خاص العهد
"وحدة الساحات" بمواجهة العدوان على الأقصى
محمد عيد
أثار الرد على عربدة الكيان الصهيوني في الجولان المحتل وانطلاقًا من جنوب لبنان توجس هذا الكيان من فكرة الانزلاق إلى حرب كبرى توحد في وجهه ساحات القتال. وأحدث اكتفاؤه بـ "رد موضعي على الرد" الكثير من علامات الاستفهام حول ما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من تطورات قد تسرع في نهاية هذا الكيان.
الكاتب والمحلل السياسي د. أسامة دنورة: تفعيل وحدة الجبهات
يرى الكاتب والمحلل السياسي د. أسامة دنورة أن العربدة الاسرائيلية المتمثلة في الاعتداءات المتكررة والدائمة على الشعب الفلسطيني وسوريا، لن تُترك لتبقى وتترسخ وتزداد.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى أن تغير موازين القوى الاقليمية والدولية سيترجم حتماً تغيراً في قواعد الاشتباك لجهة استعادة التوازن الى ميزان الردع القائم ما بين المحورين. وأن تراجع الكيان الاسرائيلي في ميزان مناعته "القومية" كما يدعوها، وتراجعه في ميزان التوازن الاستراتيجي، لا يتعلق بتراجع منسوب الانخراط الامريكي في صراعات المنطقة وحسب، ولا بالاضطرابات الداخلية الاسرائيلية (والتي يصح في وصفها مع ذلك انها اضطرابات وجودية)، ولا حتى بالمصالحات الاقليمية والعربية البينية المتصاعدة، والتي تصب فيما يعاكس تماماً مصالح الكيان، بل يتعلق بالاضافة الى كل تلك العوامل بتعاظم قوة محور المقاومة والانتصارات التي حققها رغم شراسة الهجمة التي استهدفت أركان المحور ودوله دون استثناء خلال العقد المنصرم.
وأضاف دنورة أن العدو الاسرائيلي اليوم يعترف باستحالة تحقيق الكفاية في مواجهة ما يطلق عليه "تعدد الساحات"، علماً أنه لم يواجه هذا التعدد بكامل عناصره ولا مرة واحدة، فرغم استمرار الاعتداءات الاسرائيلية، الا أن الحفاظ على سخونة ساحات جديدة أشعلها الاسرائيلي ضمن استراتيجية ما يطلق عليه "المعركة بين الحروب" هو بلا شك سلاح ذو حدين، فالاسرائيلي ساهم في زيادة امتداد جبهاته المشتعلة على "الجبهة الشمالية" لتشمل الجولان المحتل، كما أنه، وبسياساته الهمجية والعنصرية، وسع مساحة الجبهات التي يحارب فيها ضمن "الجبهة الجنوبية" وضمن "الجبهة الداخلية"، حيث أضيف الى قطاع غزة تفعيل المواجهة المسلحة ضد قواته في الضفة، وتحريك المقاومة بأشكال متعددة ضمن أراضي الـ٤٨، وإذا ما أضيف الى ذلك كله القيمة المضافة التي سيحققها اليمن المقاوم بعد اسدال الستار على صفحة الحرب، فستكون هواجس العدو السابقة حول خوض مواجهتين في آن واحد بمثابة صورة مصغرة لما يمكن أن يعنيه مفهوم تعدد الساحات اليوم، مشيراً إلى أن نظرية الأمن الإسرائيلية ستتعرض الى اختلال عميق واهتزاز غير مسبوق يعني فيما يعنيه اتساع الخرق، والابقاء على حالة الشد الأمني والاستنزاف السايكولوجي عند حدودها القصوى حتى لو لم تصل الأمور الى حافة مواجهة كبيرة كتلك التي هزم فيها العدو عام ٢٠٠٦ امام حزب الله، والذي مثل آنذاك جبهة واحدة مشتعلة في مواجهة الكيان.
وشدد دنورة في حديثه لموقعنا على أن الابقاء على حالة اللايقين الامني والقلق الاستراتيجي، أو الوقوف على "رجل ونصف" يمثل بحد ذاته هاجساً وجودياً مهدِّداً بأن يتحول الى حالة التفعيل الكامل عند اقرب منعطف سياسي أو اشتباك عسكري، ولعل ذلك ما يبرر الفوبيا الاسرائيلية مما سماه ايهود باراك "عقدة العقد الثامن"، وهي النبوءة أو الهاجس الجماعي لدى الاسرائيليين بأن كيانهم لن يقيض له أن يحتفل بذكرى ميلاده الثمانين.
عضو المكتب السياسي لحزب الإصلاح الوطني وليد درويش: العدو يتجنب المواجهة الشاملة
من جهته، يرى عضو المكتب السياسي لحزب الإصلاح الوطني وليد درويش أنه من خلال متابعة ما يجري من تطورات أخيرة في الأقصى وفلسطين المحتلة والتطورات التي حصلت في جنوب لبنان من إطلاق صواريخ على العدو الإسرائيلي والرد الذي أتى من سوريا، فإن الاعتقاد السائد بأن محور المقاومة اليوم بات جاهزاً للرد والتصعيد لعدة أسباب، فـ"إسرائيل" اليوم ليست تلك التي كانت عليها في السابق بعدما باتت أضعف بكثير وهي فعلاً كما قال سماحة السيد نصر الله "أوهن من بيت العنكبوت" والإعلان الترويجي لمحور المقاومة الذي يقول "سنفطر في القدس" بات أقرب للعرب والمسلمين من أي وقت، مشيراً إلى أن الرد لم يكن عسكرياً فقط من خلال إطلاق الصواريخ بل كانت هناك ردود أخرى من خلال التشويش على منظومة رادارات إسرائيلية من قبل إدارة الحرب الالكترونية في الجيش العربي السوري.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري رأى درويش أن محور المقاومة اليوم هو محور متكامل متماسك فعندما ترد المقاومة الإسلامية في لبنان فهي ترد باسم سوريا وإيران وفلسطين والعكس صحيح ولذلك فإن المستقبل القادم سينطوي على فكرة زوال هذا الكيان الغاصب وتحرير كافة الأراضي العربية لأنه توجد اليوم إمكانيات كبيرة لدى محور المقاومة وأرضية شعبية لدى هذا المحور تقول بأن التحرير بات واجباً مقدساً والردع كذلك وأن أي اعتداء قادم على سوريا ستكون له تداعيات كبيرة.
وأضاف في حديثه لموقعنا أن الكيان الإسرائيلي غير جاهز للدخول في حرب لأسباب عديدة منها: المشاكل الداخلية لحكومة الإرهابي نتنياهو والخلافات الأمريكية الإسرائيلية فضلاً عن أن هناك بعض الدول العربية قد رضخت لمتطلبات شعوبها وابتعدت نوعا ما عن التعامل المباشر مع هذا الكيان، مشيراً إلى أن الإسرائيلي لو كان جاهزاً للخوض في حرب كبرى لذهب باتجاه الرد على هذه الصواريخ التي أطلقت من لبنان.