موقع طوفان الأقصى الجبهة اللبنانية

خاص العهد

تهافت على شراء الذهب.. ملاذ آمن بوجه تقلبات الأسواق المالية
26/04/2023

تهافت على شراء الذهب.. ملاذ آمن بوجه تقلبات الأسواق المالية

يوسف جابر

من يصدق أنَّ لبنان الذي يرزح تحت وطأة أزمة اقتصادية شهد خلال العام 2022 شراء ذهبٍ بما يفوق المليار دولار ــ بحسب نقابة تجار الذهب ــ مع توقعاتٍ بارتفاع منسوب الشراء خلال العام 2023؟ وبالطبع، فإنّ لهذه المعطيات تفسيرات توضحُ أسباب الانتقال إلى المعادن على حساب العملات الورقية أبرزها البحث عن ملاذ آمن في ظل ما تشهده الساحتان العالمية والمحلية من تقلُّبات في الأسواق المالية.

وبعدما سطت المصارف على ودائع الناس، صار الذهب وسيلة "لتخبئة القرش الأبيض لليوم الأسود". اتجه المواطنون لشرائه للحفاظ على قيمة أموالهم من ناحية، ولتحويله الى أداة للربح من ناحية أخرى. وعليه، هل النصائح بضرورة الاتجاه نحو شراء الذهب على حساب الدولار فعّالة؟ وما  هي آفاق سوق المعدن الأصفر بعد أن وصل لأعلى مستوياته التاريخية؟.

للإجابة عن هذه التساؤلات، كان لموقع "العهد" الإخباري حديث مع الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور عماد عكوش الذي عزا ارتفاع الطلب على الذهب لعدة أسباب عالمية، مشيرًا إلى أنَّ "هناك هروبًا من الودائع عالميًا، إضافة للإفلاسات التي شهدناها لبعض المصارف العالمية، وكان آخرها بنك "First Republic" الأميركي الذي انخفضت أسهمه بنسبة 50% بعد الإبلاغ عن انخفاض كبير في الودائع".

وأوضح عكوش أنَّ هناك خوفًا لدى الناس من العملة الورقية، ولذلك يهربون للسلع التي تمثل أمانًا بالنسبة لهم، والذهب بالتحديد يشكِّل ملاذًا آمنًا لكثير من المستثمرين والمدَّخرين الذين يخافون على ودائعهم أو عملتهم الورقية، وهناك طلب عالمي بعد أن شهدنا ارتفاعًا بأسعار الذهب بين الـ10 والـ15 بالمئة.

كما لفت عكوش إلى أنَّ الكثير من المصارف المركزية تتحوط عالميًا بالذهب بدلًا من الدولار خصوصًا. أما على الصعيد المحلي، فالطلب الزائد جاء بسبب التخوف من قضية التلاعب بسعر صرف الدولار، فبعد أن سحبت الناس جزءًا من مدخراتها من المصارف أو ما يملكونه في منازلهم استبدلوها بالذهب.

وكشف عكوش لـ"العهد" أنَّ هناك عملية تهريب أموال للخارج تتم عبر تصدير الذهب الذي لا يعود إلى لبنان، وسابقًا كانت تحصل عمليات التهريب بالعملة الورقية، في حين تتركّز عملية الرقابة على العملة الورقية أكثر من الذهب، مؤكدًا أنَّه "إذا أجرينا قراءةً للبيانات الجمركية خلال عام 2022 نرى ارتفاعًا بتصدير المعادن خاصة الذهب والأحجار الكريمة عن العام 2021، أيضًا في الربع الأول من العام 2023 هناك ارتفاع أكبر، وهناك تهريب للأموال من لبنان للخارج ولا يوجد من يركز على هذا الأمر أو يراقب مقارنة بالعملة الورقية".

وبيَّن أنَّ "موضوع التهريب يؤثِّر على المخزون الاحتياطي للعملات الصعبة لأن التهريب سيخفض المخزون ما سيزيد الطلب على الدولار والمعادن، وبالتالي سينعكس هذا الأمر على زيادة الطلب على العملات الأجنبية ويخفض من مستوى العملة اللبنانية"، مشيرًا الى أنّ "عملية التهريب تتم خارج أنظار السلطات اللبنانية وهي تساهم بعملية تبييض الأموال وخروج أموال الفساد".

وحول آفاق سوق الذهب، أوضح عكوش أنَّ الأمر يعتمد على ما سيحصل في الولايات المتحدة الأميركية في شهر حزيران وما إن كان الكونغرس الأميركي سيزيد من الحد الأقصى للدَّيْن العام أم لا، وفي حال لم يزد فالولايات المتحدة ذاهبةٌ نحو التعثُّر ما سيخلق مشكلة كبيرة بكل القطاعات الاقتصادية وخاصة بالقطاع المصرفي ما سيرفع أسعار الذهب بشكل يفوق أقصى الحدود الطبيعية التي وصلنا إليها اليوم

وأشار إلى أنَّ العملة الأميركية انخفضت قيمتها مقارنة بالعملات الأجنبية مثل الين واليورو والجنيه الاسترليني، ومن الطبيعي ارتفاع قيمة الذهب، مذكرًا أنَّه "منذ أشهر دعَونا للتحوُّط بالذهب والخروج من الدولار الأميركي، ووصلنا إلى أعلى المستويات التاريخية بعد أن تخطى سعر المعدن الأصفر حاجز الـ 2000 دولار للأونصة، لذلك فالهروب من العملة الأميركية بات ضروريًا".

من جهته، أكَّد مدير المبيعات في مجوهرات زهور بحي السلم عيسى جابر لـ"العهد" الإقبال الكثيف على شراء الذهب وخصوصًا الليرات والأونصات والسبائك بعد أن رأى المواطنون انهيار المصارف عالميًا وانهيار المصارف في لبنان.

وقال جابر: ""الذهب زينة وخزينة" وهو أفضل ضمانة لحفظ رأس المال، أفضل من العملات الورقية والعقارات، وهناك تغير على المستوى العالمي على صعيد الدولار حيث أفل نجمه مقابل العملات الأخرى، ما يُعدُّ سببًا آخر للتوجه نحو الذهب".

وأوضح جابر سبب توجُّه الناس لشراء الليرات والأونصات، لافتًا إلى أنَّ هذه الأنواع لا تحتاج إلى صياغة، فتكلفة المُصاغ تتراوح بين 15 و20 بالمئة منها ثمن الصياغة، بينما الليرات والأونصات عمولتها بسيطة جدًا وأفضل لمن يريد حفظ ماله".

وأشار جابر إلى أنَّ "الأونصة مثلًا سعرها 2000 دولار، أما عمولتها فتتراوح بين الـ10 والـ20 دولارًا أي 1 % من مجمل سعرها، فهي لا تشكل خسارة للمشتري"، مضيفًا أنَّ "الناس تتجه لليرات بشكل أكبر لأنها قد تحتاج الى مبالغ قليلة فيبيعونها من دون الحاجة لبيع أونصة بسعر 2000 دولار".
 

الدولارالمصارفالذهب

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة