معركة أولي البأس

خاص العهد

هزة البقاع: العِلم يدحض رواية التفجير
05/06/2023

هزة البقاع: العِلم يدحض رواية التفجير

لطيفة الحسيني

هزّة أرضية أم تفجير لكسارة في قلب زحلة، لا شيء محسوم. الأكيد أن سكان عدد من قرى البقاع الأوسط والشمالي شعروا بهزّة لم يعرفوا مصدرها، ما أعاد إليهم سيناريو الزلازل والخوف من حدوثها أو اقترابها من الفوالق في لبنان ولاسيّما اليمونة.

وبين التفسير العلمي لما حصل فعليًا والاستثمار السياسي السريع ضاع اللبنانيون. المغرّدون والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي نشروا صورًا لما حُكي أنه انفجار وقع في بلدة قاع الريم (قضاء زحلة)، تُبيّن صخورًا مُدمّرة تحوي فتحةً ظاهرة قيل إنها مرتبطة بفالق كبير في المنطقة يُرجّح أنه فالق اليمونة.

الربط بين الهزّة وحصول نشاط تفجيري تابع لإحدى الكسارات أثار الكثير من التساؤلات على الرغم من عدم جزم تقارير الأجهزة  العسكرية والأمنية والقضائية به، وما عزّز هذه الفرضية تغريدة وزير البيئة ناصر ياسين الذي تحدّث بشكل صريح عن ورود رصد إشارات غير منطقية عبر السنوات، بعد تحليل تمركزها وتوقيتها في فترات محددة خاصة بعد الظهر، وذلك بناءً على تحليل للداتا المُسجّلة من قبل المركز الوطني للجيوفيزياء التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية.

ياسين لم يُسلّم علنيًا بفرضية التفجير، لكنّه أوحى إليها عبر تذكيره في التغريدة بأن تحليلًا دقيقًا لما رُصد من قبل المركز في منطقة زحلة وضهر البيدر بين الـ ٢٠٠٤ والـ ٢٠٢١ قام بها الأخصائي في علم الجيولوجيا عبد الحاج شحادة، تُظهر بوضوح هذه الإشارات التي ترصدها أجهزة قياس الزلزال وتمركزها بين الساعتين ٢ و٤ بعد الظهر.

في المقابل، تقول المعلومات الواردة من المنطقة إن الكسارة المتهمة بتفجير مواد أدّت الى حدوث هزّة وصل مداها الى فالق اليمونة مُقفلة بالشمع الأحمر ومتوقّفة عن أيّ نشاط، وأصحابها يشكون من حجم الدوريات الأمنية التي تُحيط بها رغم هذا التجميد.

وبحسب شهود من المنطقة، لم يُسمع أيّ صوت لانفجار ولم يُسجّل أي مُعطى حقيقي يُثبت هذه الفرضية، ولاسيّما أن العديد الكسارات في البقاع تعمل وتنشط من ضهر البيدر الى رعيت وميدون وعرسال تحت أعين الدولة.

على المقلب الآخر، سارعت القوات اللبنانية وشخصيات حليفة لها الى اقتناص "الفرصة" بذريعة السلامة العامة، ودعت في بيانات لها الى معاقبة الفاعلين، وقالت إن تفجير كسارات السبت ما هو إلّا تشويه للبيئة التي لطالما اغتنت بها كلّ مناطق قضاء زحلة.

الموقف كان مفهومًا، فالكسارة المقصودة في الحادثة تابعة لإحدى الشخصيات الشيعية في المنطقة. والتحرّك القواتي بهذه الرشاقة لا يمكن أن يحصل ما لم يدفعه عامل الطائفية.

أبو حمدان يدعو للتريّث

أمام هذا، أكد نائب المنطقة رامي أبو حمدان لموقع "العهد" الإخباري أنه "حتى الآن لم تصدر أيّة وثيقة من الدولة توضح ما جرى"، مضيفًا "حضر فوج من الهندسة في الجيش اللبناني برفقة مخابرات أبلح وقاموا بالتحقيق ثمّ غادروا".

وأشار الى أن "المُعاينات الميدانية للواقعة التي يُحكى عنها لم تُظهر وجود غبار في زحلة أو قاع الريم"، غير أنه دعا الى التريّث الى حين صدور تقرير رسمي، وعدم استباق النتائج وإدخال السياسة في هذه المسألة، مشدّدًا على أن "حزب الله لا يغطي أيّة مخالفة من أيّ نوع إن كان هناك مخالفة".


العِلم: الأنشطة البشرية لا تحرّك الفالق ولا تُسبّب هزات أرضية

الرئيس السابق لرابطة الجيولوجيين اللبنانيين خليل الزين قدّم لـ"العهد" مقاربة علمية لتفسير ما حدث في البقاع، فتحفّظ على التسليم بفرضية العلاقة بين التفجير المزعوم والهزة الأرضية، وشرح أن "تفجير الكسارات عادة ما يكون سطحيًا ولا يمكن أن يصل الى طبقات دنيا وعميقة في قشرة الأرض"، مشيرًا الى أن "تفجير كميات مهولة من المواد في الكسارات يمكن أن يُشعر الناس بهزّات معيّنة، لكن هذا السيناريو لا يُحرّك الفالق الزلزالي".

وبحسب الزين، تفجير الكسارات يؤثّر على المياه الجوفية وهذا مُثبت علميًا وقد يُسبّب بعض الشقوق في الأرض وانهيارات على الطرقات، ومع ذلك يمكن الحؤول دون وقوعه عن طريق تقسيم أجزائه وحفر آبار متعدّدة وليس عبر الأنفاق.

وبناءً على التجارب العلمية، استبعد الزين أن يدفع أيّ تفجير لأيّة كسارة الى وقوع هزة أرضية حقيقية، فحتى في اليابان وتركيا لم يتوصّل الخبراء الجيولوجييين الى هذا الربط.

وقال الزين "لا شيء علمي يُثبت أن تفجير مقالع أو كسارات يتسبّب بهزة أرضية والتسليم بهذه النظرية استخفاف بعقول البشر، على الرغم أن أن تنظيم المقالع يُشكّل ضرورة".

وبيّن الزين أن "استخراج الصخور يمكن أن يؤدي الى بعض الارتجاجات الناجمة عن التفجير الخاطئ لبعض الأنفاق والكسارات التي لا يمكن أن تشعر بها مناطق بعيدة عن مُحيط العملية نظرًا لتواصل لصخور والتضاريس".

وعليه، لفت الزين الى أن "فالق اليمونة يتحرّك فقط تبعًا لظواهر طبيعية تتراكم على مرّ ملايين السنين وليس تبعًا لأنشطة البشر".

زحلةالهزات الأرضيةجيولوجيا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة