خاص العهد
الإرهاب والأجندات السياسية التونسية
تونس ـ روعة قاسم
عاد الإرهاب ليضرب من جديد في تونس وضحية التكفيريين هذه المرة رجل في الخامسة والأربعين من العمر ظهر في شاشات التلفزيون فاضحا الإرهابيين معبرا عن رغبته في قتالهم بعد أن أجهزوا على شقيقه بمنطقة سبيبة من ولاية القصرين منذ أكثر من سنة. لقد هزت الحادثة الشارع التونسي خاصة وأنها اقترنت بنهب الإرهابيين لمبلغ قدره ثلاثمائة وخمسون ألف دينار من فرع بنكي بالجهة الأمر الذي أثار عديد نقاط الإستفهام.
ومن بين الأسئلة المطروحة في هذا الإطار كيف تمكن كل ذلك العدد من الإرهابيين من النزول من الجبال المتاخمة للحدود الجزائرية دون أن تنتبه لها قوى الأمن وعناصر الجيش المرابطة على سفوح هذه الجبال وعلى الطرق المؤدية إلى المدن والقرى. ثم أين كانت قوى الأمن كل ذلك الوقت الذي يتطلبه ارتكاب جريمتين وأين هو تدخلها السريع وهي التي اعتادت على ذلك في الماضي القريب حتى خال الجميع أن الدولة التونسية قد أصابت الإرهاب في مقتل.
رسالة سياسية
وفي هذا الإطار يرى الناشط السياسي و الحقوقي التونسي هشام الحاجي في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن هناك نقاط استفهام عديدة تجعلنا نستنتج بالنهاية أن هناك تقصيرا أمنيا اعتقدنا أنه ولى وانتهى مع نهاية حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة في 2014. ويتساءل محدثنا كيف يضم فرع بنكي في ذلك المكان النائي ذلك المبلغ المالي الكبير الذي تم نهبه من الإرهابيين وقد اعتدنا من بنوكنا التونسية أننا إذا أردنا استخراج مبلغ معتبر من المال أن ننتظر إلى اليوم الموالي حتى يجهز موظفو البنك هذا المبلغ.
ويضيف محدثنا قائلا: "يبدو أن هناك من وفر للإرهابيين هذا المبلغ وأعلمهم بوجوده وسهل لهم عملية الحصول عليه وأعطى أوامره لعناصر الأمن بعدم التحرك أو شغلهم بأمر ما حتى يتم الإرهابيون عمليتهم. وهذا الطرف على ما يبدو قوي ومتمكن ولديه القدرة على التحكم بأجهزة الدولة وأراد تمرير رسالة سياسية إلى خصومه مفادها أن لديه القدرة على تحريك العناصر الإرهابية كلما تم استهدافه أو تضييق الخناق عليه من منافسيه السياسيين".
التمعش من الإرهاب
و يرى الحاجي أن أسباب إقالة وزير الداخلية السابق لطفي براهم بدأت تتوضح وهو الذي حقق نجاحات باهرة في محاربة الإرهاب لم ترق للسياسيين أو لفريق منهم على الأقل كان يتمعش من الظاهرة الإرهابية ويوظفها لخدمة أجنداته و كان براهم حجر عثرة أمامه. لقد أقيل براهم بحسب الناشط السياسي والحقوقي التونسي مع ما يفوق المئة من قيادات الحرس الوطني الذين نجحوا في محاربة الإرهاب ولم يوجد سبب وجيه سوى تلفيق محاولة إنقلابية مزعومة لا أساس لها من الصحة قيل أن لطفي براهم كان ينوي القيام بها.
ويضيف الحاجي قائلا: " للأجهزة الأمنية التونسية القدرة على سحق الإرهاب والإرهابيين في لمح البصر و لا شيء يعوزهم وقد أثبتوا ذلك في أكثر من مناسبة وكلما أتيحت لهم الفرصة والأمثلة والمحطات عديدة سواء بعد الثورة أو زمن بن علي. لكن يبدو أن هناك من السياسيين من لا يرغب في ذلك ويريد أن يستمر الإرهاب لإيصال الرسائل من خلاله إلى الخصوم السياسيين فيتدخل هذا الطرف ليحجب المعلومة عن الأمنيين أو يمنع عنهم الأوامر والتعليمات بالتدخل، وبتسهيل حصول الإرهابيين على المال والمؤونة وغيرها من الأعمال التي تسهل عمل أصحاب الفكر التكفيري الهدام.