حضوريًا أو "أونلاين".
سيناريوهات عدّة
في حديث لموقع "العهد" الإخباري، يتحدّث حمادة عن تفاصيل الخطة، فيشير بداية الى أنّ الإحصاء الموجود لدى الوزارة حتى تاريخ يوم الأربعاء الماضي (15/11/2023) يشير الى وجود قرابة 1500 أستاذ و2000 طالب يتوزعون بين ثانوي، ومتوسط، ومهني في المدارس المقفلة بالمناطق الحدودية. يوضح حمادة أنه بموجب التعميم رقم 27 فإنّ أي طالب بالمدرسة الرسمية في المناطق الحدودية يحق له كنازح الالتحاق بأقرب مدرسة رسمية، وقد تبلّغت كل الإدارات بهذا التدبير وطُلب منها استقبال التلامذة بشكل مباشر حيث يُسجّل التلميذ بشكل تلقائي وآلي للالتحاق بالتعليم بأي منطقة كان.
وفي هذا الصدد، يلفت حمادة الى بروز إشكاليتين؛ الأولى تتعلّق بطلاب المدراس الخاصة، لكنّ هؤلاء الطلاب وفق المعلومات بدأوا بالتعلم "أونلاين"، بمعنى أنّ أي تلميذ في المناطق الحدودية جرى إقفال مدرسته الخاصة بإمكانه متابعة تعليمه عن بعد، أما المشكلة الثانية فتتعلّق ببقاء بعض الطلاب في مناطقهم الحدودية رغم أنّ مدرستهم مقفلة. أرقام هؤلاء بالمعنى الكمّي ليست كثيرة، لكن لا بد من معالجة أوضاعهم. وعليه، صدر إجراءان؛ الأول، جرى إبلاغ المدراس الخاصة التي تعلّم "أونلاين" بأن تستقبل طلاب المدارس الرسمية على منصاتها الإلكترونية. ثانيًا، أن تسارع وزارة التربية الى إعداد المنصة وهذا ما حصل، حيث تواصلت الوزارة مع هؤلاء الطلاب ليتلقوا تعليمهم عن بعد عبر برامج ومنصات وزارة التربية، ومن المفترض ــ بحسب حمادة ــ أن يبدأوا بتفعيل المنصة وإدراج المواد التعليمية عليها، فيما يجري حاليًا التواصل مع الطلاب طالبًا طالبًا، وخلال الساعات الماضية جرى التواصل مع نحو 500 طالب لإبلاغهم بالتعلم "أونلاين". وفي ما يخص المشاكل المتعلقة بخدمة الانترنت، يقول حمادة: "حاليًا لا شكوى من الانترنت، ووزارة التربية قالت إنها ستتواصل مع وزارة الاتصالات لتيسير الأمور على أن تبقى هذه النقطة محل متابعة".
كما يشير حمادة الى فكرة جرى النقاش حولها تتعلّق بوضع مجمعات تعليمية للطلاب النازحين في حال تطورت الأوضاع. على سبيل المثال، كأن يُقام في الضاحية مجمع لكافة الطلاب النازحين على أن تكون كلفة النقل على نفقة الوزارة من قبل الجهات المانحة. ويلفت حمادة الى أنّ ثمّة اقتراحًا أيضًا بادر اليه أصحاب مدارس خاصة تواصلوا مع الوزارة وأعربوا عن استعدادهم لاستقبال طلاب مدارس رسمية من دون كلفة مالية.
لعدم المسّ برواتب الأساتذة
وفي سياق متصل، يشير حمادة الى مشكلة تتعلّق بالأساتذة النازحين الذين يتوزعون بين أساتذة ملاك ومتعاقدين. النوع الأول، يتقاضى راتبه سواء علّم أم لا لأنّ لديه ظرفًا قاهرًا، لكن هناك إشكالية تتعلّق بموضوع بدل الإنتاجية والذي توازي قيمته قيمة الراتب ثلاث مرات. هذه الإنتاجية أساسية كي يؤمّن الأستاذ حاجاته اليومية، لكن المشكلة تكمن في أنّ تقاضي هذا البدل يتطلّب من الأستاذ المداومة في المدرسة، وهذا ما لن يحصل بسبب الظروف القاهرة. وهنا يقول حمادة : "وزارة التربية اقترحت تقديم ما يُسمى ببدل المساعدة الاجتماعية، لكننا رفضنا وقلنا إن هناك ظرفًا قاهرًا، وهؤلاء الأساتذة ليسوا مضربين عن العمل، بل أنتم من يُقفل المدارس، ومن غير المقبول اشتراط حضورهم الى المدارس لإعطائهم بدل الانتاجية، وعليه، لن نقبل بأن ينقص راتب الأستاذ ليرة واحدة". وفق حمادة، أخذنا وعدًا من الوزراة بأن تطرح القضية على مجلس الوزراء وشدّدنا على رفض ما تسمى بـ"المساعدة الاجتماعية" لأنّ هؤلاء الأساتذة ليسوا متسولين. ويضيف حمادة: "قلت للوزير أتذكُر عندما طرحت معاليك فكرة إعطاء الأساتذة 5 دولارات يوميًا كبدل إنتاجية؟ أتذكُر كيف قامت الدنيا عليك ولم تقعد؟! لا نريد تكرار تجربة "المساعدة الاجتماعية" للأستاذ وهذه التجربة غير جيدة في حقنا، كما أنّ الأستاذ لن يقبل بها، فضلًا عن أنّ القانون يغطّي الأستاذ لأن هناك ظرفًا قاهرًا أكبر من كل القوانين والإجراءات، فهم ليسوا مضربين أو معتكفين بل مدارسهم أقفلت قسرًا".
ويوضح حمادة أنّ الإشكالية الأكبر تتعلّق بالأساتذة المتعاقدين الذين اذا لم يُعلّموا لا يأخذون بدل الساعة أو بدل الانتاجية أي يبقون بلا راتب. وبحسب حمادة، يشكّل المتعاقدون نصف الكادر التعليمي أو أكثر، ما يعني أننا أمام كارثة ومن غير المقبول أن نكون ثقلًا على الأساتذة النازحين. هذا الأمر غير مقبول وقد جرى إبلاغ هذا الموقف كلجنة تربية نيابية بالإجماع لوزارة التربية، انطلاقًا من وجود ظرف قاهر. وفي هذا السياق، استحضرنا تجربة أزمة "كورونا" عندما جرى إنجاز قانون وإعطاؤهم العقد كاملًا، ونحن نتحدّث عن ظروف "كورونا" فما بالنا بالاعتداءات والهمجية الاسرائيلية؟! يقول حمادة الذي يشير الى أنّ وزارة التربية طلبت أن يكون هناك تواصل مع الحكومة ووزارة المالية لأن الآلية تنص على ضرورة وجود جداول بالتدريس تخوّل الوزارة صرف الراتب. ردُّنا على كلام الوزارة كان بالطلب منها رفع الاقتراح لمتابعة هذه القضية مع التشديد على أننا لا نقبل أن ينقص بدل الأستاذ أو الإنتاجية ليرة واحدة.