خاص العهد
ماذا يجري في السويداء؟
دمشق ـ محمد عيد
لا يمكن إسقاط فكرة أن المطالب المعيشية المحقة قد حركت الشارع في مدينة السويداء جنوب سوريا احتجاجا على واقع معيشي صعب فرضته ظروف الحصار الجائر، والذي يديره الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشعب السوري.
وإذا كان الاستنتاج السريع بأن هناك من امتطى هذا الحراك، وحاول توجيهه في غير مقاصده الاجتماعية قد يبدو منطقياً في بلد يتربص به الأعداء في كل مكان، ويتخذ أشقاءه من جغرافيتهم منصة للتآمر عليه، فإن الأيام القليلة الأولى التي تلت هذا الحراك في السويداء سرعان ما أكدت هذا الاستنتاج، وكشفت المستور ونقلت هذا الأمر من حيز التخمين المنطقي إلى حيز الواقع المستند إلى الأدلة العملية بشهادة مراقبين كثر جلهم من أهل السويداء نفسها، ممن أثبتوا أن رهان وطنهم عليهم أكبر بكثير من صورة أفراد يحاولون اختصار راي محافظة بكاملها.
محاولات للنيل من وحدة سوريا
يرى المحلل السياسي المتخصص في الصراعات الدولية وابن الجولان السوري المحتل الدكتور سمير أبو صالح أن الاحداث الدائرة في الجنوب السوري عموما وفي محافظة السويداء خصوصا تأتي في اطار المحاولات الصهيو ــ امريكية الهادفة للنيل من الدولة والشعب السوري بعد الانتصار الساحق الذي حققه الجيش العربي السوري بمساعدة الاشقاء في اطار حلف المقاومة والاصدقاء الذي يحارب التغول الامريكي الصهيوني ضد شعوب المنطقة والعالم.
وفي حديث خاص بموقع " العهد" الإخباري أشار أبو صالح الى أن ما حصل ويحصل في السويداء من حراك بدأ تحت عنوان حراك مطالبي معيشي اثر غلاء الاسعار والاجراءات الحكومية التي تأثر بها السوريون عموما الا ان هذا الحراك تحول بعد فترة وجيزة الى شيء آخر، واخذ يكتسب صفة الحراك السياسي بفعل مخطط من قبل دوائر اجنبية صهيو اطلسية وامريكية بامتياز اذ ان السرعة التي تحول بها هذا الحراك من مطالبي الى سياسي والشعارات التي رفعت تدل على ان الموضوع برمته كان مخططا سلفا وشخوصه جاهزون للبدء به سياسيا بشكل معاد للتوجهات الحكومية الرسمية وللنهج التحرري الذي يقوده السيد الرئيس بشار الاسد والقيادة السورية حيث خرجت سورية بفضلها منتصرة بعد حرب ضروس شنت ضدها من قبل الاطلسي والصهيو امريكي والتركي والرجعي العربي .
وأضاف ابن الجولان السوري المحتل بأن سورية خاضت هذه الحرب خلال اكثر من اثني عشر عاما وسجلت في سفر التاريخ حقيقتين هامتين لا سابق لهما عالميا:
الاولى: سورية الدولة الوحيدة عالميا التي حاربت الاطلسي وتفرعاته في المنطقة وخارجها.
الثانية: ان الشعب السوري التحم مع قيادته التحاما مصيريا ومع اشقائه في حلف المقاومة وعلى رأسهم المقاومة الاسلامية في لبنان الشقيق والدولة الاسلامية الشقيقة في ايران.
وهاتان الحقيقتان شكلتا الناتج الابرز للحراك الدولي المعادي لسورية وشعبها وللحراك الدولي المؤيد للحق السوري والعربي في محاربة الاستعمار القديم الحديث.
وشدد المحلل السياسي المختص بالصراعات الدولية على أن حراك السويداء بالرغم من قلة عدده ووضاعة مستوى عناصره وتشكيلاته اجتماعيا ووطنيا يضاف الى حراك القسدي والارهابي التركي الامريكي في الشمال والشمال الشرقي وكل هذه (الحراكات )اعد لها بدقة كي تكون سببا لعدم استقرار سورية واستمرار الارهاب سيفا امريكيا صهيونيا ورجعيا عربيا مسلطا ضد سورية شعبا وجيشا وقيادة.
مال مشبوه في السويداء
وأشار الدكتور أبو صالح في حديثه لموقعنا إلى أن التطورات في السويداء اكدت ان هناك مخططا صهيونيا يلتقي وينسجم مع حلم صهيوني وضعه الصهيوني بن غوريون وهو مخطط اقامة دولة (درزية) واخرى مارونية، وهو المخطط الذي بدأ عمليا بعد عدوان ١٩٦٧ إثر احتلال الجولان العربي السوري، وكان ان تمكن ابناء الجولان في المنطقة المحتلة من افشال المخطط الاسرائيلي، وكان المرحوم المناضل كمال كنج ابو صالح بطل افشال هذا المخطط، وهو عضو برلمان سوري سابق ومنذ تلك الفترة لم تنقطع المحاولات الاسرائيلية لتنفيذ خطتها ومخططها، مشيراً إلى أن "الدولة السورية وكما كان لها الفضل بافشال المخطط في اول محاولة اكدت امكانياتها ونجاحها في افشال المخططات اللاحقة والذي يأتي جزء كبير من حراك السويداء حاليا في اطارها".
ولفت ابن طائفة الموحدين في سوريا إلى أنه و رغم عدم تأييد اوساط اجتماعية واسعة من ابناء السويداء لهذا الحراك الا ان ثلة من المنحرفين المرتبطين مع العدو ومع جهات اجنبية استغلوا الضائقة الاقتصادية وبعد تمكنهم من تجنيد وسائل اعلام صهيونية واوروبية ودفع اموال طائلة للعامة الغير مسيسين من أبناء السويداء تمكنوا من التجمهر في احدى الساحات وقاموا باعمال شغب وفوضى وهذا ما رفضه معظم اهالي السويداء الا ان البعض ممن غرر بهم من رجال الدين الذين تلقوا اتصالات هاتفية من بعض القيادات الطائفية من ابناء طائفة المسلمين الموحدين في فلسطين ابدوا تعاطفا مع هذا الحراك وهو ما تطور ليصبح بمثابة اتخاذ مواقف سلبية من الحكومة والدولة عموما، وهذا ما حال حتى الآن دون اعلان فشل الحراك التآمري وتجميد مبادرات ايجاد حلول ميدانية للكثير من اهتمامات وقضايا قد يكون بعضها محقا للمطالبين برفع مستوى معيشة المواطن مع الاشارة الى حقيقة ان هذه المطالب المحقة هي مطالب لكل الشعب السوري وليس فقط لابناء السويداء او الجنوب السوري عموما.
وأوضح الدكتور أبو صالح في حديثه لموقعنا بأن التهويل الاعلامي المعادي ضخم كثيرا من الحدث وخاصة الاعلام الصهيوني الذي قاد تنفيذيا جزءا منه عملاء للموساد الصهيوني من ابناء دروز فلسطين المحتله وذلك بالتزامن مع دفع اموال لبعض من قبل بها من ابناء السويداء رغم معرفة الجميع واقرارهم ان تلك الاموال هي اموال سوداء.
وختم الباحث المختص في الصراعات الدولية حديثه لموقعنا بالتأكيد على أهمية الاشارة الى ان "الحراك المذكور بدأ يلفظ انفاسه الاخيرة في وقت بادرت الجهات الرسمية إلى الاستمرار ببناء وتطوير المشاريع الخدمية لابناء المحافظة، مشيراً إلى أنه مستمر وبغض النظر عما جرى ويجري من افعال شائنة ضد مقرات الدولة المختلفة، وهو ما اكده السيد محافظ السويداء الذي ما انقطع يوما عن ممارسة اعمالة وواجباته ازاء مواطنيه، وهو الشيء نفسه الذي ابداه وتبديه كل الجهات الرسمية بتوجهات رسمية من اعلى مقامات في الدولة السورية التي ما انقطعت يوما عن وصف السويداء واهلها بقلعة البازلت وولادة الشهداء الذين دفعوا ارواحهم دفاعا وذودا عن اراضي الجمهورية العربية السورية وكرامة وعزة وتضحيات الشعب السوري العظيم".