خاص العهد
رسوم جوازات السفر ترتفع..هل تختفي "الزحمة"؟
في الآونة الأخيرة، يكاد لا يخلو تجمُع في مكان ما إلا وتُفتح فيه سيرة جوازات السفر. كلٌ يروي قصته على طريقته. ثمّة "شكاية" عامة من انتظار طويل سيخضع له طالب الحصول على جواز سفر. انتظار يبدأ من ما قبل منتصف الليل حتى ظهيرة اليوم التالي ليتمكّن المواطن من حجز مكان له في قائمة "المحظيين". المحظي هنا، هو من لا يعود الى منزله خالي الوفاض، بل بورقة إيصال تُثبت إنجازه لجواز سفر جديد. بهذه الصورة، يروي البعض قصّته متحدثًا عن ليلة لم يغمض له فيها جفن. أما البعض الآخر فيتحدّث عن انتظار من الفجر حتى الظهيرة وعودة الى المنزل كما أتى بلا إيصال ولا من يحزنون.
أمس الخميس (11/8/2023)، أعلنت المديرية العامة للأمن العام تعديل قيمة رسوم جوازات السفر اللبنانية التي تستوفيها المديرية العامة للأمن العام ــ إنفاذًا للمرسوم رقم 11767 تاريخ 01/08/2023 ــ ليرتفع بموجبه رسم جواز سفر لمدة خمس سنوات من مليون الى 6 مليون ليرة لبنانية، ولعشر سنوات من مليونين الى 10 مليون ليرة لبنانية. وفي حالة الجواز "المستعجل" يُضاف 4 مليون و200 ألف ليرة على الرسم الأصلي. أما جواز المرور فقد ارتفع من 60 ألف ليرة الى مليون و200 ألف ليرة. وعليه؛ هل تُقلّص البدلات الجديدة من أعداد طالبي الحصول على جوازات السفر؟ وهل من آلية جديدة ستُعتمد لتأمين فرصة الحصول على جواز دون رحلة انتظار شاقّة؟.
في إجابته على السؤال الأول، يقول مصدر في الأمن العام لموقع "العهد" الإخباري :" بعد رفع الرسوم، أعتقد من ليس بحاجة لجواز سفر لن يتقدّم بالطلب للحصول عليه.. في الآونة الأخيرة كان يُسارع المواطن للحصول على الجواز على اعتبار أنّه "حبّة مهدئ"، وكتعبير مجازي يضعه تحت وسادته فينام مطمئن البال عسى ولعلّ تأتيه فرصة عمل من الخارج". وفق المصدر، فإنّ "معظم من يُجرون اتصالات بفاعلين في مديرية الأمن العام لتسهيل أمورهم للحصول على جواز سفر يجيبون ــ بكل صراحة ــ لدى سؤالهم: متى سفركم؟ بأنهم لا يريدون السفر، وأنهم يريدون الحصول على الجواز تحسبًا لفرصة ما أو تفاديًا لرفع الرسوم في المستقبل، وفي هذه الحالة لا يمكن خدمتهم، الأولوية لمن يريد السفر من الطلاب والتجار والمغتربين أو من يريد السفر لأمر ما وسط زحمة الطالبين.
يأسف المصدر؛ فالناس في الآونة الأخيرة تعاطت مع ملف الجوازات كـ"ربطة خبز" من حيث حاجتها دون الاهتمام ما اذا كانوا سيستعملونها أم لا حتى ولو "انتزعت" دون الاستفادة منها. لا يُنكر أنّ الحصول على جواز سفر هو حق لكل لبناني عملًا بمبدأ الحق في التنقل لكنّه يُطالب الجميع بالابتعاد عن "النق" وإطلاق التهم جزافًا. وبحسب المصدر، صحيح، ثمّة زحمة لكن تُصبح تلك الزحمة رحمة في بلد تُقفل فيه المؤسسات والإدارات وتُعرقل مشاريع الناس، بينما لا تزال المديرية صامدة وتعمل وهذا واجبها طبعًا وليس منّة.
وفي إجابته على السؤال الثاني المتعلّق بما اذا كان هناك آلية جديدة ستُعتمد للحصول على جواز سفر بلا انتظار، يقول المصدر: " القضية ليست قضية الحصول على الجواز بشكل سريع، نحن نؤمّن جواز سفر سريع في وقت لا يوجد فيه ــ بالمبدأ ــ أي دولة في العالم قادرة على تأمين جواز سفر خلال خمسة أيام. أما من لا يريد الجواز بشكل "مستعجل" فالتسليم يحتاج الى شهر عمل. وفق المصدر، لن يتغيّر شيء في الآلية ولا داعي لذلك، فقرار زيادة الرسوم حكومي، أما الإجراءات داخل الأمن العام فهي للأمن العام الذي يقوم بكل ما يتوجّب عليه بدقّة.
يشدّد المصدر على أنّ القضية ليست قضية آلية أو نقصًا أو ما الى هنالك. علّة العلل ــ وفق حساباته ــ تكمن في أنّ "ثلاثة أرباع" متقدمي الحصول على جواز سفر يُنجزونه لـ"ضبّه" لا لاستعماله، وجُلّهم كان مصرًا على الحصول عليه لانخفاض الرسوم وللتوفير على جيبه مستقبلًا في حال ارتفع السعر كما حصل أمس. أما المضطرون ومن يريدون السفر فعلًا فالخيارات مفتوحة أمامهم ولم تُغلق يومًا. جُلهم كان يجري اتصالات ويأخذ مواعيد سريعة، ومؤخرًا جرى تخصيص يوم الجمعة من كل أسبوع لاستقبال طلبات جوازات السفر البيومترية للبنانيين حاملي إقامة في الخارج. كل من طرق باب الأمن العام ويُريد السفر جرت تلبية طلبه وتأمين موعد سريع له، وثمّة مجالات كثيرة فُتحت للمواطنين".
يؤكّد المصدر أنّ الإجراءات طبيعية جدًا، ولا أزمة جوازات سفر بل أزمة ضغط طلب على جوازات السفر. وفق المتحدّث، لم يكن لدينا يوم أزمة، صحيح كان ثمّة خوفًا في السابق أن يكون هناك أزمة لكنها حُلّت في شباط الماضي، والآن القضية "محلولة" وثمّة عدد كبير من الجوازات القادمة في الطريق الينا بعد تأمينها. يُعيد المصدر ويُكرّر: "لا أزمة جوازات بل أزمة طلب". والمشكلة الوحيدة في أن هناك أناسًا ليسوا بحاجة لجواز سفر يتقدّمون للحصول عليه. اليوم، ومع ارتفاع الرسوم يأمل المصدر أن تصبح مسألة الحصول على جواز سفر أكثر عقلانية ودراسة رغم تأكيده أنه حق، ولكنه يأمل أن يصبح الطلب مرتبطًا بالحاجة. وفي هذا السياق، تبرز نظرية أخرى يقولها مراقبون فحواها "إنّ ارتفاع الرسوم لن يوقف "الهجمة" على جوازات السفر بدليل أنّ البعض كان يُسارع الى إنجازه على الطريقة "المستعجلة" ويدفع رسومًا أعلى رغم أنه ليس بحاجة اليه، فقط لوضعه في الجيب".
وفي سياق حديثه، يوضح المصدر أنّ ثمّة مواسم يزداد فيها الطلب والزحمة أكثر من غيرها كفصل الصيف حيث يأتي المغتربون الذين يفضّلون إنجاز جواز السفر في لبنان، فضلًا عن بدء التحضير للموسم الدراسي وزيارة العتبات المقدّسة في العراق وإيران وارتفاع السياحة الخارجية وما الى هنالك. وهنا يلفت المصدر الى أنّ ثمّة مراكز يرتفع فيها الضغط أكثر من مراكز أخرى كبيروت والضاحية الجنوبية لبيروت، المتن، الخ..أما القرى فالضغط فيها يبدو أقل. وفي هذا السياق، يشدّد المصدر على أنّ حل أزمة الجوازات يكمن في معادلة بسيطة :" من ليس بحاجة للجواز لا يتقدّم بالطلب للحصول عليه"، بهذه الطريقة نعود الى الإطار الطبيعي السابق، يختم المصدر.