خاص العهد
دلالاتُ ورسائلُ زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق
علي حسن
في أول زيارة لرئيس عربي إلى سوريا منذ اندلاع الحرب الكونية عليها، أتى الرئيس السوداني عمر البشير يوم الأحد إلى دمشق وأكد منها أنّ سوريا دولة مواجهة وبقيت متماسكة رغم الحرب. هذه الزيارة المفاجئة و التصريحات غير المتوقعة من البشير الذي سُجّلَت له عدة تصريحات مخالفةٍ لما قاله في دمشق يوم أمس تترك إشارات استفهام عديدة؛ هل يحمل البشير في جعبته رسائل عربية إلى دمشق؟، وهل سيقدم عدد آخر من الزعماء العرب على القدوم إليها غراراً بالبشير؟، والأهم .. هل تأتي زيارته في إطار ترتيبات عودة سوريا لجامعة الدول العربية بعد التصريحات العربية الأخيرة المطالبة بذلك وما موقف سوريا من هذا الأمر؟.
المحلل الاستراتيجي وعضو الوفد الحكومي السوري السابق لمفاوضات جنيف الدكتور أسامة دنورة تحدث لموقع "العهد" الإخباري حول زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا وقال أنّ " هذه الزيارة تعتبر ذات أبعاد سياسية هامة جداً، وعملياً تمثل "عتبةً" تم تجاوزها في مسار عودة العلاقات السورية - العربية، فالسودان لم يكن قد نأى بنفسه عن التصريحات بشأن الأزمة السورية، كما فعلت دول أخرى كالجزائر ولبنان وعمان، ورغم أن كثيراً مما نُسِبَ للبشير بشأن سورية كان مختلقاً، إلا أن الزيارة تشير الى تحول هام في الموقف السوداني بصورة معاكسة تماماً لما كان عليه الوضع خلال السنوات السابقة، ومن هنا تكمن أهمية الزيارة، فالزيارة الأولى لرئيس عربي الى سورية كانت متوقعة من دول وقفت "على الحياد"، أو لربما دول بدأت في إبداء مؤشرات لعودة العلاقات مع دمشق، إلا أن زيارة البشير مثلت خطوة غير متوقعة واختراقاً مهما بجميع المقاييس.
وأضاف دنورة أنه "ليس من السهل ان يُحسب البشير على أي من المحاور المتصادمة في المنطقة، فقد نوّع السودان علاقاته الاقليمية والعربية الى حد بعيد، فهو سبق له ان اقام علاقات جيدة مع ايران، وقواته تشارك مع السعودية في حرب اليمن، وسبق له مؤخراً ان أبرم اتفاقاً عسكرياً مع تركيا بما وصف بأنه "اعادة تأهيل وإدارة" لجزيرة سواكن في البحر الاحمر، ووُصِفَ من أطراف اخرى على أنه قاعدة عسكرية تركية في الجزيرة، كما أنه بنى علاقات وثيقة مع قطر في المجالين السياسي والاقتصادي، و لذلك فالبشير في دمشق بالاصالة عن نفسه اولاً، وزيارته الى دمشق تأخذ بكل تأكيد المؤشرات العربية العديدة تجاه دمشق بعين الاعتبار، وإمكانية حمله رسائل سياسية من أطراف عربية أخرى واردة، و إن كان مجال الاتصالات السياسية قد فتح بشكل مباشر مع دول الخليج بعد لقاء وليد المعلم مع وزير الخارجية البحريني، والرسائل المتوقعة في حال وجودها تصب بالتأكيد وبالدرجة الاولى في إطار الانفتاح العربي على دمشق، وقد تشمل ما يتعلق بعودة سورية الى الجامعة العربية".
وأكد دنورة لـ"العهد" الإخباري أنّ "الزيارة خطوة هامة في إطار عودة العلاقات السورية - العربية، و فتحت المجال أمام زيارات أخرى تكرس عودة العلاقات الطبيعية، وهذا من شأنه أن يجعل عودة سورية الى الجامعة أمراً يدخل ضمن السياق العام، والموقف السوري يظهر دوماً تمسكه بالقضايا العربية كما ظهر من تصريحات الرئيس الاسد خلال استقباله البشير، والعودة الى الجامعة العربية رغم انها ليست بالنسبة لسورية مسألة مصيرية، إلا أنها تتيح إعادة التوازن للمنظومة الرسمية العربية بما يمثل حالة ضبط مطلوبة تحول دون تفاقم التمزق العربي، ودون مرور مواقف تطبيعية أو مفرّطة تحت يافطة الجامعة العربية، وهو بالتأكيد يحقق لسورية أيضاً معبراً مفيداً لاستعادة مفردات دورها الاقليمي وحضورها العربي والدولي".