معركة أولي البأس

خاص العهد

قطر والعلاقة مع سوريا: اللعب لحساب أنقرة في الوقت الضائع 
24/04/2023

قطر والعلاقة مع سوريا: اللعب لحساب أنقرة في الوقت الضائع 

دمشق ـ محمد عيد

تبدو قطر وكأنها حجر العثرة في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تحاول الإمارة الخليجية الإيحاء بأنها تملك القدرة على إملاء شروطها في هذا السياق، أو وضع الفيتو على أقل تقدير، لكن واقع الحال يشير إلى أن ما تقوم به الدوحة من محاولات لملمة بقايا المعارضة السورية التي لم تصل يوماً إلى الحد الأدنى من التماسك، لا يعدو كونه مناورة ورفع سقف قبل التسليم بما سلمت به بقية الدول العربية، فيما يرى مراقبون أن تشنج الدوحة تجاه دمشق خلافاً لما تبديه حليفتها أنقرة مفتعل ومرتبط بتنسيق المواقف مع تركيا ليس أكثر، فوعيد أردوغان تجاه سوريا أوشك أن يخرجه شعبياً من دائرة السلطة والمعارضة التي باتت عبئأ عليه، وجب أن يرسلها إلى الدوحة التي توحي بأنها لا تزال على عهدها في مقاربة الأزمة السورية. 

محاولة إحياء المعارضة 

يرى الإعلامي والباحث السياسي حازم عبد الله أن مشكلة قطر الكبرى ليست في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، ولكنها تكمن في الخوف من سقوط حليفتها حكومة العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات القادمة في تركيا، ولهذا فإنها تحاول أن تتوزع معه الأدوار وتحمل عنه بعض أوراق التفاوض التي ما عاد يجدي استعمالها في الداخل التركي فحولها إلى يد القطريين مع بقاء التنسيق بشأنها لحظة بلحظة. 

وفي حديث خاص بموقع " العهد" الإخباري أشار عبدالله إلى أن قطر لا تزال تقدم الدعم لمجموعات المعارضة السورية المسلحة وواجهاتها السياسية، واختارت رفع" الحرج الأخلاقي" عن حليفتها أنقرة حين قدمت كل التسهيلات من أجل نقل مكاتب وأنشطة هذه المعارضة من تركيا إلى قطر. 

وفي سبيل تحقيق ذلك حاولت قطر بث الروح مجدداً في جسد المعارضة السورية المتهالك، فدعت الدوحة إليها قبل أكثر من أسبوعين رئيس "الإئتلاف" المعارض سالم المسلط وجمعته بشخصيات معارضة أخرى وقادة فصائل يعملون على الأرض السورية، واكتمل المشهد بحفل إفطار دعي إليه سفراء وممثلون عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة من الدول التي قطعت علاقاتها مع دمشق . 

وأضاف عبد الله في حديثه لموقعنا بأن غاية الدوحة من وراء هذه الخطوة تكمن في المحافظة على ورقة المعارضة بيدها وبيد حليفتها أنقرة انتظارا للحظة التفاوض القادمة مع دمشق وتخوفا من قيام واشنطن ببلورة معارضة مسلحة جديدة على الأرض قوامها فصائل  مقاتلة في ريف حلب وآخرى عشائرية عملت واشنطن على تدريبها في قاعدة التنف وتسعى اليوم لوصلها لوجستيا وميدانيا مع قوات سوريا الديمقراطية بعد تقوية العنصر العربي داخل هذه القوات لاحتواء حساسية التعاون العربي الكردي في هذا السياق.

وتابع عبدالله في حديثه لموقعنا بأن قطر تريد إبقاء " الإئتلاف" المعارض كواجهة سياسية لعموم المعارضة يمكن له التحصل على مكتسبات سياسية في سوريا المقبلة، وهي في هذا قد لا تمانع في تبني الخطة الأمريكية في إعادة تدوير المعارضة وإضافة فصائل جديدة إليها، والغاية هي فتح المناطق السورية التي يسيطر عليها" الأخوة الأعداء" من رفاق السلاح الجهادي على بعضها في مرحلة سيكون فيها لزعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني شأن مهم. 

الجولاني عراب المرحلة القادمة 

وفي السياق نفسه، يرى الباحث السياسي خالد عامر أن حالة الارتزاق قد طغت على كل فصائل المعارضة السورية بكل أطيافها الأمر الذي حال دون وحدتها في مفاصل زمنية عدة من عمر الأزمة السورية .

وفي حديث خاص بموقع " العهد" الإخباري أشار عامر إلى أن الواجهات السياسية للمعارضة السورية لا تمثل شيئا وازنا على الأرض وأن هذه الفصائل محكومة بالصراعات فيما بينها بسبب من تنوع مصادر الارتزاق واختلاف المرجعيات السياسية والايديواوجية في بعض الأحيان. 

وأضاف الباحث السياسي في حديثه لموقعنا بأن المرحلة المقبلة قد تشهد إعطاء المزيد من الدور لزعيم "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني الذي توسع جغرافيا في المدة الأخيرة أمام ناظري من يطلقون عليه صفة الإرهابي، والفضل في ذلك كله يعود إلى الخدمات التي قدمها الجولاني ولا يزال لواشنطن وعلى رأسها تسريب المعلومات عن كل القيادات الجهادية التي التجأت إليه، وقامت القوات الأمريكية بتصفيتها في مناطق نفوذه على الحدود مع تركيا، الأمر الذي جعل مقربين منه يطرحون على قطر فكرة توحيد المعارضة تحت قيادة الجولاني لخلق جسم سياسي وعسكري وازن يمكن أن يقدم خدمات كبيرة لكل الدول التي لا ترغب أن تخرج خالية الوفاض من سوريا في هذه المرحلة الحساسة، وبعد كل الأموال التي صرفت في هذا البلد والدسائس التي حيكت لأجله. 

وختم عامر حديثه لموقعنا بالقول بأن العبرة ليست في رفض فصيل أو أكثر من المعارضة لفكرة تسيد الجولاني عليها، فهي لا تملك من أمرها قرار الرفض أو القبول، لكن العبرة تبقى في عجز كل أجسام المعارضة المسلحة على تنوعها واختلاف مرجعياتها في تحقيق الخطط المرسومة في الغرف المغلقة إلى واقع بعدما تحطمت المشاريع الكبرى على أسوار دمشق. 

أبو محمد الجولاني

إقرأ المزيد في: خاص العهد