خاص العهد
احسان عطايا لـ"العهد": غرف عمليات مشتركة لدى محور المقاومة لمتابعة مجريات المعركة
مصطفى عواضة
أكد رئيس دائرة العلاقات العربية والدولية عضو المكتب السياسي لحركة "الجهاد" الإسلامي في فلسطين وممثّلها في لبنان إحسان عطايا أن "الاحتلال استند منذ اليوم الأول للعدوان إلى حلف الاستكبار العالمي، وشن عدوانه تحت مظلة أمريكية وغربية واضحة، ويعمل على تهجير الفلسطينيين باتجاه جنوب غزة، ثم إلى سيناء، من أجل فصل المقاومة عن حاضنتها الشعبية، ثم القضاء عليها، أو إضعاف قوتها، لإراحة الداخل المحتل من ضربات غزة، على طريق تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، مستخدمًا عملية "طوفان الأقصى" ذريعة ليشن حرب إبادة منظمة ضد أهلنا في غزة، ويرتكب المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين".
وفي مقابلة خاصة مع موقع "العهد" الإخباري، أضاف عطايا "في حال قام العدو الصهيوني بالغزو البري الذي يهوّل به علينا، فإنه سينقل المعركة إلى مسار آخر، ويدخل جيشه في مستنقع لن يخرج منه سالمًا، فالمعركة الميدانية لم تبدأ بعد، وما يقوم به العدو هو القصف الهمجي، والمعركة من طرف المقاومة مقتصرة حتى الآن على الوحدة الصاروخية للرد على العدوان النازي الإجرامي، وباقي الوحدات على جهوزية تامة تنتظر بفارغ الصبر الغزو البري الصهيوني، لتكبّد جيش العدو المزيد من الخسائر في عديده وعتاده، وهي تخبئ له ما لا يخطر على باله من المفاجآت في ميدان المعركة".
عطايا شدد على أن المقاومة تأخذ على محمل الجد "استعداد العدو للمعركة البريّة واحتمال حصولها، ولا سيما أن سلاح الجو لا يحسم المعارك عادة، وقيادة العدو قد ألزمت نفسها بالهجوم البري كشرط لتحقيق هدفها المعلن، وهو القضاء على المقاومة في غزة، إلا أنها تخشى حتى اللحظة البدء بهذه الخطوة، ويبدو عليها التردد والإرباك لأسباب عديدة، فهي ما زالت واقعة تحت تأثير الهزيمة المدوية في عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ولا تتحمل هزيمة مدوية ثانية في أقل من شهر، ستكون أكثر تأثيرًا على بقاء كيان الاحتلال وتقرب زواله".
في هذا الإطار، بيّن عطايا أن "الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود هذه الحرب عسكريًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا... تسعى إلى إحداث تقدم في مشروعها حول إعادة رسم خارطة المنطقة لمصلحتها، بعد أن فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أرادت تنفيذه في الحرب على لبنان عام 2006، ولم تستطع تحقيقه حتى يومنا هذا، رغم كل الحروب التي أدارتها في المنطقة بمختلف أشكالها. إضافة إلى ذلك، هناك محاولة لفرض وقائع جديدة في الميدان، ترافقها حملة اعتقالات عشوائية في الضفة الغربية، وفي أماكن أخرى من فلسطين المحتلة، بهدف إمساك العدو بأوراق جديدة للتفاوض عليها، بعيدًا عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذين أعلنت قيادة المقاومة، منذ اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، أنها ستحررهم جميعًا، في عملية تبادل تشمل كل الأسرى الفلسطينيين والعرب. ومن المؤكد أن هاتين المحاولتين ستفشلان حتمًا".
وأشار إلى أن "العدو الصهيوني، بالتزامن مع عدوانه الواسع على غزة، يشن حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية، ويعمد إلى قتل الفلسطينيين، وهدم منازلهم، نتيجة المواجهات الحاصلة هناك التي لا تلقى التغطية الإعلامية الكافية، لانشغال وسائل الإعلام بهول ما يجري في غزة، وتركيزها على القصف الهمجي، والمجازر الوحشية، والإبادة الجماعية، والتدمير الممنهج، واستهداف المساجد والكنائس، والمشافي والمراكز الصحية، والمدارس والمباني السكنية، والحصار الخانق بقطع المياه والكهرباء، ومنع إدخال الدواء واللوازم الضرورية لمعالجة المرضى والجرحى، ورعاية المسنين وذوي الإعاقة، والعناية بالرّضع والأطفال، دون أدنى اعتبار لأي قانون في العالم يجرّم تعمد قتل الأطفال والنساء والمدنيين، وينادي بحقوق الطفل والمرأة...".
وشدد عضو المكتب السياسي في حركة "الجهاد" على أن "العمليات التي تقوم بها سرايا القدس في شمال فلسطين، على الحدود اللبنانية-الفلسطينية في الجنوب، هي ضمن معركة "طوفان الأقصى"، لتؤكد عمليًّا وحدة ساحات المواجهة الفلسطينية، ووحدة الشعب الفلسطيني ومقاومته. وبالتالي فإن عمليات المقاومة الفلسطينية على أرض فلسطين المحتلة لا تبرر للعدو الصهيوني قصف أهداف أو مواقع في لبنان، أو الضغط عليه، من أجل منع المقاومة الفلسطينية من القيام بواجبها القتالي في معركتها مع العدو، فالأشقاء اللبنانيون ليسوا حرس حدود للصهاينة الذين يعجزون عن منع المقاومين من الوصول إلى مواقعهم العسكرية، ونصب الكمائن لجيشهم، ورصد تحركات جنوده وضباطه، والاشتباك معهم".
واستطرد قائلاً: "إن تزييف الحقائق والتضليل الإعلامي الذي يمارسه الأعداء، عبر أدواتهم المأجورة والمشبوهة وذبابهم الإلكتروني، يأتي في سياق تأليب الرأي العام العالمي وتحريضه ضد المقاومة، لتبرير العدوان على لبنان الذي اشتعلت جبهته الجنوبية، موضحًا أن التنسيق والتعاون الكبير بين المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، وخاصة حزب الله، على أعلى المستويات، وقد تم تشكيل غرف عمليات مشتركة، لمتابعة مجريات المعركة بشكل دقيق من كافة جوانبها".
كما أن حزب الله، بحسب ممثل "الجهاد" في لبنان "الذي صرح منذ اليوم الأول بأنه ليس على الحياد، هو شريك معنا في هذه المعركة، ويعنيه كل ما يجري في فلسطين المحتلة، كما يعنيه ما يجري في لبنان، وسوريا والعراق واليمن... لأن هذه المقاومة كالجسد الواحد "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر" والإسناد، وهي جاهزة للتدخل بناء على معطيات الميدان، ولن تقف متفرجة أمام تقدم العدو لسحق المقاومة، ولم تكن يومًا كذلك".
واعتبر أن "هناك محاولات تشويش على عمل المقاومة في هذه الحرب لتتصرف على النحو والشكل الذي يراه البعض من وجهة نظره بأنه يجب أن يكون، بعيدًا عن منهجية إدارة الحروب التي تعتمد على دراسة الوقائع والتوقعات، وامتلاك الخبرة والحنكة القيادية، وقياس التوقيت المناسب لتوجيه الضربات الموجعة، واختيار الخطوات النوعية المدروسة والمؤثرة، والاستفادة من عناصر القوة لدى المقاومة ومكامن الضعف لدى العدو لاتخاذ القرار الصائب في اختيار الشكل الملائم لها والمؤلم للعدو... وهذا نتيجة عدم وضوح الرؤية واكتمال المشهد، لدى بعض المحللين الذين يتحدثون في وسائل الإعلام بكلام عاطفي أو مغاير للوقائع".
في سياق متصل، نوّه عطايا بـ"الرسائل الميدانية التي أطلقت من اليمن وفصائل المقاومة العراقية إلى القواعد الأمريكية، إضافة إلى عمليات المقاومة وحزب الله في لبنان ضد كيان الاحتلال، والتي وجهت رسالة مهمة وواضحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود الحرب الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة، تؤكد فيها مساندتها المقاومة الفلسطينية لإفشال مخططات الاحتلال وأهدافه، والحفاظ على إنجازات عملية "طوفان الأقصى" التي حققت أهدافها منذ اللحظة الأولى لنجاحها".
وتوجه إحسان عطايا برسالة إلى الشعب الفلسطيني عبر "العهد"، أشاد فيها بـ"الصمود الإعجازي في وجه آلة الحرب الإبادية الصهيو أمريكية، والثبات الأسطوري رغم فظاعة المشاهد الدموية والتدميرية في غزة، وصلابة الإرادة العصية على الكسر، والقدرة الفريدة على التحمل والصبر والجلد، والتضحية والفداء...".
كما دعا الشعوب العربية، ولا سيما الشعب اللبناني، إلى "عدم الاكتراث إلى الشائعات التي من شأنها إذكاء نار الفتنة وتغذية الشقاق بينهم، أو بين حركات المقاومة، وعلى رأسهم مقاومة لبنان وحزب الله الذي يقف مع القضية الفلسطينية دومًا، وها هو اليوم يقدم الشهداء إلى جانب المقاومة الفلسطينية على طريق القدس وفلسطين".
وتطرق إلى اللقاء الثلاثي بين قيادات "الجهاد" و"حماس" وحزب الله الذي جمع أمين عام حركة "الجهاد الإسلامي" القائد زياد النخالة، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الشيخ صالح العاروري، بالأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، بالقول: "إنه مؤشر واضح على الشراكة بيننا في هذه المعركة، وبرهان على وقوف المقاومة الإسلامية في لبنان مع الشعب الفلسطيني ومقاومته. وقد تناول اللقاء تقييم المواقف المتخذة دوليًا وإقليميًّا، والخطوات العملية الواجب اعتمادها من أطراف محور المقاومة، والقيام بها في هذه المرحلة الحساسة، لتحقيق انتصار حقيقي في غزة وفلسطين، ووقف العدوان الهمجي والوحشي على شعبنا المظلوم والصامد في غزة والضفة الغربية. وتمّ الاتفاق على مواصلة التنسيق والتعاون والمتابعة الدائمة والدقيقة للتطورات على مدار الساعة".