معركة أولي البأس

خاص العهد

خدمة النقل المدرسي.. للميسورين فقط!  
23/03/2023

خدمة النقل المدرسي.. للميسورين فقط!  

فاطمة سلامة

لم يعد التنقل في لبنان بالأمر السهل. بات يُحسب لهذه المسألة ألف حساب وسط الارتفاع الخيالي بأسعار المحروقات. صفيحة البنزين نحو مليوني ليرة، وكذلك الحال بالنسبة للمازوت. تعبئة خزان الوقود في السيارات والآليات باتت بالملايين. الواقع الذي جعل وصول الموظّف الى عمله عملية "خاسرة" يضطر معها للاستدانة. الأمر انسحب على خدمة النقل المدرسي اذ لم تعُد الأقساط المدرسية همًا أوحد لدى أهالي التلامذة. أُضيف الى هذا الهم في الآونة الأخيرة هم يكاد أن يكون أكبر يتمثّل بالارتفاع الكبير في أسعار خدمة التنقل من المنزل الى المدرسة والعكس صحيح. هذه الخدمة تكاد أن تكون حكرًا على الميسورين بعد أن باتت تكلفتها السنوية أعلى من القسط المدرسي. تلك التكلفة تتفاوت من مدرسة لأخرى لكن الأغلبية العظمى من المدارس سلكت درب "الدولرة" ليكون الدفع إما بـ"الفريش دولار" أو وفق سعر الصرف في السوق السوداء. 

التكلفة الكبيرة "قصمت" ظهر العديد من أرباب الأسر -اذا صح التعبير-.  أحد الآباء عزم على إيقاف أولاده الثلاثة من المدرسة بعد أن باتت يده قصيرة عن الدفع. الأقساط ليست قليلة، بعضها لا يقل عن 70 دولارا للتلميذ الواحد ويبدأ السعر بالارتفاع حسب المنطقة. ماذا يعني ذلك؟ لنفترض أنّ القسط الشهري لخدمة النقل المدرسي يبلغ مئة دولار، فماذا يفعل من لديه ولدان حين يضطر لدفع 200 دولار شهريًا أي ما لا يقل عن 20 مليون ليرة؟!. نحن هنا نتحدّث عن قسط خدمة النقل، فما بالنا بالقسط المدرسي وتكاليف المعيشة الأخرى في بلد لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور الـ20 دولارًا؟!. 

لم يعُد للأهالي قدرة على التحمُّل بعد أن باتت الكلفة أكبر من طاقاتهم. مسألة التكلفة العالية لخدمة النقل باتت حديث الأهالي في الآونة الأخيرة. بعض المدارس قرّرت إيقاف خدمة النقل لعدد من الطلاب بعد تخلف أهاليهم عن دفع مستحقات النقل لتُقفل الباصات أبوابها عن استقبالهم، الأمر الذي وضع الأهالي في مواقف صعبة جدًا.

هذا الواقع الصعب دفع بالبعض للبحث عن بدائل. أحد الآباء قرّر أن يستعمل سيارته الخاصة لنقل التلامذة، فقرّر أن ينقل تلميذين الى المدرسة ــ بالإضافة الى ولدَيه ــ ما يجعله يوفّر نصف تكلفة البنزين. البعض الآخر وجد في مسألة نقل أبنائه في سيارته الى المدرسة عملية "مربكة" ولا تقل تكاليفها عن خدمة النقل المدرسي، فعزم أمره في التفتيش عن أقرب مدرسة الى منزله لتسجيل أبنائه العام القادم حتى ولو كانت رسمية.

وفيما يرى أهالي كُثر أنّ أقساط خدمة النقل المدرسي غير "معقولة" بعد أن باتت "مدولرة"، يبدو للمؤسسات التعليمية وأصحاب "الباصات" وجهة نظر تُرجع غلاء التكلفة للارتفاع غير المسبوق في سعر صرف الدولار والذي انعكس ارتفاعًا جنونيًا في أسعار المحروقات. أحد العاملين على خط النقل في إحدى المدارس يشدّد على أن كل ما يتعلّق بآلية النقل بات يتكلّم دولارًا. كل شيء يرتبط بالعملة الأجنبية بدءًا من المحروقات وليس انتهاء بتكلفة التأمين وكلفة الصيانة. برأيه، كان يجب أن تسعّر كلفة النقل بالدولار منذ بداية التلاعب بسعر صرف الدولار. حين كانت هذه التكلفة لا تزال وفق الليرة اللبنانية ــ وشهد سعر صرف الدولار تقلبات ــ شهد سوق النقل خسارة. وهنا، يشدّد المتحدث على أنّ سائق الباص مسؤول عن أسرة ويحتاج الى مدخول لدفع إيجار المنزل وباقي متطلبات الحياة التي باتت جميعها وفق الدولار. 

وحول التسعيرة، يلفت المتحدّث الى أنها تختلف باختلاف مسافة منزل التلميذ، مستغربًا كيف ترتفع المحروقات بأرقام خيالية اذا ارتفع سعر صرف الدولار ألفين ليرة، لكنها تنخفض قليلًا حتى ولو سجّل سعر الصرف انخفاضًا كبيرًا. وفي هذا الإطار، يوضح المتحدّث أنّ كلفة خدمة النقل المدرسي يجب أن تشمل ثلاثة أمور: ثلث التسعيرة يجب أن يعود كمصروف الآلية من محروقات، الثلث الثاني يشمل صيانة الآلية وبدل استهلاكها من القطع والدواليب التي لا تعود آخر السنة كما كانت في بدايتها بعد أن تخسر أكثر من نصف عمرها، والثلث الثالث يكون كربح لصاحب الآلية. وهنا، يشدّد على أنّ أي تعطل مفاجئ في الآلية قد يدفع صاحبها الى صرف كل ما جناه من أرباح فجأة.
 

المحروقات

إقرأ المزيد في: خاص العهد