معركة أولي البأس

خاص العهد

حصار الفلسطينيين يتضاعف وحرب إلغاء على الأونروا
26/06/2023

حصار الفلسطينيين يتضاعف وحرب إلغاء على الأونروا

لطيفة الحسيني

نحو مزيدٍ من المعاناة، يتجه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وكلّ الأقطار. إضافةً الى التهجير، يُكابد أبناء الأرض المحتلة كي ينعموا بمقوّمات حياة كريمة، عزيزة، شريفة تحملهم على الصمود لاستعادة حقّهم في العودة.

هؤلاء اليوم يُواجهون حصارًا إنسانيًا مُتفاقمًا مع إعلان المفوض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني عن أزمة مالية حادّة قد تؤدي الى توقّف الخدمات الأساسية المقدّمة للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ولبنان وسورية والأردن. المسألة ليست سهلة وارتداداتها لا يمكن تقديرها، ولا سيّما أن 6 ملايين لاجئ فلسطيني سيتأثّرون حُكمًا بالشحّ القادم.

الخطر يبدأ تحديدًا من شهر أيلول المقبل، موعد انطلاق العام الدراسي. لا ضمانات تُطمئن الى أن كلّ شيء سيكون طبيعيًا أو سيُعمل على تسييره بالشكل المطلوب، أو ربّما تحييد العجلة التعليمية للاجئين عن المِحنة. أمام هذا المشهد ماذا تقول الفصائل الفلسطيينية في لبنان؟

الأونروا.. شاهد حيّ على حقّ العودة

ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عمّا ورد في كلام لازاريني، فيحذّر من خطورة عدم تمويل الأونروا وشطب ما يُعتبر شاهدًا حيًّا على حقّ عودة اللاجئين، ويُشير الى أنه مشروع أميركي صهيوني قديم يتجدّد دائمًا في محاولة لإلغاء الأونروا.

ويرى عبد الهادي أن توقّف خدمات الأونروا له تداعيات جسيمة سياسية وإنسانية وفي كلّ الاتجاهات، ولا سيّما أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في في لبنان صعبة في الأصل، نتيجة غياب الحقوق الاجتماعية والأزمات الاقتصادية والمعيشية المتتالية التي تنعكس مباشرة على المخيمّات.

ويرفض عبد الهادي أيّة بدائل من شأنها أن تأخذ دور الأونروا، ويُضيف "طُرح يومًا أن يكون هناك تمويل من قبل وكالات تابعة للأمم المتحدة كالأونيسكو (كتعليم) ومفوضية اللاجيئن (كمساعدات إغاثية)، لكننّا لم نقبل بهذا السيناريو لأنه شطب تدريجي للأونروا، كذلك طُرحت بدائل أخرى كنقل خدمات الأونروا الى الدول المُضيفة وهذا خطير جدًا ونرفضه".

ويلفت الى أن الفصائل قد تساعد أو تدعم الأونروا في جهودها اذا قصّرت بين الحين والآخر لكنّها لن تكون بديلًا عنها، ويتابع "سنستمرّ في رفع صوتنا كي لا يتحقّق ذلك، وسنواصل تحرّكاتنا للضغط على المجتمع الدولي والدول المانحة لتعرف أن نتائج هذه السياسة كارثية".

ويوضح عبد الهادي أن اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا المعنية بدعم المفوضية ومساعدتها وتمويل مشاريعها في البرامج الاعتيادية وغيرها، الذي عُقد مؤخرًا في بيروت كان إيجابيًا وأن أجواءه تشير الى أن هناك سعيًا لتمويل عام للأونروا، وهناك وعود سننتظرها وسنراقب ليبنى على الشيء مقتضاه.

ويؤكد أن هناك تنسيقًا بين كلّ مكوّنات الشعب الفلسطيني في لبنان، ومع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باعتبارها الجهة التي تمثّل الدولة في متابعة قضايا اللاجئين.


مخطط لضرب الأونروا والأزمة تشتدّ

مسؤول ملف الأونروا في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان جهاد محمد يُفصّل بدوره عبر "العهد" الضائقة التي يمرّ بها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، فيقول إنهم يعتمدون في الشقين التربوي والصحي على الخدمات التي تقدمها وكالة الأونروا لهم، وينبّه الى أن "توقف أيّة خدمة من الخدمات المقدمة ستضع اللاجئين الفلسطينيين في أزمة كبيرة، خصوصًا وأنهم يعانون من أزمات كثيرة مختلفة بدأت خلال جائحة "كورونا" وصولًا الى الأزمة الاقتصادية التي أرخت بظلالها عليهم بشكل مضاعف جراء عدم تمتّعهم بأيّ من الحقوق المدنية والاجتماعية التي لم تمنحهم إيّاها الدولة اللبنانية".

بحسب محمد، اللاجئء الفلسطيني يعيش في ظروف معيشية صعبة للغاية مع تجاوز نسبة الفقر داخل صفوف الشعب الـ93 %  وفق تصريح المفوض العام للأونروا فيليب لارازيني، بالإضافة الى وجود نسبة بطالة عالية جدًا بين الفلسطينيين في المخيّمات. وهنا يدعو الدولة اللبنانية الى ضرورة تحسين ظروف عيش أبناء شعبنا داخل المخيمات عبر تسهيل بعض الأمور عليهم ومنها حق العمل لتعزيز صمودهم في ظل هذه الأزمات.

محمد يشرح أن "تمويل ميزانية وكالة الأونروا منذ تأسيسها يأتي على شكل تبرعات طوعية من قبل الدول المانحة"، ويصف هذه المؤسسة الدولية بالشاهد السياسي على نكبة الشعب الفلسطيني ومعاناته، فهي مرتبطة بشكل وثيق بتطبيق القرار رقم 194 الذي يعترف بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى أراضيهم المحتلة.

ويشدّد محمد على أن استهدافات العدو الصهيوني والإدارة الأميركية للأونروا تأتي بهدف إنهاء عملها وذلك عبر عدة محاولات منها إيقاف الدعم المالي لها من قبل واشنطن وهي التي تدفع النسبة الأكبر بالإضافة الى الضغط على الدول المانحة لوقف مساهماتها.

برأي محمد، على المفوض العام للأونروا البحث عن آليات جديدة للحصول على تمويل للأونروا، بداية من خلال مُخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة لتأمين ميزانية ثابتة ومستدامة لها أسوة بباقي المؤسسات الدولية التي هي تحت مظلّتها، كذلك العمل على تنويع مصادر الدخل، ومحاولة زيادة الوعي لدى الدول الغربية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين ومدى خطورة تركهم دون أيّة رعاية أممية في ظل عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ قراراته الدولية، بالإضافة الى ترشيد النفقات.


وبلغة الأرقام، يُبيّن محمد لـ"العهد" أن النسبة الأكبر كانت تُنفقها الوكالة وفق الآتي:

خدمات التعليم 58%،
قطاع الصحة 15%،
الإغاثة والخدمات الإجتماعية 6%،
قطاع الإسناد 13%،
 قسم دائرة البنية التحتية وتحسين المخيمات 4%.

توزيع هذه الأرقام كان قبل الأزمة الراهنة، لذلك يلفت محمد الى أن ميزانية قسم الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية المرصودة منذ العام 2015 توقّفت، وهي تعتمد بشكل كلّي على المشاريع المُقدمة من قبل الدول والجمعيات الدولية، أمّا الخدمات الصحية المقدمة فهي في تراجع وتقليصات مستمرة جراء هذه الأزمة، كذلك الأمر بالنسبة للواقع التربوي هناك تراجع في نوعية الخدمات المقدمة مقارنة بالأعوام السابقة.

المعلومات المتوافرة عند محمد تُشير الى عدم وجود أيّ شي واضح وملموس بشأن وفاء الدول المانحة بالتزاماتها.

وفي هذا السياق، يُذكّر بلقاءيْن مهمّيْن حصلا خلال الفترة الماضية، الأول مؤتمر الدول المانحة الذي عقد في نيويورك ولم ينتج عنه أي شيء من ناحية التعهد بدعم مالي صريح باستثناء دعم سياسي كبير للوكالة، وخلال الشهر الحالي لقاء الجنة الاستشارية للوكالة الذي صرح على إثره المفوض العام للأونروا بأن الأموال الموجودة تكفي لغاية شهر أيلول المقبل وبعد ذلك يبقى المصير مجهولا.

يجزم محمد بأن المعطيات تشير الى أن الأزمة في اشتداد والضحية الأولى هم اللاجئون الفلسطينيون، ويقول "في حال تخلّى المجتمع الدولي عن واجباته تجاههم فإن كافة الخيارات مفتوحة، ومنها خيار زحف اللاجئين الفلسطينيين نحو حدود وطنهم في سبيل عودتهم الى أراضيهم، ويجب العلم بأن تمسّك اللاجئين الفلسطينيين بالوكالة هو بسبب تمسكهم بحق العودة الذي كفله القانون الدولي وعلى المجتمع الدولي أن يفي بالتزاماته السياسية أولا والأخلاقية ثانيا تجاه اللاجئين الفلسطينيين".

 

 

حصار الفلسطينيين يتضاعف وحرب إلغاء على الأونروا

الجهاد الاسلاميالاونروا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة