معركة أولي البأس

خاص العهد

الحفر في البلوك "الرقم 9".. المؤشرات الإيجابية ستتعزّز منتصف الشهر
05/10/2023

الحفر في البلوك "الرقم 9".. المؤشرات الإيجابية ستتعزّز منتصف الشهر

فاطمة سلامة

منذ أن أعلنت المقاومة ــ التي تشكّل ذلك الثالوث الذهبي مع الشعب والجيش ــ استعدادها للدفاع عن حقوق لبنان النفطية تعالت أصوات النشاز. إشهار العداء لهذه المقاومة والحقد التاريخي عليها دفع البعض الى قيادة حملة معاداة للملف النفطي بأكمله، دفع البعض الى الاصطياد في الماء العكر، واستباق النتائج في سياق حملة "تبخيس" واضحة الأهداف، لا لشيء، بل لأنّ المقاومة قالت كلمتها، وهدّدت العدو الطامح الى سرقة ثروات لبنان. بات أهون على هؤلاء ضياع كل المساعي والجهود سُدىً وتدهور لبنان أكثر فأكثر في الحضيض، على أن يُقال في يوم من الأيام أنّ تهديدات المقاومة أثمرت ــ بالتوازي مع الجهد الرسمي ــ في حفظ حقوق لبنان النفطية. 

مصادر على صلة وثيقة بالملف النفطي تقدّم قراءة وافية لكل ما يُحيط هذا الملف نظريًا وعمليًا، فتلفت الى أنّ ثمة حملة موجهة ومعروفة يقودها نفس الأشخاص الذين خاضوا الحملة المضادة إبان مفاوضات تعيين الحدود البحرية. تشدّد المصادر على أننا لسنا معنيين بالدخول في جدل عميق، لكنها تُدرج بعض المعطيات الواقعية في سياق التوضيح للرأي العام كي لا ينجر وراء أكاذيب تلك الحملات. 

المؤشرات الإيجابية ستتعزّز منتصف الشهر الحالي 

أين أصبح العمل على الأرض؟ تجيب المصادر أنّ ثمة نفحة أمل ومؤشرات إيجابية، لكنها تبدو حريصة جدًا على عدم إعلان أي أمر قبل "تقريشه" ولمسه باليد. وفق الحسابات، بالتأكيد لدينا مؤشرات إيجابية، لكنّ هذه المؤشرات ستتعزّز منتصف الشهر الحالي، أما إعطاء نتائج دقيقة عن المكمن فلا يمكن قبل أواخر العام ريثما تتم دراسة الأرقام بدقة. وتضيف المصادر: "بشكل موضوعي ومنطقي، حتى اليوم لا يوجد تأكيدات أن هناك نفطًا وغازًا مئة بالمئة. بالطبع، ثمّة مؤشرات إيجابية كثيرة إن كان عبر المسوحات الزلزالية أو قُرْب المنطقة جغرافيًا وجيولوجيًا من اكتشافات بحر فلسطين المحتلة. تبقى هذه مؤشرات إيجابية يمكن تأكيدها بعد الحفر والدخول في تماس مع الطبقات الصخرية الموجودة هناك والتي هي طبقات رملية تشبه الطبقات المنتجة في بحر فلسطين المحتلة".

الحفر سيُستأنف مطلع الأسبوع القادم 

تشدّد المصادر على أنّ هدف حفر البئر الاستكشافيّة الحاصل حاليًا في البلوك "الرقم 9" هو رسم هذا التشابه وتسلسل الطبقات في الأعماق وسماكتها، فضلًا عن معرفة الى أي مدى تُشبه هذه الطبقات مثيلاتها في بحر فلسطين التي يتم الإنتاج منها ويوجد فيها اكتشافات. لا تُخفي المصادر أنّه "لغاية اليوم لم يتم الدخول الى الطبقات التي يتواجد فيها المكمن". "حفرنا أول طبقة مكوّنة من الملح والتي تبلغ سماكتها 1200 متر، مع الإشارة الى أنه لا يوجد طبقات "كلسية" في المكان الذي حفرنا فيه. امتدّ الحفر تحت الملح وبتنا على عمق 3538 مترًا من سطح المياه، يوجد في هذه المساحة 1700 متر مياه، ما يعني أننا حفرنا 1800 متر تقريبًا". وهنا تشير المصادر الى أنّ الأهداف التي نريد الوصول اليها هي الطبقات المنتجة بحقل "كاريش" "الذي هو أقرب حقل بالنسبة لنا، ونحن نتأمل أن نجد الطبقات الجيولوجية نفسها". وفي هذا السياق، توضح المصادر أننا سنبدأ بالدخول الى هذه الطبقات بعد 100 الى 150 مترًا من الحفر الذي سيُستأنف مطلع الأسبوع القادم.

وتوضح المصادر أنّ سرعة الحفر لها علاقة بطبيعة الصخور وما يتواجد بداخلها لجهة ما اذا كان هناك مياه لا قدّر الله حيث تكون وتيرة الحفر سريعة، أو غاز وهذا هو المأمول ما يتطلب حفرًا بعناية كي لا يتسرب الغاز. تعود المصادر وتكرّر أنّ المؤشرات الإيجابية الإضافية ستبدأ في الظهور منتصف الشهر الحالي، فالمطلوب أنّ نحفر على العمق 4250 مترًا، ما يعني أنه بقي أمامنا 800 متر بالحد الأقصى، من بعدها، في حال وجود طبقات تحتوي على غاز يتم إنزال معدات إضافية في البئر لأخذ عينات ومعطيات تتعلّق بطبقة الصخور لجهة نوعيتها وكم يوجد فيها نسب رمل وغاز، وهل تضخ بسهولة أم لا؟. وفق المصادر، من الضروري إنزال هذه المعدات داخل البئر لمعرفة خصائص المكمن، وهذه المرحلة تأخذ وقتًا يتراوح من 4 الى 5 أيام في حال العثور على غاز. 

إنتاج تجريبي

بعد ذلك، يُقدّر المعنيون على الأرض ما اذا كان بإمكانهم الذهاب أكثر لترجيح الكميات التي من الممكن استخراجها من هذه البئر، اذ عادة يتم حفر بئر استكشاف، وبعدها يتم حفر بئر ثانية لإجراء تقييم فيُصار الى إنزال معدات أكثر للقيام بإنتاج تجريبي. "اذا وصلنا الى مرحلة الإنتاج التجريبي نتمكن من تقييم الأوضاع ومعرفة كمية البترول الموجودة في هذا الحقل ومدى امتداده. هذه المرحلة تعطينا معلومات مهمة جدًا عن كمية الغاز، وعدد الآبار، وما اذا كان بإمكاننا الوصول الى إنتاج معين في اليوم، لننتج بطريقة لا نؤذي المكمن ولا يتسرب الغاز أو يبقى تحت الأرض". وهنا، تشير المصادر الى أنه اذا جرى الإنتاج بوتيرة سريعة قد نؤذي الطبقات الرملية التي يمكن أن تنهار ما يعرقل العمل في البئر ولا يُعطي النتائج المتوقعة. وفي الحسابات، تأخذ مرحلة الإنتاج التجريبي مدة 10 أيام إضافية، مع مؤشرات أولية إيجابية ستظهر بعد أيام قليلة ما لم يطرأ ما يُعرقل الحفر.  

قد يكون لدينا أغلى أنواع البترول 

بعد الوصول الى الإنتاج التجريبي الذي قد يتم الانتهاء منه في تشرين الثاني، تبدأ مرحلة دراسة كافة المعطيات الإضافية التي تم الحصول عليها من البئر بموازاة دراسة نتائج الإنتاج التجريبي، ما يخولنا الوصول الى المرحلة التي تبيّن لنا ما اذا كان هناك اكتشاف تجاري أم لا. وفي هذه المرحلة ثمّة عوامل ثلاثة ضرروية تؤثر على وجود تجارة المكمن؛ أولًا تقدير الكميات، ثانيًا، دراسة الأسعار الرائجة التي من الممكن أن يباع الغاز بموجبها، ثالثًا دراسة كلفة البنية التحتية الضرورية التي يجب وضعها في المكان لاستخراج الغاز واستثماره. وفق المصادر، هذه العوامل الثلاثة ضرروية، مع الإشارة الى أنه في حال كان هناك اكتشاف سيكون لدينا مزيج، أي غاز مع سوائل بنسبة 14 الى 15 بالمئة. وفي هذه الحالة يسمى الإنتاج بالمكثف، ويتحول الغاز الى سائل في البئر نتيجة الضغط والحرارة والظروف التي تكون مؤاتية، وفي هذا السياق، نكون أمام أغلى أنواع البترول الذي لا يتطلّب تصفية ولا تكريرًا. 

كميات تجارية واعدة

متى نقول إننا أمام كميات تجارية واعدة؟ تجيب المصادر عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّه في حال كانت الكميات محلية تكفي السوق المحلي يكون التطوير داخليًا، أما في حال كانت الكميات كبيرة فنحن هنا نتحدث عن كميات تجارية قابلة للتصدير ما يدفعنا الى التعاون مع الدول المحيطة كمصر وقبرص وسوريا وتركيا، لتحويل الأصول الغازية الى مالية. تذهب المصادر أبعد من ذلك، في حال لم تسعفنا سماكة التربة ولم تكن الكميات كبيرة بمعنى لم يكن الاكتشاف تجاريًا، فهذا ليس بالخبر السيئ، بل يكون مؤشرًا على وجود طبقات واعدة يجب حفرها في المناطق المحيطة، وعندما نحصل على مكامن ثانية وإن لم تكن تجارية نكون لاحقًا أمام اكتشاف تجاري عبر جمع المكامن بأكملها. 

تتوسّع المصادر في الحديث عن البلوكات، فتوضح أنّ البلوك "الرقم 9" يحتوى على عدة مواقع، أما البلوك "الرقم 10" فتوجد فيه مواقع لكنها أصعب من الـ"9" ونسبة النجاح فيها أقل. وفي البلوك "الرقم 8" لا يمكن الجزم اليوم بهذا السياق لأنه لا يوجد مسح ثلاثي الأبعاد، ولكن في حال كانت الطبقات ممتدة من "الرقم 8" الى "الرقم 9" تكون ممتدة نوعيًا وليس كميًا. 

وحول ما يقوله البعض لناحية أنه اذا كانت نتيجة الاكتشافات واعدة في "البلوك الرقم 9" ستسهم في اهتمام المزيد من الشركات بالتلزيم، تشدّد المصادر على أنّ هذا الكلام يصلح للكتابة في بحث أكاديمي، أما على الأرض فالشركات التي تعمل في هذا الملف في منطقة الشرق محدودة وهي 6 شركات، ثلاث منهم تعمل في لبنان وهي من كبريات الشركات والمتمثلة في كونسورتيوم "توتال، إيني، قطر للطاقة»"، يبقى شركتان أميركيتان منهما "شيفرون" التي تعمل لدى العدو "الاسرائيلي" ما يعني أنّ هناك استحالة للتعامل معها، وشركة "إنرجي" المرتبطة بإنتاج الخليج وغيره. وعليه، فإنّ أهم "كونسورتيوم" موجود في لبنان. وفي هذا السياق، تقول المصادر "قول البعض إن تأجيل دورة التراخيص لما بعد الاكتشاف سيحفّز الشركات، ليس في محله وغير مضمون لأنّ إقفال الدورة قبل نتيجة البئر ضروري كي تكمل الشركات مهمة الاكتشاف في حال ــ لا سمح الله ــ لم يتم العثور على بترول في البلوك الذي يجري فيه الحفر حاليًا". 

وتلفت المصادر الى الجدل الذي حصل حول إعطاء رخصة استطلاع للبلوك "الرقم 8". البعض سأل ما فائدة هذه الرخصة اذا كان سيُصار الى تلزيم شركة "توتال" البلوك "الرقم 8". وفق المصادر، هذا الدمج خطأ، فنحن اليوم نريد "الداتا" في البلوك "الرقم 8" بأسرع وقت ممكن، وعليه، نعمل على مسارين: تلزيم  "البلوك 8"، وإعطاء رخصة الاستطلاع التي تعمل عليها شركات مسح زلزالي، والتي ستزوّد هيئة إدارة قطاع البترول بأول نسخة عن "الداتا" في شهر آذار اذا لم يطرأ مُعرقل، مع الإشارة الى أنّ أهمية هذه "الداتا" كبيرة فهي تزودنا بالمعلومات الضرورية لمعرفة ماذا يوجد لدينا من حقول مشتركة غربًا مع قبرص وجنوبًا مع بحر فلسطين المحتلة، كما لا بد من استطلاع ما اذا كان هناك مكامن في البلوك "الرقم 8" لأننا لم نجر مسحًا ثلاثيًا في السابق بل ثنائيًا، وعليه، اذا امتدت الطبقة في البلوك "الرقم 8" الى "الرقم 9" وكانت شبيهة بها، هذا يعني أنّ هذا النوع من الطبقات قد يمتد الى البلوكين الرقم "5" و6" ومحيط "الرقم 9"، ما يحتّم ضرورة التزام شركة "توتال" في حال لُزمت الحفر بإجراء المسح الثلاثي بأسرع وقت ممكن.
 

النفطالغاز

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة