معركة أولي البأس

خاص العهد

تسوية درعا: ما الذي يميزها عن سابقاتها؟
09/06/2023

تسوية درعا: ما الذي يميزها عن سابقاتها؟

محمد عيد

أسباب عديدة دفعت آلاف الشباب في درعا والمناطق الجنوبية إلى الإقبال على التسوية التي أطلقتها الدولة السورية. أسباب تتصل بوقف الدعم الإقليمي لفصائل الجنوب المسلحة وصولًا إلى تفكيكها وتحويلها إلى شراذم بعدما فتحت دول الإقليم قنوات الاتصال مع الدولة السورية، وأسباب أخرى تتعلق بالقيمة المضافة التي أعطتها الدولة السورية لهذه التسوية والتي لم تكن موجودة في تسويات سابقة وينتظر أن تعمم على بقية المحافظات، والمتعلقة بالسماح بالسفر دون قيود، وهو أمر لم يكن موجودًا سابقًا وعكس الإعلان عنه جدّية الحكومة السورية في إنهاء ملفات المسلحين على النحو الذي يقلل من هواجسهم.

فيما سيشجع هذا الأمر المهجرين إلى دول الجوار على العودة إلى سوريا بعد مساعدة الجهات المختصة لهم في تنظيف سجلاتهم الأمنية والسماح لهم بالتنقل بحرية داخل البلاد وخارجها.
 
تسوية بقيمة مضافة وتسهيلات بالجملة
 
أكد مصدر عسكري في محافظة درعا لموقع "العهد" الإخباري أنه تم الإعلان عن تسوية درعا على مدار ٦ أيام من يوم السبت 3 حزيران/يونيو الى يوم الخميس 8 حزيران، مشيراً إلى أنه وحتى اليوم الخامس وصلت حصيلة الذين قاموا بتسوية أوضاعهم في درعا إلى ٦٩٠٠ شخص، فوصلت حصيلة هذا اليوم وحده إلى ١٩٠٠.

وأضاف المصدر العسكري في محافظة درعا أنه وبسبب الازدحام الشديد تم توزيع البطاقات الخاصة بالتسوية عن طريق تقسيم جغرافية المناطق التي يريد أبناؤها تسوية أوضاعهم حسب الأرياف وهو الأمر الذي جعل عملية التسوية تجري بسلاسة ومرونة.

وشدد المصدر العسكري السوري في محافظة درعا في حديثه لموقعنا على أن أعداد الذين يقومون بتسوية أوضاعهم هناك كبيرة لأن هذه هي التسوية الوحيدة التي تصل التسهيلات فيها الى حد السماح بالسفر وإنجاز المعاملات الحكومية.
ففي تسويات مشابهة سابقًا، كان يصار إلى تنظيف الفيش الخاصة بمن قام بالتسوية ليصبح غير مطلوب على القوائم الأمنية ولكن كان يبقى عليه اشكاليات قضائية وأخرى متعلقة بمنع السفر، بينما الأمور مختلفة هذه المرة والأعداد تقترب من الـ ٧ آلاف، ومن أجل تلافي الازدحام تم توزيع بطاقات كل منطقة على حدة بحسب الريف. وهذا أمر يشي بأنها ستتمدد إلى ما بعد يوم الخميس وبعدها سيتم الانتقال إلى الريف الغربي ومنه إلى الشرقي وهكذا".

وأكد المصدر العسكري في حديثه لموقعنا أنه ستعطى مهلة شهر للفارين من الخدمة من أجل إعادة الالتحاق بوحداتهم وسيكون بحوزتهم قرار ترك قضائي ومهلة ٦ اشهر للمتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، مشيراً إلى أنه وبموجب هذه المهلة يستطيع هؤلاء المتخلفون القيام بتأجيل دراسي إذا كانوا يدرسون أو يمكنهم الالتحاق بالجيش بعد انقضائها إن لم يوجد ما يحول دون ذلك، واذا أرادوا إنجاز جواز سفر لن يمنعهم أحد.

خالد أحد الذين عادوا من مخيم الزعتري في الأردن من أجل الدخول في التسوية، أكد لموقع العهد الإخباري أن هذه التسوية لا غبار عليها وهي تبعث على الطمأنينة وأن السماح له بعمل جواز سفر سيمكنه من ممارسة الحياة الطبيعية لا سيما وأنه غير مطلوب للخدمة العسكرية ويريد العودة إلى سوريا من أجل فتح سلسلة محلات "حلويات عربية" لاقت رواجًا كبيرًا في الأردن بعدما أسس لها مع عائلته في سوريا ولمدة سنوات طويلة قبل الأزمة.

أشرف طالب جامعي ترك جامعته أثناء الأزمة والتحق بالمجموعات المسلحة قبل أن "تتوقف رواتبنا ونهيم على وجوهنا"، ويؤكد في حديثه لموقعنا على رغبته في العودة لدراسة الحقوق في جامعة دمشق لا سيما وأن قوانين التسوية تسمح له بتأجيل خدمته العسكرية لحين تخرجه المأمول من الجامعة كما يقول.
 
تسوية ستعود بالخير على دول الجوار
 
يؤكد المحلل السياسي المتابع لشؤون التسويات جعفر ميا أن هذه التسوية الحالية في درعا والمنطقة الجنوبية سيكون لها الكثير من الأصداء الإيجابية وخصوصاً أنها فتحت الباب لمن هو خارج البلد من أجل العودة، وهذا ما يمكن تسميته بـ"أفق جديد" فتحته الدولة السورية. وفي حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري لفت إلى أن آلية هذه التسوية ستنسحب على كل المحافظات في المستقبل "فمع الأيام كل شخص في محافظة حمص ذهب بطريقة غير شرعية إلى لبنان يمكنه العودة وتسوية وضعه وكل شخص في محافظة دير الزور قد خرج بطريقة غير شرعية إلى العراق يمكنه كذلك العودة وتسوية وضعه".

وشدد على أن هذا الأمر يساهم إلى حد بعيد في حل الأزمة بالنسبة لدول الجوار بشكل أو بآخر مشيراً إلى أنه "بحسب المعلومات فإنه سيساهم إلى حد بعيد في إعادة المهجرين السوريين إلى مخيم الزعتري في الأردن"، لافتًا الى أن أصداء التسوية إيجابية جدًا وينتظر بسببها أن تقل حوادث الاغتيالات التي تشهدها درعا بشكل متواصل والتي ذهب ضحيتها عدد من عناصر الجيش السوري والمدنيين الأبرياء، والجميع يعلم بأن دول جوار سوريا كالأردن ولبنان والعراق هي أكثر البلدان التي تعاني من وجود السوريين وأكثر من نصفهم موجودون بطريقة غير شرعية وبالتالي فإن فتح باب التسويات لمن هم خارج البلاد يعطي دفعًا إضافيًا وأملا لبقية المحافظات بأن ما جرى في درعا من تسوية سينسحب عليها وهذا الأمر سيريح الكثير من هذه الدول من عبء اللاجئين.

وأوضح أنه لا يوجد أي تنسيق سوري مع الأردن بخصوص هذه التسوية التي تعتبر شأنًا محليًا سوريًا، كما أن الروس غائبون تمامًا عن هذه التسوية ويقتصر دورهم على مركز المصالحة الروسي الذي يقوم بين حين وآخر بتوزيع المساعدات الغذائية وتسيير الدوريات الأمنية على طول طريق دمشق - عمان الدولي من أجل حماية القوافل ومنع تكرار الحوادث.

إقرأ المزيد في: خاص العهد