معركة أولي البأس

خاص العهد

المقداد في السعودية: ماذا عن البيان الخليجي - الأمريكي المشترك؟
12/06/2023

المقداد في السعودية: ماذا عن البيان الخليجي - الأمريكي المشترك؟

محمد عيد

توجه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى العاصمة السعودية الرياض تلبية لدعوة من نظيره السعودي فيصل بن فرحان. وعلى الرغم من أن الزيارة في سياق الدعوة التي وجهتها الرياض للمشاركة في أعمال الاجتماع الثاني لوزراء خارجية جامعة الدول العربية مع نظرائهم في جزر بحر الباسيفيك الصغيرة، إلا أن أهميتها تكمن في ما قد يثيره المقداد مع نظرائه العرب بخصوص مخرجات اجتماعهم الأخير مع وزير الخارجية الأمريكي ومباركتهم بقاء القوات الأمريكية في سوريا بحجة محاربة "داعش"، وهو أمر بدا مخالفًا لبنود القمة العربية الأخيرة في جدة التي شددت على وحدة سوريا وضرورة خروج كل القوات غير الشرعية من أراضيها.

لإعادة توجيه البوصلة مجددًا

يضع عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي حضور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن اجتماع مجلس التعاون الخليجي في خانة رغبة واشنطن في اثبات أن أمريكا ما زالت موجودة في ملفات الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنه لم يأت بأي شيء جديد سوى التأكيد على ضرورة بقاء القوات الأمريكية في سورية لمحاربة تنظيم "داعش" الارهابي حسب زعمهم.

وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار الحاج علي إلى أن "وزير الخارجية الأمريكي لم يطرح أي برنامج عمل يواكب التطورات على مستوى الاقليم، فهو لم يأت بأي جديد يخص القضية الفلسطينية أو اليمنية، ولكنه جاء ليتابع دور أمريكا في تحريض العرب على ايران، على الرغم من أن التطورات المتسارعة والتسويات بين العرب فيما بينهم من جهة، وبين الجمهوريه الاسلامية في ايران والعرب من جهة ثانية، سابقة بمراحل لما تحدث عنه بلينكن.

وأشار الى أن أحد أبرز الملفات التي سيناقشها وزير الخارجية السوري في زيارته للسعودية هو موافقة الحكام العرب على الوجود الامريكي في سورية واعتباره وسيلة لمحاربة "داعش"، لأن في ذلك تناقضًا كبيرًا مع بيان الجامعة العربية الأخير ولقاء عمان حيث أكدت الأطراف العربية على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وضرورة خروج القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية.

وأعرب الحاج علي عن اعتقاده بأن بيان اجتماع مجلس التعاون الخليجي الأخير يندرج تحت بند النأي بالنفس، أي أن مسألة الوجود الأمريكي غير الشرعي في سورية هي خاصة بالسوريين وبمحور المقاومة من خلفهم، لافتًا إلى أن الحكام العرب يعون تمامًا أن هذا الملف تحديدًا سوف يُفَعّل قريبًا، وخاصة مع التصعيد الأمريكي المستمر في سورية، من خلال استمرار ادخال الأسلحة الى النقاط غير الشرعية وعلى رأسها صواريخ هايمرز الأمريكية والذي يعتبر تطورًا خطيرًا.

وأشار عضو مجلس الشعب السوري إلى عدم وجود أية مساع عربية لدفع القوات الامريكية للخروج من سورية بالطرق السلمية، وبالتالي فإن الوزير المقداد سيركز على ضرورة تنسيق الجهود العربية السورية لمواجهة هذا الملف.

واشنطن : لضبط المسار

المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة أشار إلى أن زيارة الوزير المقداد الى الرياض تأتي في سياق يحمل طابعًا روتينيًا للمشاركة في أعمال الاجتماع الثاني لوزراء خارجية جامعة الدول العربية مع نظرائهم في جزر بحر الباسيفيك الصغيرة، ولكن الاطار المذكور لن يقف بالتأكيد حائلاً دون استمرار التشاور السوري - السعودي في سياق هذه الزيارة الثالثة التي يجريها وزير الخارجية السوري إلى المملكة في غضون ثلاثة شهور.

وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أكد دنورة أن هذه الزيارة تكتسب طابعًا خاصًا كونها تأتي بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الى الخليج، والبيان الخليجي- الأمريكي المشترك الذي صدر عقب الاجتماع الوزاري "للشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة".
وأضاف أنه من المؤكد أن جرس الانذار المتعلق بالشرق الاوسط قد قرع في واشنطن اكثر من مرة في الآونة الأخيرة، وما زاد من منسوب القلق الامريكي كون ما يؤرق السياسة الامريكية الشرق اوسطية اتى هذه المرة من حلفائها الاقربين.

فعلى الرغم من أن التركيز الأمريكي منصب اليوم على اوروبا وشرق آسيا، إلا أن معالم التراجع في النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط على مستوى الحلفاء كان أكبر مما يمكن أن تبتلعه واشنطن دفعة واحدة، وهنا تحركت الدبلوماسية الامريكية لوقف مسار التراجع على مستوى الشرق الأوسط، فالحلفاء الأوروبيون ليسوا منخرطين في المنطقة بما يكفي، لا سيما بعد الحرب الأوكرانية، والتركي لديه حساباته المعقدة ومتعددة المسارات، ولذلك يبدو الحلفاء العرب ضروريين اليوم للحفاظ على الحد الأدنى من الغطاء للموقف الامريكي.

وشدد دنورة على أن الدبلوماسية السورية تنظر على ما يبدو الى ما تم تحقيقه على انه مرحلة هامة وانزياح واضح المعالم في الموقف الامريكي، وأن الجانب الخليجي لن يذهب الى التباين الكامل مع الولايات المتحدة التي لا تزال تمتلك العديد من الاوراق الهامة في اطار علاقتها مع دول الخليج، مشيراً إلى أن تغيير المنسوب الاستراتيجي للمقاربة الامريكية تجاه سورية سيكون بلا شك بصورة متدرجة لا تحتمل امريكياً التراجع الشامل، وهذا الموقع الذي توجد فيه السياسة الخليجية حالياً هو ما قد يؤهلها للعب دور الوساطة في الازمة السورية، ويؤهلها ايضاً لدفع السياسة الامريكية والغربية تجاه سورية نحو تبني مقاربات اكثر واقعية.

إقرأ المزيد في: خاص العهد