معركة أولي البأس

خاص العهد

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا
05/05/2023

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

لطيفة الحسيني

الأملاك العامة في لبنان ومُحتلّوها قصة لا تنتهي. يقول المثل الشعبي "كل شي ببلاش كتّر منو"، وهذه القاعدة التي يسير عليها كلّ من يودّ غَرْف الأموال الطائلة بأسهل طريقة: التعدّيات. الفوضى التي يعيشها البلد والمحسوبيات أكثرُ الأضواء الخضراء إتاحةً للعملية، طالما أن المُحاسبة شبه غائبة.

صحيح أن وزير الأشغال العامة والنقل دفع باتجاه دولرة بدل أشغال الأملاك العامة البحرية، إلّا أن الأملاك العامة البرية لا تزال فريسة الباحثين عن الانتفاع السريع وبأزهد الطُرق. في الغبيري قضيةٌ عالقة. مواجهةٌ بين بلدية المنطقة وإدارة نادي الغولف بعد تقاعسها عن سداد ما يتوجّب عليها من رسوم لقاء استئجارها عقارات تابعة للمديرية العامة للطيران المدني لمدة تتراوح ما بين 7 و10 سنوات.

عقد الاستثمار الذي جُدّد له في مجلس الوزراء عام 2018 يُشير الى أن بدل الإشغال تصاعديّ ويبدأ بـ75 مليون ليرة (تساوي في حينها 50000 دولار) وصولًا الى 250 مليون ليرة (تساوي في حينها أكثر من 166000 دولار)، ما يعني أن لا إشكالات قانونية في زيادة البدلات.

 

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

 

 

تبلغ مساحة النادي ككلّ 409 آلاف متر مربع، غير أن مساحة التعديات بحسب خريطة العقار تصل الى 137 ألف متر مربع. حتى الآن وفق ما تؤكد بلدية الغبيري، لم يسدّد النادي ليرة واحدة كرسوم مستحقّة تُقدّر بنحو 18 مليار ليرة لبنانية، مع العلم أن عقد الاستثمار الموقّع يمنح وزارة الأشغال الحقّ في تعديل تسعيرة قيمة الاستئجار وذلك بعد مرور أربع سنوات من توقيعه.

وفق وزير الأشغال علي حمية، حُدّدت القيمة التأجيرية من قبل بلدية الغبيري للمتر المربع الواحد بما يترواح بين 200 و300 الف ليرة، بناءً على توصية مجلس شورى الدولة في الملفّ، ما يعني أن القيمة تساوي نحو 40 مليار ليرة لمساحة الـ200 ألف متر مربع.

ولأنّ المبالغ لو دُفعت في حينها، أيْ في السنوات الماضية في الوقت المُحدّد لها، لم تكن لتخسر قيمتها الشرائية بعد انهيار العملة الوطنية، إلّا أن التهرّب وقع وتمادت إدارة النادي في تقاعسها.

 

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

 

 

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

 

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

 

لا تبرير من جماعة النادي يُقنع المتابعين لهذه القضية بجدوى عدم تسديد الرسوم، فالمُشتركون في النادي يصل عددهم الى نحو 2000، وكلّ مشترك منهم يدفع للمرة الأولى رسمًا بقيمة 10000 دولار، ويدفع سنويًا مبلغًا قدره ما بين 1000 و2000 دولار، وهذه الأرقام تؤكد أن الجمعية التي تدير النادي تتوخى الربح والاشتراكات توفّر لها قاعدة تستطيع أن تُنجز ما عليها من رسوم متراكمة تقدّر اليوم بـ18 مليار ليرة عن 200 ألف متر مربع.

مساحة التعديات محدّدة بـ137 ألف متر مربع مشغولة بأراضٍ خضراء للعبة الغولف، ما يمنحها المزيد من المساحات التي تُريح ممارسي هذه الرياضة.

يقول رئيس بلدية الغبيري معن الخليل لموقع "العهد" الإخباري إن أكثر من جهة في الدولة دخلت على خطّ الوساطات في محاولة لإيجاد مخرج للقضية، غير أنها لا تصل الى النتيجة المرجوة من البلدية، والمحاولات لا تزال مستمرة.

يُسأل هنا عن الجهة التي تُحصّن إدارة النادي وتحميها على الرغم من تلكئها الواضح في دفع ما يتوجّب عليها لبلدية الغبيري، فيُجيب الخليل "رئيس نادي الغولف على علاقة مع الجميع وأعضاء النادي هم من الطبقة السياسية الحاكمة وهو يعتبر أن هؤلاء سندٌ لهم بوجه البلدية، ويكفي ما سُرّب عن أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تدخّل شخصيًا أمس لمنع إقفال النادي من قبل موظفي البلدية وتحصيل أموالهم عبر إرسال دورية لقوى الأمن لتوقفهم"، ويضيف " هل هناك أعلى من هذه السلطة لتحميهم؟".

ويؤكد الخليل لـ"العهد" أن إدارة النادي سدّدت رسومًا عن إشغال 200 ألف متر مربع فقط من عموم مساحة 409 آلاف متر مربع، فيما يتبقى 18 مليار ليرة عن 137 ألف متر مربع تنتظر التسديد.

في المقابل، يرفض محامو النادي اتهامه بإشغال عقارات إضافية خارج نطاق عقد الإيجار، غير أن هذه العقارات التي يستثمرها النادي غير موجودة في صيغة العقد في الأصل (عقار مساحته 59 ألف متر مربع، عقار مساحته 60 ألف متر مربع، وعقار ثالث مساحته 17 ألف متر مربع).

المعركة لم تهدأ بعد، والمواجهة مستمرة. البلدية وموظفوها يواصلون التصدي لنيل حقوقهم في هذه القضية، والنادي يتمنّع عن التجاوب، متسلّحًا بحصانة "الدولة والقانون ومجلس النواب والجيش والدرك"، كما قال أحد موظفي نادي الغولف أثناء محاولة البلدية إقفاله ريثما يسدّد ما عليه.

 

قضية نادي الغولف: احتلالٌ مُحصّن سياسيًا

 

وزارة الأشغالمعن الخليل

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة