خاص العهد
هل يساوم الأوروبيون تونس في ملف الهجرة غير النظامية؟
تونس – عبير قاسم
الحدث الأبرز اليوم في تونس هو الحراك الأوروبي المتزايد الذي تشهده البلاد هذه المدة على خلفية ملف الهجرة غير النظامية. فبعد زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأسبوع الفائت، يزور تونس وزير داخلية كل من المانيا وفرنسا وسط حديث عن مبادرات لعقد مؤتمر دولي حول الهجرة. فهل يساوم الأوروبيون الدولة التونسية لتكون شرطيًا لحدودها البحرية ولحماية أوروبا من تدفق المهاجرين غير النظاميين مقابل الحصول على تسهيلات من صندوق النقد الدولي خاصة بعد الشروط المجحفة التي فرضها وتعثر الملف خلال المدة الأخيرة وما تركه من تداعيات سيئة على الاقتصاد التونسي؟
يعرف القاصي والداني أن قوارب مهربي البشر في البحر المتوسط تكاد تكون كابوسًا يؤرق الأوروبيين، ويبذل قادة أوروبا جهودًا حثيثة لحل هذه المعضلة التي يعتبرونها مسألة أمن قومي لهم. وتقول في هذا السياق الصحفية سكينة عبد الصمد لـ"العهد" الاخباري أن "جلّ هؤلاء المهاجرين غير النظاميين يأتون من افريقيا جنوب الصحراء عبر ليبيا التي لها حدود مباشرة مع التشاد والنيجر ثم من الجزائر التي تشارك ليبيا في حدود مع النيجر، كما لها حدود مع مالي. وهذا الموقع الجغرافي لتونس جعلها تندرج ضمن أهم دول العبور للمهاجرين غير النظاميين الذين يتوجهون إلى إيطاليا على متن قوارب الموت".
يذكر أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين زارت تونس قبل أسبوع، وتعهدت بتقديم بمساعدات مالية تصل قيمتها إلى 900 مليون يورو.
من جهتها تقول الصحفية ضحى طليق لـ" العهد" إنه من الواضح من الزيارات المتكررة للمسوؤلين الأوروبيين لتونس أن هناك وعودًا بشأن مساعدة "الخضراء" للخروج من أزمتها الاقتصادية، ولكن في المقابل أصبح واضحًا أنهم يريدون من تونس أن تعيد إلى أراضيها كل المهاجرين غير النظاميين الذين يأتون من افريقيا جنوب الصحراء للتوجه للضفة الشمالية للمتوسط عبر السواحل التونسية. ومن خلال هذه الضغوط هناك محاولة للعمل لكي تقبل تونس بأن تكون بلدا يعاد اليه هؤلاء المهاجرون ويكون شرطيًا للحدود الجنوبية لاوروبا، وأن هذه الدول لن تقوم بالمساعدة على التنمية ودعم الموقف التونسي في المفاوضات مع صندوق النقد إلا اذا تمت الموافقة على هذا الملف، وتونس رافضة لهذا الضغط وهذه المساومة.
وتضيف محدثتنا: "في القانون الدولي وقانون حقوق الانسان حتى لو قررت أي دولة إعادة مهاجر غير نظامي فإنها تعيده الى بلاده ولا تعيده الى البلد الذي قدم منه أو عبر من خلاله. وعلى مستوى الأخلاق السياسية والدبلوماسية، فإن أوروبا -والتي لسنوات وقرون نهبت ثروات افريقيا- من غير المنطقي والمقبول أن تحاول أن تستفرد ببلد مثل تونس وتحاول أن تجعل منه البلد الذي يقبل بهؤلاء المهاجرين. فطوال الوقت القنبلة ستظل موقوتة وستنفجر مجددا بوجه أوروبا وفي وجه تونس هذا البلد الصغير الذي يمتلك إمكانيات ضعيفة". وتتابع طليق: "فالحل لن يكون إلا بمشاريع تنموية كبرى في الدول المصدّرة للهجرة، ومساعدة تونس على النهوض باقتصادها لتستطيع دعم هؤلاء المهاجرين والإحاطة بهم مؤقتًا وليس بشكل دائم".
يشار الى ان تونس تعيش وضعًا اقتصاديًا واجتماعيًا صعبًا زادته الأزمة السياسية تعقيدًا. فلا يزال الحراك المعارض في الشارع والاحتجاجات متواصلة وآخرها قيام المئات من أنصار "جبهة الخلاص الوطني"، المعارضة بالتظاهر للمطالبة بإطلاق سراح سياسيين موقوفين بتهمة "التآمر على أمن الدولة" وبإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفع المتظاهرون شعارات رافضة لحملة الاعتقالات الواسعة التي استهدفت العديد من المعارضين السياسيين.