خاص العهد
إلغاء عقوبة الشذوذ: قانون وُلد ميتًا
لطيفة الحسيني
بات محسومًا أن الاقتراح المُقدّم في مجلس النواب والرامي لإلغاء عقوبة الشذوذ من قانون العقوبات لن يلقى إجماعًا في ساحة النجمة. التعاليم السماوية والفطرة البشرية قبل أيّ جدال تشريعي ستشكّل سدًّا منيعًا بوجه الخطر الداهم المُستورد من الغرب. لا لَبس في أن ترويج مفاهيم الانحراف الأخلاقي أضحى مشروعًا يريد الأمريكيون ومن معهم تسريبه ليتغلغل في المجتمعات المُحافظة والإسلامية.
يأمل مقدّمو الاقتراح التسعة الذين أصبحوا لاحقًا ثمانية بعد تراجع النائب أديب عبد المسيح عن الخطوة التشريعية أن تُلغى المادة 534 من قانون العقوبات (تنصّ على أنّ كلّ مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالسجن حتّى سنة واحدة). يظنّون أنه سيسلك طريقه الى الهيئة العامة على غرار أيّ قانون آخر. يُكثّفون نشاطاتهم الإعلامية خدمة لهذا الهدف، غير أنهم يُدركون أن إقرار قانون كهذا لن يصل الى خواتيم يتمنونها. كلّ ما هو خارج عن النظام العام والأعراف والقيم الدينية لن يُكتب له العبور ولن يُكرَّس أمرًا واقعًا.
مع تشديد العقوبة
عضو تكتل "التوافق الوطني" النائب جهاد الصمد أكد مُعارضته لكلّ ما يتنافى مع الطبيعة البشرية، لافتًا في حديث لموقع "العهد" الإخباري الى أن "هناك توجّهًا أُمميًا على ما يبدو لضرب القيم ومبادئ الديانات والشرائع السماوية".
وشدّد على أن "لا قيمة للاقتراح المُقدّم"، وقال "نعوّل على حكمة رئيس مجلس النواب نبيه بري"، مضيفًا "هذا القانون لن يأخذ مساره في أيّة لجنة نيابية ولن يُطرح، ما يعني أنه وُلد ميّتًا، ونحن نرى الرفض العارم لدى كلّ الطوائف الإسلامية والمسيحية".
وأشار الى أن "هذا الموضوع قابل للبحث فقط في حالة عدم التراخي في عقوبة الشذوذ"، موضحًا أنه يؤيّد تطوير القانون لناحية التشدّد.
تشريعات ساقطة تُخالف الدين والأخلاق
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قبلان قبلان وصف الاقتراح المقدّم بالمُعيب بحقّ لبنان ودستوره الذي حدّد البلد بأنه مؤمن وليس منحرفًا أو شاذًّا، وقال "لا يمكن لأحد أن يذهب لأيّة صيغة من الصيغ التي تتناقض مع دستوره، ولا أحد يستطيع أن يفرض تشريعات تُخالف الدين والأخلاق والعقائد والقيم وإخلاله بالنظام العام كما نصّ الدستور".
وجزم قبلان عبر "العهد" بـ"أننا سنقف قطعًا في مجلس النواب وخارجه والموضوع لا يحمل أيّة مُجاملة ولن تكون له أرض أو مكان في الدولة اللبنانية"، وتابع "من يريد أن يمارس الشذوذ لا يحقّ له أن يفرضه من خلال بعض التشريعات الساقطة والمنحطّة".
وبحسب قبلان، المطلوب ألّا ينزلق المجلس النيابي الى هكذا قوانين وأن يصدّ كلّ هذه الموجة من موقع المسؤولية الأخلاقية والدستورية والإنسانية والإسلامية.
ورأى قبلان أن "القانون الذي يجرّم الشذوذ مستمّد من عند الله"، مُبيّنًا أنه "اذا كان هناك من ضرورة لتشريعات جديدة فيجب أن تكون بهدف تشديد العقوبة وليس تخفيفها".
وأكد أن "الرئيس بري حريصٌ على كلّ القيم والأخلاق وعلى تطبيق الشريعة الإسلامية ومواجهة ما يتعارض مع السُّنن الإلهية"، وأردف "كلّنا جبهة واحدة لمُحاربة هذا الموضوع وهذه التشريعات المُخلّة بالأخلاق".
التيار يتبنّى النموذج الروسي
من ناحيتها، شرحت الناشطة السياسية والإعلامية رندلى جبور لـ"العهد" موقف تكتل "لبنان القوي" من الاقتراح، فقالت إن "مُقاربة التكتل والتيار الوطني الحر للمسألة تقوم على عدم تعذيب الشاذين ولكن في الوقت نفسه عدم السماح بالترويج لهذه الظاهرة وضرورة الحفاظ على العائلة وقيمها الاجتماعية والدينية الخاصة بها".
ووفق جبور، التيار يرفض معاملة الشاذين بوحشية لكن ذلك لا يعني أنه مع تشريع هذه الثقافة.
واستشهدت جبور بالنموذج الروسي الذي يمنع الترويج للشاذين غير أنه يحظر تجريمهم، موضحة أن التيار في هذه المنزلة وضمن هذا التوجه.
واعتبرت جبور أن "البعض يخلق مادة لإلهاء الناس عن قضايا أهمّ"، وسألت "هل في الأصل ستنعقد جلسة تشريعية وسيُطرح فعليًا للدرس والنقاش في مجلس النواب؟"، متحدّثة عن أن "هناك متشدّدين في التيار حيال الموضوع كالنائب القسيس إدغار طرابلسي".
من وجهة نظر جبور، لبنان بحاجة الى سلّة تشريعات كبيرة تُعيد النظر بقوانينه بما يتوافق مع كلّ التغييرات حول العالم، لكننا اليوم لسنا بهذا الصدد جراء الأزمات التي يعيشها البلد من الفراغ الرئاسي والمحنة الاقتصادية والمالية.